الموسيقى الصاخبة ضجيج عنيف ضحاياه ستة ملايين سنويا |
كشفت احصاءات عالمية أجرتها الاكاديمية الملكية البريطانية عن تسجيل 875 ألف حالة انهيار عصبي بين فئة الشباب المراهقين بالعالم يرجع السبب الاول فيها الضجيج العنيف. ومنذ مطلع هذا العام حتى الآن وهذا العدد يزداد باطراد عاما بعد اخر وهناك مخاوف من تضاعفه خلال السنوات المقبلة أما عدد ضحايا الضجيج الصاخب على المستوى العالمي فوصل الى نحو ستة ملايين شخص فى العام. وقال تقرير الاكاديمية الملكية ان عدد ضحايا الموسيقى الصاخبة بصفة خاصة وصل الى 75 ألف حالة وفاة بين المراهقين والشباب المدمنين لهذا النوع من الموسيقى والذين تتراوح اعمارهم بين 14 و24 عاما. واشارت استفتاءات للرأي اجرتها الاكاديمية وشملت عينات من مجتمعات مختلفة ومن مختلف المستويات الى أن 85 في المائة من الذين خضعوا للاستفتاء وذلك من اصل 755 ألف شخص اجمعوا على ان الضجيج يعتبر من أخطر الآفات العصرية التى تواجهها البشرية مما يهدد حياة مئات الملايين من سكان الارض. وقالت الطبيبة المتخصصة بطب العائلة الدكتورة دينا الرفاعي: "الضجيج مهما كان مصدره أصبح ملازما للانسان والاذى الناجم عنه يمكن أن يستمر سنوات عدة خصوصا وان جميع الاختبارات الطبية التي شملت التغيرات النفسية للمدمنين على سماع هذه الموسيقى تدل على ان تسارع وتيرة الموسيقى الصاخبة يؤدي الى تسارع نبضات القلب ويعطل مناطق حيوية فى الدماغ وفى اضعف الحالات يتسبب بتلف للخلايا الداخلية لعصب السمع فى الاذن والدماغ معا لان هذه الخلايا لايمكنها ان تتحمل اكثر من 82 ديسيبل (وحدة قياس ضغط الصوت)". ويستعرض تقرير الاكاديمية قياسات درجات الضجيج الناجم فقط عن أزيز محركات الطائرات لتصل الى 136 درجة اما الانفجارات الناجمة عن استخدام المدافع الثقيلة والقنابل والصواريخ فانها توءدي سنويا الى وفاة مئات الالاف من المدنيين والعسكريين لان ما تسببه من أصوات مؤذية يتعدى بقوته 175 ديسيبل ومن دون استخدام تجهيزات خاصة لحماية الرأس والاذن فان ذلك يؤدي الى نزيف دماغي قاتل وهذا مايحدث فى الاماكن المشتعلة بالنزاعات والحروب. وتضيف الدكتورة الرفاعي "ان الاصوات العالية جدا هي أصوات غير طبيعية وتعرف بالضجيج المزعج وكثيرا ما توءدي الى حوادث خطيرة على سبيل المثال فى المصانع ومراكز العمل كما يتسبب بحوادث سير قاتلة لانها تفقد القدرة على التركيز وسرعة المبادرة فالاذنان مفتوحتان دائما ولاشيء يحميهما من تسرب الاصوات الموءذية الى الدماغ عبرهما وفى مثل هذه الحالة لابد من حمايتها بمواد عازلة تمتص الضجيج خاصة فى اماكن العمل. وتشير تقارير فحوصات طبية ارفقها البروفيسور فريدريك هارمس احد كبار المختصين بتقرير الاكاديمية الملكية للموسيقى والتى تدور حول تأثيرات الموسيقى الصاخبة على الصحة النفسية والجسدية انه بعد معاينة 6550 حالة مرضية من هذا النوع تبين ان ضغوطات الحياة المتزايدة تدفع الشباب فى حالات يأس شديد الى اللجوء الى الموسيقى الصاخبة. وأضاف ان هوءلاء يستمعون الى هذا النوع من الموسيقى على مدى بضع ساعات متواصلة وفي حلقات جماعية من الشباب والفتيات كنوع من لفت الانتباه او التعبير عن الغضب حول أوضاع وظروف لايستطيعون التعايش معها. ويثبت البروفيسور هارمس في هذه التقارير أن هوءلاء يعانون من خلل خطير في التوازن النفسي والذهني كما انهم يعانون من ضعف في جهاز المناعة مما يتسبب بانفصام فى الشخصية وانهيارات عصبية كثيرا كما تكون قاتلة بين هوءلاء. وأضاف تقرير البروفسور فريدريك أنه تم خلال العام الماضي احصاء 6ر2 مليون شخص أصيبوا بأمراض مختلفة ذهنية وجسدية وبعد فحوصات متعددة تبين أن سبب ذلك قضاء بضع ساعات يوميا ضمن دائرة الضجيج مع العلم أن بعض الاشخاص يملكون قدرة على تحمل نتائج الاصوات الحادة والمزعجة بينما البعض الآخر سريع التأثر بهذه الاصوات المزعجة والموءذية للسمع والصحة وان هناك ارقاما اخرى قياسية تنذر بان هناك استعدادا كبيرا بين هؤلاء للجوء الى حالات انتحار جماعي. ويقول فريدريك فى تقريره ان اللجوء الى الموسيقى الصاخبة والشبيهة بالضجيج المتواصل يؤدي الى عملية تحذير للدماغ والاحاسيس والمشاعر معا كما هو حال المخدرات الى حد ما والناحية الخطيرة الاخرى أن موسيقى الروك والجاز ورقصات الديسكو الصاخبة أصبحت جزءا من تراث فني حديث وضمن فولكلور شعبي فى الغرب. وأضاف أن ذلك يعني أن المخاطر المستقبلية هي أسوأ من المعاناة الحالية والتي أصبحت موضع شكوى وتذمر من قبل ملايين العائلات فى العالم وخاصة فى الغرب لان معظم المراهقين ينجرفون دون وعي الى هذا التيار الموسيقى الجارف الذى لا يمت الى الفن الاصيل ويمارس مئات الآلاف من المراهقين جنون الموسيقى المترافق مع الشذوذ بكل أشكاله خلال حفلات مشبوهة اما المثير فى الموضوع والخطير والذي يشغل كبار علماء الاجتماع والاطباء هو لجوء بعض الموسيقيين ومثال ذلك الموسيقي الانجليزي هيربر صاحب الشهرة الواسعة جدا بين اوساط الشباب والمراهقين الى وسائل غريبة وغير منطقية فى موسيقاه فلم يعد يكتفي بموسيقى الآلات الكهربائية بل لجأ الى اصوات آلات المصانع الثقيلة وضجيج الطائرات العملاقة ليستخدمها فى ايقاعاته الموسيقية. أما البروفيسور روبير فيراك فيوءكد فى تقريره الذى جاء أيضا ضمن دراسة الاكاديمية الملكية البريطانية انه بعد معاينته لعدد من المدمنين على الموسيقى الصاخبة أن أعداد هوءلاء المراهقين الشباب يزداد باطراد. وعزا تلك الزيادة الى ارتفاع معدلات البطالة والازمات الامنية والاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية لتصبح هذه الموسيقى القاتلة المتنفس الوحيد بالنسبة لهوءلاء خاصة ان بعض اصناف الموسيقى الصاخبة تصل الى 94 ديسيبل فهل يمكن التكهن بمدى خطورة الوضع عليهم. ويتساءل البروفسور روبيرر فى تقريره اين الهدوء فى عالم قوة ضجيج السيارة فيه 80 ديسيبل بالنسبة الى المارة و70 ديسيبل بالنسية الى من داخلها اما الدراجات النارية فتقاس قوتها بنحو 110 ديسيبل وهذا يعني انها تسبب مخاطر صحية كبرى بينما آلة تفتيت الصخور يبلغ قوة ضجيجها 165 ديسيبل ويمكن ان يشمل اذاها الصوتي منطقة كاملة مجاورة لمركز عملها. وتقول الدكتورة الرفاعي "ان الفحوصات الطبية اثبتت ان الضجيج المرتفع يوءثر على قدرة الانسان على السمع ويضعفه بالتدريج أو قد يفقده فجأة اذا كان الصوت عاليا مدويا كصوت انفجار ولقد دلت الابحاث الامريكية للاكاديمية فى مجال طب الاطفال وخاصة الاجنة بأن الضجيج اشد خطورة عليها وغالبا ما يسبب تشوهات خلقية تلازم من يصاب بها فى مراحل مبكرة كما وتوءدي الى الولادة المبكرة عند الامهات اللواتي يتعرضن لهذا النوع من الضجيج. وتكمل الدكتورة الرفاعي قائلة "أما بالنسبة الى الاطفال الذين يتعرضون لمستويات مرتفعة من الضجيج فغالبا ما يكونون عرضة لامراض القلب وارتفاع فى ضغط الدم والدهون واضطراب فى القدرات الذهنية والنمو الجسدي والتوتر العصبي كما يوءثر على طريقة نوم الطفل مما يولد حالة ارق وقلق واحيانا كوابيس فضلا على بعض الاعراض فى الجهاز الهضمي كالشعور بالغثيان وفقد الشهية للاكل وانتفاخ بالبطن كالغازات كما يكون المراهق والطفل عصبيا متوترا ومشوشا ومنزعجا ويفتقد الى التركيز. وتضيف الدكتورة الرفاعي "ان الضجيج الصوتي قد يؤدي الى حالة من الاكتئاب والوحدة والميل الى العزلة وعدم مخالطة الاخرين وتولد لديهم حالة من الخوف وعدم القدرة على النطق وخاصة اذا كانت الاصوات صاخبة جدا ومفاجئة وقد طالب كبار المسؤولين فى الغرب وخصوصا فى الولايات المتحدة الامريكية بوضع رقابة مستمرة على صالات الديسكو وموسيقى الروك اندرول لتجنب عشرات الآلاف من المراهقين والشباب للتأثيرات الخطيرة التى تصيب الصحة الجسدية والذهنية على حد سواء. (كونا) |