هل تطيح أمريكا برأس صدام؟ |
لازال هاجس تغيير نظام الحكم في العراق من خلال قمته الممثلة بالرئيس صدام حسين، يلح على عقول الكثير من مخططي السياسة الامريكية.. وهذا الهاجس انتقل الى الصحافة العالمية وخاصة الامريكية من خلال تلقف أي تصريح أو اشارة حول شكل هذا التغيير وزمانه.. ولن تكون التايمز هي الصحيفة الاخيرة التي تقدم لقرائها تحليلاً خبرياً للأمر الذي أصدره الرئيس الامريكي والذي اعطى فيه الضوء الاخضر لوكالة المخابرات المركزية الامريكية CIA لعمل كل ما بوسعها لأسقاط صدام من السلطة حتى لو تطلب الأمر قتله في اطار ظروف "الدفاع عن النفس" كما اشترط الرئيس الامريكي لتنفيذ أمره.. وكتبت الصحيفة تقول: لكن هل ما يعتمل في نفس الزعيم العراقي خوف أم استخفاف؟ فمن جهة تتمتع «سي.آي.إيه» بخبرة 55 عاما في تغيير سياسات دول أخرى وأحيانا بفاعلية تاريخية، فقد أطيح بانظمة في دول امتدت من الكونغو إلى التشيلي والفضل يعود لاعمالها الخسيسة. وبالفعل ازيح قادة من السلطة بفعل تآمر «سي.آي.إيه» فخلال الخمسينيات والستينيات والسبعينيات كانت «سي.آي.إيه» العقل المدبر وراء انقلابات ناجحة في ايران وغواتيمالا والعراق وتشيلي وغويانا والكونغو ــ زائير سابقا. ومن جهة أخرى اصبحت عمليات «سي.آي.إيه» عبر العقود تتسم في احيان كثيرة اما بالفشل مثل غزو «خليج الخنازير» الكارثي لكوبا الشيوعية عام 1961 أو حتى عندما كانت تعتبر ناجحة، تركت وراءها مأثرة سياسية مأساوية. فمؤامرة اغتيال الزعيم الكونغولي باتريس لومومبا المدعومة من «سي.آي.إيه» عام 1960 مهدت الطريق لحكم ارهابي دام 32 عاما للرئيس السابق موبوتو سيسي سيكو، واما انقلاب 1954 في غواتيمالا فقد ادى إلى 35 عاما من الحرب الاهلية اسفرت عن مقتل 140 ألف انسان، فالأمر الذي اصدره بوش إلى «سي.آي.إيه» ونشرت تفاصيله «واشنطن بوست» مؤخرا، لاستعمال كل امكاناتها للاطاحة بصدام حسين، يعني ان الوكالة ستعود مرة أخرى إلى استعمال تكتيكاتها القديمة في العراق، وإلى جانب استخدامها لعملائها سيكون لديها فرق من القوات الأميركية الخاصة تحت تصرفها، وستكون هذه المهمة وفقا لافضل او اسوأ تقاليد الوكالة، واما احتمال فشلها، فذلك ما سبق وان اكده رسميا جورج تينيت مدير الوكالة، فحسب ما قالته «واشنطن بوست» فان تينيت ابلغ بوش وطاقم حكومته بان اعمال «سي.آي.إيه» وحدها دون اي نوع من الهجوم العسكري الداعم لها ستكون فرص نجاحها ما بين 10 ــ 20 بالمائة، واضافت الصحيفة.. والآن سيعاد طرح جميع الاسئلة القديمة ثانية حول «سي.آي.إيه» واساليبها مثل: إلى اي مدى يمكن لعملاء الوكالة ان يذهبوا لارتكاب جريمة قتل زعيم اجنبي؟ واي نوع من التكتيكات الاخلاقية أو اللااخلاقية يمكنها استخدامه؟ وفي حالة ما نجحت في اسقاط صدام، فهل سيكون العراق بدونه نظاما حميدا ام انه سيصبح كابوسا مخيفا أكثر مما هو الآن؟ ان قتل الرئيس صدام يجب ان يكون سهلا من خلال دس السم في شرابه أو طعامه، قد يبدو هذا سخيفا، ولكن هذا الاسلوب تبنته «سي.آي.إيه» في الستينيات عندما كان الرئيس كنيدي يتوق لازالة الزعيم الكوبي فيديل كاسترو. وختمت الصحيفة وليس واضحا حتى الآن كيف ستعمل «سي.آي.إيه» على ترتيب عملية اغتيال الرئيس صدام، فقد اشترط بوش قتل صدام في إطار ظروف «الدفاع عن النفس»، والسبب لوضع هذا الشرط لان «سي.آي.إيه» أو أية وكالة تابعة للحكومة الأميركية محظور عليها السعي مباشرة لاغتيال زعيم اجنبي، فبعد انفضاح سلسلة المؤامرات على كاسترو ولومومبا اصدر الرئيس جيرالد فورد امرا تنفيذيا يحرم على جميع الوكالات الأميركية اللجوء إلى الاغتيالات، وقد دأب الرؤساء الأميركيون اللاحقون على تجديد ذلك الامر التنفيذي. ولكن الأمر التنفيذي لا يرقى إلى مرتبة القانون المقر من قبل الكونغرس، كما انه ليس واضحا للجواسيس الأميركيين مدى الحرية المعطاة لهم لتنفيذ المؤامرة لاغتيال زعيم اجنبي، وربما يكون من خلال تقديم مساعدة لعملاء محليين شريطة عدم ترك اي بصمات أميركية، واما الوسيلة الأخرى التي ابتكرتها ادارة بوش فهي السماح لعملاء «سي.آي.إيه» باغتيال الزعيم الاجنبي بذريعة «الدفاع عن النفس». |