إعادة تشكيل صورة الإسلام في الغرب |
على ضوء بروز متغيرات الواقع الدولي الجديد وخاصة بعد أحداث 11 أيلول وما تركه من تأثيرات على رؤية المجتمع الغربي للإسلام والمسلمين، وعدم فاعلية أساليب العمل الإعلامي والثقافي السابقة، دفع المنظمات الثقافية الإسلامية للسعي نحو ايجاد أرضية مغايرة تحمل استراتيجيات جديدة، تأخذ بنظر الاعتبار خلفيات مشهد ثقافي وإعلامي جديد في المجتمع الغربي، فصورة الإسلام اليوم اندفعت إلى زاوية حرجة، بفعل أحداث أيلول وحركة الفصل السياسي الغربي. من هنا تأتي مساهمة المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الأيسيكو) بالتعاون مع المركز الثقافي الإسلامي (ريجينز بارك) في لندن، من أجل إعادة صورة الإسلام إلى مكانها الصحيح، في بانوراما المشهد الثقافي والفكري في الغرب. فتحت عنوان (استراتيجية العقول المهاجرة وآليات تنفيذها وسبل تحسين صورة الإسلام وتعزيز قيم الحوار والتعايش بين الثقافات والحضارات) عقدت المنظمة الإسلامية، اجتماعها الثاني في لندن كان الاجتماع يسعى إلى تحديد سبل التعامل مع ظاهرة هجرة العقول والاستفادة منها وتشجيع إسهامات الكفاءات المهاجرة، في إبراز إشعاع الأمة الثقافي والفكري والعلمي،وتثمين الدور المركز الثقافي الإسلامي في لندن في مجال الدفاع عن الهوية الحضارية والثقافية للأقليات المسلمة فقد أرتات المنظمة الإسلامية (الأيسيكو) أن يكون المركز شريكاً وعضواً فاعلاً في هذا الاجتماع المهم. تضمنت محاور الاجتماع: ورشة عمل حول سبل تفعيل استراتيجية العمل الثقافي الإسلامي في الغرب، وعرض مشروع استراتيجية الاستفادة من كفاءة العقول المهاجرة والسبل المتاحة لتحسين صورة الإسلام في الإعلام الغربي، وتأكيد قيم الحوار والسلام والتعايش بين الحضارات والثقافات ومناقشة آليات وضع قواعد بيانية عن الكفاءات المهاجرة. وفي بداية افتتاح فعاليات المؤتمر ألقى مدير الثقافة والاتصال في المنظمة الدكتور مصطفى الزياخ كلمة تحدث فيها حول أهمية موضوع الاجتماع المنعقد الذي يأتي في إطار الاهتمام الذي تبديه المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة للكفاءات الإسلامية المهاجرة، وحرصها على الاستفادة من خبراتهم للإلهام في البناء الحضاري الإسلامي المتفاعل والمتكامل مع الحضارات الإنسانية ويندرج كذلك في سياق متابعة للاجتماع الأول المنعقد في بوتسدام في ألمانيا عام 2000م، والذي كون أرضية لانطلاق العمل في وضع مشروع استراتيجية العقول المهاجرة. وأضاف: إن مشروع هذه الاستراتيجية بصورة عامة يدخل في إطار برنامج تعزيز الحوار والتبادل الثقافي بين المسلمين من جهة وبين المسلمين وغيرهم من جهة أخرى باعتبار أن العقول والكفاءات الإسلامية في الغرب تجسم هذه المعاني السامية المؤكدة لانفتاح الإسلام على المجتمعات والحضارات والثقافات كافة وعلى التكامل الإنساني من أجل توفير مناخ عالمي تتعايش فيه الثقافات والديانات المشيدة للحضارات، انسجاماً مع قوله تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله اتقاكم). وأشار مدير الثقافة والاتصال في الايسيكو إلى الأهداف التي يسعى الاجتماع لتحقيقها ومنها: التعرف على إمكانات الاستفادة المتبادلة بين العالم الإسلامي ومختلف طاقاته وكفاءاته المهاجرة في عدة مجالات من تخصصاتها، ومشاركة الكفاءات الإسلامية في الغرب في التعريف بحقيقة الإسلام وتصحيح الصور النمطية عن الإسلام والمسلمين وتعميق رسالة الحوار الحضاري وترجمة مجالات عمل الاستراتيجية إلى أولويات وبرامج عملية تسهم في بناء حضاري إنساني يسوده الفهم والتفاهم موضحاً أن الاجتماع مدعو بالدرجة الأولى إلى دراسة آليات التنفيذ التي اقترحها مشروع الاستراتيجية وإيجاد قواعد بيانية عن الكفاءات والخبرات الإسلامية المهاجرة. كذلك أوضح مدير المركز الثقافي الإسلامي في كلمته التي ألقاه ضمن برامج الافتتاح: لقد تعددت وسائل العلم وفروعه في العصر الحديث وتفرعت مجالاته حتى صار الحصول على المعلومة ومعرفة مظان وجودها مطلباً ملحاً وهدفاً بحد ذاته بل أصبح فرعاً من العلم أو هو العلم نفسه (العلم أن تعلم أين توجد المعلومة)، كما يقول ذلك مثل ألماني، وأضاف: أن العالم الإسلامي اتصل بأوروبا اتصالات مختلفة على مدى التاريخ ومنها اتصالات عسكرية واتصالات سلمية وفي كلتا الحالتين كان هناك تفاعل فكري وحوار ثقافي. أيضاً أشار الدكتور الدبيان إلى أنه مع العصر الحديث ووجود البعثات العلمية من البلاد الإسلامية والعربية أزداد الاتصال ونجح الكثير من أبناء المسلمين في كثير من التخصصات العلمية في بلاد الغرب وبعضهم يقي في الغرب لأسباب متعلقة بالبلد الأصلي أو تتعلق بالبلد الذي بقي فيه، من حيث توفر الأسباب العلمية والظروف الأكاديمية بصورة أفضل، وقد ظهرت لدى العالمين الإسلامي والعربي مصطلح لهذا الظاهرة باسم هجرة العقول أو العقول المهاجرة، ومع حاجة العالم الإسلامي إلى التطور والنهضة الحديث باتت دراسة هذه الظاهرة ومعرفة أسبابها ووضع الخطط للاستفادة من هذه العقول. وفي دعوة إلى الاستفادة من التنسيق بين المنظمات العربية والإسلامية تحدث السفير علي محسن حميد، رئيس بعثة الجامعات العربية لدى بريطانيا، عن تلك المسألة موضحاً أهمية دراسة برامج هذه الاستفادة بعناية ليكون المردود منها أكثر فائدة وأعظم فاعلية مثيراً إلى أن الجامعة العربية أولت هذه الظاهرة اهتماماً ملحوظاً لذا فهي أحرص على تنسيق الجهود في هذا المجال. |