رحيل العلامة السيد نعمة الله الهاشمي بعد عمر زاخر بالنشاط الديني (نبذة عن حياته) |
بقلوب يغمرها الحزن واللوعة، نعزي السادة مراجع الدين، لا سيما المرجع الديني السيد صادق الشيرازي (دام ظله)، والعلماء الأعلام، وسائر المؤمنين الكرام، برحيل الفقيه المجتهد والباحث المحقق حجة الإسلام والمسلمين الحاج السيد نعمة الله الهاشمي. هذا وقد شيع جثمان الفقيد (رحمه الله) وسط حشود المؤمنين، في عصر يوم السبت الموافق 28 ربيع الأول 1423هـ، من أمام مسجد الإمام زين العابدين (ع)، إلى الحرم الطاهر للسيدة فاطمة المعصومة بنت الإمام موسى بن جعفر (ع)، في مدينة قم المقدسة. وأقيمت مجالس الفاتحة على روحه الطاهرة في مساجد وحسينيات مدينة قم المقدسة، بحضور حاشد من الأخوة المؤمنين المعزين، وممثليات مراجع الدين العظام، وأساتذة وطلبة الحوزات العلمية في هذه المدينة. كما أقام مكتب آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي مجلس الفاتحة على روح الفقيد السعيد، في مسجد الإمام زين العابدين في هذه المدينة. جدير بالإشارة أن الفقيد السعيد حجة الإسلام والمسلمين السيد نعمة الله الهاشمي (رحمه الله) كان من تلامذة المرجع الديني آية الله العظمى السيد الخوئي (قدس سره)، وقد عمل جنباً إلى جنب مع الشهيد آية الله السيد حسن الشيرازي (طاب ثراه) في جهاده التبليغي في القارة الإفريقية، فضلاً عن تصديه لمهمة التبليغ الإسلامي في مختلف دول العالم، وفضلاً عن جهاده الفكري الدؤوب الذي تقدم به على نظرائه في ميادين الفكر والعقيدة الإسلامية السمحاء. جدير ذكره أن العلامة السيد الهاشمي كان قد تعرض لجلطة دماغية في مدينة قم، ونقل على أثرها إلى قسم الإنعاش في مستشفى (الميلاد) بطهران، وأخضع هناك للعلاج مدة أربعة عشر يوماً، ولكنه للأسف ودّع الدنيا إلى جوار ربه. ولد المغفور له في قرية (كاهان) التابعة لمحافظة نيشابور في إيران عام 1942م أنهى دراسة المقدمات والسطوح في الحوزة العلمية بمدينة مشهد المقدسة، وفي سنة 1961م رحل إلى مدينة النجف الأشرف، لأجل مواصلة دراسته الحوزوية، وهناك درس على أيدي الرعيل الأول من العلماء، منهم آية الله العظمى السيد الخوئي وآية الله العظمى السيد محسن الحكيم وآية الله العظمى السيد الشاهرودي (رحمهم الله تعالى). في عام 1969م وبعد أن حاز على إجازة الاجتهاد من مراجع التقليد: آية الله العظمى السيد الخوئي وآية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (رحمهم الله)، وباقتراح وتشجيع المرجع الديني الأعلى الإمام محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره الشريف) هاجر إلى لبنان، ليلعب دوراً متميزاً في تنمية الوعي الديني، ونشر معارف أهل البيت (عليهم السلام) هناك. وفي عام 1971م، قدم سماحة العلامة السيد نعمة الله الهاشمي (رحمه الله تعالى) إلى القارة الأفريقية ليسهم مساهمات جليلة في نشر مبادئ أهل بيت النبي (ص)، ودفع حركة تنامي الثقافة الإسلامية في هذه القارة، خطوات مهمة إلى الأمام، فبادر إلى إقامة المؤسسات الثقافية والاجتماعية وإنشاء المكتبات العامة، وتأسيس مراكز التعليم والتربية الإسلامية، بالتعاون مع الجالية اللبنانية المقيمة في غرب القارة الأفريقية، في دولة سيراليون، وبنى مسجداً كبيراً في مدينة فريتاون، حيث أقام لأول مرة صلاة الجمعة في هذه المدينة. لقد استطاع الفقيد الراحل في إطار مساعيه الدؤوبة لنشر الفكر الإسلامي الأصيل، أن يعرّف الكثير من الشخصيات السياسية والثقافية في سيراليون، على علوم ومعارف الدين الإسلامي الحنيف، من خلال خطبه البليغة ولقاءاته المتواصلة معهم، حيث وفق عدد كبير منهم لاعتناق الدين الإسلامي، على ضوء توجيهاته وإرشادته القيمة. وباعتباره من خطباء وخدمة سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين (ع)، استطاع أن يقيم مراسم عاشوراء الحسين في غربي القارة الأفريقية، والتي كانت مجهولة تماماً هناك، وأن يفهم الناس هناك بأن عاشوراء هو يوم عزاء وحداد عام. إن الجهد والنشاط الثقافي والعلمي الضخم الذي قام به هذا العالم الجليل طيلة أربعة عقود من عمره الشريف، كان يجري بصورة هادئة، بعيداً عن الأضواء، حتى أن مؤلف كتاب (سيراليون الأخضر) الذي قامت بطبعه ونشره وزارة الخارجية الإيرانية، وفي معرض ذكره لخدمات وأنشطة الفقيد (رحمه الله) في دولة سيراليون، عرّف العلامة السيد نعمة الله الهاشمي على أنه لبناني الأصل. كان المغفور له متمكناً من اللغتين الإنجليزية والعربية، واللغات المحلية في أفريقيا، فكتب الكثير من المقالات والكتب بتلك اللغات، في علوم الدين ومعارفه. هذا وتتقدم أسرة "النبأ" ورئيس تحريرها بأحر التعازي والمواساة إلى ذوي الفقيد الراحل حجة الإسلام والمسلمين السيد نعمة الله الهاشمي، ولاسيما صهره العلاّمة السيد محمد إبراهيم القزويني(حفظه الله) سائلين المولى عز وجل أن يتغمد الفقيد العزيز بواسع رحمته وأن يحشره مع النبي محمد وآله الأطهار (ص) وأن يمن على الباقين من أهله بالأجر الجزيل والصبر الجميل.. إنه سميع مجيب. |