دراسة عن الفكر الغربي الحديث.. محاولة للوصول الى فهم ثقافة الاخرين |
من اجل معرفة كيف يمكن التواصل مع الغرب لابد ان نعرف كيف يفكر، والاشكاية الاساسية التي تراكمت فيها الحاجز النفسية والايلوجية بين المسلمين والغرب هو عدم فهمنا كيف يفكر الغربيون. ومن هنا اصدر مركز زايد للتنسيق والمتابعة دراسة بعنوان «العقيدة المجردة فى الفكر الغربى الحديث» تناولت فلسفة العقيدة الغربية لمفاهيم الدين والايديولوجيا العقيدة والتعصب والاعتقاد والغلو فيه ومخاطره. ومن اجل فتح نوافذ على افاق الثقافة والفكر والعلم العالمية خاصة تلك التى يمكن أن تساعد على تحسين وضع الانسان العربى على خريطة الثقافة العالمية بكل معارفها ومعطياتها بما يوهله ليكون محاورا ندا للاخر. ولكى يكون الحوار مع الاخرين هادفا وناجحا لا بد أن من التعرف على ثقافتهم التى تشكل الاطار الذى يحكم من خلالها على الاخر ويتعامل معه على أساسها فهى فى النهاية الحافز الاقوى الذى يفرق موقفه بين الحوار والصدام . أن أصدار هذه الدراسة هو محاولة للوصول الى فهم ثقافة الاخرين فى هذه المرحلة بالذات التى تتعرض فيها الثقافة والهوية العربية والاسلامية لحملة تشويه واسعة وضعت العرب والمسلمين فى موقف المدافع الذى يتلمس أى طريق للدفاع عن نفسه وأبراز أهمية مراجعة كثير من مسلماتنا الثقافية ولغة خطابنا حتى يمكننا أن نتحدث وأن نفكر بعقلانية ومنطق يحثنا عليهما ديننا الاسلامى الحنيف وهو أمر مطلوب فى هذه المرحلة التى نطالب فيها الاخرين ولكى يكون الحوار ناجحا لابد التحرر من رواسب وقيود وأحكام مسبقة صنعتها أطماع وأضغان قديمة أذ أنه لا بد من بذل محاولة لقراءة الفكرالغربى منذ بدايات العصر الحديث وثقافته التى بالرغم مما تعرضت له من عمليات هدم وبناء وصراع حتى حول المعتقدات ألا أنها كرست فى النهاية الاهمية القصوى للتمسك بالمعتقد الدينى وجذرت الايمان فى حياة الانسان بالرغم من كل محاولات هدمه أو النيل منه وهو ما دفع واحدا من أبرز مفكرى القرن العشرين وهو «اندريه مارلو» الى القول أن القرن الواحد والعشرين سيكون قرن تدين أو لا يكون . أن الامر المهم هو أن تكون قراءتنا لتطور الثقافة الغربية الحديثة الاوروبية بالرغم مما قد يكون فيها من مزالق أو تجاوزات لا نوافق عليها وأن تكون قراءتنا واعية من حيث أن هذه الثقافة وتطوراتها انطلقت من رغبة فى تنقية المعتقدات مما شابها من أساطير ومن وضع جعلها تحت سيطرة لاهوتية طاغية كان أبرز من تصدى لها «مارتن لوثر» فى صراعه القوى مع الكنيسة الكاثوليكية خاصة فى معركته ضد صكوك الغفران ثم من بعده (زنجلى) و(كالفن). كما أن علينا وقد أيقنا أهمية مرحلة التنوير العربية الحالية والتى لا بد أن نتلمس فيها طريقنا بحذرأن نقرأ بعناية تاريخ تطور الفكر والفلسفة العقائدية الغربية فى العصور الحديثة دون خوف أو تردد حتى نتجنب المزالق والاخطاء التى وقعوا فيها وحتى يمكننا أن نحث الخطى وأن نصل الى بر الامان فى هذه الفترة مسلحين بمعرفة ووعى كاملين بثقافة الاخر وفلسفته العقدية وهما المظلة التى يتحرك فى ظلها تجاه العالمين العربى والاسلامى تحت مختلف المسميات من صراع وعداء خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر فى الولايات المتحدة التى أطلقت حملة العداء ضد العرب والمسلمين من عقالها. وتوكد هذه الدراسة الحوارية الجدلية على أن الايمان بقدرة الله أحكم وأشد أمانا فى عواقبه من الايمان بقدرة العلم ومن ثم فأن تعايش الاديان والمعتقدات والفلسفات المتباينة تعايشا سلميا رهن بنزع بذورالتعصب والاستعباد والاقصاء والهيمنة وهذه هى الرسالة التى يجب أن تكون المظلة لحوار الحضارات . لا داعى للتحذلق فى المسائل الالهية لان التقاليد التى ورثناها عن ابائنا والتى هى قديمة قدم الزمان نفسه لا يوجد شيء يستطيع أن يكسرها مهما تكسرت عليها عقول السوفسطائيين. أما (سان ريمو فقد أطلق عبارته الشهيرة «مستحيل أن يختفى الدين من الدنيا وكل ما فى الامر أمكان تحوله من صورة الى أخرى». وشرحت الدراسة بداية الدلالة اللغوية للفظ العقيدة دينيا وفلسفيا واجتماعيا وأشارت الى أن الاختلاف بين العقيدة والنظرية لا يرتبط بمحتواهما الموضوعى بل بالبعد النفسى للناظر أو المعتقد. وأوضحت أن القران الكريم لا يستخدم فى معرض الحديث عن تيقن الانسان بصدق تعاليم السماء كلمتى أعتقد وعقيدة بل كلمتى أمن وأيمان فيشير الى تصديق الانسان للمعارف المنزلة من السماء عبر الرسل المصطفين بلفظ الايمان حيث تتحدد مقومات الايمان فى الاسلام كما تعرضها نصوص الكتاب فى خمس وهى «الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر» وتضيف نصوص الحديث المقدس مقوما سادسا الى مقومات الايمان فتشترط الايمان بالقدر خيره وشره من الله تعالى اما فى اللغات الاجنبية فان لفظ العقيدة يأتى بمعنى يفكر أو يتخيل أو يتبنى رأيا. وتستعرض الدراسة الاسطورة والدين والايديولوجيا وتشير الى أن أبرز ما يميز الاسطورة هو ارتباطها بالدين فالاسطورة منذ البدء دين بالقوة أو هى ديانة بدائية ومن ثم تحمل الاسطورة طابع القداسة.
وتشرح الدراسة معنى الطقوس التى هى أكثر أهمية من
الاسطورة باعتبارها العنصر الدائم الحقيقى المحافظ فى كل الاديان حيث لا
يوجد دين يخلو تماما من الطقوس. كما تستعرض فى أحد أجزائها ضرورة الاعتقاد
مؤكدة أن الانسان لا يستطيع أن يعيش يوما واحدا دون اعتقاد فى شيء يجلب له
الطمأنينة كما تتناول مشاكل الاعتقاد ونظريات واراء بعض الفلاسفة مثل ماكس
شيلر و وليم جيمس و تشارلز ساندرز بيرس. |