ندوة: الإعلام العربي في الولايات المتحدة الأمريكية

عقد مكتب صحيفة الاهرام المصرية  في مكتبه بواشنطن ندوة تناول فيها الباحثون اهمية ودور الاعلام العربي في الولايات المتحدة.

افتتح د‏.‏محمد السيد سعيد الندوة بقوله‏:‏ أن هناك واقعا جديدا في الساحة العربية والأمريكية‏,‏ واقعا يتصل أساسا بالانتفاضة وقدرتها علي أن تفرض قضايا جديدة علي الاجندة العربية بما في ذلك اجندة النظام العربي‏.‏ هناك أيضا أحداث الحادي عشر من سبتمبر والهجوم المضاد الهادف لتأسيس إمبراطورية أمريكية‏:‏ حرب مفتوحة غير محددة المعالم تغطي الجغرافيا الكونية كلها‏.‏ في هذا السياق من الواضح أن الآلة الدعائية الجهنمية للحركة الصهيونية الأمريكية قد تمكنت جزئيا من الإفادة من ضحالة معرفة الأمريكيين بالمنطقة العربية والثقافة العربية الإسلامية وحشو رؤوسهم بأفكار وآراء وتصورات وصور نمطية بالغة التشوه عن العرب والمسلمين‏.‏ ولم تتردد تلك الآلة الإعلامية في دفع الكونجرس والإدارة لتأييد واحدة من أسوأ حملات الإبادة التي يقودها شارون في الأراضي المحتلة‏.‏

ولا شك ان هناك بعض الجديد علي الساحة الإعلامية الأمريكية‏.‏ فهناك بداية تصدع حقيقي للهيمنة الإعلامية الصهيونية‏.‏ وهناك انتقادات واسعة النطاق نقرؤها ونسمعها في الإعلام الأمريكي‏.‏ ولكن ذلك التصدع لم يتم بفضل الإعلام العربي

القضية أثيرت تقليديا علي أنها مسألة توازن القوي الإعلامية بين الصهاينة والعرب‏.‏ لدينا حالة من الشلل الكامل في مخاطبة الشعب الأمريكي‏.‏ علي المستوي الرسمي‏..‏ اعترف اجتماع وزراء الإعلام العرب في بيروت بهذه الحقيقة‏.‏ وذهب الوزراء الي فكرة إنشاء محطة فضائية عربية‏.‏ الصورة أو الأطروحة عرضت بصورة تجريدية وبدون أي تفاصيل‏.‏ وينتقد البعض هذه الفكرة لأن الإعلام القابل للحياة والاستمرارية في الخارج ليس في الأغلب سوي امتداد للأعلام علي الساحة الوطنية‏,‏ وهو مايعني أننا نضاعف المشكلة بدلا من أن نحلها

لعلنا نناقش هنا قبل كل شيء الحضور المحدود للصحافة المطبوعة والتي تتمتع بقدرات فكر أكبر‏,‏ وان كان تأثيرها الجماهيري محدودا‏.‏ ولذلك لا يمكننا تجاهل أهم العناصر الجديدة في المشهد الإعلامي‏,‏ وهو الإنترنت‏.‏ الشباب العربي دخل بالمئات إن لم يكن بالآلاف حقل الصراع الإعلامي من خلال ألـ‏WEB.‏

أود أيضا أن انتهز هذه المناسبة للتنبيه الي عامل آخر وأساسي وهو الإعلام المباشر المؤسس علي التخاطب والتواصل والتلاقي الشخصي بين الناس‏.‏ لربما نكون قد دخلنا الي عصر تنتهي فيه ثورة الاتصال الجماهيري عبر الوسائط التكنولوجية الي نفي قيمتها بذاتها‏,‏ أعني ان الناس لم تعد تثق في الوسائط وعادت للحكم علي الأشياء بما تراه في الواقع من خلال الاتصال المباشر والفعلي‏,‏ أي التواصل الأولي والبدائي‏,‏ والذي عرفته البشرية طوال تاريخها حتي القرن الماضي‏.‏ الناس صارت تدرك أن هناك تلاعبا إعلاميا بعقلها وعاطفتها‏,‏ وهناك ما ينبيء ببداية تحرر من هذه العبودية العقلية الجديدة من أجل استعادة القدرة البسيطة والمباشرة علي التقدير الشخصي لأي ظاهرة‏.‏ هنا تبرز قضية العمل العربي في الولايات المتحدة‏.‏ المنظمات العربية كيف تتلامس مع بلد عريض ضخم مثل الولايات المتحدة الأمريكية؟‏.‏ السؤال الذي نطرحه في هذه الندوة هو سؤال عريض جدا وهو ماذا نستطيع أن نفعل في الولايات المتحدة‏,‏ وكيف ننجز هذه المهمة الخاصة بمخاطبة الجمهور الأمريكي وشده إلي أرضية ديمقراطية إنسانية كونية وتعريفه بالوضع السياسي في المنطقة وعلي وجه الخصوص فضح الطبيعة العنصرية والفاشية للدولة الصهيونية ومشروعها الاستعماري وقسوتها البالغة ليس فقط ضدنا ولكن ضد العالم كله‏,‏ أشير هنا إلي شيوع الإجرام الاقتصادي‏,‏ والإجرام السياسي وتجارة السلاح غير المشروعة إضافة الي الجرائم التي ترتكبها اسرائيل ضد الانسانية كما نراها الآن بكل وضوح‏.‏ لا أريد منا هنا أن نغرق في النظريات وإنما أن نعكس خبراتنا الثرية بإنتاج أفكار محددة ومتنوعة بما يوفر بداية طيبة للإلمام بشتي أبعاد الإعلام‏.‏

الدكتور صبحي غندور‏:

لنبدأ بنقطة خاصة بالإعلام العربي في أمريكا بالمقارنة بالإعلام العربي في أوروبا‏.‏ والسبب الذي يجعلني أبدأ بهذه المقارنة هو إبراز التنوع‏.‏ الإعلام العربي ليس حالة واحدة‏.‏ هناك إعلام عربي في أوروبا هو إعلام مهجر عمليا‏.‏ فرضت عليه ظروف بيروت والحرب الأهلية تحديدا أن ينتقل ويعمل من خلال لندن وباريس كما حدث بتجربة مجلة الحوادث في البداية ثم عدد من المطبوعات‏,‏ ثم تبعها عدد من القنوات الفضائية وذلك أيضا بسبب الظروف الأمنية والسياسية الموجودة في المنطقة‏.‏ وأنا أعتبر الإعلام العربي في أوروبا إعلام مهجر وليس إعلاما مهاجرا بينما الإعلام العربي في أمريكا إعلام مهاجر وليس له هدف الوصول للمنطقة العربية إنما هدفه الوصول الي الأمريكيين علي عكس الإعلام العربي في أوروبا‏,‏ والذي كان هدفه ومازال هو الوصول للمنطقة العربية‏.‏

أما الإعلام العربي في أمريكا فهو حالة مختلفة تماما فهو يتعامل مع هدف الوصول الي العرب في أمريكا قبل أن يكون هدفه الوصول للأمريكيين وعموم المجتمع الأمريكي وذلك من حيث الأساليب‏,‏ ولكن من حيث المنطلق فانه إعلام مقسم بين إعلام مهجر وإعلام مهاجر‏.‏ من حيث الأساليب نري ان الإعلام العربي في أوروبا متمكن ماليا ولديه كل القدرات التي يتحرك بها داخل الساحة الأوروبية‏,‏ وبالتالي كان يستطيع هذا الإعلام العربي في أوروبا أن يعمل أضعاف ما يعمله الإعلام العربي في أمريكا‏.‏

أما الإعلام العربي في أ مريكا من حيث الإمكانيات والأساليب والوسائل فهو محدود وهي تجارب أساسا فردية أكثر منها تجارب مؤسسات كبري ومعظمه ذو طابع محلي خاص بالمكان الذي يصدر فيه أكثر من أن يكون منتشرا علي عموم الساحة الأمريكية‏.‏ نقطة مهمة أخري حول الإعلام العربي في أمريكا هي أنه مرتبط بطبيعة الجغرافيا الأمريكية‏.‏ أما في أوروبا فان صدور صحيفة من لندن كاف لكي تصل الي اكبر عدد من العرب في بريطانيا وفي المنطقة العربية أيضا‏.‏ أما في أمريكا فصدور صحيفة في واشنطن لا يعني بالضرورة وصولها إلي كل العرب في أمريكا‏,‏ ولا يعني وصولها سإلي كل العرب في أمريكا ولا يعني وصوله الي المنطقة العربية والسبب هو الناحية الجغرافية التي تجعل من واشنطن عاصمة وليس مجرد مكان لتجمع كل جالية كما هو حال باريس بالنسبة للعرب في فرنسا وكما هو حال لندن للعرب في بريطانيا‏.‏ فالناحية الجغرافية لها علاقة فنحن نتعامل هنا مع قارة أو مع خمسين بلدا وليس فقط مع بلد واحد كما هو حال أي مطبوعة تصدر من بلد أوروبي‏.‏ في تقديري أن تلك العوامل معا تجعل للإعلام العربي في أمريكا مميزات خاصة‏.‏ ألخص هذه المميزات في انه أولا تجارب فردية أكثر منه أي شيء آخر‏..‏ تجارب مرتبطة بإمكانيات مالية محدودة جدا سواء كانت في الإطار المقروء أو المسموع أو المشاهد‏.‏ في أغلب الحالات هو يرتبط أيضا بمناطق محلية في أمريكا ولا يصل لكل الفئات العربية في أمريكا‏.‏

آخر هذه الخواص هو أن التجارب الإعلامية محكومة باعتبارات ثقافية‏.‏ ففي الساحة الأمريكية ليس الإصدار باللغة الانجليزية هو الذي يحل مشكلة الوصول للمجتمع الأمريكي كما هو واقع الحال للاعلام العربي بأوروبا‏.‏ إن صدور مطبوعات باللغة الإنجليزية لا يعني أن القاريء الأوروبي أو الأمريكي فورا سوف يتهافت عليها‏.‏ المشكلة ليست في اللغة وانما هي شعور المواطن بأن تلك المطبوعات وافدة وليست مطبوعات وليدة المجتمع نفسه‏.‏ الدكتور محمد تحدث عن توازن القوي الإعلامية بين الصهاينة وبين العرب بامريكا‏.‏ أعتقد أن تلك المقارنة فيها ظلم لأن الاعلام الأمريكي جزء منه دور صهيوني بينما الدور العربي هو دور وافد علي أمريكا‏,‏ وليس هو جزءا من الإعلام الأمريكي‏.‏ لا يمكن بأي حال المقارنة ككل بينما الحالة العربية هي حالة وافدة لا تحل في رأيي بمزيد من الوافدين‏.‏ سواء كانوا في حالة تقنية فضائية أو كانوا في حالة مطبوعات‏,‏ ولا تحل المشكلة الحديث باللغة الإنجليزية‏.‏ ولكن في تقدير التعامل مع الإعلام الأمريكي من خلال نفس آلياته الداخلية وليس محاولة الإحاطة به من الخارج لأن الإحاطة من الخارج سوف تتعثر بكيفية الوصول دائما للمواطن الأمريكي‏.‏ وربما أجد في هذه الناحية الوصول عبر الإنترنت للمواطن الأمريكي سيصبح أسهل من الوصول للمواطن الأمريكي عبر مؤسسات الإعلام الجماهيري‏.‏ في مجال الإنترنت‏..‏ هناك مساحة مفتوحة وعدد كبير من الأمريكيين الذين يصل اليهم الإنترنت من خلال المواقع علي الإنترنت والرسائل التي ترسل مباشرة إلي اسماء أمريكية في أكثر من موقع وفي أكثر من ولاية‏.‏ في رأيي إمكانية التخاطب مع المواطن الأمريكي تنحصر في التخاطب معه عن طريق الإعلام الأمريكي نفسه من داخله‏.‏ فهناك محاولات من عدد من الأكاديميين والإعلاميين للتخاطب مع المجتمع الأمريكي عبر وسائل الإعلام الأمريكية إن كانت هناك قضايا تكتب أو رسائل للقراء التي تنشر في الصحف أو الاستضافة في بعض البرامج التليفزيونية‏.‏ هذا هو الطريق الأول‏.‏ والطريق الثاني هو طريق الإنترنت‏.‏

ولا أعتقد أن مؤسسات الإعلام العربي قادرة علي الوصول بنفسها إلي المجتمع الأمريكي وإنما سيكون دورها هو دور التعامل مع العرب في أمريكا أو الوجود العربي بأمريكا وإن كان ذلك باللغة الانجليزية سيكون ذلك جهدا جيدا لأنه سيخاطب أيضا المسلمين غير العرب الموجودين في أمريكا ولا يعلمون اللغة العربية مثل الهند وباكستان ودول آسيا وأعتقد أنهم يمثلون قوة كبيرة في المجتمع‏.‏ والطرف الآخر هو ابناء العرب الأمريكيين الذين لا يعرفون العربية‏.‏ بالنسبة لي تعاملت مع الإعلام في أربعة أماكن‏.‏ في عام‏84‏ في نيوجيرسي كان هناك إصدار باسم الاعتدال وفي عام‏85‏ في ديترويت جريدة اسمها صدي الوطن لازالت تصدر هذه هي مؤسسات تجارية وليس لي فيها ملكية وكان لها طابع محلي‏.‏ ففي نيوجيرسي كان يغلب عليها الطابع السوري وفي ديترويت كان يغلب عليها الطابع اللبناني ولكن فعلا الشيء المميز منذ حوالي‏14‏ عاما منذ ربيع‏89‏ أيار‏/‏ مايو عام‏89‏ كانت بدأت تجربة الحوار‏.‏ مجلة الحوار ليس لها طابع واشنطوني خاص بواشنطن وليس لها طابع لبناني فلها طابع عربي وفكري ثقافي وباللغتين العربية والإنجليزية‏.‏ وبالحصيلة من تجاربي أن السوق هي سوق عربية وليست هناك إمكانية كبيرة في أن تصل بشكل أساسي الي المواطن الأمريكي‏.‏ وبالنسبة لتجربة الحوار هناك من غير العرب يتعاملون مع المجلة ويشتركون فيها ولكنهم مؤسسات اختصاصية وبعض الجامعيين الأمريكيين المهتمين بالقضايا في المنطقة العربية يشتركون في المجلة عددهم محدود‏,‏ ولكن ذلك لا يعني عدم إمكانية الوصول للأمريكان من خلال مطبوعة عربية وبالرغم من أنها تصدر من هنا في واشنطن وليس لها طابع محلي‏.‏

الأستاذ محمد وهبي‏:

‏ لقد ذكر الأستاذ صبحي شيئا مهما جدا وهو عملية الإعلام داخل الجالية العربية بشكل عام وقام بجهد كبير جدا في هذا الموضوع‏.‏ من المهم جدا ان يحدث تماسك في الجالية العربية داخليا‏.‏ وكما ذكر أيضا النفاد الي الاعلام الأمريكي وتماسك الجاليك العربية هما شيئان مختلفان‏.‏ تماسك الجالية العربية أو الأمريكان‏.‏ لابد أن يكون انطلاق الجالية هنا من كونهم أمريكيون‏.‏ ولابد ان تكون هناك خلطة بين مصالح الأمريكيين ومصالح العالم العربي بشكل واضح‏.‏

الشيء الآخر تماما هو النفاد الي وسائل الإعلام الأمريكي‏.‏ أن هناك عناصر مهمة موجودة في الجالية يمكن لها ان تخترق اجهزة الإعلام والذي اجده هو أن تلك الأجهزة مهما كانت محافظة ومتشددة ومتعصبة تتعطش الي من تحاوره‏.‏ وحتي هذه اللحظة هناك من يملكون الثقافة والطلاقة في الحديث بالانجليزية ولكن لا يعرفون كيف يخترقون أجهزة الإعلام الأمريكي‏.‏ وعلي مدي خبرتي الطويلة هنا وجدت انه يمكن اختراق تلك الأجهزة علي عدة مستويات سواء وسائل الإعلام الجادة مثل ألـ‏NewsHour‏ أو حتي ألـ‏ForNows‏ وهي أسوأ جهاز تليفزيوني بالنسبة لنا‏.‏ ولكن مع ذلك يمكن اختراقه إذا عرف الشخص طريقه‏.‏ ولكن الذي أتخوف منه في التركيز علي الجالية العربية أن نرتاح الي التبادل والحوار ما بيننا كعرب‏,‏ وليس بيننا ككل من ناحية والمجتمع الامريكي من ناحية أخري‏.‏ والتخوف الأكثر هو أن محطات التليفزيون العربية أو الفضائيات العربية أصبحت تكرس أيضا ناحية خطيرة جدا‏,‏ وهي أن المجتمع العربي الموجود هنا في أمريكا لا يشاهد أي شئ آخر سوي الفضائيات العربية فينفصل عن المجتمع الذي يعيش فيه ويضعف تأثيره عليه وهناك الآن بالفعل مثل هذا الــ جيتو العربي في ديترويت بالنسبة إلي المؤسسات فقد بدأت بمؤسسات محددة وهي لجنة مكافحة التمييز والمعهد العربي ومجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية‏.‏ وهم يكملون بعضهم بشكل جيد‏.‏ بالإضافة إلي ذلك هناك شباب جديد من أحسن مايمكن ظهر في السنوات الأخيرة ويبني عشرات من المنظمات الصغيرة علي مستوي الواقع‏(‏ جراس رووت‏)‏ لأنه يعرف المجتمع الأمريكي ويتكلم بلهجة أمريكية له دور كبير الآن في مخاطبة المجتمع الأمريكي‏.‏ وهناك أيضا عناصر ممتازة في العالم العربي ولكنها تخاف أن تتعامل مع أجهزة الإعلام فلابد أن نشجعها ولابد أن يكون لنا وجود كإعلاميين وأن نصبح جزءا من هذاالجهاز الإعلامي الموجود في أمريكا تلك المؤسسات موجودة وهي مكتملة فلابد أن ندعمها ونؤيدها ونصقلها بالتجربة والتدريب‏,‏ والعبء الأكبر يجب أن يقع علي المؤسسات الصحفية العربية والمنظمات غير الحكومية لأن هناك واقعا عربيا جديدا علي كل المستويات‏,‏ لقد استمعت بالأمس مثلا في مكتبة الكونجرس لمحاضرة ألقاها اياد السراج من غزة وكان رائعا ومؤثرا ونجح في الوصول إلي أعمق أعماق الإنسان الأمريكي‏,‏ وساعده علي ذلك أنه لم يستخدم خطبة تبريريه وإنما انتقد أيضا أداء السلطة الفلسطينية مع بقاء الاتجاه الأساسي في إطار فضح الاحتلال‏.‏

‏‏ د‏.‏ حليم بركات:

ملاحظتي الأولي كمراقب للإعلام من الخارج أن اختراق الإعلام الأمريكي ليس سهلا‏.‏

انهم طبعا يجلبون بعض الأصوات العربية ولكنهم يركزون علي تلك الأصوات المستعدة لأن تلعب دورا ضد العرب‏.‏ الدور هو المهم وليس الجنسية فقد أصبح لدي وسائل الإعلام العربية من تم تأهيله لنقد العرب وهؤلاء تفتح لهم الأبواب ليس للنقد المسئول أو النقد المزدوج للعرب ولأمريكا‏(‏ والصهيونية بالطبع‏)‏ وإنما للعرب وحدهم‏.‏ وهم يريدون أن يسمعوا ماهو مقبول أو مسموح أن يسمع في أمريكا‏.‏

الملاحظة الثانية أن التخطيط يجب أن يكون عربيا علي المديين القريب والبعيد‏,‏ أهم‏.‏ فنحن نهتم بالإعلام وقت الأزمات‏,‏ فما أن تنتهي حتي ننصرف ونعود إلي دائرة الخاص‏.‏ كيف يمكن أن تقدم إعلاما عربيا علي المدي البعيد؟ هذا هو السؤال‏..‏ مطلوب تنظيم عربي فالإعلام الصهيوني قوي لأن هناك منظمات صهيونية قوية تنسف فيما بينها‏,‏ وتحدد ما هو المهم وما هو غير المهم‏.‏ الخلافات بين التنظيمات العربية تبدأ من الشكليات‏.‏ ولذلك كل تنظيم عربي يجب أن يملك التسامح والاعتراف بحق الاختلاف والتفاهم حول الأولويات‏.‏

الملاحظة الثالثة هي التمييز بين الإعلام التقليدي‏(‏ أو الجماهيري‏)‏ الصحف والتلفاز والإعلام غير التقليدي مثل التدريس الجامعي وقنوات التدفق الثقافي والمعرفي‏,‏ وربما تكون فرصتنا أكبر في هذا الحيز الأخير‏.‏ لا أريد أن أفصل بين الإعلام والاكاديميا مثلا‏.‏ فنحن مقصرون أيضا في التعريف بالواقع العربي في الإعلام الأكاديمي والثقافي‏,‏ وهنا نطرح السؤال‏:‏ كيف أستطيع أن أقدم الإنسان العربي كإنسان؟ السؤال مطروح لأن هناك تغييبا وتشويها للإنسان العربي‏.‏ لقد جرت محاولات للتعريف بالإنجازات الحضارية العربية تاريخيا‏.‏ وقد اهتمت بهذا الموضوع وحاولت القيام بدور‏.‏

إجابتي علي السؤال هي أن تغيير الصورة العربية في أمريكا تتوقف علي تقديم الثقافة الإبداعية‏:‏

الرواية الشعر الموسيقي والفنون بكل تفرعاتها فالتعريف بالتعبيرات الإبداعية الجديدة في العالم العربي يتضمن أيضا رسالة سياسية غير مباشرة لأن هذه التعبيرات تصور معاناة واستجابات الإنسان العربي‏,‏ وتبرز تجربته الراهنة بما فيها الظلم والاحتلال‏,‏ نحتاج إلي مؤتمرات وندوات كثيرة‏,‏ ونحتاج أيضا إلي حركة نشطة للترجمة‏.‏ منذ أسبوعين قمنا في مركز الدراسات العربية في جورج تاون بتنظيم ندوة حول الرواية العربية المعاصرة‏.‏ وحضرها عدد من الروائيين العرب المرموقين‏,‏ وهناك الآن نحو مائة رواية عربية مترجمة إلي اللغة الإنجليزية‏,‏ وللآسف فان هذه الروايات لم تقرأ بعد من جانب الروائي والشاعر والأديب الأمريكي‏,‏ ان هذا يجعلنا نسأل كيف نصل بها إلي هذا القطاع‏.‏

الجامعات مهمة جدا‏.‏ ونستطيع أن نحل جانبا من المشكلة بتشجيع تكوين مراكز للدراسات العربية وإقامة‏(‏ كراسي‏)‏ للعلوم والآداب والفنون العربية في كل جامعة‏,‏ وهذا يؤدي إلي ظهور صورة للعربي مختلفة تماما عما يبرز في الإعلام الجماهيري‏.‏ فحتي الآن معظم أقسام الشرق الأوسط في الجامعات الأمريكية يسيطر عليها الآخرون‏(‏ الصهاينة‏/‏ المحرر‏).‏ ودور العرب محدود‏,‏ ولكن وجود مركز مثل مركز جورج تاون يقلقهم ولذلك حاربوه طول الوقت حتي يلغوا تعبير الدراسات العربية ويستبدلوه بتعبير الشرق الأوسط‏.‏

في الإطار نفسه لماذا لاتكون هناك منظمات للطلاب العرب في كل الجامعات الأمريكية يجب دراسة هذا الموضوع بعناية وتشجيع الطلاب علي تنظيم أنفسهم بحيث يكونون أحرارا وغير موجهين سوي انتمائهم وثقافتهم وآرائهم‏.‏

من المهم أيضا الاستعانة في الإعلام العربي بمن يعرفون إسرائيل من الداخل‏,‏ نحن في الخارج لا نعرف شيئا عن إسرائيل‏,‏ ولكن هناك عرب فلسطينيون داخل إسرائيل ويجب الاستعانة بهم في الإعلام العربي في أمريكا‏,‏ بل ونستطيع أيضا الاستعانة بالعناصر التقدمية في إسرائيل لأن لبعضهم ضميرا ومواقف بعضها أفضل من مواقف بعض العرب‏.‏

الأستاذ محمد حقي‏:

 ربما أبدأ بشرح بعض الصعوبات الموضوعية التي عصفت بمحاولات سابقة لتأسيس حضور إعلامي عربي في الولايات المتحدة‏,‏ الجالية العربية أولا عددها محدود وأكثر من نصفها حديث العهد تماما أي جاء إلي الولايات المتحدة خلال الأعوام الــ‏25‏ الماضية‏,‏ وبدأوا التعرف علي بعضهم البعض وسط ظروف صعبة‏,‏ وهذه الجالية تتشرذم في قارة كاملة وتتركز نسبيا في نحو خمسين مدينة أو عشرين ولاية‏.‏

بالنسبة للإعلام بدأت المحاولات الأولي في كاليفورنيا عندما تأسست نقابة الصحفيين العرب‏.‏

ولكن التجربة لم يكتب لها النجاح فالقدرة علي شراء المطبوعات العربية ليست عالية بأي حال‏.‏

ولذلك لم تصمد معظم المطبوعات طويلا‏.‏ والذي صمد تكلف تكلفة عالية جدا‏.‏

من هنا فالقياس علي اليهود أمر مجحف تماما فهم جزءمن النسيج الأمريكي‏.‏ بينما لم تنجح الأقليات الأخري في ذلك فحتي الجالية الأسبانية لم تنجح إعلاميا رغم أن عددها يقترب من ثلاثين مليونا‏,‏ ولكن هناك بعض الناجحين‏.‏ مثلا الافارقة الأمريكيون نجحوا إعلاميا وهنا نقفز إلي السؤال لماذا لا نتحالف معهم‏,‏ الأفارقة الأمريكيون يؤيدون العرب بنسبة كبيرة جدا‏,‏ وفي المجال الإعلامي الغالبية الكبري من الإعلاميين الأفارقة الأمريكيين وقفت مع حقوق الشعب الفلسطيني رغم أننا لا نتحدث معها إلا قليلا‏.‏ لدي الأفارقة الأمريكية آلاف من المطبوعات ومحطات إذاعية كاملة وعديد من البرامج التلفازية وهم يهيمنون تقريبا علي صناعة التسلية‏.‏

والكثيرون منهم تحدثوا عن الحقوق الفلسطينية‏,‏ ولكننا في العالم العربي لم نهتم بهم بينما تدعوهم إسرائيل باعداد كبيرة لزيارتها‏.‏ وبينما تتفاعل الحكومة الإسرائيلية بشكل يومي مع الجالية اليهودية وتأخذ بنصيحتها حول هذه المسائل فان العرب الأمريكيين ليس لهم حكومة يستعينون بها‏,‏ وهذه الجالية تدفع تبرعات جيدة إذا ما كان الأمر يتعلق بمسجد أو كنيسة ولكن ليس لمحطة إذاعية أو تلفازية وليس من أجل عمل ثقافي وإعلامي‏.‏

لنلخص الأمر إذن‏:‏

ـ توزيع المطبوعات العربية سيظل محدودا جدا‏.‏

ـ تجربة تشغيل محطة اذاعية عربية فشلت‏,‏ هنا نستدعي تجربة إيه‏.‏ إن‏.‏ إيه‏.‏ جانب من الفشل يعود إلي ضعف الإعلانات‏,‏ ولكن السبب الأكبر يعود إلي سوء الإدارة وعدم وضوح الهدف‏.‏

ـ تجارب مؤسسات التفكير‏(‏ الثينك تاتك‏)‏ ناجحة كثيرا أو علي الأقل بدرجة أكبر لقد سمعنا عن تجربة مركز الدراسات العربية في جورج تاون‏,‏ وهناك تجربة أخري لافته للنظر بقيادة‏(‏ الدكتور‏)‏ هشام شرابي في معهد الدراسات والتحليلات عن فلسطين‏.‏

ولكن هذه التجربة خاصة بفلسطين فماذا عن القضايا العربية الأخري مثل العراق؟ ولكن العرب لايتحمسون الا لتجربة قائمة بالفعل‏,‏ فبينما تعاني المؤسسات العربية من جفاف مالي فالمراكز الصهيونية تتمتع بفيض من الإمكانيات‏.‏ معهد الشرق الأدني‏(‏ المعروف بتعصبه الشديد للصهيونية واليمين الإسرائيلي‏/‏المحرر‏)‏ بدأ بأكثر من‏15‏ مليونا‏.‏

ـ تجربة محطة تلفازية عربية داخل الولايات المتحدة قد تخسر لأن المعلن الأمريكي لن يدفع الكثير مقابل عائد استهلاكي غير مؤكد‏.‏

ماهو الحل إذن؟

ربما نركز علي تجارب غير تقليدية‏.‏ لابد أولا من التداخل مع المجتمع الأمريكي والتفاعل المباشر معه‏,‏ حيثما حدث ذلك كنا نكسب إعلاميا وسياسيا‏,‏ ولابد أن نبدأ أيضا من العرب الذين سجلوا نجاحات إعلامية متميزة‏,‏ مثل سلمي ورزفلت‏,‏ ولدينا شخصيات مثل مصطفي العقاد ورائف نادر وهيلين توماس‏,‏ هذا يؤكد أننا جزء من نسيج المجتمع الأمريكي‏.‏

الأستاذ علاء بيومي‏:‏

 رغم كل الصعوبات لابد من تسجيل ملاحظة أولية وهي أن هناك نوعامن الانفتاح جاء لأسباب مختلفة مثل العولمة والرغبة في معرفة البعيد ووجود حملة السياسة العامة بعد‏11‏ سبتمبر‏,‏ وهم يفكرون في محطة إذاعية وتلفازية‏,‏ وهناك اهتمام أكبر بما لايقاس بالعالم العربي كما أن هناك اهتماما من الجانب العربي بأمريكا وخاصة في مناخ الأزمة بين العرب المسلمين وأمريكا‏.‏

الإعلام العربي هذا له مسئوليتان الأولي هي مواكبة هذا الانفتاح وتحسين مردوده من المنظور العربي بحيث نصبح جزءا من هذا الإعلام‏,‏ والثانية هي دورالإعلام في حل الصراع أو الأزمة بين الطرفين‏.‏

لماذا لم نغتنم أو نفيد إلي أقصي حد من هذا التطور الجديد؟ هناك بالطبع أسباب كثيرة ولكني أركز هنا علي الآثار الضارة للمدخل النخبوي العربي للإعلام والسياسة‏,‏ النخبوية تظهر في أشياء كثيرة مثل التركيز الأحادي علي السياسيين الكبار مقابل إهمال الحياة في قاعدة المجتمع‏.‏

هناك أيضا سيادة خطاب الحوار مع النفس وتأكيد الذات وهذا يؤدي إلي عدم مصداقية مهنية‏.‏

مثلا نحن نركز علي الجرائد الكبري ونهمل التأثير الكبير للجرائد المحلية بل ولجرائد القوي المعادية مثل اليمين المسيحي‏,‏ وإذا اقتصرنا علي تغطية الصحف الكبري للأحداث فقد لانفهم الواقع جيدا‏,‏ فمثلا تقرأ الواشنطن بوست عن مداولات الكونجرس حول موضوع مايهم العرب فتخرج باستنتاج معين‏.‏ ولكن عندما تقرأ التسجيل المكتوب لهذه المداولات في شبكة مثل ليكساس نيكساس‏(‏ أشهر الشبكات المعلوماتية الأمريكية علي الأنترنت الآن‏/‏ المحرر‏)‏ ستجد شيئا مختلفا تماما وستخرج باستنتاج مغاير‏.‏

هناك جانب أخر هو أن مشروع الصحافة العربية وطني بمعني أنه لايطرح مسألة التواصل الحضاري أو مشروع عالمي‏.‏ ولم تطرح المؤسسات الصحفية علي نفسها مسألة التواصل بين الولايات المتحدة والعالم العربي‏.‏ وربما يكون هذا هو مايميزنا في كير‏(‏ مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية‏/‏ المحرر‏).‏ إذ إن لدينا خطابا عالميا وهو مالن نصل إلي تحقيقه إلا إذا تحدثنا مع الجميع حتي مع اليمين المسيحي‏.‏

واقترح علي الصحافة الاهتمام بالمجتمع الأمريكي ومعرفته بدقة من خلال مراكز بحوث مثل مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام وتنويع المصادر وبإيجاد مشروع كبير لحوار وتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة وإيلاء اهتمام أكبر بالأقتراحات العملية التي تجيب علي سؤال الناس مما هو العمل في موضوع معين‏.‏

هنا نجد امتياز الإنترنت‏.‏ هناك مئات الآلاف من الأمريكيين الذين يزورون مواقعنا علي النت‏.‏ وهؤلاء الناس يمتازون بأنهم ليسوا متحزبين ومستعدون للقيام بنشاط أو عمل محدد‏.‏ وعلي سبيل المثال كانت هناك مطبوعة كندية تهاجم الإسلام في شهر يناير الماضي‏.‏ وطلبنا من الناس من خلال الإنترنت أن يرسلوا احتجاجات ووصلهم آلاف منها من هنا مسلمين وغير مسلمين ومن العالم كله وهو الأمر الذي أدي بهم الي الاعتذار‏.‏ وقد يكون خطاب إلي محرر المطبوعة‏(‏ جريدة أو مجلة‏)‏ مرسل من القاهرة أكثر تأثيرا مما يصلهم من الولايات المتحدة‏.‏ أما بالنسبة لنا هنا فنحن نقول للناس تصرفوا كأمريكيين وليس كعرب يعبرون بالولايات المتحدة‏.‏

الاستاذ محمود شمام‏:‏

 هذا الحوار تأخر عقدين كاملين‏.‏ والوعي بمخاطبة العالم بلغة جيدة تبتعد عن الخطب تأخر كثيرا‏.‏ وهذا أحد منجزات الانتفاضة‏.‏ فقد منحتنا العنفوان والإيمان بقدرة الأمة علي العمل وأعادت لنا الروح بعد احباطات طويلة‏,‏ ولكن أيضا المشاكل البنيوية المحيطة بالإعلام العربي مازالت قائمة‏.‏

فالبنية الذهنية العربية لاتواكب التحديات التي تواجه وجودنا‏.‏ والآن يظهر الإعلام العربي كأنه الداء والدواء‏.‏ لنأخذ مثلا دوره الإيجابي في جمع التبرعات للانتفاضة الفلسطينية‏.‏ ولكن الإعلام فشل في رفع وعي الناس‏.‏

وبالنسبة للإعلام الأمريكي هناك ما يشبه الانقلاب من الداخل‏.‏ لماذا؟ سوف أروي لكم القضية التالية‏:‏

كان هناك كاتب يساري أمريكي اسمه ميكل مور من جماعة رالف نادر‏.‏ صدر له كتاب أخيرا يتصدر قائمة مبيعات الكتب الأكثر رواجا في أمريكا‏.‏ وهو يقوم الآن بجولة في‏47‏ مدينة أمريكية ويحضر له جمهور غفير من أجل الحصول علي توقيعه علي النسخ المبيعة‏.‏ المهم في هذه الحكاية هو أن الصحف الكبري تجاهلته تماما ولم تقم مجلة أو جريدة كبيرة بعرض له‏.‏ ومع ذلك حقق هذا الانتشار الشعبي‏.‏ سألوه كيف ولماذا أفلت أجاب ببساطة لأن هذه الصحف الكبري لم تعد كبري ولم تعد هي‏(‏ المينستريم‏/‏ التيار الرئيسي‏)..‏ ففي الماضي كانت هذه الصحف تخنق من تشاء‏.‏ الآن تستطيع الوصول إلي ملايين الناس من خلال الإنترنت‏.‏

ولذلك عندما نتابع ما يحدث علي صعيد الرأي العام الأمريكي حول الصراع العربي‏-‏ الإسرائيلي نجد مفارقة عجيبة فالكونجرس والإدارة والتلفاز والصحف الكبيرة مع إسرائيل‏.‏

أما الرأي العام فلديه ميول مختلفة‏.‏ فـــ‏68%‏ من الأمريكيين مع دولة فلسطينية و‏57%‏ تقول نعم نعاقب إسرائيل اقتصاديا إن لم تسمع كلام الرئيس بوش وتنسحب من الأرض المحتلة‏.‏ فكان الرأي العام يسير في اتجاه مخالف للمؤسسة‏(‏ الحاكمة‏).‏ إذن الصورة النمطية عن الرأي العام الأمريكي ليست دقيقة‏.‏ وهم يخيفوننا مثلا باليمين المسيحي ولكن هذا التحالف بأوسع مداه لايصل إلي‏20%‏ من الأمريكيين‏.‏ إن شعب أمريكا مختلف سكانيا وثقافيا‏.‏ والوسيلة الافضل للتعرف عليه هي الإنترنت وليست الصحافة المطبوعة أو التلفاز إذا قمنا بتحليل هذه المعطيات قد نراجع بعض التصورات‏.‏ مثلا الحديث عن فضائية عربية ليس في محله ـ ينبغي أولا أن نعرف الرأي العام الأمريكي‏.‏ الآن لديك وسيلة فعالة هي الإنترنت وهي الوسيلة الجماهيرية الأولي الآن‏.‏ يعمل فيها شباب جديد يعرف كيف يخاطب العالم ويتواصل مع شبابه من كل القوميات‏.‏

ويلفت النظر هنا إلي أن جاليتنا العربية شابه أكثر من غيرها‏.‏ مظاهرة‏20‏ أبريل‏/‏ نيسان كان أغلبيتها من الشباب و‏60%‏ منها من غير العرب‏/‏ المسلمين‏.‏ جيلها لن يقود هذا العمل الكبير وبصراحة كل ما يمكننا عمله هو تمكين وتشجيع الأجيال الشابه‏.‏ فجيلنا تربي في ظل قهر سياسي ونفسي عنيف‏.‏ الأجيال العربية الأمريكية تربت في مناخ من الحرية والنشاطية وبدون خوف وهي تملك السيطرة علي الفن والخطاب الإعلامي‏.‏ فإلاعلام ليس صحيفة و أو مجلة إنه موقف حضاري ولابد من التحرر من حضارة الحكومة واجهزة الأمن والانطلاق إلي حضارة الإبداع والفعل الإنساني الحر‏.‏ هذا هو الشرط المهم للتأثير الإعلامي‏.‏ فليس في ثقافتنا الإعلامية مثلا شيء اسمه خطاب إلي المحرر‏.‏ والأهم هو أن ثقافتنا لا تشجع علي الاشتباك الإيجابي وتأخذ بالمواقف الجاهزة‏.‏ الآن بعد تجربة النيوزويك العربية أصبحنا نؤثر علي تغطية النيوزويك للأحداث العربية‏.‏ لقد كتب عزمي بشارة‏7‏ مرات يرد علي الإعلاميين الصهاينة وتحسنت التغطية العربية نوعيا بعد عام ونصف العام من التجربة‏.‏

‏‏محمد السيد سعيد‏:‏

 بقيت تعليقات قصيرة‏.‏ أريد من كل منكم أن يلخص في دقائق معدودة أهم مالديه من أفكار أو رسائل حول موضوع الإعلام العربي هنا‏.‏

الاستاذ محمد وهبي‏:‏ أربع رسائل مهمة أركز عليها هنا‏:‏

الأولي هي المهنية ـ نحتاج إلي تدريب مهني وثقافي واسع النطاق للصحفيين العرب من أجل اختراق الإعلام الأمريكي‏.‏

الثانية هي كلمة الاشتباك‏.‏ يجب ألا نترك منتدي أو قناة أو صحيفة بدون أن نحاول التأثير عليها مهما يكن موقفها الأولي‏.‏

الثالثة هي أنه يجب إحداث اختراق مهم‏.‏ لدي هنا مثل واحد هو إدوارد سعيد مجرد أن يكون لدينا واحد منه معناه أن يكون له مئات أو آلاف التلاميذ الذين ينشرون موقفه وموقفنا من الصراع العربي‏..‏ الإسرائيلي‏.‏ ومجرد أن يكون لدينا واحد مثله يغير الصورة النمطية عن العرب‏.‏

الكلمة الأخيرة هي حاجتنا إلي مركز تفكير أو دراسات مثل المركز الإستراتيجي في الأهرام‏.‏

والأهرام يستطيع أن يقوم بدور هائل هنا‏.‏ ويتعزز هذا الدور بدعوة أكبر عدد ممكن من المفكرين العرب للحديث أمام الأمريكيين في جميع المنابر‏.‏

الأستاذ محمد حقي‏:‏ بينما أوافق علي مخاطبة جميع القنوات فالأولوية يجب أن يكون تكون عبر المنظمات والمنابر العربية إننا أمه تكافيء خصومها وتعاقب أصدقاءها‏.‏ ويجب أن ننهي هذا ـ مثلا عندما سربت أنباء عن مبادرة عربية جديدة أعطيناها لواحد من الناقدين للعرب‏(‏ فريدمان‏/‏ المحرر‏)‏ ويتهافت المسئولون الإعلاميون والسياسيون العرب علي معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدني بينما يهملون الحديث أمام المنابر العربية‏.‏

د‏.‏ صبحي الغندور‏:‏ لابد أولا أن نأخذ في الاعتبار أحداث‏11‏ سبتمبر‏.‏ فهي تؤثر علي المنظور لكل شيء هنا‏.‏ كنا في الماضي نتحدث عن وضعنا بأن لدينا قضية عادلة ومحاميا سيئا‏.‏ اليوم صرنا جميعا متهمين ويجب أن نصل إلي أعلي مستويات الفعالية في الدفاع عن قضايانا‏.‏ فتح الباب واسعا أمام الاعلاميين الأمريكيين أمر بالغ الأهمية للوصول إلي المواطن الأمريكي‏.‏ هذا هو العنصر الجديد في الإعلام الأمريكي‏.‏ الصحفيون الأمريكيون الذين قاموا بتغطية الانتفاضة من الموقع كتبوا كلاما جيدا علي عكس الذين غطوها من مكاتبهم هنا‏.‏

ولكني أود التركيز علي التناسب بين تدعيم تماسك الجالية العربية من ناحية واختراق الإعلام الأمريكي من ناحية ثانية‏.‏ هذه هي أهم درس استخلصته من تجربتي في مركز الحوار العربي تجربة الحوار تعمل منذ‏14‏ سنة علي تحقيق الهدفين من خلال السعي للوصول إلي القطاعات المهمة من الرأي العام الأمريكي‏.‏ ولذلك أصدرنا مجلة الحوار باللغة الإنجليزية باسم ذا أراب أميركان ديالوج وجانب من ندوات المركز تتم باللغة الإنجليزية ويشارك فيها عدد لابأس به من المهتمين بشئون المنطقة‏.‏ ومنذ حوالي أربع سنوات بدأت الحوار موقعا علي الإنترنت يتوجه معظمه للأمريكيين ويخاطبهم عبر رسائل دورية وسلسلة من المقالات والمعلومات التي تعرض للقضايا العربية والإسلامية وأيضا أقامت الحوار علي الإنترنت موقعا آخر مخصصا للانتفاضة الفلسطينية منذ انطلاقها في سبتمبر عام‏2000.‏

الأستاذ علاء بيومي‏:‏ نحن نحتاج إلي مركز للتعامل الدبلوماسي يقوم بتدريب العرب الأمريكيين علي التفاعل مع المجتمع الأمريكي وهذا يبرز الحاجة أيضا إلي متخصصين في الدراسات الأمريكية‏.‏ النقطة الثانية هي ضرورة تطوير الخطاب العربي لكي تصبح لديه القدرة علي مخاطبة الجميع انطلاقا من قيم مشتركة وتطلعات مشتركة مع المواطن العالمي‏.‏ وبذلك يصبح لدينا قاعدة لصياغة مشروع عالمي‏.‏ أبنه أيضا إلي ضرورة الانفتاح علي الجماهير الأمريكية البسيطة وعدم الاكتفاء بالقنوات النخبوية‏.‏

الأستاذ محمود شمام‏:‏ نجاحك الإعلامي يعتمد علي معقولية خطابك‏.‏ فالإنترنت مفتوحة للجميع‏.‏ إذا لم تكن عقلانيا فقد يؤدي الخطاب إلي تدمير حقيقي لسمعة العرب‏.‏ البعض مثلا يبث علي الإنترنت ما يعتبره العديدون هنا خطابا بعيدا عن التسامح الديني‏.‏ هذا يضر العرب ويظهر ثقافتهم بمظهر غير حقيقي وغير بناءا أتمني من أهل الفكر والرأي في العالم العربي أن يطوروا خطوطا توجيهية أو إرشادية للخطاب العقلاني الذي نحتاجه للظفر في المعركة الإعلامية والسياسية‏.‏

اشترك في الندوة

د‏.‏صبحي الغندور : رئيس مركز الحوار العربي

د‏.‏حليم بركات : الروائي العربي المعروف والأستاذ المتفرغ بجامعة جورج تاون ـ مركز الدراسات العربية المعاصرة

أ‏.‏محمد وهبي

أ‏.‏محمد حقي : رئيس رابطة الصحفيين العرب بواشنطن

أ‏.‏محمود شمام : المسئول عن الطبعة العربية لمجلة نيوزويك الأمريكية

أ‏.‏علاء بيومي : المسئول الاعلامي لمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية

 

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا