الولايات المتحدة تتجه لمنع الاختلاط بالمدارس

تباينت ردود الفعل، ازاء تشجيع جورج بوش الرئيس الاميركي وادارته للعودة الى مبدأ عدم الاختلاط بين البنين والبنات في المدارس، في اطار عملية اصلاح التربية، اذ اعتبر البعض التوجه صائبا وسوف يودي بالطلاب والطالبات بعد اخماد رغبتهم الجنسية بمنع الاختلاط، الى انجاز دراستهم بشكل افضل، فيما رأى البعض الآخر ان هذا التوجه مدمر ولن يخمد الرغبة الجنسية.

وكان صدر اعلان عن هذا المشروع في 8 مايو في «السجل الفدرالي»، الصحيفة الرسمية الاميركية، فأثار ردود فعل متضاربة. واعتبر البعض ان كل ما يفعله البيت الابيض هو مواصلة العمل على تطبيق خطته للاصلاحات المحافظة، في حين رأى البعض الاخر ان الفصل بين الصبية والفتيات سيؤثر ايجابا على مستوى التعليم.

وجاء في الصحيفة الرسمية ان وزير (التربية) ينوي اقتراح تعديلات (للتنظيمات المطبقة) تهدف الى توفير هامش مبادرة اوسع للمربين من اجل اقامة صفوف ومدارس غير مختلطة. وتابعت الصحيفة ان الهدف من هذا الاجراء هو «توفير وسائل جديدة فضلى لمساعدة التلاميذ على الانكباب على الدراسة وتحقيق نتائج افضل»، من دون العودة الى «مفاهيم مهجورة» حول الفصل بين الاناث والذكور. وأوضح مسئول كبير في البيت الابيض ان الرئيس يسعى الى «توفير خيار اوسع للاهل ومنح المدارس العامة مرونة اكبر». وتابع المسئول الذي طلب عدم كشف هويته ان المدارس الابتدائية والثانوية التي تود الفصل بين البنين والبنات ستمنح تمويلا يفوق المدارس التي ستختار الابقاء على النظام المختلط.

واحتج البروفيسور بيتر كوزنيك الاختصاصي في تاريخ الحياة الجنسية في الولايات المتحدة قائلا ان احدا في البيت الابيض لم يقرأ مرة ميشال فوكو ، الفيلسوف الفرنسي الذي كتب تاريخ الحياة الجنسية 1976 ـ 1984 واعتبر ان الفصل بين الذكور والاناث لم يخمد مرة الرغبة الجسدية.

ورأى الباحث الاميركي ان الفصل بين الجنسين لطالما كان مدمرا وتابع ان كل هذا يندرج في اطار الامتناع الجنسي الذي يحتل مكانة مهمة في برامج التربية الجنسية الممولة من الدولة الفدرالية.

غير ان خبراء اخرين اعتبروا ان المقاربة التي تدعو اليها ادارة بوش ستنعكس ايجابا على التلامذة.

وقال البروفيسور اميليو فيانو وهو رجل قانون متخصص في النظام التربوي في الولايات المتحدة ان العديد من الدراسات التي اجريت بمساهمة طلاب وطالبات اظهرت انه في بعض مراحل نموهم، ينجز الفتيان والفتيات دراستهم بطريقة افضل حين لا يكونوا مختلطين.

وأورد على سبيل المثال ان بعض الفتيات قد يشعرن بميل الى فتيان معينين، ما يحرمهن من تطوير حياتهن الاجتماعية. وتابع البروفيسور «سنجد كذلك فتيانا يفضلون الانفصال عن الفتيات حتى لا يتحتم عليهم الالتزام ببعض اللياقات التي يرونها ضرورية في حضور فتيات».

واكدت الجمعية الوطنية لتشجيع التعليم العام غير المختلط اخيرا وجهة النظر هذه فعرضت دراسة اجرتها جامعة ميشيغن في بعض المدارس الكاثوليكية الخاصة المختلطة وغير المختلطة.

واشارت الجمعية الى ان الفتيان في المدارس غير المختلطة كانوا افضل مستوى في القراءة والكتابة والرياضيات كما ان الفتيات في المدارس غير المختلطة حققن نتائج افضل من تلميذات المدارس المختلطة في العلوم والقراءة.

وقبل الشروع في تطبيق هذا الاصلاح، دعي المواطنون (بمن فيهم التلاميذ) الى ابداء ارائهم في مهلة تنتهي في 8 يوليو المقبل.

وكان  وزير التربية في الولايات المتحدة الأمريكية قد أصدر بيانا صحفيا بتاريخ 8/5/2002 أعرب فيه عن نية وزارته إبداء مرونة أكبر في مسألة السماح بافتتاح مدارس الجنس الواحد (مدارس أولاد منفصلة عن مدارس البنات), وقد طلب من أولياء أمور الطلاب والطالبات تزويد الوزارة بآرائهم في ما يخص هذا الموضوع كما طلب من أساتذة ومديري المدارس إيفاد الوزارة بما يرونه من إيجابيات وسلبيات لمثل هذه الخطوة.

كما نشرت صحيفة (واشنطن بوست) مقالا مطولا تناول هذا الموضوع بتاريخ 14/5/2002 وأوردت الصحيفة تعليقا لافتا لمديري إحدى المدارس يقول فيه - بعد أن ضاق ذرعا بمشكلات الطلاب في مدرسته - على الأولاد أن يتعلموا كيف يكونون أولادا وعلى البنات أن يتعلمن كيف يكن بنات.. ولن يستطيعوا أن يفعلوا ذلك في نفس الغرفة.. وقد فوجىء المدير (بن رايت) عندما وجد أن هناك نقصا كبيرا في الأبحاث التي تدرس قضية تعليم الجنس الواحد.

وقد طبق (بن رايت) مدير مدرسة (ثيرجود مارشال) الابتدائية  تجربة في مدرسته في عام 2000-2001 بفصل الأولاد عن البنات في مدرسته في عدة فصول. وكانت النتيجة مشجعة للغاية، إذ هبط فجأة عدد الأولاد المشاغبين والمرات التي يشاغبون فيها، وارتفع مستوى أداء الأولاد الأكاديمي بشكل مفاجئ أيضاً وكذلك توقفت الفتيات عن محاولة لفت أنظار الأولاد وإزعاجهم. كما أصبح بإمكان المدرسين والمدرسات مناقشة أمور معنية مع الأولاد دون الخوف من إحراج البنات والعكس صحيح.

وفي الحقيقة.. توجد هناك بعض الدراسات حول هذا الموضوع, ولكن نتائج هذه الدراسات ليست متوافقة كليا فبعض الدراسات تظهر أن الفتيات يقدمن نتائج أفضل في البرامج الأكاديمية والرياضية في المحيط الأنثوي وأن ثقتهن بأنفسهن تصبح أفضل. بينما تظهر دراسة أخرى أجريت في أستراليا أن درجة الطموح لدى الأولاد والبنات في مدارس الجنس الواحد انخفضت مبدئيا، لكنها عادت للارتفاع بشكل لافت فيما بعد.

ويذكر أن هناك 11 مدرسة حكومية فقط في الولايات المتحدة تطبق سياسة تعليم الجنس الواحد، لكن هناك عددا من المدارس الخاصة التي تطبق هذا النظام. وعلى الرغم من وجود مدارس ناجحة جدا تطبق هذا النظام منذ فترة طويلة ـ مثل مدرسة (بولتجور ويستيرن هاي) للبنات والتي تأسست عام 1844م فإن سياسة تعليم الجنس الواحد لم تلق التشجيع الكافي خلال السنوات الماضية ومع هذا ونتيجة لبحث التربويين في أمريكا عن أساليب جديدة لتحسين تحصيل الطلاب خلال السنوات العشر الماضية، فقد بدأ هؤلاء التربويون يميلون بشكل متزايد إلى تعليم الجنس الواحد. وقد دفعت نتائج بعض الأبحاث في هذا المجال التربويين لاتخاذ مثل هذا التوجه، خاصة تلك القائلة بأن أدمغة الأولاد تتعامل مع بعض أنواع المعلومات بشكل يختلف عن تعامل البنات معها.

ويؤيد (توماس جيرد) وهو يرأس مدرسة (سانت جون كولج) الثانوية فكرة فصل البنات عن الأولاد في المرحلة الثانوية وهو حاليا بصدد افتتاح مدرسة خاصة للأولاد هذا الخريف.

وتقول (ديردر ماك كان) البالغة من العمر 15 عاماً أنها تحب مدرسة الفتيات فقط التي تدرس فيها. وتضيف (ديردر): كنا نشعر بالخوف عندما كان معنا أولاد... كان علينا أن نرتدي ملابس جميلة ونظهر أنيقات... إننا نشعر بالراحة أكثر الآن بوجودنا في محيط كله بنات...

ويعتقد التربويون أن أفضل حل هو إعطاء الطلاب الخيار في الذهاب إلى مدارس مختلطة أو مدارس للجنس الواحد.

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا