المرجع الديني السيد صادق الشيرازي (دام ظله):

لو علم الناس جميعاً حقيقة مذهب أهل البيت (ع) لبادروا لاعتناقه ولحققوا سعادة الدارين

قم - النبأ: لدى استقباله جمعاً من الشباب المؤمن الذين وفدوا على مكتب سماحته بمدينة قم المقدسة، من محافظة طهران، تحدث المرجع الديني الإمام صادق الشيرازي (دام ظله) عن خاصية الولاء الحق لمذهب أهل بيت النبوة، وكيف ومتى تصدق تسمية (شيعي) على الإنسان المؤمن، وذلك بالاستناد إلى أحاديث أئمة الهدى..

وإليكم جانباً مما ورد في كلمة سماحته القيمة:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.. قال الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع): (إن الله اختارنا أهل البيت واختار شيعتنا).

إذن، كل إنسان شيعي هو في الحقيقة شيعي باختيار الله سبحانه وتعالى؛ إذ كما اصطفى واختار أهل البيت (ع) فقد اختار واصطفى شيعتهم أيضاً..

وقال الإمام أمير المؤمنين (ع): (لشيعتنا أربع خصال: ينتصرون لنا، يفرحون لفرحنا، يحزنون لحزننا، ويبذلون أموالهم وأنفسهم فينا).

فكل من حاز على هذه الخصال، انطبق عليه حديث (منا أهل البيت)، وحشر يوم القيامة معهم عليهم الصلاة والسلام أجمعين.

ثم سلط سماحة السيد المرجع الضوء على موضوع التوحد والتمحور حول المذهب الحق، فقال: من المسائل المهمة التي أكد عليها أئمة الهدى (ع)، لا سيما مولى الموحدين أمير المؤمنين (ع)، هو تجنب التقصير والتهاون في حقهم (ع)؛ مما يستلزم من الإنسان الموالي أن يجهد في جلب اهتمامات الناس، بكافة طبقاتهم وأطيافهم، إلى المذهب الحق، مذهب أهل بيت العصمة والطهارة، ومعدن الرسالة؛ وعلى هذا فإنكم إذا ما غضضتم الطرف عن أي شاب أو فتى يجهل حق أهل البيت (ع)، ولا يملك علماً أو اطلاعاً حول هذه المدرسة العظيمة؛

ووفروا وقتاً كافياً لمهمة التبليغ لنهج وسيرة أهل البيت (ع)، وأطلعوا من ليس له اطلاع على حقيقة المذهب، ومن لديه بعض الإطلاع فزيدوه وأضيفوا له ما يغنيه ويجعله على اتساق بنهج أئمة الهدى (ع)، واجهدوا أنفسكم أن لا تدعوا نعمة (منا أهل البيت) تفلت من أيديكم

فاعملوا أنكم قد جفوتم الأئمة المعصومين (ع)، وحلتم بينكم وبين نعمة وشرف موالاة أهل البيت (ع)، وبالتالي فإنه لا يصدق عليكم حديث (منا أهل البيت).

والى ذلك، فقد التقط سماحة الإمام السيد صادق الشيرازي، بحكمة بالغة، بعض الشواهد التاريخية على أهمية الولاء لأهل البيت وشروطه وبعض تكاليفه، مستعيناً بنموذجين بارزين من نماذج الولاء الصادق، وهما الصحابيان الكبيران سلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري(رضوان الله عليهما) حيث قال سماحته: هل تعلمون ماذا صنع وقدم كل من سلمان وأبي ذر في سبيل الرسالة، حتى صدق عليهم الحديث الشريف الآنف الذكر (منا أهل البيت)؟.

هل تعلمون أن سلمان لما ولي حكم المدائن (العراق وإيران)، لم يكن يملك سوى كوزاً وحصيراً ولباساً واحداً، كما لم يجمع شيئاً من مال الدنيا مدة حكمه على هذا الإقليم.

وهل تعلمون أن أبا ذر حينما قدم عليه بعض أقارب عثمان أيام خلافته، لينفذوا إليه مالاً، قال لهم: (لا آخذ المال الحرام، رغم فقري ومسيس حاجتي للمال).

حتى أن التاريخ يحدثنا - والكلام لسماحة السيد المرجع - بأن أقارب عثمان قد جمعوا مالاً وفيراً، جعلوه مع عبد من عبيدهم، وقالوا له: (إذا أنت أعطيت هذا المال لأبي ذر، حررناك)!.

وهكذا، فلما حصل هذا العبد بين يدي أبي ذر ( رض)، راح يستخدم كل أسلوب وحيلة، لكيما يقبل منه أبو ذر المال، إلا أنه لم يفلح، حتى قال له: (إن القوم قد عهدوا إلي أن أعطيك المال، ويطلقوا سراحي).

فأجابه أبو ذر قائلاً: (أعلم، ولكني إن قبلت المال تصبح أنت حراً، وأصبح أنا عبداً)!!.

أنا أقترح على الأخوة أن يخصصوا يومياً مدة خمس دقائق فقط يفكرون خلالها بمقدار العمل الخالص لخدمة أهل بيت العصمة والطهارة، وأن يحاسب كل واحد منكم نفسه، عن حجم الأعمال التي قدمها في يومه السابق، لخدمة أهل البيت (ع)، وكم صبر على ذلك.

وأضاف سماحة السيد المرجع قائلاً: اسعوا غاية سعيكم، لكي تكونوا من مصاديق (منا أهل البيت)، ووفروا وقتاً كافياً لمهمة التبليغ لنهج وسيرة أهل البيت (ع)، وأطلعوا من ليس له اطلاع على حقيقة المذهب، ومن لديه بعض الإطلاع فزيدوه وأضيفوا له ما يغنيه ويجعله على اتساق بنهج أئمة الهدى (ع)، واجهدوا أنفسكم أن لا تدعوا نعمة (منا أهل البيت) تفلت من أيديكم.

ثم ختم سماحة السيد المرجع حديثه، بذكر رؤيا رآها أحد العلماء الكبار في منامه، حيث حضر هذا العالم بين يدي رسول الله (ص) يوم القيامة، وقد قدموا له (ص) صحيفتين بأعمال هذا الشخص، صحيفة بالأعمال الحسنة، وأخرى بالأعمال السيئة.

فلما نظر الرسول الأكرم (ص) إلى قائمة أعمال الشخص المذكور، حنا رأسه الشريف، وأعاد النظر في صحيفتي أعمال الرجل، ثم صوب نظره نحوه، قائلاً له: ألم تخجل يا رجل؟!..

قال الرجل: ومن شدة خجلي وحيائي استيقظت من نومي على الفور.. الشاهد أن هذا الرجل أصبح على أثر هذه الرؤيا، أحد أكابر العلماء وجهبذاً من جهابذة العلم والتقوى والفضيلة.

من جهة أخرى, استقبل سماحة آية الله العظمى الإمام صادق الشيرازي (دام ظله الشريف) مجموعة من الأخوة المؤمنين الذين قدموا من خارج إيران لزيارة سماحته، في مكتبه بمدينة قم المقدسة، وقد ألقى سماحة السيد المرجع كلمة توجيهية شاملة، ركز فيها على موضوع البذل والعطاء في طريق خدمة أهداف أهل البيت (ع) وملازمة هذا الطريق مهما كانت الظروف والمصاعب.

وإليكم بعض ما جاء في هذه الكلمة القيمة:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين..

الآن في عالمنا اليوم وفي ظل الظروف الراهنة، هناك فرصة ثمينة جداً لخدمة الدين وأهل بيت النبي (ع)، إذ بالنظر إلى الطاقات والإمكانات التي وهبها الله تعالى للأخوة المؤمنين، وفي المواقع العلمية المختلفة التي يشغلها هؤلاء الأخوة، تمثل ظروف العمل الحالية فرصة فريدة، بل هي غنيمة، ينبغي استثمارها على أتم وجه في خدمة أهداف أهل البيت النبوي (ع) وغايات الدين الحنيف، إذ ليس من المعلوم ختام تبقى هذه الفرصة السانحة في أيدينا.

ثم قال سماحته: لا يفوتني أن أشكر الأخوة على الخدمات الكبيرة والقيمة التي يقدمونها خدمة للدين ولأهل البيت (ع)، ولابد أنهم سيكونون في موضع عناية الإمام صاحب الأمر الحجة (عج).

وأردف يقول: اسمحوا لي أن أتحدث عن إحدى فقرات حديث أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (ع) والتي تقول: (يبذلون أنفسهم وأموالهم فينا)، فأقول: على كل واحد منا أن يرقى إلى التفكير بالنسبة المئوية للخدمات والأعمال، سواء ببذل المال، أو بالتبليغ، أو بالفكر والكتابة، وغير ذلك مما نقوم به لأجل خدمة أهداف أهل البيت (ع).. وهنا يمكن للإنسان المؤمن أن يشرع من الصفر، ثم يتقدم في مدارج الموفقية والنجاح درجة درجة.

وأضاف سماحة السيد المرجع يقول: أنا أقترح على الأخوة أن يخصصوا يومياً مدة خمس دقائق فقط يفكرون خلالها بمقدار العمل الخالص لخدمة أهل بيت العصمة والطهارة، وأن يحاسب كل واحد منكم نفسه، عن حجم الأعمال التي قدمها في يومه السابق، لخدمة أهل البيت (ع)، وكم صبر على ذلك.

ثم أكد سماحته على القول بأن هذه الخدمات هي في الحقيقة خدمات لمنهج وأهداف أهل البيت (ع) هي خدمات للعالم وللناس أجمعين؛ إذ لو علم الناس ماهية هذا المنهج وطبيعة تلك الأهداف، لبادروا إلى العمل تحت لوائها، ولحققوا سعادة الدنيا والآخرة.

إن الإمام أمير المؤمنين (ع) - والكلام لا زال لسماحة السيد الإمام - قد حكم أكبر دولة - تضم خمسين إقليماً - على وجه البسيطة، في وقته، مدة لم تتجاوز الأربع سنوات، في ظروف اتسمت - غالباً - بالمشاكل المختلفة، والتي من جملتها مشاكل الفقر.. في مثل هذه الأوضاع، يقول الإمام (ع): لعل هناك، في ظل هذه الدولة، من يدركه الليل ولم يجد طعاماً يقيم الأود ويسد الرمق!! والآن في وقتنا الراهن أي رئيس دولة يستطيع أن يقول مثل هذا الكلام عن دولته، مع كثرة الأعداء والأصدقاء؟!.

لبثت عشرات السنين في خدمة أخي المغفور له (آية الله العظمى الإمام محمد الحسيني الشيرازي - طاب ثراه -) ما صادفته خلالها قط متحيراً أو واجماً أمام مشكلة أو قضية أو أي مورد من الموارد، بل كان سماحته (قدس الله نفسه الشريفة) يختار طريقاً معيناً ويمضي فيه بقوة وبلا أدنى حيرة أو يأس..

الإمام أمير المؤمنين (ع) كان يواجه الكثير من الأعداء وذوي الأغراض المريضة في ظل حكومته، إلا أنني لم أجد موضعاً يستشكل فيه أحدهم على الإمام (ع).

إلى ذلك، أضاف سماحة السيد صادق الشيرازي قوله: إذا ما فكر المرء تفكيراً جذرياً عميقاً، وأطلق نفسه من أسار المشكلات اليومية الصغيرة، فإنه لا محالة يستطيع أن يجد فرصاً أفضل للاتساق مع أهداف أهل البيت (ع)، ولا ينبغي للإنسان المؤمن أن ينثني أمام المشاكل والظروف مهما كانت، أو يتحير، في سبيل المضي في خدمة تلك الأهداف العظيمة التي لا تعدوا في جوهرها أهداف الرسالة السماوية الخالدة.

وشدد سماحة السيد المرجع على القول: إن الحقيقة تدلنا إلى أن النبي الأكرم (ص)، قد ظل صابراً صامداً مدة ثلاثة وعشرين عاماً، في مواجهة عنت وأذى الكفار والمنافقين، بيد أن اليأس لم يجد إلى نفسه الشريفة سبيلاً؛ فنحن أحق بأن نتخذه (ص) أسوة نتأسى بها في مطلق أحوالنا.

وختم الإمام صادق الشيرازي كلامه بالقول: لبثت عشرات السنين في خدمة أخي المغفور له (آية الله العظمى الإمام محمد الحسيني الشيرازي - طاب ثراه -) ما صادفته خلالها قط متحيراً أو واجماً أمام مشكلة أو قضية أو أي مورد من الموارد، بل كان سماحته (قدس الله نفسه الشريفة) يختار طريقاً معيناً ويمضي فيه بقوة وبلا أدنى حيرة أو يأس..

على صعيد آخر، استقبل سماحة المرجع الديني آية الله العظمى الإمام المجاهد السيد صادق الحسيني الشيرازي في مكتبه بقم المقدسة، جمعاً من الأخوات المؤمنات الجامعيات، وألقى فيهن كلمة قيمة امتازت بأبعادها الاجتماعية المتراحبة.. وفيما يلي نقتطع جملة مقاطع من هذه الكلمة:

إن كلمة السعادة كلمة رائقة، وتستثير الكثير من الاهتمام، غير أنه ينبغي أن نلاحظ من منا استخدم هذه الكلمة في موضعها، وعلى نحو يتناسب مع ظلها الحقيقي في الواقع؟ يلزم الإنسان على الدوام عند موازنته بين القول والعمل، أن يحسب جيداً مدى انسجام إطلاق هذه الكلمة مع الواقع الفعلي.

وقال سماحة السيد المرجع: يحدثنا التاريخ الإسلامي، عبر طائفة كبيرة من الروايات الشيعية وغير الشيعية، بل وحتى روايات بعض الكفار، بأن النبي الاكرم (ص)، منذ أن بشر الناس بالإسلام، قد ظهرت حقيقة السعادة في أقواله وأفعاله على حد سواء..

وأضاف سماحته: إن النبي المصطفى (ص) لبث في مكة المكرمة ثلاث عشرة سنة، واجه خلالها ضغوطاً كبيرة على أيدي المشركين، ولذلك غادر مكة إلى المدينة المنورة ليقيم أول حكومة إسلامية هناك، حيث يقطن عدد غير قليل من اليهود والنصارى، ثم جاء تأكيد القرآن الحكيم بأن أشد الناس عداوة للمؤمنين هم اليهود.

وأردف السيد الإمام يقول: ورد في بعض الروايات ما يفيد بأن الرسول الأكرم (ص) قال ما معناه أن من عاش في كنف الإسلام وجمع شيئاً من أموال الدنيا، ثم مات، يصير ماله بتمامه إلى ورثته..

ذلك لأنه قد جرت العادة لدى المشركين واليهود والنصارى والمجوس، قبل الإسلام، على أخذ رسوم وضرائب على أموال المواريث، وهذه العادة، أو الأصل، لم تزل باقية حتى يوم الناس هذا.

بل ذهب الرسول الأكرم (ص) - والكلام لسماحة السيد المرجع - إلى أبعد من ذلك حينما قرر بأن من رحل عن الدنيا وكان عائلاً ولم يترك لعائلته إرثاً تدير به شؤونها، فهؤلاء يدخلون في عهدة النبي محمد (ص)، وأكثر من ذلك جعل النبي المصطفى (ص) على نفسه قضاء دين الميت، ومنع الدائنين من مراجعة زوجته وأطفاله في طلب سداد الدين المترتب على الميت.

وفي السياق ذاته، قال السيد المرجع: إن أقوال وتوجيهات رسول الله (ص) تلك صارت باعثاً ومحفزاً لدى يهود مكة وأطراف المدينة، لدخول الدين الجديد زرافات زرافات؛ ذلك لأن نزعة جمع المال وقصر الهم على الاقتصاد، قد تأصلت في نفوس اليهود من قديم عهدهم وحتى الآن، فهبو يدخلون ـ جماعات جماعات ـ  في الدين الجديد، إيماناً منهم بأن الدساتير الإسلامية بشأن الاقتصاد هي في صالح نماء ثرواتهم وثروات أسرهم.. أوليست هذه سعادة؟!.

ثم قال سماحته: إن السعادة تقوم على ركنين أساسيين هما: الأمن والاقتصاد.

وأضاف: إنكم لا تجدون حتى في أكثر بلدان عالم اليوم تقدماً، رئيس حكومة يتعهد بقضاء ديون الميت، كما لا تعثرون على قانون من قوانين دنيا اليوم، ينص على أن من استلف مالاً وعجز عن رده حتى مات، فعلى الدولة سداد ديونه.. على حين نجد في أحكام الإسلام أن من مات فقيراً، وكان في ذمته دين، ولم يترك لورثته ما يقضون به دينه، فعلى إمام المسلمين قضاء دينه، وإن لم يفعل فقد أثم.

وأردف السيد الإمام بالقول: قد جاء في بعض الروايات أن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، لم يأكل أيام حكومته التي استمرت أربع سنين والتي ضمت بقاعا مترامية الأطراف (50 بلداً بتقسيمات اليوم)، لم يأكل لحماً إلا في يوم واحد في السنة، وهو يوم عيد الأضحى، مواساة منه (ع) لأضعف المسلمين حالاً؛ فأين تجد مثل هذا النموذج الفريد في الحكم، بين سائر حكام العالم المعاصر.

ثم مضى سماحته يقول: السرقة والسطو والإغارة كانت متفشية قبل الإسلام، ولكن لما بعث الرسول الأكرم (ص) بالدين الجديد، انقطع دابر السرقة، واستمر الحال كذلك حتى زمان الإمام الجواد (ع)، أي إلى نحو مئتي عام..

اسأل الله عز وجل، ببركة النبي وآله (ص)، وبركة سيد الشهداء الإمام الحسين (ع)، أن يوفق الجميع لكل خير.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا