كلمة السيد حسين الشيرازي في جمع من الأخوّة المؤمنين المعزّين بمصاب سيد الشهداء (ع)

قم - النبأ: ألقى سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد حسين الشيرازي، كلمة قيّمة في جمع من المؤمنين المعزّين بمصاب سيد الشهداء الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام)، وذلك في ليلة التاسع والعشرين من شهر محرم هذا العام (1423هـ)، في حسينية الإمام الشيرازي (قدس سره) بقم المقدسة.

وفيما يلي بعض ما ورد في كلمة سماحته:

نحمد الله تعالى، أن المؤمنين لم يبدر منهم أي تقصير في إقامة مراسم العزاء الحسيني، ولن يبدر منهم مثل هذا التقصير، ولكن ينبغي إلفات نظر الأخوة إلى نقطة دقيقة وجديرة بالاهتمام والملاحظة وهي أن مسؤولية الإنسان المؤمن تجاه أبي عبد الله الحسين (ع) أبعد بكثير من قضية إقامة مراسم العزاء، رغم أن إظهار الحزن واللوعة هما من المصاديق المهمة للعزاء..

هذا الأمر يتحدد بوضوح عند النظر في نصوص الكثير من الأدعية والزيارات الواردة في شأن الإمام الحسين(ع)؛ من قبيل معرفة حق سيد الشهداء (ع)، الجهل بحق سيد الشهداء(ع)؛ وقد ورد: (من زاره عارفاً بحقه كان كمن حجّ مع رسول الله (ص) مائة حجة)، و(من أتى الحسين زائراً عارفاً بحقه كان له ثواب ألف حجة وألف عمرة مع الرسول وآل الرسول).

مثل هذه الزيارة الشريفة حينما تقترن بمعرفة حق الحسين(ع)، تتحقق الغاية السامية منها، ويترتب عليها أجرٌ عظيم. وفي الحقيقة إنما تحدثت الروايات عن جزءٍ من هذا الأجر، ذلك لأن الناس - غالباً - لا يتحملون ولا يتصورون بيان حقيقة الأجر الجزيل المترتب على تلك الزيارات، والتي منها زيارة أبي الفضل العباس (ع)؛ إذ إن عظمة أبي الفضل العباس هي امتداد لعظمة عاشوراء، ونابعة منها.

فما هو حجم وطبيعة هذا الحق؟ فقد جاء ضمن نص زيارة سيد الشهداء (ع): (وضمن الأرض ومن عليها دمك وثارك)؛ وهو ما يعني أن المسؤولية الجسيمة عن إراقة دم الحسين (ع) لا تنحصر في أولئك الذين قتلوه بل إن المسؤولية تشمل جميع من على وجه البسيطة؛ إذ قد ورد في بعض النصوص الثابتة روايةً وسنداً: (..بذل مهجته فيك ليستنقذ عبادك من الجهالة)؛ مما يجعل المسؤولية تعم جميع أفراد الناس من غير استثناء.

ولا يمكن بحال أداء هذه المسؤولية العظيمة، إلا ببذل كل ما في الوسع في سبيل تحقيق الأهداف التي استشهد من أجلها الإمام الحسين، عبر إحياء مظلوميته (ع)، والسير بسيره من أجل إحقاق الحق وإبطال الباطل؛ (إن الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة).

إذن، يجب علينا جميعاً أن نستثمر ما بأيدينا من وسائل الإعلام، لإيصال صوت أبي الأحرار إلى جميع أرجاء المعمورة، وهو أمر مقدم على واجب إقامة مجالس العزاء، رغم أن إقامة الشعائر الحسينية هي من أوجب الواجبات، بيد أن إبلاغ رسالة الحسين (ع) إلى العالم تحظى بأهمية أكبر، ويتأكد هذا الواجب، أي إبلاغ رسالة الحسين (ع)، تجاه أوساط الشباب البعيدين - غالباً - عن عمق وجوهر أهداف النهضة الحسينية، خاصة في ظل هذه الأجواء المسمومة التي يولدها الغزو الثقافي الأجنبي بمختلف صوره وأشكاله.

وجدير ذكره أن الثلث من إجمالي عدد الكنائس في العالم، يمتلك مواقع على شبكة الانترنيت، وهناك خطة تقضي بأن تمتلك جميع الكنائس مواقع على هذه الشبكة المعلوماتية العالمية، على مدى الثلاث سنوات القادمة، بغية نشر المسيحية، ولكن تعالوا لنحصي كم هو عدد المواقع الإسلامية المتصدية لتبليغ أهداف النهضة الحسينية على شبكة الانترنيت؟!!.

ومما يذكر أيضاً أن (إقبال اللاهوري) الذي لم يفت على وفاته أكثر من خمسين سنة، قد ألّفوا بشأنه نحو خمسة آلاف كتاب.. فكم كتاب ألّف في شأن واقعة الطف التي تعدّ - حقاً - أعظم واقعة حدثت على امتداد التاريخ الإنساني برمّته؟!.

إن ثقافة عاشوراء، هي أغنى ثقافة، وأثمن كنز.. وفي الوقت الذي مسّت الحاجة إلى مثل هذه الثقافة العظيمة في وقتنا الراهن، صرنا نقصرها على أوساطنا، في حين يقتضي الواجب منا أن نبلّغ للمدرسة الحسينية في العالم كله، بأية وسيلة ممكنة، ولو عبّر كتيب صغير نجعله في متناول الناس، لكي نكون لصقاً برسالة سيد الشهداء (ع)..

وأسأل الله أن يوفق الجميع في هذا الطريق..

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا