المرجع الكبير آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي (دام ظله) يلتقي وفداً جامعياً نمساوياً

التقى سماحة آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي (دام ظله)وفداً جامعياً نمساوياً يتقدمهم رئيس قسم العمران الإسلامي في الجامعة وكان هذا اللقاء فرصة مناسبة لحديث أدلى به سماحته لهذا اللفيف من الطلبة النمساويين.

وبعد ترحيب سماحته بالوفد الزائر تحدث المرجع عن الإسلام بوصفه أساس الكون الواسع كما أن الإنسان هو الأصل وأصل الإنسان فكره وبما أن أساس العلم هو الفكر فإن العلم من وجهة نظر الإسلام في قمة أولويات المجتمعات والشعوب. ولهذا السبب وأسباب أخرى أعطى الإسلام حيزاً مهماً للإنسان والعلم وفي هذا يقول النبي (صلى الله عليه وآله): (نوم العالم عبادة).

وأضاف المرجع الشيرازي قائلاً: الكلام عن العلم طويل ومتشعب عندنا لكنني سأكتفي بالحديث عن بعض المحطات المشرقة في تاريخ الإسلام وكيفية الإحتفاء بالعلم عندنا في الإسلام قاعدة هي أن النبي (صلى الله عليه وآله) يقول (الناس مسلطون على أنفسهم) كما أن الناس أحرار في سلوكياتهم وتصرفاتهم. لكن هذه القاعدة الفقهية الإنسانية فيها استثناءان:

الأول: لا يحق للإنسان أن يقدم على الانتحار أو يضر نفسه ضرراً بالغاً بمعنى أن يعمل عملاً ويصيب نفسه بمرضٍ خبيثٍ كالسرطان مثلاً.

الثاني: في الحرية عدم جواز التصرف بحقوق الآخرين من دون رضاهم وفي أحاديثنا يقال لا يحق للفرد أن يلمس ثوب الآخر لإدراك نعومة أو خشونة اللباس.

هذا الكلام يؤطر الحرية ويضعها في قوالبها التي تعطي لكل إنسان حقه في الحياة.

المفهوم الآخر الذي أحبذ الحديث فيه هو مفهوم الرحمة في الإسلام وهنا أذكر نماذج من مفهوم الرحمة استقيتها من تاريخ التجربة الإسلامية. النبي (صلّى الله عليه وآله) ابتدأ دعوته من مكة لكن أهل مكة خالفوا الدعوة ووقفوا منها موقفاً سلبياً باستثناء الإمام علي (عليه السلام) تلك المعاداة سببت للنبي (صلّى الله عليه وآله) مشاكل وأزمات كبيرة خلال ثلاثة عشر عاماً وبعد ذلك تواطئ أهل مكة على النبي وأرادوا اغتياله لكن الله تعالى أنجى هذا الرسول منهم فهاجر إلى المدينة المنورة التي تبعد 500 كيلومتراً من مكة. لكن القوى الجاهلية أبقت عدائها وزادته على الدعوة ومن يؤمن بها وبعد أن ترسخت الدولة الإسلامية في المدينة وقويت شوكة الإسلام زحف النبي (صلّى الله عليه وآله) بجيشه إلى مكة ولما فتحها بدخوله العظيم تعامل مع أهل مكة بالرحمة والرأفة وقال لهم: اذهبوا فأنتم الطلقاء.

والتفت المرجع الشيرازي (دام ظله) للوفد قائلاً لهم:

أنتم على أية حال علماء من وجهة نظر الإسلام ورسوله ونومكم عبادة ـ وهذه خلاصة الرأي والتصور الإسلامي كنت أحببت أن أطرحه إليكم وأنا جاهز للرد على أسئلتكم إذا كنتم تودون طرح بعض الأسئلة.

س) نحن أمضينا أسبوعين في إيران ورأينا ضيافة الشعب الإيراني. أين هي الفروقات بين ايران والنمسا، السياسة هناك ليس بها علاقة بالدين وفي ايران ليس كذلك.. ما هو رأيكم؟

أجاب المرجع الشيرازي: السياسة من صميم العمل الديني من وجهة نظرنا السياسة التي تختزن العلم والحرية والرحمة كما أسلفت.

س) كلنا من كلية الهندسة المعمارية وجولتنا تستهدف معاينة الآثار المعمارية. هل يوجد في الإسلام نظرة خاصةً بالنسبة لهذا الاختصاص؟

أجاب سماحة المرجع قائلاً:

في كتاب نهج البلاغة هناك مقاطع ونصوص حول هذا العلم مثل قوله (عليه السلام) (فسر في ديارهم وانظر في آثارهم) كما يوجد في القرآن الكريم وكتب الأحاديث والروايات إشارات إلى جذور وأسس هذه العلوم بالتفصيل.

س) تحدثتم عن العلم كثيراً، ونحن ندرس علم الهندسة المعمارية والمعمارية فن وعلم. برأيكم ما هو هدف العلم؟

أجاب سماحة السيد المرجع قائلاً: هناك حديث قصير عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) مؤداه ميزتان ليس فوق برّهما برّ، الإيمان بالله تعالى والثاني النفع لعباد الله. لهذا فالنفع والخدمة والعلم الذي ينتفع منه عباد الله يرقى في الحقيقة إلى مستوى الإيمان بالله.

س) للعلم عادةً ما تكون نتائج إيجابية لكن ليس لكل علم نتيجة إيجابية مثلاً في موضوع الجينات ما هو نظركم في ذلك؟

أجاب سماحة المرجع:

ليس فقط الإضرار بالآخر محرّم في الإسلام بل التصرف بحق الآخر حرام في الإسلام أيضاً.

س) الكلام حول المقدسات والأماكن الإسلامية المقدسة، لكنكم كلما تكلمتم عن المقدسات يدور الحديث عن مكة والمدينة وهما من المدن المقدسة عند المسلمين. ما هي مكانة بيت القدس عندكم؟

ـ في القرآن الكريم ونهج البلاغة والصحيفة السجادية توجد وجهات نظر مهمة حول تقديس وتكريم بيت المقدس، المسجد الأقصى مكان مقدس قبل الكعبة، ونبي الإسلام (صلّى الله عليه وآله) بدأ يصلي تجاه بيت المقدس وأمضى عليها زمناً من حياته وبعد ذلك نزلت الأحكام الإلهية بالصلاة تجاه الكعبة.

المرحوم الاخ الشيرازي (رضوان الله تعالى عليه) كتب كتاباً مفصلاً حول بيت المقدس وكذلك هناك كتابات للعلماء المسلمين وفي القرآن الكريم آياتٌ سماوية حول بيت المقدس.

وقد ذكر الله تعالى بيت المقدس والكعبة في سطرٍ واحد في سورة الإسراء.

س) قلتم أن هناك ثلاث نقاط في الإسلام، العلم، الحرية، الرحمة، لكننا لا نرى في الدول الإسلامية التي تعيشون أنتم فيها أياً من هذه القواعد والقوانين، لقد لمسنا غير ما تقولون؟

أجاب سماحته قائلاً:

القوانين الموضوعة في الدول لا تحسب على الإسلام ولكل دولة قوانينها التي ليس لها علاقة بالإسلام.

وفي ختام الحوار الذي جرى شكر سماحته الوفد النمساوي الزائر وتمنى لهم الموفقية في رحلتهم. و قدم المرجع الشيرازي مجموعةً من الكتب للوفد النمساوي الزائر وقال لهم:

الكتب التي أهديها لكم أرجو منكم أن تضعوها إلى جانبكم وتقرأونها في أي وقت وعند الفراغ ولو لخمس دقائق فقط وتأملوا وفكّروا في مضامينها ونحن بدورنا نحترم ما تقرّونه وما تفكرون به ونرحّب بانتقاداتكم كذلك.

بعدها قام الوفد بزيارة بيت الامام الراحل الشيرازي قدس سره واطلع على المعيشة الزاهدة التي كان يعيشها قدس سره وكذلك غرفة التاليف وغرفة استقبال الزوار.

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا