اليونسكو تدعو إلى التنوع الثقافي بمناسبة اليوم العالمي للغة الأم

تحتفل اليونسكو اليوم باليوم الدولي للغة الأم. وهو تقليد بدأته هذه المنظمة منذ سنتين عملاً بموقفها الداعي الى الدفاع عن التنوع اللغوي. وبهذه المناسبة سيجري تقديم الطبعة الثانية من «اطلس اللغات المهددة في العالم». ويتيح هذا الاطلس تحديد المواقع الساخنة التي يكون فيها التنوع الثقافي واللغوي في حالة خطر.
وبالاستناد الى الاطلس المذكور، هناك اليوم ثلاثة آلاف لغة مهددة بالخطر في العالم، بمستويات مختلفة، اي ما يعادل نصف لغات كوكبنا. ويعتبر العلماء ان اللغة تدخل مرحلة الخطر حين يتوقف اكثر من ثلاثين في المائة من اولاد الجماعة الناطقة بها عن تعلمها. فقد توارى عدد كبير من اللغات في القرون الثلاثة الماضية، لا سيما في اميركا واستراليا.
ويقول مدير عام اليونسكو كويشيرو ماتسورا في الرسالة التي وجهها بمناسبة الحادي والعشرين من فبراير (شباط) «في هذا اليوم الدولي للغة الام، علينا ان ننظر الى كل اللغات نظرة مساواة لان كل واحدة منها هي جواب فريد للشرط الانساني، كما هي تراث حي يستحق العناية».
وكما ورد في الاطلس فان هناك خمسين لغة مهددة في القارة الاوروبية، بعضها في عداد اللغات المختصرة كما هو الحال في شمال روسيا والبلدان الاسكندنافية. وفي فرنسا وحدها هناك 14 لغة تعيش مرحلة الخطر الحقيقي، اما في سيبيريا فان كل اللغات المحلية، وعددها يقارب الاربعين، هي في طريقها الى الانقراض.
وفي آسيا، لا يزال الوضع غامضا في عدد من مناطق الصين. اما في شبه القارة الهندية، المعروفة بثرائها اللغوي، فقد حافظت معظم اللغات على حيويتها بفضل التوثيق الجيد، والسياسات المتبعة في مجال احترام التنوع الثقافي. مع هذا فان هناك عدداً محدوداً من اللغات الآيلة الى الانقراض في الهمالايا وجبال بامير، في آسيا الوسطى وافغانستان.
وفي منطقة البحر الهادي التي تمتد من اليابان الى استراليا، يتركز ثلث لغات العالم، اغلبها ما زالت حية ونشطة. بيد ان افريقيا هي القارة المجهولة في المجال اللغوي. وما زالت السلطات في عدد من بلدان القارة السوداء تعمل على تعزيز هيمنة اللغات «السائدة»، مثل السواحيلية في شرق افريقيا، واللغات الموروثة من المراحل الاستعمارية. ويقدر الاطلس بان هناك حوالي 250 لغة مهددة في افريقيا، وبين 500 الى 600 لغة في مرحلة تقهقر من اصل 1400 لغة محلية.
وفي اميركا الشمالية تمكنت لغات قليلة من الصمود امام زحف الانجليزية والفرنسية. غير ان كندا تعمل منذ سنوات على تشجيع سياسة الحفاظ على اللغات القديمة. ومن اصل 104 لغات هندية ـ اميركية هناك 19 في حالة احتضار و28 لغة مهددة. ولا تزال في الولايات المتحدة 150 لغة هندية قديمة في حالة تشبه الموت، رغم ان سياسة تهميش هذه اللغات اخذت تتراجع في السبعينات من القرن الماضي، قبل ان تعاود هيمنتها خلال الثمانينات مع سياسة «الانجليزية فقط». وتؤكد تجارب العلماء ان بالامكان انقاذ اللغات المهددة او التي في طريقها الى الانقراض، او حتى الميتة، عبر اعتماد سياسة ايجابية، كما حصل في اليابان وانجلترا. لقد كان عدد الناطقين بلغة «الاينو» في جزيرة هوكايرو اليابانية ثمانية اشخاص فقط في نهاية الثمانينات من القرن الماضي. لكن هذه اللغة بدأت تنتعش مجدداً بعد سنوات من الاقصاء والتجاهل، وجرى افتتاح متحف للغة «الاينو» يقدم دروساً للشبان والشابات المقبلين على تعلمها. وفي انجلترا انقرضت لغة «كورنيك» منذ عام 1777، وتم احياؤها في السنوات الماضية. وهناك اليوم الف ناطق بها كلغة ثانية.

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا