الشيخ محمد علي المحفوظ في لقاء مع صحيفة الأيام البحرينية

جمعياتنا ستكون مفتوحة لمختلف الأفراد

نتحرك من خلال المنطلق الديني ولا نخشى الانفتاح على أية جهة

ندعو لقيام مؤسسات تشريعية قائمة على أسس دينية وحضارية

يسعى حوالي 40 ناشطا اسلاميا لتشكيل جمعية سياسية جديدة من المتوقع أن يقدم مؤسسوها طلب اشهارها قريبا .. وقال الشيخ محمد علي المحفوظ في حوار مع ( الأيام ) أن الجمعية التي لم يطلق عليها اسم " محدد " بعد .. ستدعو إلى اطلاق الحريات وصيانة الحقوق الإنسانية وتحقيق العدل والمساواة .. وقال الشيخ المحفوظ الذي عاد إلى البحرين في ابريل الماضي بعد ان امضى 21 عاما في الخارج أن الاجواء الايجابية التي تسود البلاد حاليا تشجع الناس على التعامل مع الأحداث والقضايا العامة بشكل واضح .. وقال اننا مع أي عمل ايجابي يعمل على رفع القيود عن الناس ويبعد شبح الخوف عنهم مشيرا إلى أن الطريق لا يزال طويلا من أجل صياغة حالة ديموقراطية سليمة ونوه إلى ان حركة جماهيرية لا يمكنها ان تعمل بمعزل عن الناس أو بعيدا عنهم أو خلافا لمصالحهم .. داعيا لقيام مؤسسات تشريعية قائمة على أسس دينية وحضارية وتمكينها من الرقابة والمحاسبة هنا نص الحوار :

* كانت التنظيمات السرية في عهد قانون أمن الدولة محور عمل الحركات السياسية لكن الانفراج الذي احدثه المشروع الإصلاحي سمح بوجود قنوات رسمية وشرعية مثل الجمعيات وبالتالي قد يكون من المفيد ممارسة العمل السياسي في شكله العلني .. أليس كذلك ؟

- الحقيقة إن مبدأ الحرية هو أحد الأصول الهامة التي دعت إليها تعاليم الإسلام حيث جاء في الآية الكريمة " ويضع عنهم اصرهم والأغلال التي كانت عليهم " وفي آيات أخرى ( لا إكراه في الدين ) .. ( إنما انت مذكر لست عليهم بمسيطر ) . فإذا ما أطلقت ورفعت القيود لا شك أن الناس يفضلون العمل العلني والانفتاح والتعامل المباشر مع بعضهم البعض ، ونحن ننطلق من التوجهات الدينية ومن دعوة الاسلام إلى القيم والتمسك بالفضائل الإنسانية ومنها حريات الرأي والتعبير والكلمة ، اضافة للحريات الأخرى المتعلقة بالقضايا الاقتصادي والسفر والانتقال .. إلخ . لكن الظروف والمناخ غير المناسب الذي كان يسود الساحة خلال فترات زمنية معينة قد اضطرت المجتمع للعمل السري بعيدا عن العلنية لحماية نفسه ولذلك لجأ إلى الهمس بدلا من التصريح وإلى السرية عوضا عن العلنية خوفا من الاجراءات التي قد تتخذ بحقهم .. ومن هنا نجد ان المجتمعات المتقدمة تعمل على توفير الاجواء المناسبة للممارسة السياسية كما تعمل المنظمات السياسية والحقوقية على تعزيز الحريات حتى يتمكن الناس من إبداء رأيهم بلا خوف وبلا قيود ، ولاشك أن الأجواء الايجابية التي تسود البلاد حاليا والتي تحتاج لحمياتها وتعزيزها تشجع الناس على التعامل مع الأحداث والقضايا العامة بشكل واضح

* كنتم تنتمون لإحدى الحركات السياسية الاسلامية ، هل تعتبرون أنفسكم محل ارتباط عضوي بتلك الحركة حاليا أم اصبحتم تفضلون الممارسة السياسية العلنية .

- لا شك أن أي حركة تتمنى أن تكون منفتحة على الناس وتعمل في أوساطهم علنا من أجل النهوض بالمجتمع وتحقيق طموحاته ولذلك نحن نرى أن العمل العلني هو الأصل ، ولذا فإننا ندعو إلى تعزيز الحريات ومبدأ العدالة والمساواة والديموقراطية وصيانة حقوق الإنسان ومثل هذه القضايا لا يحتاج من يتبناها إلى إخفائها خاصة إذا كانت الاجواء سليمة وإيجابية والمناخات صحية بعيدا عن الخوف والرهبة من التعبير عن الرأي

* قصدت من سؤالي السابق ما أشيع حول تخليكم عن منصبكم كأمين عام لإحدى الحركات الإسلامية حين عودتكم إلى البلاد في أبريل الماضي .. هل من توضيح في هذا الشأن ؟

- يمكن للإنسان أن يقوم بمسئولياته الدينية والاجتماعية من أي موقع حسب ما يتناسب مع الظروف والمناخات السياسية الموجودة مما يعني أن الاسماء والشعارات ليست ذات دلالة أو أهمية بقدر ما هو الجوهر والمضمون فكيف تعمل وأين وفي أي موقع وتحت أي مسمى لا يمثل الأهمية ، لأن التركيز يكون على مضمون ما يتحقق لمنفعة الناس .

* لوحظ أن الفصيل الإسلامي الذي ينتمي في أفكاره ورؤاه الفكرية والسياسية والفقهية لسماحة السيد محمد الشيرازي رحمه الله لم يعلن موقفا واضحا من الاصلاحات السياسية مع أن الفصائل الإسلامية الأخرى وتلك التي تقع داخل منظومة التيار الوطني أعلنت موقفها بصراحة من بعض القضايا بماذا تعلقون على ذلك ؟

- أساسا إن سماحة الإمام الشيرازي كان يركز على مجموعة حضارية يراها من ضرورية لنهضة أي أمة ونحن نتفق معه في ذلك حيث كان يتحدث دائما عن الحريات وذكر في احد كتبه أن في الإسلام مائة نوع من الحريات ، كما أصّل للحرية كما هو الحال بالنسبة لأصل الطهارة في الإسلام وجعل من القانون أصلا أيضا ، ومن الشورى ضرورة في الأمور الصغيرة والكبيرة " وأمرهم شورى بينهم " وتحدث عن الأخوة كأحد المبادئ مستشهدا بالأية الكريمة " إنما المؤمنون أخوة " وكما يقول الإمام علي عليه السلام ( الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق ) .. فالمجتمع القائم على الأخوة الدينية والأخوة الإنسانية هو مجمتع حضاري كما دعا الإمام الشيرازي إلى الأمة الواحدة من خلال ارتباط مصالح وتطلعات مجتمعاتها . فالإمام انطلق إذن من قيم الدين والإسلام وآيات القرآن الكريم وأحاديث الإئمة المعصومين عليهم السلام . ولا شك أن هذه القيم والمبادئ تمثل طموحات وتطلعات أي مجتمع يسعى للرقي والنهوض ونحن نرى أن نهوض مجتمعنا يتطلب العمل على تعزيز تلك المبادئ وتفعيلها تفعيلا كافيا حتى يتمكن الناس من التحرك في أجواء مناسبة وسلمية ، ولذلك فإننا مع أي تفعيل لهذه القيم حتى لو كان تفعيلا جزئيا إذا كان جادا وصادقا لأننا ببساطة نعمل أساسا من أجل وجود هذه المبادئ وحركتنا السياسية قامت أصلا عليها

* أعقتد بان أجابتكم بخصوص موقفكم من الإصلاحات لا تزال غير واضحة أليس كذلك !

- لقد اشرنا إلى أننا مع أي عمل إيجابي لرفع القيود عن الناس وإبعاد شبح الخوف عنهم ومع تعزيز الحريات السياسية والمدنية وإبداء الرأي لمن يريد أن يؤيد أو يعارض .

* لنتحدث من موقع آخر .. مع دخولنا في شهر فبراير تكون البحرين قد أكملت عاما كاملا من التصويت على ميثاق العمل الوطني .. كيف تنظرون لإداء المشروع الإصلاحي الذي انطلق من الميثاق .

- لا شك أن الناس يشعرون أن كابوسا قد أزيح عن صدورهم وهو شبح الاعتقال السياسي الذي كان سائدا خلال السنوات الماضية من خلال قانون أمن الدولة وإزاحة مثل هذا يعبر عن توجه ايجابي لكن الناس ينتظرون المزيد أيضا .. فالطريق لا يزال طويلا من أجل صياغة حالة ديموقراطية سليمة تحتاج إلى حضور فاعل من قبل الناس والقوى السياسية في الساحة .. كما إننا نتطلع وكذلك الشارع لتجاوز حالة الغموض بالنسبة لعلاقة المجلسين المعين والمنتخب .. كما يتمنى الناس الأخذ بتوصيات لجنة تفعيل الميثاق خاصة تلك التي تتعلق بتطوير الوضع السياسي وتعزيز المشاركة الشعبية في اتخاذ القرارات والرقابة والمحاسبة .. أما في ملف البطالة فهناك مخازن كبيرة من الفشل في علاجها لا سيما وأنني اطلعت على تقرير صحافي محلي يقول أن نسبة البطالة بين المواطنين قد ازدادت من 13 ألف إلى 16 ألفا بين 1991 و 2001 بينما انخفضت في صفوف غير المواطنين .

ونحن نتطلع لتجاوز وإزالة الغبن الموجود في أي موقع وبحق أي شخص بغض النظر عن مذهبه

* هناك ثمة من يعتقد بابتعادكم أي ابتعاد خطكم السياسي إلى حد كبير عن الساحة السياسية خلال فترة المطالبة بعودة المجلس الوطني .. هل كان لذلك علاقة بقرار سابق ؟

- لا اتصور أننا كنا يوما من الأيام بعيدين عن هموم الناس ومشاكلهم بل كنا دائما في قلب الأحداث نعمل بروح إيجابية من أجل وحدة الصف الوطني وتلاحم قوى المعارضة المختلفة من أجل مصلحة الناس ، ولكننا كنا نؤكد في ذات الوقت على حرية الرأي والاختيار ونرى أن من حق أي طرف أو جهة سواء فردا أو جماعتة عاملة تبدي رأيها في أي قضية بكل صراحة ووضوح ولذلك فإن ما يشار إلى عدم وجودنا أو غيابنا ليس صحيحا وكل المراقبين يشهدون بذلك وكنا نرى بعيدا عن التسميات والشعارات والعناوين أن المناخات السياسية السليمة هي التي توفر أجواء العمل الإيجابي المثمر ولا بد أن تكون هذه المناخات قائمة على إطلاق الحريات السياسية والمدنية وحرية الرأي والتعبير ، فإذا ما وجدت هذه الأسس فيمكن لأي مشروع سياسي أن ينجح ويمكن للمعارضة أن تقوم بدورها الإيجابي والفعال من أجل مصلحة الناس والمواطن ، ولكن إذا غابت هذه الأسس أو فقدت فإنه من الصعوبة بمكان أن تعمل أي معارضة لأن الحرية للناس والمعارضة على وجه الخصوص كالماء بالنسبة للسمك

* في الوقت الذي كانت تؤمن فيه حركتكم بالسلطة الإسلامية وترفض الحلول الإصلاحية بما فيها تلك التي تتعلق بالمؤسسة التشريعية نراها تعود ثانية لتعتبر تلك المؤسسة أحد أدوات التغيير . ألا يتعتبر ذلك تخليا ً عن بعض الثوابت الاستراتيجية ؟

- لا يمكن لأي حركة جماهيرية أن تعمل بمعزل عن الناس أو بعيدا عنهم أو خلافا لمصالحهم بل العكس من ذلك فإنها تسعى لتحقيق طموحاتهم وتطلعاتهم ، وأساسا فإن دعوة الإسلام قائمة على الصلاح والإصلاح حيث يقول عز وجل (( إنما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم )) ويقول الإمام الحسين عليه السلام " إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي (ص) أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر " .. ونحن ننطلق من هذه المبادئ وهذه القيم ، فكيف لحركة سياسية إسلامية أن ترفض الإصلاح ؟ نحن مع التشريع والقانون الذي يحترم الناس ويقوم أساسا من أجل مصلحتهم ويشاركون في صياغته ويقترحون عليه ، ولذلك فإننا ندعو لمؤسسات تشريعية قائمة على أسس دينية وحضارية بحيث تتمكن من ممارسة دورها بشكل فاعل في الرقابة والمحاسبة ، وعلينا أن نستفيد من تجارب الدول المتقدمة في هذا الصدد من حيث الفصل بين السلطات الثلاث .

* ما مدى صحة ما يثار حول تقدمكم لتأسيس جمعية سياسية ورفض وزارة العمل لها تحفظا على بعض مواد نظامها السياسي ؟ وهل يعتزم توجهكم السياسي تشكيل تكتل في صورة جمعية أو طرح برنامج انتخابي للدخول إلى الحياة السياسية عبر بوابة المجلس النيابي المرتقب ؟

- لا صحة لما يقال في هذا الصدد إطلاقا ً .. فنحن لم نتقدم بعد بطلب رسمي لكن الأخوة يعكفون حاليا ً على وضع مسودة للنظام الأساسي لتشكيل جميعة سياسية ، وإن شاء الله سوف نتقدم لوزارة العمل قريبا ً لإشهارها ، ويتركز طرح الجمعية التي لم يطلق اسم محدد لها حتى الآن على مجموعة من القيم والمبادئ التي تدعو إلى إلى إطلاق الحريات وصيانة الحقوق الإنسانية وتحقيق مبدأ العدالة والمساواة والتوزيع العادل للثروة وبناء مجتمع ديموقراطي قائم على القيم والأخلاق في ظل دولة القانون والمؤسسات .

* هل ستكون الجمعية مفتوحة لجميع المواطنين ؟

- نحن نؤمن بالأمة الواحدة ولذلك ننطلق من القيم التي تدعو لاحترام الإنسان كونه إنسانا ً " الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق " ، ولذلك فإن الباب سيكون مفتوحا لمختلف الأفراد للإنضمام للجميعة طالما يحملون إرادة خيرة لخدمة هذا البلد بغض النظر عن توجههم السياسي أو مذهبهم الديني .

* إذن طرحكم لبرنامج انتخابي وارد جدا ؟

- نحن ننظر إلى الأمر من زاوية أخرى وهو ان البرنامج الانتخابي يجب ألا يكون قائما على أسس حزبية وسياسية ضيقة ومجردة حيث أن المسألة تتعلق بتحريك المجتمع وحرص الناس على المشاركة السياسية والحضور الفاعل فيها من أجل خلق وترسيخ حالة الوعي في المجتمع .

* إلى أي مدى ستعمل جمعيتكم على التنسيق والتعاون مع الجمعيات الأخرى في ظل اختلاف رؤاكم ونهجكم السياسي عنها ؟

- لأننا ننطلق من مبادئ وقيم راسخة ونعتبر أن حركتنا امتداد لحركة الأنبياء والأئمة حيث نتحرك من خلال المنطلق الديني المنفتح على الواقع الاجتماعي فإننا لا نخشى من الانفتاح على أي جهة استنادا ً إلى الآية (( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان )) وأيضا الآية (( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا ً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم )) . ولذلك فإننا نرى أن الانفتاح على الآخرين الذي هو حق طبيعي يعبر عن ضرورة استراتيجية إما لكي نوضح آراءنا ومفاهيمنا ومواقفنا أو لنتعلم منهم .. انطلاقا من الحديث الشريف " الحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها التقطها " . وفي ضوء ذلك فإننا نرى ضرورة انفتاح القوى السياسية على بعضها البعض من أجل تعزيز الموقف الشعبي وصياغة واقع سياسي حضاري .. وهذا على المستوى المحلي ، أما على المستوى الخارجي فإننا سنذهب إلى أبعد من ذلك من حيث الانفتاح على الشعوب الأخرى والاستفادة من تجاربهم والتعلم منهم واطلاعهم على آرائنا ومواقفنا .

* ماذا يعني انضمام بعض العناصر المحسوبة على حركتكم إلى جمعية الوفاق الوطنية الاسلامية ؟

- لأن عملنا وانتماء أخوتنا لحركتنا هو انتماء قائم على حرية الرأي والأختيار والتكليف الشرعي وتحمل المسؤوليات فإننا نترك الأختيار لأخواننا لأن يعملوا في أي موقع من المواقع يرونه مناسبا لخدمة الناس ، سواء من خلال مؤسساتنا التي تعمل داخل اطارنا السياسي أو حتى عبر مؤسسات أخرى ، وهو ما يعزز انفتاحنا على الساحة وعدم تعصبنا وانكفاءنا الذي قد يؤخذ على آخرين .

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا