عودة إلى صفحة مكتبة النبأ

إتصلوا بنا

شارك في الكتابة

الأعداد السابقة

الصفحة الرئيسية

 
 

وانطوت صفحة لتبدأ أخرى

لم يكن يعرف هذا الرجل العظيم الكلل والملل، بل كان دائماً في خدمة الدين والإسلام حتى آخر نفس منه، ولم يكن يعرف اليأس في حياته، ولذا كانت طموحاته دائماً كبيرة، ولكنها أصبحت بحجم الدنيا في أيامه الأخيرة، كان يتمنى أن يهدي جميع المسيحيين إلى الإسلام، وكان حتى الليلة الأخيرة من حياته يمارس نشاطاته الدينية، فقد ألقى ليلة عيد الفطر خطاباً على مجموعة من النساء وكان محور الحديث حول (التقوى، والموت، والصبر) ثم أوصاهن بعشر وصايا دينية، وقد ترجمت هذه المحاضرة إلى اللغة العربية وطبعت.

وكان يحس ويعرف بقرب وفاته ورحيله إلى العالم الآخر، فقد جاءت إليه إحدى بناته تودعه وتسافر إلى الكويت،وصادف أن سعل بقوة، فقالت له ابنته: خير إن شاء الله، فردّ عليها قائلاً: لقد نوديَ عليّ بالرحيل، فقالت: بعد عمر طويل إن شاء الله، فرد عليها: هاهو عزرائيل صار يزورنا هذه الأيام !!  وكانت هذه الحادثة قبل وفاته بعشرة أيام.

ليلة العيد قضى سماحته (قدس سره) معظم الليل في استقبال شهود الهلال، وقد أعلن عن ثبوت الهلال بعد أن توارت عليه الأدلة والشهادات.

وقد اتصلت به شخصّياً ليلة العيد قرابة الساعة الثامنة ليلاً، وسألته عن ثبوت الهلال، فقال: لم يثبت إلى الآن ولكنه قال: لقد ثبت في الكويت وبعض المناطق عندكم، ثم سألني: وكيف عندكم ؟ فأجبته، فلما أردت إقفال خط الهاتف قال لي:

وكيف حال الأصدقاء، سلّم عليهم وكأنه كان يعلم بدنوّ الرحيل. بعد أن استقبل الشهود وأعلن عن ثبوت الهلال ذهب ليلقي آخر محاضرة له في حياته، ليرجع بعدها إلى غرفته الخاصة منهكاً بعد أن أدّى آخر رسالة في حياته.

كانت الساعة تشير إلى الثانية فجراً عندما دقت ساعة الرحيل إلى الله، فسقط في فراشه إثر جلطة دماغية، كان يشعر بما حوله، إلا أنه لم يكن يستطيع الكلام، ثم نقلوه إلى المستشفى وراح في غيبوبة طويلة لم يرجع منها أبداً، وهكذا توقف القلب الذي حمل هموم الأمة ورحل الإمام السيد الشيرازي بعد رحلة حصاد طويلة، ومعاناة مريرة، رحل هذا الرجل العظيم الذي طالما خدم الدين والناس، وأعطى من حياته  كل حياته بعد كتابة أكثر من 1500 كتاباً وتأسيس 750 مؤسسة تقريباً وتربية الآلاف الآلاف من العلماء والفقهاء والخطباء والأدباء والمفكرين وغيرهم. ولكن هل تتوقف المسيرة ؟ وهل تطوى بهذا رحلة الجهاد والعطاء ؟ بالطبع لا، فقد كان له رفيق درب، وكان له ساعد يمين وكان له مناصر عُرف بالعلم والأخلاق والجهاد، رافق أخاه طوال حياته من الصغر حتى الكبر، ومن الحياة حتى الممات.

إنه المرجع الديني آية الله العظمى الورع التقي السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله الوارف) هذا الرجل الذي عُرف عنه بالزهد والورع والتقوى كأخيه الراحل (قدس سره الشريف) هذا الرجل الذي رافق أخاه في كل مراحله ولم يفترق عنه لا في كربلاء المقدسة ولا في الكويت ولا في قم المقدسة.

هذا الرجل الذي كتب عنه سماحة الإمام المرجع الراحل بأنه بلغ درجة سامية من الإجتهاد.

هذا الرجل الذي كتب عنه أهل الخبرة من المجتهدين والمراجع هذا الرجل الذي كان الناصر لأخيه، والمرافق لدربه، والعارف بكل صغيرة وكبيرة في حياته، والذي لم يفارق أخاه حتى آخر لحظاته.

هذا الرجل الكفء، وصاحب العلم الغزير، فمن هو آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) ؟