عودة إلى صفحة مكتبة النبأ

إتصلوا بنا

شارك في الكتابة

الأعداد السابقة

الصفحة الرئيسية

 
 

الاستنساخ البشري في رأي الإمام الشيرازي (قده)

إعداد: صادق جعفر الحسن

المقدمة

لا شك أن الخالق سبحانه وتعالى جعل نعمة التكاثر بين الكائنات الحية في أحسن تقويم وقسم هذه النعمة إلى مراحل تبدأ من طلب الشهوة والجماع لتتصارع الحيوانات المنوية فيما بينها ليفوز الأقوى منها بالبويضة الأنثوية ويُزف إليها معلناً بذلك ابتداء الحمل.

ثم تبدأ المرحلة الثانية وتبني الأم خلالها علاقة حميمة مع جنينها إلى أن تتم مراحل التكوين ويقرع ناقوس الصراع الدموي بين الأم ووليدها ليدفع فيه كل منهما الآخر إلى الفراق بحرب تكون قريبة من زفرات الموت ألا وهي عملية الطلق والولادة. ويمكن تفسير تلك العملية بأنها إحدى وسائل التحكم بالنسل وعدم الإسراف فيه.

أما ما يتبع عملية الولادة من رضاع وحضانة بعيداً عن تدخل الزوج فما هي إلا عملية مصالحة وعودة علاقات تنسى الأم فيها جميع الصراعات بينها وبين وليدها طوال فترة الحمل والولادة ليتجدد حب التكاثر في الخليقة من جديد.

تلك هي السلسلة الطبيعية المتكاملة في عملية التكاثر والتي أوجدها البارئ عز وجل، جاء بعدها الإنسان بما وهبه الله من علم ليكشف طرقاً أخرى تتم فيها عملية التكاثر للسلاسل غير المتكاملة منها طفل الأنبوب وزرع الجنين وآخرها الاستنساخ وقد يكتشف أو يبتكر الإنسان طرقاً أخرى لا نعلمها اليوم ولكن ما دامت تلك العمليات المستحدثة إما مختصرة أو خارجة عن المسار الطبيعي للتكاثر الذي أوجده الخالق عز وجل فلا يستبعد كثرة صعابها وبعدها عن الكمال المطلوب.

الاستنساخ

العالم قرية صغيرة والأخبار تنتقل في غضون دقائق إلى أرجاء المعمورة.

وحديث الساعة اليوم بما يخص علم الأحياء هو قضية الاستنساخ فقد تداولت وسائل الإعلام المختلفة من صحف ومجلات ووكالات أنباء هذه القضية المهمة فأشبعوها تحليلاً وبحثاً؛ مما دعا طبقات المجتمع العالمي إلى المشاركة كلاً حسب وجهته فمنهم من استفسر ومنهم من أبدى رأيه وأدلى بدلوه فضجت الصحف والمجلات والإذاعات والبرامج التلفزيونية بالتحليلات العلمية والإخبارية إما كسبق صحفي أو لإشباع رغبات أولئك المتعطشين للمعرفة. وتدخلت حكومات بعض الدول الغربية كالمملكة المتحدة وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية باتخاذ قرار سياسي يحظر الخوض في هذا المجال بالنسبة إلى الجنس البشري. ولم يتقاعس رجال الدين الأفاضل عن الخوض في هذا المجال فأفتى بعضهم بحرمة الاستنساخ قبل وضوح الصورة، وأصدر البعض حكمه بإقامة الحد لمرتكب عملية الاستنساخ البشري واعتبرها فساداً في الأرض.

ولم يكن آية الله العظمى الإمام السيد محمد الشيرازي (قدس سره) بعيداً عن مسرح الأحداث بل لم يكن هذا الأمر جديداً أو غائباً عن علم الأمة وعالمها، فقد خاض سماحته في حيثيات هذا الأمر قبل وقوعه بثلاثين عاماً في كتابه (ألف مسألة متجددة) كما قام قبل خمس سنوات بوضع تعليقات فقهية لتوضيح الرأي والدليل على نفس المسائل وجعلها جزءاً من كتابه (الفقه) الموسوعة الاستدلالية في الفقه الإسلامي التي تربو عدد أجزائها على المائة وخمسين مجلداً من القطع الكبير والتي تعتبر من أكبر الموسوعات الإسلامية الفقهية في العالم.

كان لي شرف الإلتقاء بسيدي في عرينه كان ذلك في منزله المتواضع بنياناً والرفيع مكانةً في مدينة قم المقدسة في يوم الثلاثاء الموافق 15/4/1996م سبقه لقاء تمهيدي مع أخيه الفاضل آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي (دام ظله) طرحت ما جال في فكري وخاطري من أسئلة تخص حديث الساعة (الاستنساخ) وبعض القضايا الأخرى فوجدت نفسي قطرة ماء أمام بحر من العلم وصدور رحبة وعلوم وفيرة نبعها مدارس آيات.

ثم رجعت إلى الكويت محملاً بالجواب الشافي من حرقة السؤال وبالماء المعين الروي فوجدت أهل الكويت متعطشين إلى تلك الأجوبة بل تعدى العطش أهل الكويت ليشمل دول أوروبا وأميركا حيث توالت الطلبات على أجوبة مسائل الاستنساخ لعل وعسى أن يرتوي عطشهم الفكري والشرعي.

وما أن وصلت إلى الكويت حتى طلب مني بعض العلماء الأفاضل أن أجمع أجوبة استفتاءات الاستنساخ في كتيب صغير ليشتمل على الأسئلة الموجهة إلى آية الله العظمى الإمام الشيرازي وأجوبته الشريفة عليها مع إضافة بعض المسائل المرتبطة بنفس الموضوع نقلاً عن كتاب المسائل المتجددة لتعم الفائدة ويكتمل الموضوع فبتأييدهم وإرشادهم رأى هذا الكتاب النور واستعنت بالله على ذلك.

ما هي عملية الإستنساخ؟

هي عملية قام بها علماء الأحياء بأخذ خلية حية من حيوان وزرعها في رحم أنثى ذلك الحيوان للحصول على مولود نسخة طبق الأصل من ذلك الحيوان بالتوالد اللاجنسي.

في حالة النعجة (دوللي) فإن الخلايا التي أراد العلماء استنساخها أخذت من ضرع نعجة حامل ولمنع إنقسام هذه الخلايا قام العلماء بتجويع تلك الخلايا لمدة أسبوع واستجابة لمنع كافة المغذيات عن هذه الخلايا أصيبت تلك الخلايا بحالة خمول وكانت بمثابة سبات عميق وسكون. وعند هذه النقطة اتبع الدكتور (ويلموت) وزملاؤه تقنية الاستنساخ الرئيسية المعروفة (بالنقل النووي) لقد قاموا بأخذ بيضة غير مخصبة (أو قبل أن تنضج) من نعجة أخرى وأفرغوها من نواتها مع ترك السيتيوبلازم مفتتا ثم وضعوا تلك البيضة المفرغة من النواة إلى جانب نواة الخلية الساكنة التي أخذوها من ضرع النعجة وأخضعوها لذبذبات كهربائية خفيفة. وهذه الذبذبات دفعت البيضة المفرغة لتقبل النواة الجديدة وكل ما تحتويه من أحماض نووية أمينية (دي. أن. أيه) وهكذا تم الإلتحام بين الخليتين وبدأ الإنقسام الطبيعي للخلية الجديدة. الأمر الذي يطلق صافرة البداية لحدوث عملية فصل الخلية واستنساخها وبعد اسبوع من ذلك فإن الجنين الذي بدأ بالنمو فعلاً (وأصبح دوللي فيما بعد) تم زرعه في رحم النعجة البديلة وبعد الولادة كانت النعجة المولودة نسخة من أمها التي أخذت الخلايا من ضرعها.

السيتيوبلازم: هو مادة لزجة شبه سائلة معقدة التركيب تشبه زلال البيض إلا أنها غير متجانسة لوجود مواد صلبة فيها تعطيها شكلاً حبيبياً وهو نظام كيميائي معقد عجز العلماء عن تقليده ويقوم السيتيوبلازم بجميع مظاهر الحياة عدا التكاثر.

النواة: هي أهم جزء من أجزاء الخلية وتتكون من غشاء به ثقوب عديدة تؤمن مرور المواد عبره ويعرف باسم الغشاء النووي، ويوجد بداخل النواة سائل يعرف بالسائل النووي.

السائل النووي: هو مادة هلامية القوام تسبح فيه النوية والشبكة النووية.

النوية: جسم داكن كروي مسؤول عن تكوين البروتين داخل النواة.

الشبكة النووية: تتكون من البروتينات وجزيئات الحمض النووي (دي. أن. أيه) الذي يقوم بالسيطرة على الأعمال الحيوية في الخلية ويحمل الصفات الوراثية وهي مكونة من خيوط تعرف بالكروموسومات وتسمى جزيئات (دي. أن. أيه) التي تحمل الصفات الوراثية بالجينات وتكون محمولة على الكروموسومات.

والآن لو راجعنا كلمة (نسخ) أو (استنسخ) في معناها اللغوي يجيبنا أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الاصفهاني المتوفي سنة (502هـ) في كتابة المعروف بالمفردات في غريب القرآن فيقول:

نسخ: النسخ إزالة شيء بشيء يتعقبه كنسخ الشمس الظل، الظل الشمس، الشيب الشباب، فتارة يفهم منه الإزالة وتارة يفهم منه الإثبات، وتارة يفهم منه الأمران ونسخ الكتاب إزالة الحكم بحكم يتعقبه، قال تعالى: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها) .

قيل معناه ما نزيل العمل بها أو نحذفها عن قلوب العباد، وقيل معناه ما نوجده وننزله من قولهم نسخت الكتاب، ولم ننسأه أي نؤخره فلم ننزله

(فينسخ الله ما يلقي الشيطان) .

ونسخ الكتاب نقل صورته المجردة إلى كتاب آخر وذلك لا يقتضي إزالة الصورة الأولى بل يقتضي إثبات مثلها في مادة أخرى كإتخاذ نقش الخاتم في شموع كثيرة، والاستنساخ التقدم بنسخ الشيء والترشح للنسخ وقد يعبر بالنسخ عن الاستنساخ قال تعالى: (إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون) .

والمناسخة في الميراث هو أن يموت ورثة بعد ورثة والميراث قائم لم يقسم وتناسخ الأزمنة والقرون مضي قوم بعد قوم يخلفهم، والقائلون بالتناسخ قوم ينكرون البعث على ما ثبتته الشريعة ويزعمون أن الأرواح تنتقل إلى الأجسام على التأبيد (1هـ).

بعد هذه المقدمة نبدأ بطرح الأسئلة الاستفتائية والأجوبة عليها مع إعطاء شرح موجز لتوضيح الأمر.

سماحة المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي قدس سره..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أرجو التكرم بالإجابة على الأسئلة التالية:

* المسألة (1): هل تجوز عملية الاستنساخ البشري؟

الجواب: (بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

الأصل الجواز إلا أن يكون محذور شرعي(1) في ذلك مثل اختلال النظام)(2).

(1) المحذور الشرعي: أن يقوم الفرد أو الجماعة بعمل يترتب عليه انتهاك الضوابط الشرعية التي وضعها الله تعالى للمجتمع.

(2) اختلال النظام: أن يقوم الفرد أو الجماعة بعمل يترتب عليه اضطراب الوضع الاجتماعي والإخلال بالنظام الطبيعي الذي ارتضاه الله سبحانه للمجتمع.

* المسألة (2): ما حكم المولود؟

الجواب: (يكون ولداً للطرفين إذا كانا زوجين حيين وإلا كان بحكم ولد الشبهة).

(تعريف الشبهة: وطي الشبهة ما ليس بنكاح صحيح ولا بزنا، ولذا عرفوا الشبهة بأنها الوطي الذي ليس بمستحق في نفس الأمر، مع اعتقاد فاعله الاستحقاق أو صدوره عنه بجهالة مغتفرة في الشرع أو مع ارتفاع التكليف بسبب غير محرم) .

* المسألة (3): هل يجوز زرع خلية نفس المرأة في بويضتها؟.

الجواب: (كما ذكرنا في المسألة الأولى).

الأصل الجواز إلا إن يكون محذور شرعي في ذلك مثل اختلال النظام.

* المسألة (4): هل يجوز زرع خلية الرجل في رحم زوجته؟.

الجواب: (لا بأس).

* المسألة (5): هل يجوز زرع خلية امرأة في بويضة امرأة أخرى؟

الجواب: (الأصل الجواز، إلا إذا كان محذور).

* المسألة (6): هل يجوز زرع خلية غير الزوج في رحم المرأة؟

الجواب: (لا يجوز).

* المسألة (7): إذا أخذنا خلية ابنة زنا واستنسخت فهل تكون البنت المستنسخة طاهرة المولد أم ابنة زنا أيضاً مثل أمها؟.

الجواب: (يكون ولد الحلال إذا كان بين الزوجين أي ابنة زنا صارت زوجة شرعية لإنسان أو ابن زنا صار زوجاً شرعياً لامرأة).

فولدهما من الاستنساخ أو غيره ولد حلال، أما البنت المستنسخة من ابنة الزنا تكون ابنتها لا ابنة زنا كما ستذكر في مسألة (13).

* المسألة (8): هل يكون الطفل المستنسخ طاهراً أم لا؟.

الجواب: (طاهر).

* المسألة (9): لو استنسخنا سيداً مثلاً فهل يكون الطفل المستنسخ سيداً أيضاً؟.

الجواب: (إذا كان والده سيداً، كان الولد سيداً).

* المسألة (10): لو استخدمنا خلية الابن الأكبر وزرعت في بويضة الأم فخرج المولود مشابه الابن الأكبر فهل يكون المولود المستنسخ:

أ- توأم أخيه؟

الجواب: (يكون كما لو زنا الولد الأكبر بأمه شبهة يكون المولود منها ولداً للأم وأخاً لأبيه).

ب- نفس أخيه؟

الجواب: (كلا).

ج- وما حكم الإرث له من الأقارب؟

الجواب: (يكون كولد الشبهة في الإرث، فإنه ليس ولد حرام الذي لا يرث).

(فولد الزنا من الطرفين لا توارث بينه وبين طرفيه وإنما التوارث بينه وبين أولاده وزوجته والمعتق والضامن والإمام عليه السلام أما إذا كان من طرف دون آخر بأن كان الآخر شبهة حصل التوارث بينه وبين الشبهة لما دل على أنه كالحلال...

والظاهر أن الحكم كذلك أي يقع التوارث بين الولد وغير الزاني منهما إذا كان الوطي بإكراه أو اضطرار، أو في حالة نوم، أو فقد وعي أحدهما لأنه ليس بزنا من ذلك الطرف فيشمله دليل انه ولد كما لو قالوا بشمول أدلة الآباء والأمهات والأولاد ونحوهم في الزنا وإنما الشارع منع عن الأرث) .

فمعنى ذلك أن الولد يرث من أمه ويرث من طرف أبيه الذي هو أخوه لأنه كولد الشبهة.

* المسألة (11): إذا زرعت خلية رجل في بويضة ابنته وخرج المولود نسخة الرجل فهل يكون الطفل المستنسخ:

أ- نفس الرجل؟

الجواب: (كلا).

ب- أخ الرجل؟

الجواب: (كلا).

ج- حفيد الرجل؟

الجواب: يكون كما لو زنا الأب بابنته شبهة يكون المولود منها ولداً للأم وابناً لجده (كما ذكرنا في مسألة – 10 - ).

* المسألة (12): إذا زرعت خلية رجل في بويضة زوجته فهل يكون الطفل المستنسخ:

أ- هو نفس الزوج؟

الجواب: (كلا).

ب- هو أخ الزوج؟

الجواب: (كلا).

ج- هو ابن الرجل؟

الجواب: (نعم هو ابن الرجل).

* المسألة (13): إذا استخدمت خلية امرأة مع بويضتها فهل يكون المولود (البنت):

أ- نفس المرأة؟

الجواب: (كلا)

ب- أخت المرأة؟.

الجواب: (كلا).

ج- ابنة المرأة؟.

الجواب: (نعم، هي ابنة المرأة).

د- وما علاقة المولود بزوج المرأة؟.

الجواب: (هي ابنة زوجته).

* المسألة (14): إذا زرعت خلية امرأة في بويضة امرأة أخرى:

أ- فهل تكون المرأة الأولى أب المولود؟

الجواب: (كلا).

ب- وهل تكون المرأة الثانية أم المولود؟

الجواب: (هي وليدة لهما، فلها أمّان).

* المسألة (15): في حالة تجويزكم لعملية الاستنساخ ولم يكن هناك محذور شرعي وكما ذكرتم في جواب المسألة الأولى هل يجب إجراء عقد النكاح بين رجل وامرأة؟.

الجواب: (نعم، يجب حتى يكون الولد حلالاً، لا شبهة).

* المسألة (16): في حالة تجويزكم لعملية الاستنساخ بين امرأة وامرأة هل يجري عقد النكاح بين المرأتين؟.

الجواب: (لا عقد نكاح بين المرأتين، كما لا عقد نكاح بين رجلين).

* المسألة (17): إذا كان المولود المستنسخ في نظركم ابن زنا على أي دليل استندتم مع العلم بأن الخلايا لم يشترك فيها مني رجل أو خلايا من الخصية؟.

الجواب: (قلنا ليس بولد زنا وقد ذكرنا شبه هذه المسائل في كتاب ألف مسألة حديثة وكتاب النكاح والطلاق من (الفقه) وكذا بالنسبة إلى بعض المسائل الآتية).

* المسألة (18): هل يجوز استنساخ الحيوان؟

الجواب: (نعم).

* المسألة (19): هل يجوز أكل لحم الحيوان المستنسخ المأكول اللحم؟

الجواب: (نعم).

* المسألة (20): استدلال بعض العلماء في تحريم عملية الاستنساخ هي الآية (119) من سورة النساء فما رأيكم؟.

الجواب: (أنهم بعض العلماء لا كلهم والآية لا دلالة لها، وفي بعض التفاسير تفسيرها بأمر كان معمولاً في الجاهلية).

فقوله تعالى: (ولأمرنهم فليبتكن أذان الأنعام ولأمرنهم فليغيرن خلق الله) .

قلوبهم (فليبتكن آذان الأنعام) من بتك يبتك، بمعنى قطع يقطع فقد كان المشركون يقطعون آذان الأنعام علامة على حرمة ركوبها وأكلها وشرب لبنها، وكان ذلك حراماً إذ هو من المثلة وقد قال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) (لا يمثل ولو بالكلب العقور) كما أن تحريمهم كان بدعة وتشريعاً محرماً (ولامرنهم فليغيرن خلق الله) من التغيرات المحرمة كخصاء العبد وفقيء عين الدابة والتمثيل بالأحياء والأموات وما أشبه ذلك) .

فمعنى ذلك إذا كان العمل ضمن الأطر الشرعية ولا ضرر فيه ولا ضرار ولا يخل بالنظام الطبيعي للإنسان أو الحيوان أو الكون على التفصيل المقرر في الكتب الفقهية ولا يؤثر على المصلحة العامة في المستقبل سلباً فهو مباح.

* المسألة (21): إذا جمد مني الرجل هل يجوز حقنه في رحم الزوجة بعد وفاة الزوج:

أ- قبل انقضاء العدة وما حكم الإرث؟

الجواب: (لا يبعد الجواز والظاهر أنه يرث إذا لم يقسم الأرث وقد ذكرناه في الفقه الإرث.

ب- بعد انقضاء العدة وما حكم الإرث؟.

الجواب: (لا جواز ولا إرث).

* المسألة (22): إذا أخذت بويضة امرأة ولقحت بمني زوجها.

أ- هل يجوز زرعها في رحم امرأة أخرى؟

الجواب: (ذكرنا ذلك في باب استيجار الرحم، وأنه جائز في نفسه).

ب- وما علاقة المولود بالأم التي حملته؟

الجواب: (لا علاقة إطلاقاً).

أي يجوز أن يتزوجها المولود مثلاً إلى غير ذلك من الأحكام.

ج- هل لحكم الطلق للأم الوعائية أي اعتبار بالنسبة للمولود؟.

الجواب: (شبه ذلك وقع في زمان علي (عليه السلام) بالنسبة إلى المساحقة).

والقصة تتلخص (فيمن ساحقت أخرى فحملت) .

* قضى  في امرأة جامعها زوجها فساحقت جارية بكراً بعد الجماع مباشرة وأفضت بالماء إليها، فحملت الجارية فانتظر حتى وضعت الجارية ولدها، ثم رجم المرأة وضرب الجارية  وأخذ من المرأة مهر الجارية. على أساس أن عذرية الجارية قد ذهبت حين الولادة ثم رد الولد إلى زوج المرأة على اعتبار أنه أبوه.

* مسألة (23): توصل العلم الحديث إلى علم جديد اسمه البصمة الوراثية وبواسطة هذا العلم يمكن إثبات صلة القرابة بين الرجل وجده العاشر مثلاً أو الأعلى بواسطة فحص خلية ذلك الرجل وخلية من رفات جده العاشر فهل يجوز إجراء ذلك الفحص لإثبات ولد الشبهة؟.

الجواب: (إذا أورث العلم جاز الإثبات، لأن العلم حجة).

أي إذا ثبتت نتائج هذه العملية علمياً بشكل قطعي لا شبهة فيها جاز إجراء ذلك الفحص لإثبات ولد الشبهة ونسبته إلى والده الحقيقي.

* مسألة (24): هل يجوز قتل من مات مخه ولا أمل في شفائه؟.

الجواب: (إذا سمي حياً لم يجز).

* مسألة (25): هل يجوز استخدام من مات مخه كقطع غيار بشري؟.

الجواب: (إذا لم يسم حياً جاز، وكذا إذا كان من مسألة الأهم والأهم، كما يؤخذ من الحي كلية لأجل ربطها بمن يحتاج إليها).

* مسألة (26): هل يجوز لصاحب العورتين إيلاج الذكر في فرجه؟.

الجواب: (إذا كان استمناءً، لا يجوز وإلا فهو كاللعب بنفسه).

* مسألة (27): وإن تكون مولود فما حكم المولود بالنسبة لصاحب العورتين؟

الجواب: (إذا فرض ولد من شخص واحد فهو بمنزلة الأبوين).

والمراد الوالدان – أي الأب والأم وإنما قيل (الأبوين) تغليباً كما يقال (القمران) ويراد به الشمس والقمر.

والله سبحانه العالم ..

محمد الشيرازي

ولادة الرجل

المسألة (1): لو ولد الرجل فرضاً، كما أعلنت ذلك بعض الصحف والإذاعات، وكما يشبهه ما ورد في قضاء علي (علي السلام)   - فالظاهر أن التوارث يكون بينهما، إن لم يكن عن سفاح، وهل أن الرجل الوالد، أب أو أم؟.

احتمالان، ولا إشكال في كون البنت المولودة محرمة على الأب الوالد.

* والأقرب من الاحتمالين: أنه أم، لأن رحم الرجل حينئذ كرحم المرأة، وبقية المسألة واضحة، وذلك للصدق العرفي، ومنه يعرف العكس بأن حصل للمرأة ماء الرجل فرضاً.

تبديل الرحم

المسألة (2): إذا نقل رحم المرأة إلى امرأة أخرى، لا إشكال في أن الولد يكون للزوج والمرأة المنقولة إليها، ولا يحرم وطي الزوجة على زوجها إذا بدلت رحمها، وأما المرأة التي نقل منها رحمها، فلا ترتبط بالأحكام الشرعية المربوطة بالمرأة المنقول إليها الرحم.

* لأن الرحم صار عضواً للمرأة المنتقل إليها، وكذا في كل الأعضاء حتى العضو التناسلي، كما لو فرض زرع ذكر الغير لرجل، فإنه لا يحرم على زوجته وحتى لو فرض أنه كان ممسوحاً قبل ذلك، وذلك لكون العضو جديد يعد عرفاً من نفس الإنسان، كما يحرم على زوجة الأول النظر إليه ولو ألحق عضو من حيوان نجس العين أو الكافر بالإنسان المسلم فمحكوم بالطهارة لما تقدم، نعم إذا فرض تبديل رأس الإنسان ففي كونه للمنتقل إليه أو عنه إشكال، كما ذكرناه في بابه.

قلع الرحم

المسألة (3): إذا اضطرت إلى إجراء عملية قلع الرحم جاز، أما في غير هذه الصورة فالظاهر عدم جوازه.

* الجواز مع الاضطرار مقتضى القاعدة: (وليس شيء مما حرم الله إلا وقد أحله لمن اضطر إليه) ، أو بدون الاضطرار فداخل في إطلاق عدم جواز قطع عضو أو إزالة عضو أو قوة، حيث (لا ضرر) وغيره، كما سبق الإلماع إليه، وكذا الحكم في قطع العضو للرجل أو إسقاط قوة من قواه.

إنسان وحيوان

المسألة (4): لو ولد للإنسان شيء بين البشر وغيره، كما لو كان جسمه جسم البشر، ورأسه رأس البقر، أو بالعكس – كما أذاعت الإذاعات في ولادة كان نصفها سمكاً ونصفها في طرف الرجلين بشراً – فالظاهر أن أحكامه في نفسه ولغيره تابع للصدق، فإن صدق أنه إنسان جاز زواجه، وكان مكلف بالتكاليف وغيرها، وإن لم يصدق أنه إنسان لم يحكم بأحكام الإنسان.

* لأن الحكم تابع لموضوعه، فكلما تحقق الموضوع تحقق الحكم وإن اختلف العرف فرضاً، أو شك في الصدق، فالأصل عدم الحرمة بالنسبة إلى ما يحرم على الإنسان، أما المحرم مطلقاً مثل اللواط إذ يحرم حتى بالحيوان فإنه محرم مطلقاً إنساناً أو حيواناً.

حيوان وإنسان

المسألة (5): لو كان الولد المذكور مولوداً لغير الإنسان، كان الحكم كالمسألة السابقة أيضاً.

* لأن الدليل فيهما واحد، فلا فرق في الولادة للإنسان أو للحيوان، أو بواسطة الأنبوب كما إذا مزج مني حيوان وإنسان في أنبوب فخرج شيء بين الإنسان والحيوان جسماً أو عقلاً، كما إذا ولد حيوان يعقل عقل الإنسان ويتكلم بكلامه، نعم الأقوى عدم جواز هذا المزج لأنه من تغيير خلق الله.

تغيير الجنين

المسألة (6): الظاهر جواز تغيير الجنين بأن يجعل الولد بنتاً وبالعكس كما نشرته بعض الصحف.

* الجواز لأصالة الحل ولا يشمله (ولأمرنهم فليغيرن خلق الله) .

وكذلك يجوز جعله توأمين بواسطة بعض الموازين الطبية إذا أمكن ذلك، نعم لا يجوز جعله معلولاً أو ناقصاً أو مشوهاً أو ما أشبه، لأنه من الأضرار وتغيير خلق الله.

الولد بين المجنونين

المسألة (7): لا يجوز ترك الرجل والمرأة المجنونين الأجنبيين يتجامعان، لكن إن فعلا ذلك فالولد بينهما محكوم بحكم ولد الشبهة.

* لأن الزنا ونحوه مما لا يريده الشارع مطلقاً، وإن لم يكونا مكلفين، كما هو المركوز في أذهان المتشرعة، وكذلك حال طفلين غير بالغين، وإن كان رفع القلم منهما، وكذا حال النائمين وما أشبه، وأما الولد فولد شبهة، لأنه ليس بزنا، لعدم توفر الشرائط.

تبديل العضو التناسلي

المسألة (8): لو أجري عملية جراحية، فبدل ذكره بذكر آخر حتى صار جزءاً منه حل لزوجته، كما تقدم شبيه هذه المسألة في بعض المسائل السابقة، وكذلك بالنسبة إلى المرأة.

* لأنه حينئذ جزئه أو جزئها، وكذلك الحال في كل جزء تبدل كالعين فينظر معها إلى محارمه، لا محارم صاحب الحدقة السابقة، إلى غير ذلك.

الخلايا الاصطناعية

المسألة (9): إذا تمكن الإنسان من صنع الخلية الحية، كما ينقل عن بعض علماء الطب في الغرب، جاء وكان ذلك دليلاً جديداً على وجود الله سبحانه، حيث أنه سبحانه قبل ألوف السنوات، خلق في كل إنسان ما لا يعد من الخلايا الحية، مما وصل البشر إلى أولى مراحلها بعد تجارب كثيرة وتقدم كبير، وبعد ألوف الوسائل والمعدات والآلات.

* فلا يقال أنه محال لأنه خاص بالله سبحانه، وعلى أي حال: فالكلام في الحكم لا في الإمكان، وكذلك لو فرض إمكان صنع البيضة الحية والحبة الحية، وما أشبه ذلك.

خلق المخلوقات

المسألة (10): لو فرض أن البشر توصل إلى إمكان صنع الإنسان أو الحيوان أو النبات جاز، وكان ذلك دليلاً جديداً على وجود الله تعالى، فأنك إذا سألت العلماء – بعد صنع ذلك الإنسان – كيف صنع هذا الإنسان؟ قالوا: إن هذه من معاجز مخ ذلك الصانع وقوة إرادته ووسعة علمه.. أفهل بعد ذلك لا يكون بلائين البلائين من الإنسان والحيوان والنبات أدلة ساطعة على وجود الله العليم القدير؟.

* الحكم في هذه المسألة كالحكم في المسألة السابقة لوحدة الموضوع.

أولاد الشبهة

المسألة (11): أولاد المرأة التي تزوجت زواجاً غير صحيح أولاد شبهة وحالهم حال أولاد الحلال، في النسب والإرث وغيرهما، إذا كان الشاب والفتاة يقطعان صحة النكاح، وإذا كان أحدهما أو كلاهما عالماً بالتحريم كان الولد بالنسبة إلى العالم ولد زنا.

* مع علم الطرفين بالحرمة – في أي مقام – يكون ولدهما ولد حرام ولا يرث ولا يورث بالنسبة إلى الأبوين وأقربائهما، نعم يرث ويورث بالنسبة إلى زوجته أو زوجها وأولاده، ومع قطعهما بالحلية فالولد ولد شبهة له كل أحكام ولد الحلال، ومع قطع أحدهما بالحلية والآخر بالحرمة، فالولد بالنسبة إلى قاطع الحلية ولد شبهة والنسبة إلى قاطع الحرمة ولد حرام وقد ذكرنا في الفقه:

أن ولد الحرام له كل أحكام ولد الحلال ما عدا الإرث ونحوه كالقضاء والإمامة.

التلقيح لتكثير النتاج

المسألة (12): تلقيح الإنسان، أو الحيوان، أو النبات، بما يوجب نموه أو كثرة نتاجه جائز فيما إذا لم تكن جهة محرمة مثل تلقيح الإنسان بالمواد المسكرة مثلاً.

* وذلك لأصالة الحل، بل ربما يستحب، لأنه من تقوية المعاش ومتواتر الروايات تدل على التحريض عليه، كما ذكرنا جملة منها في كتاب (الفقه: آداب المال) ووجه الاستثناء ظاهر.

النطفة الكيماوية

المسألة (13): لو فرض أنه أمكن صنع نطفة البشر بالمواد الكيماوية بدون الأب والأم، لم يكن للإنسان المصنوع من ذلك النطفة محارم ووراث من طرف أعلاه، وإنما يكونان من طرف أولاده وأصهاره.

* ولا يكون ذلك لو فرض إلا دليلاً جديداً على عظم صنع الله سبحانه حيث يخلق النطفة لكل ذي روح بدون صعوبة التركيب وغيره من مقدمات النطفة المصطنعة، قال سبحانه: (فتبارك الله أحسن الخالقين) ، وكان الحال في تركيب نطفة الحيوان، أو النواة، أو البيض.

النطفة في رحم اليائسة

المسألة (14): لو ربيت النطفة في رحم اليائسة بالوسائل العلمية فهل لها حكم الأم وما أشبه أم لا؟ احتمالان.

* أن الاحتمالين إنما هو فيما إذا حصل الأمر بنطفة نفس اليائسة لا نطفة أخرى فأما إذا كان بنطفة أخرى فإنه لا شك حينئذ في كونها ليست أماً، بل ظرفاً ووعاءاً فقط، وإنما قلنا: احتمالان، لاحتمال انصراف أدلة الأمومة إلى غير اليائسة، لكنه احتمال ضعيف كما لا يخفى.

نقل النطفة من رحم إلى رحم

المسألة (15): لو نقلت النطفة من رحم إلى رحم وربيت في الجميع كما لو كانت في رحم نطفة، وفي رحم علقة، وفي رحم مضغة وهكذا، فهل الأم الأولى أو الأخيرة، أو الجميع؟ احتمالان، والظاهر أن الأم هي صاحبة البويضة.

* لأنها الأم حقيقة، أما سائر الأرحام فهي أوعية لا ترتبط بالأم، وإنما قلنا احتمالان من جهة احتمال كون المحل بمنزلة الرضاع في صنع الأم الرضاعي والتربية أولى بصنع الأم من اللبن، لكنه قياس لا دليل عليه، ولذا فإذا ساحقت بعد كون النطفة من المساحقة بالكسر، تكون هي الأم لا المساحقة بالفتح، نعم لو حملت المساحقة بالكسر نطفة الرجل فقط بدون نطفتها كما إذا كانت يائسة فالولد للمساحقة بالفتح، ولو شك أن النطفة من ايهما فالقرعة هي المحكمة.

كما أنه لو اقترب رجلان من المرأة فإن علمنا بأن أحدهما صاحب النطفة فهي له، وإلا فله صورتان:

الأولى: أن يكون أحدهما حلالاً والآخر حراماً بأن يكون أحدهما زوجاً أو شبهة والآخر زنا، فالولد للحلال، لأن (للعاهر الحجر) .

الثانية: أن يكون كلاهما حلالاً – كزوجة وشبهة أو شبهتين – أو حراماً كزنائين فالمحكم القرعة، وللمسألة صور أخرى بإدخال الجهل من القاضي بالواقع أو الاضطرار أو الجبر أو الإكراه من أحدهما مذكورة في محالها.

اختلاط النطفة

المسألة (16): لو فرض إمكان أن تختلط النطفة من حرام سابق وحلال لاحق، أو بالعكس، كما إذا أخذت نطفة رجل غير متزوج، ثم خلطت بنطفته وهو زوج، ثم زرق المجموع في الرحم، فهل الولد حلال أو حرام، يحتمل جريان قاعدة (الولد للفراش).

* أما احتمال التشريك بأن يكون حلالاً وحراماً فلكل حكمه، في النصف مثلاً يرث نصف الميراث، فهو بعيد عن مذاق المتشرعة.

خلط نطفتين

المسألة (17): لو فرض أنه خلطت نطفتان وزرقت شبهة مثلاً، كما لو أخذت نطفتا رجلين، وبعد الخلط زرق المخلوط في رحم امرأة بشبهة أنها نطفة زوجها، فهل لهذا الولد أبوان. أو أب واحد بالقرعة، أو لا يحكم على أحدهما بالأبوة؟ له احتمالان

* الاحتمال الأول هو الأقرب: إذ لا وجه للآخرين بعد الاشتراك بين نطفتين، والفرق بين المسألة والمسألة السابقة أنه لا فراش في هذه المسألة وكذلك الحال لو أخذت نطفة امرأتين مع رجل واحد حلال. وربيت في الأنبوب. وصور المسألة ومحتملاتها متعددة.

مس العظم المصنوعي

المسألة (18): العظم المصنوعي المركب في جسم الحي بالعملية الجراحية، وكذا العظم الحقيقي المركب في جسم الحي والعظم الذي يؤخذ من ميت لا غسل على عظمه – لكونه مغسلاً أو لكونه من إنسان لا غسل له، أو من الحيوان – لو مسه الإنسان بعد موت صاحب العظم، لا غسل على الماس، لأن العظم لا يكون جزءاً من الإنسان المركب فيه، نعم إذا فرض أنه صار جزءاً منه صار بحكم سائر عظامه، وكذا لا غسل بمس الأسنان الاصطناعية.

ذو العورتين المتشابهتين

المسألة (19): لو كانت لإنسان عورتان طبيعيتان أو ملصقتان أو بالاختلاف، فالظاهر جواز الملامسة بهما مع زوجها أو زوجته، سواء كان الشخص رجلاً أو امرأة، لكن بشرط أن تصير الملصقة جزءاً منه عرفاً.

فإن زيادة العورة كزيادة سائر الأعضاء فإذا كان له ما للرجل وللمرأة وكان الأصل الرجل تزوج بأنثى وحق لهما الاستفادة من العورة الأخرى، لعدم دليل على الحرمة ولو كان الأصل المرأة تزوجت برجل كذلك، ولو فرض زوج وزوجة كذلك جاز لهما الاستفادة من العورتين فاعلاً وقابلاً، لإطلاق الأدلة.

ذو العورتين المختلفتين

المسألة (20): لو كانت لإنسان عورتا رجل وامرأة، طبيعيتان أو ملصقتان، جزءاً أو بالاختلاف، لا يجوز له الملامسة بهما إلى النوعين، بأن يتخذ زوجاً وزوجة.

* لأنه أما رجل أو امرأة، فلا يجوز اتخاذ زوجاً وزوجة للقطع بارتكاب الحرام، وقد ذكرنا أحكام الخنثى في الفقه.

الانتفاع بإحدى العورتين

المسألة (21): لا إشكال في أنه يجوز في فرض المسألة السابقة الانتفاع بإحدى العورتين بالنسبة إلى الجنس المخالف لصاحب العورة، فإذا كان مثلاً صاحبهما رجلاً، جاز له الانتفاع بآلة الرجولية بالنسبة إلى زوجته، وإذا كانت امرأة جاز لها الانتفاع بآلة الأنوثة بالنسبة إلى زوجها.

* وذلك لآية: (إلا على أزواجهم)  ، وهكذا حال (ما ملكت إيمانهم) .

الانتفاع بكلتا العورتين

المسألة (22): هل يجوز في فرض المسألة السابقة، انتفاع الزوجين بكلتا العورتين بأن يحق لهما التفاعل معاص أم لا؟ احتمالان، والظاهر الجواز، لإطلاق (إلا على أزواجهم) .

* وذلك لما أشرنا إليه في شرح المسألة (19) ولو كان لأحدهما أثنان دون الآخر جاز استعمال الآخر في الملامسة والاستمناء بيد الآخر وهكذا.

لو كان لرجل رحم

المسألة (23): لو كان لرجل رحم أو ركب فيه رحم، ثم ربى مني رجل وامرأة في رحمه، فهل يكون للولد أبان وأم، أو أبان وأب أو لا اعتبار بهذا الرجل الجديد؟ احتمالات: الظاهر الثالث.

* الأقرب أنه لا اعتبار بصاحب الرحم لفرض أن المني من غريبين عنه وإنما رحمه حينئذ كأنبوب الاختبار.

طفل بلا والدين

المسألة (24): لو فرض إمكان تربية نطفة الأب فقط، فالولد لا أم له، وفي العكس الولد لا أب له، ثم أنه قد يستبعد بعض المسائل السابقة أو اللاحقة بأنها كيف يمكن؟ لكن الوسائل العلمية أتت بغرائب ليس للإنسان أن يسكت عن أحكامها، وقد ذكر الفقهاء في باب الطهارة الإنسان المخلوق في الساعة، هل هو متطهر أو محدث؟ وتقتضي القاعدة أن لا يجوز للمخلوق في ساعته، الاتيان بما يشترط فيه الطهارة بدون أن يتطهر.

* وقد رأينا في عيسى (عليه السلام) أنه لم يكن له أب، وفي آدم وحواء عليه السلام، عدم وجود والدين لهما.

أما ما ذكر من أنه لا أب له أو لا أم له – في صورة المسألة – فلعدم الموضوع فلا يترتب عليه ما كان مترتباً على من له أب أو أم من هذه الحيثية فيسقط عنه إطاعة الأب أو الأم وهكذا.

أما لزوم تطهر مخلوق الساعة فلإشتراط الأعمال بالطهارة، لا بعدم الحدث، كما ذكر تفصيله في محله، ومنه يعلم الحكم في صنع نطفة وتربيتها بلا والدين.

تشريح الميت

المسألة (25): إذا شرّح الميت المحترم فعلى المشرّح الدية، وإن كان العمل جائزاً لقاعدة الأهم والمهم، ولا يخفى أن كل حكم شرعي لا بد وأن يكون مجعولاً لعلة.

والعلة قد تكون شخصية خاصة، ككون الخمر حراماً لكونها مسكرة.

وقد تكون لأجل استقامة القانون العام، كالعدة في المطلقة، إذا كانت العلة الأولية اختلاط المياه، فإنها واجبة في فاقدة الرحم أيضاً، لتوحيد القانون في كل مطلقة.

وقد تكون لأجل سلوك الطريق كالخضوع للمولى الموجب لنزاهة النفس، وإن لم يكن في هذا الفرد المأتي به علة خاصة به.

وقد تكون لأجل محبوبية النظافة مثلاً والمولى رأى أنها تحصل بمائة غسل في السنة مثلاً، فأوجب وندب ووزع المائة على أحداث وأحوال، لا لخصوصية في بعضها، بل لأجل أنه فرد والتمييز بيد المكلف.

* وإذا لم يعلم أن الميت محترم أو غير محترم فالأصل عدم الدية، وقد ورد في الشريعة في مثال استقامة القانون – أنه سئل عن علي (عليه السلام) أنه لماذا غسل النبي (ص) مع أنه طاهر مطهر لم ينجس بالموت؟ فأجاب بأنه لجريان السنة.

الجيل الجديد في القمر

المسألة (26): إذا سكن الإنسان في القمر، أو في كوكب آخر وتوالد وتناسل، فحاله حال إنسان الأرض في كل التكاليف العامة، كالصلاة والصيام والزواج والطلاق والحدود والمواريث والمعاملات وغيرها.

* لإطلاق الأدلة، وهكذا حال ساكن الفضاء.

الأحكام الشرعية لإنسان الكواكب

المسألة (27): لو ظفر بإنسان في كوكب آخر، كما أنه ليس ببعيد لما ورد من (أنها مدن كمدنكم) وورد: وجود عوالم كاملة في عرض هذا العالم في أحاديث ذكرت في البحار وغيره، فالظاهر أن جميع الأحكام الشرعية مرتبة عليهم لأن الرسول (ص) أرسل إلى العالمين، كما في القرآن الحكيم:

(وليكون للعالمين نذيراً) .

كما أنه لو فرض وجود موجود آخر مكلف عاقل كالأنس والجن يكون حاله حالهما، لإطلاق الأدلة، ولعل عدم الذكر في الكتاب والسنة من باب عدم استعداد فهم الناس في ذلك الوقت لمثل ذلك، كما أنه لم يذكر فيهما – بصورة صحيحة – مثل (الجراثيم) وما أشبه، وقد أمروا (عليهم السلام) أن يكلموا الناس على قدر عقولهم ، قال سبحانه: (إلا بلسان قومه) ، واللسان أعم من الذي ذكرناه.

التعاطي بيننا وبين إنسان الكواكب

المسألة (28): التعاطي بيننا وبين إنسان سائر العوالم يكون كالتعاطي بيننا وبين إنسان هذا العالم، في قضايا المناكحة والمواريث وغيرها لما تقدم في المسالة السابقة من وحدة التكليف.

* وحدة التكليف مستفادة من إطلاق الأدلة.

تربية الطفل خارج الرحم

المسألة (29): إذا دار أمر الجنين بين أن يسقط أو يخرج ويربى خارج الرحم وذلك لضعف الأم عن تحمل الجنين وجب إخراجه وتربيته خارج الرحم لأن الإسقاط لا يجوز.

* فإن قتل الجنين أو تركه حتى يموت غير جائز للأدلة الأربعة.

تمديد حمل الجنين

المسالة (30): لو أبقي الجنين في الرحم أكثر من القدر المعتاد بالوسائل العلمية، فهل الاعتبار في بلوغه، يوم خروجه من الرحم، أو يوم تأهله للخروج عادة؟ مثلاً: لو كان عادة الجنين بقائه سنة فأبقاه سنة ونصف فهل يدخل السادسة عشرة بعد خمس عشرة سنة ونصفاً أو بعد ست عشرة سنة؟ احتمالان.

* لكن مقتضى الصناعة الاعتبار بوقت خروجه لأن الحكم يتبع موضوعه إلا إذا كانت المدة طويلة جداً، كسنوات مثلاً، والاحتمال الآخر هو احتساب الزيادة من عمره لأن بقائه زائداً حاله حال بقائه في جهاز خارج الرحم.

تقليص حمل الجنين

المسألة (31): لو أبقي الجنين في الرحم أقل من المعتاد، كما لو أكمله – بالوسائل العلمية – في أربعة أشهر وأخرجه، فهل الشهران (إلى ستة أشهر المعتادة بقاء الجنين في الرحم) يحسبان من عمره حتى إذا صار عمره ست عشرة سنة مع هذين الشهرين يكون قد بلغ أم لا يحسبان من عمره حتى يلزم أن يمر خمس عشرة سنة وشهران حتى يبلغ؟ احتمالان كما تقدم في المسألة السابقة.

* ولعل الأقرب هنا أيضاً الاعتبار بوقت خروجه لتحقق الموضوع فتتحقق الحكم.

تربية الجنين خارج الرحم

المسألة (32): لو ربي الجنين خارج الرحم فأول عمره يحسب من حين تكونه خارج جسم الإنسان أو بعده مدة الجنينية المعتادة؟ احتمالان وأن كان الثاني أقرب.

* لأنه المعيار على ما يستفاد من الشرع سواء كان في الرحم أو خارجها.

التركيب بين الحيوانات المحرمة والمحللة

المسألة (33): لو جعلنا المحرمات جزءاً من الحيوانات المحللة بالوسائل العلمية فالظاهر حليتها، مثلاً جعلنا لحم الكلب أو الهر جزءاً من الدجاجة أو الشاة حتى انقلبت إلى جسمها صار حلالاً، سواء أدر الحيوان الحلال اللبن الأكثر بعد ذلك أم لا، أعطت الدجاجة البيض الأكثر أم لا، أثر في هزالهما أو سمنهما أم لا.

* وذلك لتحقق الموضوع فيتحقق الحكم.

تغير لون الدم

المسألة (34): لو عالجنا الدم حتى صار أبيض اللون، فإن تغير عن حقيقته فالظاهر طهارته لأنه من قبيل الاستحالة، وإن لم يتغير عن حقيقته بقى على النجاسة، إذ مجرد تغيير اللون ليس من المطهرات.

* (طهارته) بل وحليته، كما قالوا بحلية الخمر المنقلب خلاً، وذلك لتغيير الموضوع فتأمل.

تحويل الدم إلى لبن

المسألة (35): لو فرض إمكان تبديل الدم إلى اللبن حل وطهر.

* إذ لا فرق في ذلك بين داخل البدن أو خارجه، فإنه من قبيل انقلاب الخمر خلاً.

فصائل الحيوانات

المسألة (36): لو أمكن بالوسائل العلمية تغيير حيوان حلال اللحم إلى حيوان حرام أو بالعكس أو تغيير حيوان طاهر إلى حيوان نجس أو بالعكس بحيث يدخل الحيوان في فصيلة الحيوان الثاني لحقه حكم المغير إليه إذ الحكم تابع لموضوعه وقد فرض تبدل الموضوع.

* من غير فرق في ذلك بين حيوانات البر أو البحر أو الجو.

اللبن المجفف

المسألة (37): لا بأس بتغذية الطفل بالحليب المجفف وإن لم يعلم ماهيته لأن الأصل في كل شيء الحل والطهارة، نعم إذا علم تضرر الطفل بذلك لم يجز.

* لكن لا يخفى أن لبن الأم كما ثبت شرعاً وأيده العلم الحديث أولى وأفضل.

الامتناع عن النسل المشوه

المسألة (38): من يعلم أن ولده يخرج مشوهاً أو معتوهاً يجوز أن يمنع نفسه عن النسل، وفي إسقاط الجنين إذا علم أنه مشوه أو معتوه وما أشبه إشكال.

* إلا إذا لم يصدق الإنسان حتى يشمله دليل حرمة قتل الإنسان.

لا يقال فما فائدة بقائه عمراً مشوهاً أو معتوهاً أو ما أشبه؟

لأنه يقال:

نقضاً: فما فائدة المريض الذي لا يرجى زوال مرضه العضال.

وحلاً: إن الإبقاء على أمثالهم احترام للإنسان وهو أمر عقلاني وشرعي.

التوائم المختلفين

المسألة (39): لو فرض أن علمنا بانعقاد الولد الأول من التوأمين عن حلال والثاني عن حرام أو بالعكس، وجب ترتيب حكم كل على المعلوم كيفية ولادته.

* لأن الحكم يتبع موضوعه.

الإحياء بعد القتل

المسألة (40): لو فرض أن الإنسان تمكن من إحياء الميت بالوسائل العلمية التي جعلها الله سبحانه لإحياء الميت، فهل أن القتل الذي عقبه الإحياء يكون جزاؤه القتل وتكون له الدية الكاملة أم لا؟ احتمالان.

* الظاهر الدية والقصاص، لأنه فعله وإنما الإحياء الجديد بأمر الله سبحانه، كما في قصة بقرة بني إسرائيل . أما وجه الاحتمال الآخر إنصراف الأدلة، لكنه لو كان فهو بدوي، اللهم إذا قيل بأن الحدود تدفع الشبهات ولو ملاكاً، فتأمل، وكذلك حال ما إذا قطع أحد يد غيره ثم ألصقه وما أشبه ذلك.