عودة إلى صفحة مكتبة النبأ

إتصلوا بنا

شارك في الكتابة

الأعداد السابقة

الصفحة الرئيسية

 
 

العباس بن علي (ع) نموذج للإقتداء الإنساني

الكتاب: العباس (ع) نموذج للإقتداء الإنساني

الكاتب: حبيب آل جميع

الناشر: مؤسسة الإنتشار العربي - بيروت

سنة النشر: ط1، 2002م

عدد الصفحات: 125 صفحة من القطع الكبير

عرض: حسن آل حمادة - القطيف

للباحث السعودي الشيخ حبيب آل جميع صدر مؤخراً كتاب: (العباس (ع) نموذج للإقتداء الإنساني)، عن دار الإنتشار العربي في بيروت. وقد جاء الكتاب في 125صفحة من القطع الكبير؛ بتقديمٍ للمؤرخ اللبناني المعروف (السيد حسن الأمين)، الذي قال ضمن تقديمه بأن: العباس بن علي (عليه السلام) من المثل العليا، لا في التاريخ الإسلامي وحده بل في التاريخ الإنساني. فالموقف الذي وقفه العباس يوم كربلاء لا نعرف نظيراً له في التاريخ الإنساني. رجل تضعه الظروف مع أخيه الأكبر في موقف صعب لا مخرج منه إلا القتل، ثم يأتي المخرج المنجي من القتل، فيسأل هل هذا المخرج له ولأخيه، فيجاب: لا، بل هو لك وحدك، فيرفضه رفضاً قاطعاً، ويصرّ على الوقوف في جانب أخيه ليكون مصيرهما واحداً. والمصير معروف محدد هو الموت بحد السيوف.

 أما المؤلف فيقول: عندما كنت أقرأ تاريخ بيت النبوة، وسيرة رجالاته ونسائه، وأتصفح يوميات حياتهم واحداً تلو الآخر، كنت أجد نفسي ترتع في بساتين المعرفة والحق، وأقول صدق ربي إنه أعلم حيث يضع رسالته. كانت سيرة العباس ومواقفه تستوقفني دائماً وأنا أقرأ فاجعة كربلاء الحسين (ع). كانت أعماله وحياته برمّتها تشدني نحو إعادة القراءة لسيرة هذا البطل الهاشمي، وكيف بدأ حياته والمصير الذي لقيه، وما تعرض له من محنٍ ومآسٍ.

*من هو العباس بن علي؟

هكذا عنون الباحث الفصل الأول من كتابه، وأكد خلاله على أن للوراثة دوراً كبيراً في تكوين الأبطال، كما أن للتربية أثر في نشوئهم، هذا بالإضافة إلى الإرادة التي تنمو وتزداد صلابة بعوامل البيئة التي يترعون فيها والأجواء التي ينمون فيها. ويتساءل المؤلف: من أي نسب جاء العباس ليخلد نفسه في التاريخ كشعلة للجهاد والدفاع عن الشرف والفضيلة المتمثلة في رسالة السماء؟ ويجيب بأن: أسرته هي محط الرسالة، ومهبط الوحي، وقد قدر له أن يكون من سلالتها لترسم على محيّا شخصيته كل معاني الشرف والفضيلة. وكما يقول العلامة الشيخ باقر شريف القرشي: "فليس في دنيا الأنساب نسب أسمى ولا أرفع من نسب أبي الفضل، فهو من صميم الأسرة العلوية، التي هي أجل وأشرف الأسر التي عرفتها الإنسانية في جميع أدوارها".

فنسب العباس (ع) يرجع إلى عدنان، وقد اتفق علماء النسب وأرباب السير وقالوا قولاً واحداً في اتصال نسب رسول الله محمد (ص) إلى عدنان. أما أبوه فهو الإمام علي بن أبي طالب (ع)، وصي رسول الله (ص)، وخليفته عل أمته، علي الذي لم تعرف البشرية له نظيراً بعد النبي (ص)، جمع فضائل الدنيا فلا يدانيه أحد في منزلته، ومثل علي بن أبي طالب (ع)، لا يحتاج إلى طويل بيان عن حاله وأحواله. أما أمه فهي أم البنين فاطمة بنت حزام الكلابية، الذي تزوجها علي (ع) بعد أن استشار أخيه عقيل فقال له ناصحاً: "تزوج أم البنين الكلابية فإنه ليس في العرب أشجع من أبيها". "بالرغم من أن علياً -كما يقول المؤلف- لم يكن يجهل شيئاً يعلمه عقيل، وقد فعل أمير المؤمنين ذلك لأمرين:

1- إبراز فضل أم البنين على من سواها.

2- بيان أهمية اختيار الزوجة الصالحة، وأثر ذلك في الذرية التي ينتخبها، خاصة وأن الإمام علي (ع) علم بما سيكون عليه شأن العباس من أم البنين".

ثم تحدث الكاتب عن صفات العباس الذي اختارته العناية الإلهية ليكون الساعد الأول للحسين (ع) في كربلاء. والذي وصفه الإمام الصادق (ع) بقوله الشريف: "كان عمنا العباس بن علي (ع) نافذ البصيرة صلب الإيمان. جاهد مع أخيه الحسين فأبلى بلاء حسناً، حتى قُطعت يداه فأبدلهما الله سبحانه بجناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة". كما تطرق الباحث لألقاب العباس (ع) والتي منها: قمر بني هاشم.. بطل العلقمي.. حامل اللواء.. كبش الكتيبة.. العميد.. حامي الظعينة.. باب الحوائج... الخ.

ثم ذكر شيئاً من شعره (ع) الذي تركز في الأراجيز، ولعل كل من يعرف العباس فإنه يحفظ قوله بعد أن قطعت يمينه:

والله إن قطعتم يميني

إني أحامي أبداً عن ديني

وعن إمام صادق اليقين

سبط النبي الطاهر الأمين

نبي صدق جاءنا بالدين

مصدقاً بالواحد الأمين

وبعد أن قطعت شماله أخذ (ع) يردد:

يا نفس لا تخشي من الكفار

وابشري برحمة الجبار

مع النبي سيد الأبرار

مع جملة السادات والأطهار

قد قطعوا بسيفهم يساري

فاصلهم يا رب حر النار

وتحدث بعد ذلك عن زوجته لبابة بنت عبيدا لله بن العباس بن عبد المطلب، وأولاده وأحفاده، وأخوته الذين ناهز عددهم (33) علوياً. ثم نقل انطباعات منوعة عن شخصية العباس (ع) بدأها بكلام الإمام زين العابدين (ع)، ثم الإمام الصادق (ع)، ثم الإمام الحجة (ع)، كما نقل لنا أقوال بعض العلماء والعظماء تجاه العباس (ع)، وسأكتفي هنا بمقولة موجزة للعلامة السيد هادي المدرسي إذ يقول: "كان العباس (ع) بمفرده يمثل إمبراطورية الخير، في مواجهة عدوّه الذي كان يمثّل إمبراطورية الشر... كان رجل المهمات الأصعب، في معسكرٍ كلّ مهماته كانت صعبة... للعباس حضور يومي في حياة الملايين من الناس، وهو وسيلتهم في الحصول على الحوائج من الله، وقدوتهم في البحث عن الغايات... لقد اشتمل العباس بالوفاء، واشتمل به الوفاء... وتسربل بالإيثار، وتسربل به الإيثار... وتخندق بالشجاعة، وتخندقت به الشجاعة..، لقد مثل كلّ الفضائل، فتمثلت فيه كل الفضائل..، وزادت قيمة جديدة في القيم اسمها العباس... ينتقل العباس من جيل إلى جيل، ليس كتراث للإنسانية فحسب، بل كمنبّه دائم للضمير كلما عصفت به أزمة المثل العليا".

الفصل الثاني خصصه المصنف للحديث عن أبي الفضل العباس في كربلاء، وقال في خاتمته: لقد انطوت أعظم صفحات التاريخ باستشهاد هذا البطل الذي قدّم نفسه رخيصة في سبيل الدين، وجاهد مع إمامه وصبر وصابر حتى استشهد، فسلام الله عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حياً.

أما الفصل الثالث فعنون بـ(قيم رسالية من وحي كربلاء)، وركز الحديث فيه عن: صراع الحق مع الباطل، والمح إلى أن العباس قد اختار الحق المتمثل في نصرة أخاه وإمامه الحسين (ع)؛ قبال الباطل المتمثل في الطاغية يزيد بن معاوية ومن لف لفه. وتحدث عن ارتكاز العباس على قاعدة الإيمان، ونحن نقرأ في زيارته: "أشهد لك بالتسليم والتصديق والوفاء". كما تطرق لطاعته للقيادة الحسينية، وختم حديثه في هذا الفصل بالحب والإيثار الذي تجلى في العباس (ع).

الفصل الرابع خصصه عن: الإمام العباس في الشعر العربي، واختار من القصائد التي قيلت في العباس (13) قصيدة لشعراء من العراق والسعودية وإيران ولبنان. يقول الباحث: وقد سحر البعض أو الكثير من المهتمين بالشأن الشعري بشخصيته الموفورة الأبعاد ونقيبته الهتنة الفضائل. حتى أن الأزري، وهو من الشعراء الفطاحل، قد سرقه شأن العباس في إحدى قصائده عنه ووصفه بالمستجار به، وعدّ الهدى وهو الإمام الحسين بالمستجير، فتوقف وهو في بداية إرهاصاته الشعري حين قال:

يومٌ أبو الفضل استجار به الهدى

فترك دواته وهجع إلى نومه، وإذا به يرى الإمام الحسين جاءه ليكمل له عجز البيت ويطمئنه أن القصد مسموحٌ به فقال:

والشمس من كدر العجاج لثامها

كم خصص الفصل الخامس من الكتاب للملاحق، حيث نقل مصرع العباس، وزيارته، وبعض ما صنف فيه من مؤلفات، وعد منها (34) كتاباً.

ولم يبقَ لي في نهاية هذه السطور إلاَّ أن أتوجه بالشكر الجزيل للصديق العزيز سماحة الشيخ حبيب آل جميع (القطيفي)، وأسأل الله أن يوفقني لكي أكون ممن يقتدي بالعباس (ع)، وأن أكون نصيراً للحسين (ع).