عودة إلى صفحة مكتبة النبأ

إتصلوا بنا

شارك في الكتابة

الأعداد السابقة

الصفحة الرئيسية

 
 

فقه المرور.. موسوعة استدلالية في الفقه الإسلامي

الكتاب: فقه المرور.. موسوعة استدلالية في الفقه الإسلامي

المؤلف: السيد محمد الشيرازي

الناشر: هيئة محمد الأمين (ص)-الكويت

الطبعة: ط1، 2000م

الصفحات: 416، قطع كبير
عرض: بشير البحراني-القطيف
لا يفتأ الإمام السيد محمد الشيرازي يطرق موضوعات شحَّ ونَدُر الحديث عنها، وهو في هذا الكتاب الذي بين يدينا (فقه المرور: موسوعة استدلالية في الفقه الإسلامي) يتعرض لموضوع المرور وما يتعلق به من قوانين وأحكام، وذلك من ناحية فقهية، وأراه قد سبق غيره من العلماء المسلمين في طرق مثل هذا الموضوع بهذه الكيفية.

ويبدو أن الإمام الشيرازي يريد أن يقول لنا إن التشريع الإسلامي الحنيف تشريع مرن وغير جامد، أي أنه لا يقف عند حدود عصر معين وبيئة محددة، وبالتالي فهو غير عاجز عن تحمل مستجدات الحياة في جميع مناحيها التقدمية، ووضع الأحكام التي تتناسب وظروف أي مرحلة زمنية. فظهور السيارات والقطارات والطائرات وبروز حركة مرورية تنظيمية تتطلب تقديم إنارات للرؤية الإسلامية من ناحية فقهية وشرعية في موضوع المرور. وذلك هو دأب الإسلام الذي يضيء للإنسان دربه فيريه طريق الحق ليمضي فيه مطمئناً بأنه يسير في الطريق الصحيحة التي يريدها الله سبحانه وتعالى، وكيف لا يكون كذلك وهو الدين الخاتم الذي لا بد أن يستوعب كل ما يطرأ في الحياة من معارف وعلوم و...الخ.

فالإمام الشيرازي يحاول في كتابه هذا وضع تلك القوانين والأحكام والآداب المتعلقة بالمرور من وجهة نظر الفقه الإسلامي، ليميز بين ما يرتضيه الإسلام وما يستبعده فيما يُبتلى به من مسائل المرور، وقد نجح سماحته في محاولته تلك.

يقول الإمام المؤلف [ص37]: "إن المرور أصبح اليوم من الأمور المبتلى بها، ولا يمكن لمجتمع الاستغناء عنها، فإذا لا تصاغ لها قوانين تنظيم سيرها وحركتها، وتوقفها وسكونها، وسرعتها وبطأها، وقع الناس كلهم في هرج ومرج، ولأدى الأمر إلى الفوضى والاضطراب والضرر والإضرار، ودفعاً لذلك، يلزم القيام حسب قاعدة النظم برسم خارطة للمرور، تبين فيها الخطوط العريضة والجزئيات المؤثرة في حفظ المجتمع من الفوضى، والمفيضة عليه السلامة والسعادة".

* فصول الكتاب:

ينقسم الكتاب إلى قسمين بثلاثة فصول؛ فالقسم الأول يحتوي على الفصل الأول: المقدمة العامة، وأما القسم الثاني فيحتوي على الفصل الثاني: المرور وقوانينه الخاصة، والفصل الثالث: بعض أحكام المرور. واحتوى الكتاب على خاتمة بعنوان: في بعض آداب الطريق والسير والسفر.

يقول الإمام الشيرازي في مقدمته للكتاب [ص9]: "هذا كتاب (الفقه: المرور) كتبته لعلاج هذا الجانب من الفقه الإسلامي. وقد ذكرت له مقدمة، لبيان الجو العام الذي يساعد على صياغة قوانين المرور المستفادة من الأدلة الأربعة، فهذه المقدمة بمنزلة (الكبرى)، والقسم الثاني المرتبط بالمرور بمنزلة (الصغرى)".

*القسم الأول/ المقدمة العامة للكتاب:

ففي الفصل الأول تحدث الإمام المؤلف عن قاعدة نفي الحرج، وأدلة لا حرج، وبعض الأمور المتعلقة بمسألة لا حرج. وبعدها تكلم عن قاعدة النظم، متعرضاً إلى الحديث عن الإنسان بين نزعتي الخير والشر. ثم جرى الكلام عن أسباب وجود القضاء والجزاء، وعن أقسام الجزاء، وتساءل بعد ذلك: هل يصح تطبيق العقوبات الإسلامية؟

وتطرق إلى موضوع الغرب وقضية المرأة، فقال [ص50-51]: "الغرب قد أعطى اليوم المرأة حرية مفسدة فساداً شاملاً، وأسفّ بشخصيتها، وجعلها بضاعة عادية ورخيصة، وإلى غير ذلك، فاللازم إعطاء المسلمين للمرأة الحريات الإسلامية العادلة، التي منحها الإسلام إياها، لسد الباب على الحريات الغربية التي امتزجت بالانحراف والفساد".

وتطرق إلى موضوع الإسلام والمياه الإقليمية وكذلك نظرة الإسلام إلى البلاد والأرضين، فقال [ص52]: "إن الإسلام يرى الأرض على قسمين:

1- أرض الإسلام، فلا اعتبار بالتقسيمات الدولية والحدود الجغرافية المجعولة لكل بلدة بلدة إذا كانتا إسلاميتين.

2- أرض غير الإسلام، فلهم تقسيماتهم، وإن كان الأفضل رفع الحدود من بينهم أيضاً".

وأوجز وجهة نظر الإسلام في الاختراقات الجوية والبرية، فقال [ص54]: "ما يصطلح عليه اليوم: من اختراق الأجواء، أو الدخول في أراضي أو مياه الدولة الأخرى، أو ما شابه ذلك إن كان بين الدول الإسلامية بعضها مع بعض، فهو مما لا يعترف به الإسلام، وذلك لأن الأرض والجو والبحر في بلاد الإسلام وإن كانت مقسمة إلى حكومات وحدود مصطنعة، فإنه يحق لكل مسلم ومسالم المرور والعبور عنها ومنها وإليها".

وتحدث بإيجاز –أيضاً- في هذا الفصل عن عدة موضوعات مثل: المعتدون وتعدياتهم، الجعل والتزوير في القضايا، التنازع بين الحدود، تبادل المجرمين، طهارة القضاء، المرأة والقضاء، بساطة القضاء الإسلامي، الحقوق وأقسامها، الأمم المتحدة ونواقصها، الخروج أو التحايل على القانون، شورى الفقهاء، أقسام المجرمين، فلسفة العقوبات، أقسام القوانين، قانون الجب، حرية التجارة وقانون المرور.

*القسم الثاني/ قوانين وأحكام المرور:

احتوى على فصلين، أولهما خُصص للمسائل المتعلقة بقوانين المرور، وثانيهما للمسائل المتعلقة بأحكام المرور.

يقول الإمام المؤلف في مبدأ هذا القسم [ص195]: "قوانين المرور إنما يجب الالتزام بها إذا استلزم عدم إطاعتها ضرراً على نفسه ضرراً بالغاً، أو الآخرين مطلقاً، مادياً أو جسمياً أو ما أشبه، نعم إذا كانت الدولة شرعية وبإشراف شورى الفقهاء المراجع فلا تجوز المخالفة مطلقاً".

فقد قدَّم سماحته في هذا القسم من الكتاب العديد من المسائل المرتبطة بقوانين وأحكام المرور، وذلك فيما يخص الجهة الحكومية المسؤولة عن المرور، والسائقين، والمشاة، والمركبات المستخدمة في السير. ويبدو أن المقام هنا لا يسع لاستعراضها جميعاً، ولكن سأذكر بعضها على سبيل المثال بدون تعليق:

يقول [ص199]: "يجب على السائق أن يتجنب الأضرار بالأشخاص والأملاك العامة والخاصة، وعليه بوجه عام أن يعمل على توفير طمأنينة وسلامة غيره من مستعملي الطريق".

يقول [ص201]: "على المشاة السير على الأرصفة، والتقيد بالإشارات، التي تعين الأماكن المخصصة لاجتيازهم الطريق، وأوقات الاجتياز، وعليهم ألا يقدموا على اجتياز الطريق قبل التأكد من عدم وجود خطر".

يقول [ص209]: "يحظر على أي كان أن يرمي في الطريق أو يترك على قارعتها كل ما من شأنه أن يعيق حركة السير، أو أن يسبب أخطاراً، أو أن يلحق ضرراً بمستعملي الطريق، كالنفايات والحجارة والتراب ومواد البناء وتطويق الطريق بالمياه أو غير ذلك، ولو فعل ذلك وأدى إلى ضرر الآخرين فهو ضامن".

يقول [ص210]: "يجب أن تكون كل مركبة مجهزة بمكبح أو أكثر، لإيقافها بصورة أكيدة وسريعة مهما تكن شروط الحمولة وميل الطريق صعوداً أو نزولاً، ويفضل تجهيزها بمكبح مزدوج التأثير، بحيث يضمن كبح العجلات الخلفية في حال تعطل التأثير على العجلات الأمامية أو العكس".

يقول [ص211]: "يلزم أو ينبغي، كل بحسبه، أن تكون كل سيارة، وكل دراجة آلية، مجهزة أثناء سيرها على الطرقات بأجهزة صالحة للاستعمال وفقاً لما يلي:

1- مرآة واحدة على الأقل توضع أمام السائق بشكل تسمح له مراقبة الطريق من الخلف.

2- ماسحة زجاج أمامية واحدة على الأقل تتحرك بشكل آلي، تسمح للسائق رؤية الطريق من مقعده بصورة جلية.

3- إطار احتياطي على الأقل لكل سيارة أو مقطورة.

4- جهاز رافع للمركبة.

5- جهاز إطفاء حريق، للباصات ولسيارات الشحن.

6- جهاز للدلالة على السرعة ولتحديد المسافات المقطوعة".

يقول [ص215]: "المبالغ المستحصلة من التخلفات الحاصلة لقانون المرور عائدة إلى بيت المال، وتصرف كما تصرف سائر الأموال الداخلة في بيت المال على ما ذكره الفقهاء في محله في الفقه".

يقول [ص215]: "لو تبين أن شرطي المرور أو من أشبهه ممن يرتبط بالمرور أخذ رشوة أو أخذ الغرامة اختلاساً لنفسه، حوكم في محكمة صالحة وأجري في حقه ما يراه الحاكم صلاحاً".

يقول [ص216]: "يلزم على الدولة الإسلامية الصحيحة توسعة الطريق، وتعبيدها، وإحداث طرق جديدة بمقدار الكفاية، وضرب الجسور عليها لتسهيل حركة المرور فيها، وإنشاء طرق متميزة للذهاب والإياب وقاية من حوادث الاصطدام، ونصب الشاخصات والعلائم المائزة، وجعل محلات التوقف، وتخطيط الطرق بما يدفع الضرر حتى المحتمل منه، ولو لم تفعل الجهة المشرفة على الأمور المذكورة، عد ذلك جرماً، فإن كان مع العلم والعمد عوقب المجرم في القضية بدفع غرامة مالية أو غيرها".

يقول [ص230]: "لا يتم تسجيل أي مركبة إلا بعد أن تكون مستوفاة لشروط الأمن والمتانة، ومعرفة سلامتها ميكانيكياً، ويستثنى من ذلك: الفحص للمركبات الجديدة، ويتم فحص المركبات من قبل الإدارة العامة للمرور، وذلك في زمان ومكان حددته هذه الإدارة، وفي حالة عدم صلاحية المركبة، يتم تبليغ مالكها عن الأسباب التي أدت إلى اتخاذ مثل هذا القرار".

يقول [ص280]: "تجوز السياقة للنساء بشرط مراعاة الموازين الشرعية من عدم التكشف وما أشبه".

يقول [ص281]: "لا يحق لإنسان أن يختطف طائرة أو سيارة أو قطاراً أو غواصة أو ما أشبه، فإنها من أعمال العنف والإرهاب وهو محرم أشد الحرمة في الشريعة الإسلامية".

وغيرها من مسائل كثيرة واردة في القسم الثاني من الكتاب.

*الخاتمة/ آداب الطريق والسير والسفر:

جاءت هذه الخاتمة وهي بحجم فصل من فصول الكتاب لتكمل الفصول الثلاثة السابقة، وقد عنونها المؤلف بـ:(خاتمة في بعض آداب الطريق والسير والسفر). فالإسلام لم يترك جانباً من الجوانب إلا ووضع له آداباً وسنناً ودعا إلى الالتزام بها بغية السمو في العمل وتحقيق السعادة.

في هذا الفصل الخاتمة تطرق الإمام المؤلف إلى مسائل السفر وما يرتبط به، فالسفر -كما يقول [ص303]-: "من المستحبات في الإسلام وفيه نصوص وروايات عديدة، وربما كان واجباً كسفر الجهاد الواجب والتجارة وما أشبه، وقد يكون محرماً كسفر المعصية ولها أحكام خاصة مذكورة في باب الصلاة والصوم".

وتحدث عن الأوقات التي يستحب فيها السفر، والأوقات التي يكره فيها، والتصدق لدفع نحوسة السفر، وبعض مستحبات السفر، والدعاء أثناء الطريق، ومستحبات المسافر إذا رجع، وغيرها مما يتعلق بآداب وسنن الطريق والسير والسفر.

وفي كلمة أخيرة يتوجب علينا أن نشير إلى أن الإمام المؤلف يبذل جهوداً مضنية في طرق موضوعات حديثة لتجلية آراء الفقه الإسلامي فيها، وللوقوف على هذا الجهد بإمكان القارئ العزيز الاطلاع على موسوعة الإمام الشيرازي الفقهية والتي تتجاوز مجلداتها المائة والخمسين حتى الآن، وهي أكبر موسوعة في الفقه الإسلامي، وفيها تناول إلى جانب الموضوعات التقليدية موضوعات في مجالات مستجدة محل بلاء الإنسان المسلم ويستلزم فيها إيضاح الحكم الإسلامي للسير عليه، من قبيل: فقه البيئة، فقه علم النفس، فقه الاجتماع، فقه السياسة، فقه الاقتصاد، فقه الإعلام، فقه القانون، فقه الإدارة، فقه الطب، فقه المستقبل.

عن مجلة قرطاس الكويتية، ع (65)، ربيع 2002م