|
||||
|
||||
مفاهيم ومصطلحات |
||||
الستراتيجية السياسية |
||||
علاء فيصل |
||||
من أهم المشاكل التي تعاني منها الدول النامية اليوم في ظل المعادلات الدولية الراهنة هي عدم القدرة على اتخاذ الستراتيجيات القومية المناسبة لها على جميع المستويات بشكل عام، وعلى المستوى الدولي بشكل خاص، وبالتالي عدم القدرة على التعامل مع المعطيات الدولية ومواجهة التحديات التي تهدد مستقبلها وأمنها القومي. إن انعدام السياسات المستقرة المتوازية المنسجمة المرنة والثابتة نسبياً تسبب في إفراز نتائج سلبية تدفع للـتأرجح فالترنح بين السياسات الافراطية والسياسيات التفريطية كفعل ورد فعل، فعل يتسم بالافراط نتيجته الفشل فنتبعه برد فعل غارق في التفريط بقصد معالجة الفشل السابق فلا نحصد إلا الفشل مرة اخرى، هذا هو حال الإفراط والتفريط دائما فهما وجهان لعملة واحدة أسمها الفشل والانسداد والعجز. هل هناك من تفسير آخر للعجز المشهود في مجالات التنمية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية؟ ما هي الستراتيجية السياسية حتى نهايات القرن الثامن عشر كانت الستراتيجية عبارة عن مجموعة من الخدع الحربية التي كان يستخدمها جنرالات الحرب كوسيلة لخداع العدو في ميادين الحرب. لكن اليوم: الستراتيجية عبارة عن فن تنظيم الموارد والإمكانات والوسائل لإستعمالها بفاعلية في تحقيق الأهداف. الهدف في الستراتيجية السياسية البعض يلخص الهدف في: (تسيير المصالح الحيوية وحفظها في مواجهة المنافسين والأعداء الحاليين والمحتملين الذين لديهم القدرة الذاتية كي يصبحوا منافسين أو أعداء مستقبليين). طبعاً المعايير المتقدمة تنتقد وتناقش في إطار السياسة الدولية الراهنة من زوايا مختلفة لكنا لسنا بصدد ذلك حاليا. الستراتيجية القومية وفقا للتعريف المذكور يمكن تفسير مصطلح الستراتيجية القومية بأنها الاستعمال الفاعل المدروس للوسائل والإمكانات والموارد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية للدولة لتأمين أعلى درجة من الحماية للسياسات القومية. اتجاهات الستراتيجية السياسية يقول أندره بوفلر كاتب كتاب (مقدمة على الستراتيجية): (إن الستراتيجية هي الطريقة الوحيدة التي يمكن الاعتماد عليها في اتخاذ قرارات تتعلق بالمصلحة القومية). كثيراً ما يطلق البعض الستراتيجية السياسية للتعبير عن الاتجاه الذي تتخذه الدولة كمؤسسة أو بالأحرى النظام السياسي بالنسبة للمحيط الخارجي وطرقه للتعامل مع الضغوط والتهديدات الخارجية. المحلل الاستراتيجي هاست يقترح أربعة اتجاهات أساسية للستراتيجية السياسية: 1- الاتجاه الانعزالي 2- الاتجاه المحايد 3- الاتجاه إلى عدم الانحياز 4- الائتلاف أو التحالف العوامل المؤثرة في الستراتيجية لكن هناك عاملان يؤثران على الستراتيجية والاتجاه الذي سيختاره كل نظام سياسي: الأول: أهداف النظام. والثاني: المعطيات الخارجية والتي تتعلق بالمحيط الدولي. لكن مع العولمة ودور الشركات العملاقة المتعددة الجنسيات والعابرة للقارات والتطورات التي طرأت مؤخراً على الساحة السياسية الدولية أصبح التأثر بالبعد الخارجي يحتل مساحة اكبر وبالتالي محاولة التأثير فيه تستحوذ على اهتمام اكثر ولاسيما مع تنامي تداخل وتشابك وتعدد وتعارض المصالح... لقد تعقدت العملية وتغيرت قوانين اللعبة، وهذا ما يجهله أو يتجاهله البعض متشبثا بما أصبح في خبر كان منكرا وجود مساحات رحبة لكنها صعبة ومعقدة لخلق المصالح المتبادلة مرددا حتمية الانتقال إلى عصر استيلاء الكبار على الصغار. انه تصوير خطير يبعث أما على الاستسلام المخجل لكابوس لا يحقق إلا حلم الكبار أو يدفع إلى الانجرار نحو مواجهة خاسرة، وكيف لا يُهزم منْ يغلق أبواب بيته على نفسه ليغرق في الكوابيس أو الأحلام بالنصر وهو يفتقد ستراتيجية في الإطار المتقدم ويختزل القوة والاقتدار في القوة العسكرية فقط. الستراتيجية المناسبة للنظام السياسي لنناقش القضية بشكل منطقي من خلال طرح السؤال الآتي: ماهي الستراتيجية السياسية المناسبة التي يمكن أن يتخذها النظام السياسي؟ الحل في المسائل المنطقية يبنى على أساس مفروضات لتنقسم إلى قسمين: 1- الفرضيات الداخلية. 2- الفرضيات الخارجية (الدولية). فلنبدأ من الفرضيات الدولية أو الخارجية. يجب أن نقبل بأنه قد انتهى ذلك العصر الذي كانت الستراتيجيات توضع على أساس الرهان على الدول الأخرى أو القطب الآخر، فالمصالح المتبادلة قد أدت إلى تغيير جذري في مجال العلاقات السياسية بين الدول. وان الثنائية القطبية هي أيضا غير موجودة حاليا وان حقبة الحرب الباردة قد انتهت أو تغيرت قواعدها جذريا، هذه هي الفرضية الأولى التي لا مناص من قبولها عند رسم الستراتيجية السياسية. أما الفرضية الثانية فتتعلق بالسياسة الداخلية وقدراتها في الدفاع عن الستراتيجية السياسية واعني ما يتعلق بها من رؤية وتقييم وقراءة واستشراف في بناء الستراتيجية السياسية. لأن أهم ركائز وضع الستراتيجية السياسية هي القدرات الداخلية والتي يمكن أن تحدد القدرة على المناورة في الساحة الدولية. فلابد من الإحاطة بالأوضاع الداخلية والقدرات الداخلية بالمطالعة الواقعية المعمقة والشاملة للأوضاع الداخلية. الدراسات حول الأوضاع الداخلية ومعالجتها لتقييم القوة الداخلية وتطويرها كثيرة لكنها غير مجدية في بلداننا، لماذا؟ لذلك أسباب منها: 1- عند قراءة ودراسة الداخل نقع فريسة الانتقائية أو الاسقاطية في رؤية الأمور على الأرض فلا نرى إلا ما نحب أن نراه، ولا نرى ما نكره أن نراه على الأرض، فضلا عن النظر للأمور من نافذة المثاليات والفرضيات المسبقة أو كما يعبر عنه هاست: (إن الأفراد يتعرضون إلى قذف معلوماتي من المحيط بشكل دائم لكن في كثير من الأوقات يرى هؤلاء ذلك القسم من المعلومات التي تنطبق على تصوراتهم المسبقة والمثالية). وثم يستنتج أن العوامل المادية والنفسية والإطار الضيق لمعالجة الأمور والقضايا هو الذي قد يؤدي إلى تحريف المعلومات أو رؤيتها كما يحلو لنا. ومع الأسف أن بعض صناع القرار وواضعي الستراتيجيات والمحللين الستراتيجيين يعانون من ذلك. 2- الوقوع في التعريف الأحادي الذي يختزل القوة في القوة العسكرية متجاهلا القوة السياسية والاقتصادية والإعلامية والثقافية والتكنولوجية والنفسية والاجتماعية والدينية والفكرية. 3- الانغماس في الخطط الستاتيكية الأحادية الثابتة الجامدة عند محاولة معالجة الأوضاع الداخلية لجعلها اكثر قوة واقتدارا على الأقل لتدعيم الاقتدار على المناورة والدفاع عن المصالح القومية في الستراتيجية السياسية للدخول إلى الساحة الدولية. وباختصار أصبحت القدرة على اللعب في الساحة الدولية تتطلب دينامكية كافية مستندة إلى قوة داخلية متنامية باستمرار وبالمفهوم الشامل للقوة الذي لا يختزل القوة في القوة العسكرية فقط. ـــــــــــــ * معهد الإمام الشيرازي الدولي للدراسات – واشنطن http://www.siironline.org |
||||
|