ردك على هذا الموضوع

التلفزيون العنف والواقع الامريكي

وائل بهجت قناص

يحمل الإعلام الأمريكي عبر رسائله إلى الجمهور مشاهد عنف شديد تؤثر على الجمهور وتؤدي إلى اختلال في الوعي وخروج عن الإنسانية وتجعل الإنسان العادي مضطرباً وبعيداً عن الشعور بالأمان.

حيث أظهرت نتائج الدراسات التي قامت بتحليل مضمون الأفلام والمسلسلات الأمريكية أن العنف أصبح الفكرة السائدة في أغلب البرامج، وأن هذه المسلسلات تنطوي على الإثارة والعنف ويتنوع مضمونها ليشمل الإجهاض، الطلاق، الإنجاب غير الشرعي، الخيانة ونقص الأمانة.

وقد وجدت مجموعة من الباحثين أن الجنس و السادية والعنف هي المواضيع المفضلة في نتاجات هذه المسلسلات التلفزيونية.

ويعتبر جرنبر واحداً من الأصوات التي تنادي بوجود علاقة ما بين الإعلام والعنف، وقد أسهم بدراسات عديدة في هذا الصدد، حيث أجرى دراسات عديدة لمعرفة مقدار العنف المقدم في برامج التلفزيون على مدار الأسبوع، ووجد أنه من بين كل عشرة برامج ترفيهية منها ثمانية على الأقل تشتمل على العنف، ووجد أن التلفزيون الأمريكي يعرض في الساعة الواحدة ثمانية مشاهد فيها عنف.

كذلك قامت بال بيكر بدراسة حول تصوير العنف على شاشة التلفزيون الأمريكي، وتوصلت إلى أن نسبة 80% من كل البرامج التي تم تحليلها تشتمل على العنف.

وفي دراسة شرام وأوجين تم التركيز على مواضيع البغاء وتعاطي الكوكايين واستعمال الكحول، حيث أصبح البغاء فكرة أساسية في مشاهد الجريمة وكان الموضوع الأساسي بالنسبة للجريمة في عام 76 - 78.

أما سينيوريللي فقد استنتجت أن التعرض بانتظام للعنف في التلفزيون يدفع بعض المشاهدين إلى ارتكاب أو تقليد أفعال عنف محددة، فبالنسبة لأغلب المشاهدين يميل عالم التلفزيون الخطير إلى غرس إحساس نسبي بالخطر وعدم الثقة وعدم الأمان، وكذلك الاغتراب والكآبة.

وفي مقارنة بسيطة بين العنف في الدراما الأمريكية والعنف في المجتمع الأمريكي نجد أن هناك تقارباً كبيراً، ففي حين وجدت ساندرا بال في تحليل مضمون الأفلام والمسلسلات الأمريكية أن أكثر من نصف الشخصيات الرئيسية تمارس العنف وأن هذه الشخصيات هي في الغالب من بين الشباب الذكور غير المتزوجين نجد إشارة وزارة العدل الأمريكية إلى أنه من بين كل الأشخاص الذين تم اعتقالهم في عام 1994 هناك 45% تحت سن 25 سنة، و80% من الذكور، و67% من البيض.

وفي حين تزايد استخدام المسدسات في الدراما الأمريكية نجد أن وزارة العدل الأمريكية في تقريرها سنة 1995 ذكرت أنه في سنة 1976 استخدم الأطفال والشباب المسدسات في ارتكاب جرائمهم بنسبة 59% وبحلول عام 1991 ارتفع الرقم إلى 78% وذكر نفس التقرير أن الأسلحة النارية كانت هي المستخدمة في 7 من كل 10 جرائم قتل وذلك في الجرائم المسجلة في عام 1994.

وبينما تنوعت العلاقات التي تربط بين مرتكبي العنف والضحايا في الدراما الأمريكية تجد تقارير الجريمة المنظمة في الولايات المتحدة الأمريكية أن هناك 28% من ضحايا جرائم القتل الإناث تم قتلهن عن طريق أزواجهن أو أصدقائهن.

ووجدت دراسة أخرى أن هناك ستة من كل عشرة من الأزواج (الزوج أو الزوجة) تعرضوا للعنف في وقت ما خلال زواجهم.

ووجدت الإحصائيات التي تناولت العنف الأسري أن جرائم القتل للمرأة تحدث في غالب الأحيان أثناء فترة انفصال الزوجين وليس خلال العلاقة الزوجية وتصبح السيدات معرضات للخطر خلال الشهرين الأولين من الانفصال إذا كن صاحبات القرار في إنهاء العلاقة.

كذلك خلصت إحدى الدراسات إلى أن هناك تقديرات تؤكد على أن 2 إلى 4 ملايين سيدة على الأقل يتم الاعتداء عليهن جسدياً كل عام.

ووجد مكتب التحقيقات الفيدرالية أن هناك سيدة واحدة على الأقل يتم الاعتداء عليها كل 15 ثانية.

وبينما صوّرت الدراما الأمريكية ضحايا العنف من صغار السن والكبار نجد أن الإحصائيات تؤكد أن هناك 2.8 مليون من جرائم السرقة ضد المراهقين لم يتم التبليغ عنها، وأن جرائم المراهقين المسجلة بالنسبة للسرقة والعنف أقل في حدوثها من جرائم البالغين ووجدت أن كل 6 ساعات ينتحر مراهق بواسطة سلاح ناري.

ووجدت إحدى الإحصائيات في الولايات المتحدة أن هناك 1 من 10 من طلاب المدارس الثانوية تقريباً تعرض لعنف بدني في العلاقات الغرامية ويرتفع الرقم بين طلاب الكلية إلى22%.

كذلك أشارت دراسة جاماشي وليفي في عام 1991 أن ثلث طلاب المدارس الثانوية وطلاب الكليات قد تعرض للعنف أثناء علاقاتهم مع الأصدقاء.

أما عن أسباب ارتكاب العنف والجريمة فقد توصلت الإحصائيات في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أن هناك مجموعة نقاط تدفع إلى استخدام العنف داخل الأسرة منها على سبيل المثال:

-المعيشة تحت خط الفقر.

-البطالة - تعاطي المخدرات.

-اختلاف ديانة الزوجين.

ووجدت إحدى الدراسات أن العلاقات الحميمة (كالخيانة الزوجية أو إنهاء العلاقات العاطفية أو التنافس الجنسي) تعتبر هي السبب الأول الذي ذكره المجرمون الذكور تبريراً لقتلهم شركاءهم المقربين، أما المجرمات الإناث فكان سبب القتل عندهن هو في غالب الأحيان الدفاع عن النفس.

بينما ذكر مكتب إحصائيات العمل عام 1997 إلى أن 50% من الوفيات في مكان العمل عبارة عن جرائم قتل، وتعتبر السرقة هي الدافع الأول خلف هذه الجرائم بنسبة 80% تليها النزاعات بين زملاء العمل والعملاء بنسبة 14% ثم النزاعات الداخلية بنسبة6%.

ووجد بحث آخر أن هناك حوالي مليون نسمة في السنة يعتبرون ضحايا لجرائم العنف أثناء تأدية عملهم أو في الخدمة.

وبينما لم تهتم الدراما الأمريكية بعكس الآثار السلبية للإدمان على سلوك الشخصيات نجد أن البحوث الجارية تكشف عن ارتباط قوي بين ارتكاب جميع سلوكيات الانحراف، التافهة منها كالشجار مع أحد الأصدقاء، والخطيرة كالسرقة من المحلات والوقوع في متاعب قانونية مع الشرطة وبين تعاطي المخدرات والتعاطي غير الطبي للأدوية النفسية، وكذلك مع شرب الكحول.

وهكذا فإننا نجد من خلال نظرة بسيطة للعنف الأمريكي المتلفز والعنف في الحياة الأمريكية مدى التأثير الذي يسببه التلفزيون في ارتفاع معدلات الجريمة، وفي ازدياد نسبة العنف في سلوك الأفراد.

 

الصفحة الرئيسية

الأعــداد السابقــة

العــدد 70

إتصــلوا بـنـــا