قمر شيراز |
(1) نِصفُ رَأسي دِيسَ بِالخَيلِ عَلى (الجِسرِ العَتيق) وَالَّذي لا يَعرِفُ الجِسرَ العَتِيق بِاختِصارٍ : إنَّهُ جِسرٌ( بِبَغدادَ) عَلى (دِجلَةَ) شَدَّ ( الكَرخَ ) في صَوبِ (الرَّصافة) وَ ( بَغدادُ) بَناها الطّاغِيَّة إنَّهُ ( المَنصُورُ ) شَيخُ الغادِرين ثُمَّ نَمّاها الَّذي مِن بَعدِهِ قَهراً فَكانَت وَ سَتَبقى قَلعَةً لِلظّالِمين وَ قالوا : هُوَ جِسرُ ( الكَرخِ ) في (بَغدادَ) في أيّامِ ( هارون الرَّشيد) وَ عَلَيهِ وَضَعوا جُثمانَ مَسجونٍ قَتيل إنَّهُ ( موسى بنُ جَعفَر) إنَّهُ ( الجِسرُ العَتيق ) كَعَتيقِ الجُرحِ فِينا كالمرابين عَتيق مِثلُ ثَوريٍّ رِسالِيٍّ تَرَهَّل باهِتَ الألوانِ، أعزَل في سِنينِ القَحطِ قَد سُمِّيَ (جِسرُ الشُّهَداء) نِصفُ رَأسي دِيسَ بِالخَيلِ عَلَيه ثُمَّ هاجَرتُ بِنِصفي مِثلُكُم فَاستَباحَتني المَنافي سَلَّبَتني صيّرتني خانِعَ الحَرفِ إذا ما اشتَدَّتِ البَلوَى وَ غ، لامَستَها كُنتُ خُرافي صِرتُ أخبُو تَحتَ وَهجِ الثَّلجِ ، مَهزُوماً بِنِصفي ثُمَّ أشدو- لِخُنُوعي- : إنَّها السَّبعُ العُجافِ يا شِغافِي لَيتَني قَد كُنتُ نَسياً ، فَلَقَد قَطَّعَني لَيلُ التَّجافي نِصفُ رَأسٍ كُنتُ- لا شَكَّ- وَ لكِنّي بِنَعلَينِ المَنافي شَكَّلَتني مِن جَديدٍ ثُمَّ قالَت : مِن دُونِكَ المِرآةُ فَانحِزتُ إلى وَجهِ صَدِيقي فَإذا بِي عِندَ أذيالِ مُحَيّاهُ بِلا رَأسٍ وَ حافي .
(2) يا شِفاهَ الجُرحِ يا راحِلَةَ الأموَاتِ أحياءً عَلى قارِعَةِ الغُربَةِ يا قَافِلَةَ الأحياءِ أمواتاً يَنامُونَ عَلى الحَربَةِ يا عُمقَ الرَّزايا أينَ نَمضي ... ؟! إنَّنا في التِّيهِ لا رَأسَ لَنا إنَّنا في التِّيةِ نَمشي نِصفُ قَرنٍ لَم تُفارِقنا البَلايا وَالخَفايا بَعضُنا، أكثَرُنا يَصعُبُ أن يَعرِفَها وَ نُصَلِّي يُبحِرُ الوَاحِدُ مِنّا- يا إلهي- لَكَ في وِردٍ سَماويِّ النَّوايا مِنهُ تَهتَزُّ جُفُونُ اللَيلِ في المَنفى، فَتَخبو في البُكاء فَإذا حَدسٌ وَ هَمسٌ، وَ مَرايا وَ نِداء : أيُّها الباكونَ في الأرضِ، عَلى النَّصرِ قُرُوناً دُونَ إعدادٍ وَ عُدَّة إنَّ مَن قالَ لَكُم أن تَستَعِدُّوا، لَم يَكُن يُخلِفُ وَعدَه وَ هُوَ يَدري أنَّكُم في عَصرِ أسرٍ وَ قُيود إنَّهُ عَصرُ المُرابينَ أبناء البَغايا مِن سُلالاتِ اليَهُود وَ لَهُم عالَمُنا ( الحُر ... ) بِما فيهِ و مَن فيهِ مَطايا وَ جُنُود غَيرَ أنّا ما عَرَفنا أنّأ ما عَرِفنا أنَّ بَطنَ الارضِ مِثلُ القَمَرِ الراحِلِ، في الآجِلِ، أو ما بَعدَهُ قَد لا تَجود رَغمَ أنَّ الأرضَ حُبلى منذ أن صَوَّرَها بارئُها، مُنذُ جَعلِ الرَّتق فَتقاً، شاءِ أن تَبقى وَلُود فَلَكَم نَحنُ قُساة كَم كَبيرٍ عاشَ فينا، وَلَنا فَنَسِيناه، تَناسِيناهُ حتى نام في آلامِنا المُرَّةَ وَحدَه فَإذا نامَ عَميقاً مِن جِراحاتٍ ، صَحَونا لَم نَكَن نَدري بِأنَّ النّائِمَ المَج روحَ مات وَأوانُ العَتبِ وَالنَّدبِ وّشَقَّ الجَيبِ فات.
(3) يا وُجُوهَ الصّابِرين يا شِفاهَ العاشِقِين يا غُبارَ الغُربَةِ المَلعُونُ في كُلِّ جَبِين أيُّها النَّاعُونَ وَالبَاكُونََ حُزناً (لِحُسَينِيٍّ) حَزِين أوَ مَا تَدرُونَ أنَّ المَوتَ حَقّ وَ بِأنَّ القَبرَ حَقّ وَ بِأنَّ الجَنَّةَ الفِردَوسَ لِلمُؤمِنِ حَقّ و لَقَد كَانَ ( أخُو شِيرازَ) بِالحَقِّ، وَ لِلحَقِّ أمِين عاشَ سَبعينَ وَ خَمسَة بَيدَ أنَّ العَارِفِين عُمرُهُم لَيسَ بِأطوَاقِ السِّنِين إنَّما عُمرُهُمُ فَيضُ عَطَايَاهُم وَ كَم كَانَ العَطَاء وَ لَقَد- وَاللهِ- كَانَ القَمَرُ الرّاحِلُ فَيضاً مِن عَطَاء كَانَ في الرَّمضاءِ ، إن جَفَّ وَ شَحَّ المَاءُ مَاء وَ إذا اشتَدَّت سِنِين القَحطِ بِالجُوعِ عَلى النَّاسِ وَ ضَجُّوا فَهُوَ دِيوَانُ كَلاء وَإلى الجُرحِ دَوَاء كَانَ في جَبّانَةِ العُريِّ رِداء وَعلى الآهاتِ في حَمّارَةِ الحَيفِ غِطاء إنَّهُ جَسَّدَ أخلاقَ السَّماء قَمَرٌ طَرَّزّهُ البَذلُ وَ وَشّاهُ السَّخَاء.
(4) إنَّني اشتَقتُ إلى مَرقَدِ جَدِّي اشتَقتُ أن أمسَحَ في أعتابِ ( بابِ القِبلَةِ ) العِملاقِ خَدِّي أينَ مِنِّي ( كَربَلاء )... ؟! وَ نُخَيلاتُ الوَطَن... هَكَذا قالَ القَمَر كَانَ يَحدُو لِلسَّفَر : طَفَحَت عِندِي كُؤوسُ الصّبرِ حَتَّى كُسِّرَت وَحَنايا الوَجدِ عَن حَاضِرَةِ السِّرِّ سَرَت فَمَتى ، جاوَزتُ حَدِّي إنَّني اشتَقتُ إلى مَرقَدِ جَدِّي أينَ مِنِّي كَربَلاء ... كِدتُّ وَاللهِ أُجَن ... هَكَذا قالَ ( الحُسَينِيُّ ) قُبَيلَ المَوتِ ، وَالنَّومِِ العَميق هَل تَظُنُّونَ بِأنَّ الفَارِسَ المُبتَلَّ في حُبِّ ( الحُسَين ) كَانَ يَدرِي أنَّهُ سَوفَ يَمُوت ؟! أم تُرى هَذا نِداءُ المَلَكُوت ؟! فَأنا مَن لَيسَ يَدرِي أنا أدرِي إنَّ مَن شَدَّ حَيَازِيمَ النَّوايا ، وَعَبَر وَجهُهُ مِن فَيضِ مَخلُوقِ القَمَر خُلقُهُ كَانُ مَطَر ، وَ عَلى كُلِّ جَبينٍ مِن بَقاياهُ أثَر أنا أدرِي إنَّ رَبِّي قالَ في الذِّكرِ الحَكِيم يا مُحَمَّد أنتَ يا عَبدِي عَلى خُلقٍ عَظِيم.
(5) إنَّ مَن ماتَ استَراح إنَّ مَن غَادَرَ هذا العَالَمَ- المَوبُوء بِالعارِ وَبِالفَوضى وَأنصافِ العِباراتِ وَهَتكِ الاصطِلاحاتِ- استَراح إنَّ مَن هاجَرَ مِن غُربَتِهِ صَوبَ السَّماواتِ أراح إنَّ مَن يَشتاقُ في الإعلانِ وَالسِرِّ ، وَ بِالصِّدقِ إلى وَادِي الجِراح حَيثُ ( كَربٍ ) وَ( بَلاء ) ثُمَّ يَرحَل
هُوَ لا شَكَّ بِوادِي كَربَلاء سيّد ضياء جمال الدّين |