ردك على هذا الموضوع

 

التكاليف الباهظة للعنف

إعداد: حيدر الجراح

قد لا تكفي المقالات والدراسات النظرية في مجال العلوم الإنسانية لتحديد أبعاد ظاهرة اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية، للدلالة على خطورة تلك الظاهرة إن لم تستند على معطيات من الحقائق والأرقام.

ولا يكون الحديث نافعاً عن العنف بوصفه سلوكاً عدائياً يعمل على تهشيم وتخريب البنى الإجتماعية والاقتصادية والسياسية لأي مجتمع من المجتمعات حين يستشري فيه، إلا بتوصيفه بلغة دالة تعتمد على صرخات الضحايا..

 

المرأة..

حددت منشورة صادرة عن مؤسسة هسباريان البريطانية عنوانها (تبادل الرأي حول صحة النساء) أشكال الإساءة التي تتعرض لها المرأة في المنزل، وهي: (إساءة أو اعتداء جسدي بواسطة الضرب من قبل الرجل أو الطرف الأقوى، التهديد والإهانة والإهمال أي إساءة عاطفية، إرغام المرأة على القيام بممارسات جنسية رغم إرادتها) وأوردت المنشورة أمثلة عن العنف المنزلي:

* الضرب، اللكم، الصفع، الحرق، الطعن أو إطلاق النار.

* المعاملة بقلة احترام أو توجيه إهانة أو لوم من دون سبب.

* إطلاق تهديدات عنيفة.

* إرغام امرأة أو طفل في العائلة على ممارسة الجنس.

* عدم السماح للمرأة بالخروج للتنزه أو للقاء عائلتها وصديقاتها، الأصرار على معرفة كل الأماكن التي تذهب إليها، وعدم السماح لها بالعمل خارج المنزل.

* التهديد بحرمانها من الدعم العاطفي أو المال.

* صرف الأموال على شراء الكحول فيما تحتاج العائلة إلى الغذاء.

* إرغام أحدهم على العمل ومصادرة أجره.

* تغذية البنات بكميات أقل مما يعطى للصبيان.

أشكال العنف ضد النساء متعددة، أولها: ضرب الزوجات، أما الشكل الثاني فهو اغتصاب النساء أو محاولة اغتصابهن.

* في بلدان كثيرة قالت نسبة من النساء في العالم تترواح بين 20 و50 بالمائة ممن شملهن البحث أنهن قد تعرضن لضرب من الزوج، وقالت 18% منهن في غينيا الجديدة أنهن قد احتجن إلى علاج بالمستشفى نتيجة إصابات أحدثتها تلك الاعتداءات.

* في عينة واسعة من نساء الولايات المتحدة الأمريكية قالت (22- 35) بالمائة أنهن قد ذهبن لأقسام الطوارئ بالمستشفيات نتيجة العنف المنزلي، وذلك بخلاف حوادث الاغتصاب.

* وفي سيئول قالت نساء بلغت نسبتهن 17% من العينة أنهن تعرضن لاغتصاب أو محاولة اغتصاب.

* تقول الدراسات الأمريكية أن المرأة التي يطالها العنف المنزلي تتعرض للانتحار أو محاولة الانتحار خمسة أضعاف ما تتعرض له النساء الأخريات.

نفس الشيء في العلاج الطبي (فالمضروبات والمعتدى عليهن) يحتجن إلى فرص علاج تعادل خمسة أضعاف ما تحتاج إليه نساء أخريات لا يتعرضن للعنف(1).

* أكدت دراسة أمريكية أن النساء تعرضن للعنف خلال طفولتهن أكثر من الرجال بعشر مرات.

* 27% من النساء تعرضن لاعتداءات جنسية عديدة خلال طفولتهن في حين أن 15% منهن اغتصبن في وقت من الأوقات.

ويعتقد الباحثون أن تعرض النساء للعنف بشكل من الأشكال قد يكون السبب وراء ارتفاع حالات الاكتئاب بين النساء أكثر من الرجال(2).

* نسبة التعرض للاغتصاب متقاربة جداً في كل من البلدان الصناعية والبلدان النامية وامرأة واحدة بين خمس أو سبع نساء تتعرضن للاغتصاب في حياتها.

* من بين 910 آلاف من حالات الحمل في العالم، نصفها غير مخطط له، ونحو 25 في المائة غير مرغوب فيه، وتنتهي نحو 150 ألف امرأة حامل كل يوم إلى الإجهاض، فثلث هذا العدد يتم اجهاضه في ظروف خطرة، وتموت 500 امرأة في العالم يومياً بسبب الإجهاض.

* الخبيرة في مجال حقوق المرأة في الأردن الدكتورة لميس ناصر تشير إلى أن نسب دوافع جرائم العنف ضد المرأة في الأردن كالتالي: 55.8 في المائة القتل دفاعاً عن الشرف، يليها الاغتصاب في المرتبة الثانية بنسبة 33.1 في المائة، وهتك العرض في المرتبة الثالثة بنسبة 21.2 في المائة(3).

* امرأة واحدة من أصل كل خمس نساء في فرنسا عرضة لضغوط أو عنف جسدي أو كلامي في الأماكن العامة.

* 148 ألف امرأة تعرضن للاغتصاب في العام 1999(4).

* يبلغ عدد حالات الاغتصاب في فرنسا سنوياً: 25000.

- نسبة النساء في حالات الاغتصاب  91.2%.

- بينهن الفتيات الصغيرات 41%.

- المراهقات 10.8%.

- الناضجات 30.2%(5).

* في اليمن سجلت في عام 1997 (40) حالة اغتصاب و34 حالة اختطاف و142 حالة اعتداء جسماني و68 حالة انتحار، هذا بخلاف الحالات التي لا يتم التبليغ عنها رسمياً خشية العار أو الفضيحة وبالنسبة لحالات الاعتداء الجسماني فإن نصيب مدينة عدن منها 28 جريمة ومدينة واب 22 وأمانة العاصمة صنعاء 14 جريمة.

* تشير الدراسات إلى أن 40% من إجمالي النساء المغتصبات هن من الإناث اللواتي لم يبلغن الخامسة عشرة بعد(6).

ونسبة من يتعرضن للضرب من أزواجهن في الأردن بصورة دائمة تترواح بين47.6 و28.6 في المائة، وفي تونس يعتقد 44.9 في المائة من الرجال و30 في المائة من النساء أنه من الطبيعي أن يضرب الرجل المرأة من أجل تقويمها.

* وفي مصر زادت جرائم الاغتصاب من 162 قضية في عام 1993 إلى 203 قضايا في عام 1994 بينما لا تصل إلى علم الشرطة بلاغات حول اغتصاب المحارم إلا نادراً.

* واحدة بين كل ثلاث نساء مصريات تعرضت للضرب من قبل زوجها مرة واحدة على الأقل.

* 52 في المئة من النساء الفلسطينيات في غزة والضفة الغربية تعرضن للضرب على الأقل مرة واحدة في العام 2000 و23 في المائة منهن تعرضن للدفع والركل والإيقاع، و33 في المائة للصفع، و16 في المائة للضرب بعصا أو حزام، 9 في المئة هوجمن بأداة حادة من قبل أزواجهن وبينت 9 في المئة أنهن تعرضن للعنف النفسي، و52 في المئة (جميعهن) تعرضن للإهانة والسباب واللغة البذيئة وتسميتهن بأسماء مهينة من قبل أزواجهن.

* وأثبتت دراسة عن العنف أجريت في الأردن على نحو 590 سيدة، وجود صلة من الدرجة الأولى بين الجاني والضحية بنسبة 64.8 في المائة، واحتل الأخ المقام الأول يليه الزوج ثم الأب(7).

* 600 ألف امرأة أسبانية ضحية سوء المعاملة الزوجية سنوياً.

* 4% من الإيطاليات بين سن الـ (14 – 59) عاماً ضحايا الاغتصاب الجنسي.

* 1740 جريمة اغتصاب وعنف جنسي شهدتها نساء لندن عام 1997.

* 20% من النساء الفرنسيات العاملات يتعرضن للتحرش الجنسي.

* 16.6% من نساء الأرجنتين العاملات يتعرضن للتحرش الجنسي.

* 10.8% من النساء الرومانيات العاملات يتعرضن للتحرش الجنسي.

* 9.7% من النساء الكنديات العاملات يتعرضن للتحرش الجنسي.

* 8.6% من النساء البريطانيات العاملات يتعرضن للتحرش الجنسي(8).

* 30% من النساء الأميركيات يتعرضن للعنف الجسدي من قبل أزواجهن، و95 في المئة من ضحايا العنف في فرنسا من النساء، ويمارس 6 في المئة من الأزواج في كندا العنف ضد زوجاتهم، وفي الهند ثماني نساء بين كل عشر ضحايا للعنف، و7 في المئة من الجرائم المسجلة في الشرطة في بيرو نساء تعرضن للضرب من أزواجهن(9).

* عدد النساء اللاتي قتلن بحجة الشرف في إحدى مقاطعات الباكستان سنة 1997: حوالي 300.

* عدد النساء اللاتي تعرضن لاعتداءات بالأحمضة في بنغلاديش سنة 1997: 200.

* عدد النساء اللاتي يقتلن سنوياً في الهند بسبب المهر 5000(10).

 

الطفولة ..

أفادت دراسة أن طفلين في المتوسط يقتلون يومياً في الولايات المتحدة بواسطة أسلحة خفيفة، وأن ما يقرب من ثلث هؤلاء الضحايا الصغار يقتلهم أطفال آخرون.

*  إن تحليلاً لإحصائيات القتل لمكتب التحقيقات الفيدرالي في الفترة بين 1995 وحتى 1999 خلص إلى أن 2971 طفلاً تترواح أعمارهم بين عام واحد و17 عاماً قتلوا بواسطة أسلحة خفيفة.. أي بمتوسط طفلين يومياً.

* أن ما يقرب من ثلث الضحايا قتلوا على يد أطفال آخرين، وأن عدد الأطفال الذين قتلوا بأسلحة يسهل حملها في اليد أكثر من عدد بقية الأسلحة المستخدمة الأخرى مجتمعة.

* أن معدل القتل باستخدام الأسلحة الخفيفة للأطفال الأميركيين يزيد 16مرة عن الأطفال الذين يعيشون في 56 دولة من الدول الصناعية الكبرى الأخرى، وأن ما يميز الشباب الأمريكي عن أقرانهم في الدول الأخرى هو سهولة الحصول على الأسلحة خصوصاً الخفيفة منها والتي يسهل حملها في اليد(11).

لخصت دراسة أجريت العام 2001 على تأثير العنف الذي يتعرض له الأطفال الفلسطينيون من جانب القوات الإسرائيلية في:

(اضطرابات هضمية – عزوف عن الأكل – الأرق أو النوم الزائد – عدم الشعور بالأمان – الالتصاق بالكبار – التمرد وعدم الطاعة – الخوف – القلق والتوتر الزائد – ضعف الذاكرة والتسرب من المدارس، وضعف التحصيل الأكاديمي)(12).

كشف استطلاع للرأي أجرته (الوطن) السعودية شمل عينة من خمسين طفلاً من مدمني الفضائيات وألعاب البلاي ستيشن تترواح أعمارهم بين 3 و14 عاماً موزعين على مدارس حكومية وخاصة بمحافظة جدة، كشف الاستطلاع أن:

* العنف الإعلامي كان وراء إصابة 47% من الأطفال بالذعر والخوف.

* أظهر الاستطلاع ميل الأطفال إلى العدوانية عند تعرضهم لأي استفزاز مهما كان شكله من قبل الغير..

* وأيد 40% من الأطفال (الضرب) كوسيلة للدفاع عن الذات أو إذا ما تعرضوا للإهانة.

* في حين لجأ 30% منه للضرب إذا ما تعرضوا للسرقة.

* وسجلت نسبة الأطفال المؤيدين للحوار كوسيلة لحل المشكلات صفراً.

وهذه النتائج وأن شملت خمسين طفلاً إلا أن نتائجها مشابهة لما خرجت به العديد من الدراسات الجامعية الأمريكية التي أكدت وجود ارتباط بين تعرض الأطفال (أقل من 8 سنوات) لمشاهد العنف المتلفزة وبين ارتفاع عدوانيتهم التي قد تصل لحد التورط بالجرائم عند البلوغ.

وجاء في دراسة ألمانية نشرت نتائجها عام 1997 أن التلفاز لخص للفرد فكرة التخلص ممن يضايقونه ببساطة سواء كان ذلك بالمطرقة أو السكين وكأنما يقترف تلك الأفعال بالبساطة التي يغلق بها التلفزيون.

* عدد الأطفال الذين تعرضوا لسوء المعاملة في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1998: 903000(13).

 

الأسلحة والحروب..

* تكلفة إنتاج وصيانة الأسلحة النووية الأمريكية منذ 54 سنة أي منذ بدايتها 55 تريليون دولار.

* تكلفة صيانة هذه الأسلحة سنوياً 35 مليار دولار(14).

* وزن القذائف والقنابل الجوية التي سقطت على العراق خلال 43 يوماً في حرب 1991: 88000 طن(15).

* عدد السيارات المفخخة في الحرب اللبنانية: 400.

* ضحاياعل القتلى:3340.

* الجرحى: 6.786(16).

* متوسط القتلى الأمريكيين بالرصاص سنوياً: 30000.

في اليوم: 84.

في الساعة: 3.5(17).

* عدد الصراعات المسلحة التي شهدها العالم من 1989حتى 1997: 103.

* عدد المواقع: 69.

* عدد القتلى في المعركة التي جرت بعد القرار الإسرائيلي بحفر ممر تحت الأرض بالقرب من المسجد الأقصى: 61 فلسطينياً، 15 إسرائيلياً.

* عدد القتلى الصينيين الذين قتلهم اليابانيون حين احتلوا مدينة نانكين الصينية: 300000 صيني(18).

* نسبة الجرائم العنيفة في نيوزيلندا لكل 100000: 1369.

* في أمريكا للعدد نفسه: 708.

* في إيرلندا: 160.

* عدد الذين قتلوا في الحرب الأهلية في سريلانكا في الخمس عشرة سنة الأخيرة: أكثر من 50 ألف(19).

* عدد الغارات (الطلعات الجوية) التي قامت بها الطائرات الأمريكية ضد يوغوسلافيا خلال أحد عشر أسبوعاً: 2300.

* عدد صواريخ توماهوك التي أطلقها القوات الأمريكية في هذه الحرب: 450.

* تكلفة كل صاروخ 1000000 دولار.

* عدد صواريخ كروز التي أطلقتها قاذفات ب 52 الأمريكية ضد يوغوسلافيا:90.

* تكلفة كل صاروخ: 2000000 دولار(20).

* بعد ثلاثة أسابيع من الانتفاضة الفلسطينية الأولى، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية البيانات التالية عن الإصابات:

* 80% من القتلى.

* 10% من الجرحى يقل عمرهم عن 18 سنة.

* في يوم واحد 10% من الجرحى توفوا.

* نسبة الجرحى المصابين في جسمهم الأعلى (القلب والرأس) 50.2% بحسب الإحصاءات الأولية التي ارتفعت فيما بعد إلى 83.2%.

* استخدام الذخيرة الحية ارتفع من 20.2% إلى 57.7% وأصبح 82%.

* 18% من الجرحى في حالة موت سريري (إكلينيكي).

* 20% من الجرحى سوف يعيشون بعاهات مستديمة معدل أعمار كل الجرحى والقتلى 21 سنة(21).

* ثمن الحرب العالمية الثانية:

- القتلى: التقديرات الدقيقة مستحيلة لكنها تدور حول 40 مليون.

- في الاتحاد السوفياتي دمرت 17000 مدينة و70000 قرية.

- في ألمانيا قتلت الغارات الجوية فقط 400000 ودمر أربعة ملايين بيت(22).

* بلغ عدد الأطفال اليتامى أو المفصولين عن أهلهم بسبب الحروب مع نهاية القرن العشرين 1000000.

* وبلغ عدد المهجرين منهم عن منازلهم 20000000.

* قتل أو أصيب بجروح وإعاقات في هذه السنوات 2000000.

* وبلغ عدد المراهقين الذين تورطوا في 30 نزاعاً في العالم كسعاة بريد أو جنود أو استغلوا جنسياً 300000(23).

* في تقدير لبنك التنمية الأمريكي (1996) أن نسبة جرائم القتل في أمريكا اللاتينية تتراوح بين 5 و7 لكل مائة ألف من السكان.

* الحد الأدنى في الباراغواي، والحد الأقصى في كولومبيا والتي تقترب فيها نسبة الجرائم إلى 8% من عدد السكان بينما تهبط إلى 2% في المكسيك و2.4% في البرازيل، وكلها أرقام هي الأعلى في العالم، حتى أن أحد الخبراء قدر تكلفة الجريمة في كولومبيا بـ (15%) من الناتج المحلي، وهو رقم قياسي دون شك(24).

* الجريمة في الولايات المتحدة بحسب تقارير أخيرة للمحاكم 137000 اغتصاب ومحاولات اغتصاب.

* الزوجات اللاتي قتلن أزواجهن: 156.

* الأزواج الذين قتلوا زوجاتهم: 275.

* عدد الذين انتحروا في اليابان سنة 1998: 32863.

بينهم من الأطفال:720.

نسبتهم لقتلى حوادث الطرق: 300%(25).

* ربما كانت معدلات جرائم القتل أصدق مقياس للعنف في العالم، لأنها تعاني أقل من غيرها من تسجيل أرقام تقل عن الواقع، ذلك أنه من الصعب تجاهل جثث القتلى. وقد وقف المتوسط العالمي – وهو يعتمد على عينة من 34 دولة من مختلف المناطق – عند 582 جريمة قتل لكل 100 ألف شخص خلال الفترة من 1980 حتى 1984، إلا أنه خلال العشر سنوات التي تلت ذلك، ارتفعت معدلات القتل في أنحاء العالم بما يزيد على 50 في المائة، وشهدت الدول الصناعية زيادة في جرائم القتل  مقدارها نحو 15 في المائة، في حين زاد المعدل زيادة كبيرة بما يزيد على 80 في المائة في أمريكا اللاتينية و112 في المائة في العالم العربي. (البيانات الواردة من أفريقيا أندر من أن تقارن على فترات) وقفز المعدل العالمي إلى 886 جريمة قتل لكل 100 ألف نسمة خلال الفترة من 1990 حتى 1994، بينما لا تزال المعدلات متدنية في آسيا والمحيط الهادي وحدهما.

مع أن المعلومات كثيرا ما تكون كروكية فيما يتصل بأعمال العنف غير القتل، فإن الإستطلاعات الخاصة بإزهاق أرواح الضحايا تعطينا فكرة عن حجم أنماط العنف الأخرى.

ومما يؤسف له أن المعلومات الشاملة لإزهاق أرواح الضحايا متاحة طوال الوقت في خمس دول فحسب: وهي كندا والولايات المتحدة وهولندا وفنلندا وإنكلترا وويلز: فهذه الدول ترسم صورة تتسق اتساقاً كبيراً مع تلك التي تقدمها معلومات جرائم القتل، إذ شهدت حالات غرب أوروبا – وخاصة إنكلترا وويلز – زيادة سريعة في العنف (قياسا بإزهاق أرواح الضحايا من خلال الاعتداء أو التهديد) خلال الثمانينيات وخلال منتصف التسعينيات، ورغم انخفاض معدلات جرائم القتل، أبدت الولايات المتحدة زيادة طفيفة في إزهاق أرواح الضحايا، ولم تبد كندا أية زيادة في العنف.

ويبدو الموقف مخيفاً في جهتين، فلا يقتصر الأمر على تحول الدول تحولاً يبعث على الأسى إلى معدلات قتل أعلى خلال منتصف الثمانينيات، ولكن يبدو أن معدل الزيادة في جرائم القتل في العالم كله آخذ في الازدياد، فأحدث الأرقام المتاحة تشير إلى أكثر من 40 جريمة قتل لكل 100 ألف شخص في أفريقيا جنوبي الصحراء الكبرى، تليها أمريكا اللاتينية وفيها نحو 23 حادث قتل لكل 100 ألف شخص، وحتى هذه المتوسطات العالية تخفي وراءها معدلات مذهلة خاصة المدن المفردة، وعلى سبيل المثال فإن معدل جرائم القتل في جوهانسبرج هو 115 وكالي 91 في كل 100 ألف نسمة.

ويعوق العنف النمو الاقتصادي بتدميره رأس المال البشري وينال من ثقة المستثمر والمستهلك. وأدت اضطرابات الطعام في زيمبابوي - التي أودت بحياة ستة أشخاص على الأقل - إلى القضاء على نمو قطاع السياحة في البلاد. وتشير دراسة أجريت أخيراً في كولومبيا إلى أنه مقابل كل عشر جرائم قتل إضافية لكل مائة ألف نسمة، يهبط مستوى الاستثمار بمقدار 4 في المائة، بعبارة أخرى، فإنه لو بقيت معدلات جرائم القتل في كولومبيا على ما هي عليه منذ الستينيات، فإن أجمالي الاستثمار السنوي في كولومبيا الآن كان سيصبح أعلى مما هو عليه بنسبة 20 في المائة، وبمرور الوقت يمكن أن يصبح العنف وتكاليفه في حالة من تحقيق الذات تقريباً، حيث يؤدي العنف إلى استثمار أقل واقتصاد متدهور، وهو ما يؤدي بدوره إلى نوبات جديدة من العدوان والجريمة.

كما أن العنف يدمر كذلك قدرة الناس على أن يعيشوا حياة طبيعية ومنتجة، فالخوف من القتل في المدن الأمريكية يقلل استعداد الناس للعمل ليلاً، مما نتجت عنه خسارة تقدر بأربعة مليارات دولار العام 1996، وسجلت آثار مشابهة في فنزويلا، حيث أعلن 25 في المائة من المستجوبين في استطلاع أجري سنة 1997 أنهم يحدون من ساعات عملهم خوفاً من الجريمة، ولا يؤثر العنف على الاستعداد للعمل ومعدل التغيب عن العمل وحسب، بل إن له كذلك آثاراً عميقة على إنتاجية العمال، والنساء في الولايات المتحدة اللواتي هن ضحايا للعنف العائلي أكثر احتمالاً للتغيب عن العمل والوصول متأخرات أو الانصراف مبكرات لأسباب طبية وغيرها من الأسباب، كما أنهن أكثر عرضة لفقدان وظائفهن أو الحصول على دخول أقل بكثير، ويصل مورد الرزق الضائع بالنسبة للنساء اللائي يساء إليهن إلى ما يزيد على 2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في تشيلي و1.6 في المائة في نيكاراجوا.

ولكن تكاليف العنف تتعدى بكثير معدلات الاستثمار المنخفضة وتدني إنتاجية العمال، فماذا عن التكاليف المباشرة، مثل الموارد التي تنفق على منع العنف وعلاج الضحايا وإلقاء القبض على الجناة ومعاقبتهم؟ لقد بلغت التكاليف الطبية التي أنفقت على علاج جروح الطلقات النارية المميتة وغير المميتة العام 1992 في الولايات المتحدة 126 مليار دولار، أو نحو 2 في المائة من إجمالي الناتج القومي لهذا البلد في تلك السنة، وتخصص دول في أمريكا اللاتينية ما بين 0.3 و5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي لعلاج النتائج الصحية للعنف وتنفق ما بين 2 و9 في المائة من إجمالي الناتج القومي على توفير الخدمات القضائية والشرطية. وفي نيوزيلندا تبلغ التكاليف المباشرة للعنف العائلي ما لا يقل عن 1.2 مليار دولار، وهو ما يزيد على المليار دولار التي يتم الحصول عليها من صادرات الصوف (1993 - 1994) وكذلك 1.4 مليار دولار تنفقه على تعويضات البطالة(26).

 

السينما والعنف..

* البرتقالة الآلية وحصادها الباهظ.

حينما أطلق ستانلي كوبريك فيلمه المثير للجدل (البرتقالية الآلية) في عام 1971م اختلف النقاد حول هذا الفيلم بسبب ما يحمله من قسوة في العنف، إلا أن كوبريك لم يوقف عرض هذا الفيلم إلا في عام 1973م بسبب جرائم من نوع خاص كانت مستوحاة منه، تندرج تحت عنوان (العنف الآلي) أو ما فوق العنف.

* 1972 أطلق آرثر بريمر النار على جورج والاس حاكم ولاية آلاباما الأمريكية، خلال حملة ترشيحه للرئاسة، وذكر بريمر في مذكراته المكتوبة بأنه شاهد فيلم (البرتقالة الآلية) وحدد بشكل خاص اهتمامه بتعبير (العنف الآلي) واستخدم كاتب السيناريو الأمريكي بول شرادر مذكرات بريمر، في كتابة سيناريو فيلم (سائق التاكسي).

* 1973 في بريطانيا قام شاب في السادسة عشرة من عمره بضرب أحد المشردين حتى الموت، وقام أربعة شبان باغتصاب راهبة شابة، وفي هاتين الحالتين كان المهاجمون يرتدون الألبسة نفسها التي كان يرتديها بطل فيلم (البرتقالة الآلية) (اليكس)، وكانت هاتان الحادثتان سببا مباشراً في إيقاف عروض الفيلم في بريطانيا.

* 1974 قدم السيناتور الأمريكي جون رويدر، من ولاية أريزونا، مشروع قانون جديد يحمل اسم (البرتقالة الآلية) يدعو فيه إلى حماية نزلاء السجون الذين يتطوعون للاشتراك في تجارب علاجية مصممة لإعادة تأهيل المجرمين للاندماج في الحياة المدنية، بعد خروجهم من السجن.

* 1976 انتشرت ظاهرة الشبان حليقي الرؤوس في أوروبا والولايات المتحدة، وهم يرتدون ملابس وأحذية تشبه تلك التي يستخدمها الشبان في فيلم (البرتقالة الآلية) ويقوم هؤلاء الشبان بالاعتداء على الآخرين بالطريقة نفسها التي ظهرت في الفيلم.

* 1990 في مدينة بترسبورغ في ولاية بنسلفانيا الأمريكية قام الشاب مايكل اندرسون (18عاماً) بطعن الفتاة كارين هيروتز ست طعنات بسيف، وكان القاتل يرتدي قميصاً يحمل علامة (البرتقالة الآلية) وأثار هذا الحادث جدلاً بين المحامين الأمريكيين حول تأثير هذا الفيلم على نوعية العنف لدى الشبان.

* 1993 في حلقتين من مسلسل (سمبسونز) مشاهد لها علاقة بفيلم (البرتقالة الآلية) في الأولى يظهر (بارت) وهو يرتدي ملابس مشابهة لملابس (اليكس) بطل (البرتقالة الآلية) وفي الحلقة الثانية يتبنى بيرنز كلب حراسة، يحاول أن يجعله يتكيف مع العنف والشراسة فيقيده إلى كرسي ويبقي عينيه مفتوحتين، كما في الفيلم، ويعرض له مشاهد من أفلام فيها قطط تلعب ثم تسحقها الشاحنات.

 

متفرقات..

* خلال سنة 2000 بلغت نسبة أطباء الأطفال الذين تعرضوا للسباب أو التهديدات في بريطانيا أو الاعتداء: 90%.

السباب كان الأكثر شيوعاً بنسبة 41%.

نسبة الذين تعرضوا لاعتداء جسدي 5%.

نسبة الذين ظلوا مضطربين فترة طويلة بعد الاعتداء 60%(27).

* عدد الصحفيين الذين اغتيلوا في كولومبيا من بداية 1997 حتى تشرين الثاني 1997: 7.

* عدد الصحفيين الذين قتلوا في العام 2000: 24.

العام 1999: 34(28).

* في كولومبيا تم اغتيال 29 صحفياً في العقد الماضي من القرن العشرين.

* 8 صحافيين يقتلون في أفغانستان عام 2001م.

* في زيمبابوي تمارس السلطات تعذيب الصحفيين.

* تعد أرتيريا أعنف دولة في أفريقيا ضد الصحفيين.

* الاعتداء على حرية الصحافة وحياة الصحفيين تضاع بنسبة 10% خلال الفترة من مايو أيار 2001 وحتى إبريل نيسان 2002م.

* الصحافة الجزائرية بمختلف وسائلها دفعت 68 صحافياً خلال 3 سنوات وأكثر من 100 عامل تابعين لقطاع الصحافة(29)..
 

الهوامش:

(1) هل تضرب زوجتك؟ - محمود المراغي:  كتاب العربي، أرقام تصنع العالم ص39.

(2) المستقبل/ العدد 766/ 20/ 6/ 2001.

(3) الحياة/ العدد 14090/ 13 تشرين الأول 2001.

(4) الرأي العام / العدد  12700/ 29/ 3/ 2002.

(5) مجلة الجيل: المجلد 22 - العدد 10 تشرين الأول 2001.

(6) الأهرام العربي: العدد 216/ 12 أيار 2001.

(7) الحياة: العدد 13943 - 19/5/2001.

(8) مجلة النبأ: العدد 50  - تشرين الأول2000.

(9)  الحياة: العدد 13943 - 19/ 5/ 2001.

(10) مجلة الجيل: المجلد 21 - العدد 10/تشرين الأول/2000.

(11) المستقبل: العدد 836 - 30/ 11/ 2001.

(12) الحياة: العدد 13943 - 19/ 5/ 2001.

(13) الوطن: العدد 68 - 6/12/ 2000.

(14) مجلة الجيل: المجلد 21- العدد 6/حزيران2000.

(15) مجلة الجيل: المجلد 19 - العدد 4/نيسان 1998.

(16) مجلة الجيل: المجلد 23 - ع1/ كانون الثاني 2002.

(17) مجلة الجيل: المجلد 22/ العدد7/ تموز 2001.

(18) مجلة الجيل: المجلد 19/العدد2/ شباط 1998.

(19) مجلة الجيل: المجلد 19/العدد 7/تموز 1998.

(20) مجلة الجيل: المجلد 21 - العدد 2/شباط 2000.

(21) مجلة الجيل: المجلد 21/العدد 12/كانون الأول 2000.

(22) مجلة الجيل: المجلد 21/العدد 1/كانون الثاني 2000.

(23) مجلة الجيل: المجلد 2/العدد 3/ آذار 2001.

(24) مثلث الخطر: محمود المراغي - أرقام تصنع العالم/ كتاب العربي/ ص209.

(25) مجلة الجيل: المجلد 21/ العدد 10/ تشرين الأول 2000.

(26) العيش في عالم أكثر عنفاً: مايرابونيفيس وأندروموريسون/ مجلة الثقافة العالمية.

(27) مجلة الجيل: المجلد 22/ العدد 8/ آب 2001.

(28) مجلة الجيل: المجلد 22/ العدد 4/ نيسان 2001.

(29) شبكة النبأ المعلوماتية: www.annabaa.org

ردك على هذا الموضوع

إتصــلوا بـنـــا

الأعــداد السابقــة

العــدديـن 67 - 68

الصفحة الرئيسية