القضية الحسينية في كتابات الإمام الشيرازي

حسن آل حمادة

لخص لنا الإمام الحسين (ع) الهدف من نهضته المقدسة بقوله الشريف: (إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً.. إني خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدّي ولآمر بالمعروف ولأنهى عن المنكر).

وقال: (إن كان دين محمدٍ لم يستقم إلاَّ بقتلي فيا سيوف خذيني).

وقد تناول المرجع الديني الراحل الإمام المجدد (السيد محمد الحسيني الشيرازي) -قدست نفسه الزكية- القضية الحسينية في كتاباته المختلفة، وجعل منها محطة انطلاقٍ وعروجٍ ينبغي للمسلمين التمحور حولها ليستضيئوا بقبسٍ من معطياتها الكثيرة، مع ملاحظة هامة هنا -قد لا تخفى على الكثيرين- وهي أن غير المسلمين قد استفادوا بقدرٍ من إشعاعات النهضة الحسينية المباركة؛ فهذا غاندي - مثلاً - في كلمته الشهيرة يقول: (تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر).

رسالة عاشوراء

من الموضوعات المهمة التي ركّز عليها الإمام الشيرازي (قدس سره) في كتاباته المتعددة بشأن القضية الحسينية، فيما يرتبط بشهر محرم الحرام، وخاصة يوم عاشوراء الدامي، وكذلك أيام الأربعين -إضافة لمناشدته لأحياء مختلف الشعائر الحسينية- موضوعان في غاية الأهمية، هما:

1- وجوب تطبيق كل الأحكام الشرعية وجميع القوانين الإسلامية الثابتة عن طريق القرآن والسنة المطهرة.

2- وجوب هداية الناس جميعاً، وخاصة غير المسلمين، إلى الإسلام.

ويضيف -(قدس سره)-: وعلى المسلمين عامة، والخطباء والمبلغين وأصحاب القلم والمنبر خاصة، التحدث بهما والكتابة عنهما، حتى ينتشر ذلك في المجتمع الإسلامي، ويتعرف عليه جميع المسلمين(1: ص12).

فرسالة عاشوراء: (إحياء الإسلام، وإرجاع القرآن إلى الحياة. وهذا هو ما كان يستهدفه الإمام الحسين عليه السلام من نهضته وشهادته؛ وذلك لأن الإسلام الذي أنزله الله تعالى في كتابه، ونطق به قرآنه، وبلّغ له رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وضحّى من أجله أهل البيت عليهم السلام، وخاصة الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء يوم عاشوراء، هو الدين الكامل، والقانون الشامل، الذي باستطاعته وفي كل عصر وزمان أن يسعد الإنسان، والمجتمع البشري، ويضمن له التقدم والرقي، والتطلع والازدهار) (2: ص3).

فـ(مثلما ثار الإمام الحسين عليه السلام في طريق تطبيق الإسلام والعمل بقوانين القرآن، يتوجب علينا كذلك أن تكون خطانا إثر خطاه عليه السلام، وأن نسعى لتطبيق أحكام الإسلام في بلدان العالم الإسلامي) (3: ص36).

تطبيق القوانين الإسلامية

يشير سماحته إلى ضرورة الإهتمام بمسائل قد تُركت، وهي ثابتة عندنا، ووصلت إلينا عن طريق: القرآن الكريم، وسنة الرسول الأعظم(ص)، وسيرة أهل بيته الطيبين الطاهرين(ع)، ومنها:

أولاً: آية الحرية الإسلامية -التي طالما دعا إليها الإمام الراحل في كتاباته المختلفة- وهي قوله تعالى: (ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم) (الأعراف:157).

باعتبار أن (الإسلام أعطى كامل الحرية للإنسان، وذلك في غير ما فرضه الله تعالى على الإنسان لحفظ إنسانيته، وتعالي روحه، ورغد عيشه، وسعادة حياته، من فعل الواجبات وترك المحرمات، وما أقلهما بالنسبة إلى الحريات الإسلامية، فإنه فيما عدا ذلك جعل الله الإنسان حراً في أن يفعل ما يشاء) (3: ص14).

فالإسلام قد كفل للإنسان الحرية في العقيدة والفكر، كما ترك له الحرية في اختيار طريقة الكسب التي يراها، ولم يمنعه من حيازة المباحات التي يشاء، ولم يحظر عليه التنقل في أرض الله الواسعة، كما حثه وشجعه على الزراعة والصناعة، ووفر له كذلك الجو المناسب لتوجيه النقد بالنسبة للحاكم وحاشيته. وكما أتاح الإسلام الحرية للأفراد، فقد أتاحها للتجمعات والأحزاب على حدٍ سواء.

(وبكلمة واحدة: إن الإسلام يضمن لكل الناس حرياتهم المشروعة الأعم من الحريات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها) (3: ص15).

ثانياً: آية الأخوة الإسلامية والإيمانية: وهي قوله تعالى: (إنما المؤمنون أخوة) (الحجرات:10) هذه الآية التي يحفظها المسلمون جميعاً، ولكنها من الآيات -الكثيرة- المهجورة التي أعرضوا عنها؛ فالرباط الذي يجمعنا كمسلمين ينبغي أن يكون رباط الدين والإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله...إلخ.

الإسلام أراد لنا أن نكون كأفراد أسرة واحدة، (وقد آخى رسول الله(ص) عملياً -بعد أن جاء القرآن بآية الأخوة- بين المسلمين أكثر من مرة؛ ليطبق أمر الله، ويعلم المسلمين على التآخي بينهم) (3:ص16).

(فعلى الجميع السعي لتحقيق الأخوة الإسلامية، وإذا تحققت الأخوة الإسلامية بين كل فصائل المجتمع الإسلامي، فإنه يمكن حينها لكل فرد، في أي بلد كان من البلاد الإسلامية، أن يحصل على جميع المزايا الإسلامية والحريات الفردية والاجتماعية التي أقرّها الدين الإسلامي) (4: ص71).

ثالثاً: آية الأمة الواحدة: (وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون) (المؤمنون:52).

(وهذه الآية الكريمة تعني أن المسلمين لهم مشتركات كثيرة، من أهمها: توحيدهم للخالق تبارك وتعالى، وقبولهم نبوة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، واعتقادهم بالإسلام والقرآن، والقيامة والمعاد. وهذه المشتركات هي التي تؤكد على أن يكون المسلمون بكل طوائفهم أمة واحدة ذات بلد واحد، وحكومة واحدة) (1: ص18-19).

والمقصود من الأمة الواحدة (ليس مجرد الاسم والشعار، بل هو التطبيق العملي المتحقق خارجاً برفع الحدود والحواجز الجغرافية بين البلاد الإسلامية، وتأسيس الدولة الإسلامية الموحدة والعظيمة) (4: ص67).

فالأمة الواحدة التي يؤكد عليها القرآن الكريم، ويخاطبنا بها الله تعالى، تتطلب -كما يرى الإمام الراحل- وقبل كل شيء الأمور التالية:

1- رفع الحواجز النفسية بين المسلمين، بأن يرى كل مسلم المسلم الآخر: أخاه في الدين والعقيدة، ونظيره في الخلق والإنسانية.

2- إلغاء الحدود الجغرافية التي أحدثها الغرب في بلاد المسلمين، حتى يستطيع التغلب والسيطرة عليهم وعلى خيراتهم، بعد أن جعل منهم بلداناً ضعيفة.

3- رفض الجواز والجنسية فيما بين المسلمين.

كما يدعو الإمام الشيرازي (ره) إلى تطبيق سائر القوانين الإسلامية، ومنها: قانون الشورى، الذي ينادي بتطبيقه في مختلف جوانب الحياة، ومنها السياسية، (حيث أنّ اللازم الشورى في الحكم، بينما نشاهد أن الحكام في بلاد الإسلام يأتون إلى سدة الحكم بالانقلابات العسكرية أو بالوراثة و.. ) (5: ص61).

هداية غير المسلمين إلى الإسلام

يؤكد الإمام الشيرازي على أن الناس جميعاً والعالم كله متعطش إلى أهداف الإمام الحسين(ع) وتعاليمه، ومتلهف إلى أخلاقه وسيرته؛ فلو استطعنا أن نوصل إلى الناس كافة، وإلى جميع العالم، صوته ونداءه، وأهدافه وتعاليمه، لاتبعه كل الناس وفي جميع أنحاء العالم.(2: ص6-7)، ولهذا الكلام مصاديق وشواهد كثيرة.

وعندما نتساءل: لماذا يجب هداية الناس، وخاصة غير المسلمين، إلى الإسلام؟ يجيبنا الإمام الراحل: (لأن الإسلام لم يكن خاصاً بالمسلمين، بل الإسلام جاء لهداية كل الناس وجميع البشر؛ قال الله في حق نبيه الكريم ورسالته السماوية: (وما أرسلناك إلا كافة للناس) (سبأ: 28)، وقال في حق كتابه وآياته المباركة: (بصائر للناس وهدى ورحمة لعلهم يتذكرون) (القصص: 43)، وقال في الهدف من بعث الرسول(ص): (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) (الأنبياء: 107)، وقال الرسول(ص): (أنا الرحمة المهداة).. فهذه الهداية التي أرسلها الله تعالى وبعثها رحمة منه، أرسلها رحمة للعالمين كافة، وليس للمسلمين فقط، ولا للناس فحسب، ولا للكرة الأرضية وحدها، بل لكل الخلق من الإنس والجن وسائر المخلوقات، ولبقية مخلوقاته في الكواكب والمنظومات والمجرات؛ وذلك لأن (العالمين) جمع العالم، والعالم هو كل الخلق ومجموع الخلائق) (1: ص25-26).

وباعتبار أن رسالة الإسلام رسالة عالمية، فعلينا جميعاً أن نسعى في إيصالها إلى الناس كافة. وليكن قدوتنا في ذلك الرسول الأكرم(ص)؛ فهو(ص) كان يستفيد استفادة كبيرة من خلال لقائه بالناس، أثناء توافدهم على مكة -حيث كانوا يتقاطرون عليها حتى قبل انتشار الإسلام واعتناقه- وينتهز هذه الفرصة ليبلغهم تعاليم الله، ويقرأ عليهم آيات الوحي المنزلة، وعندما سكن المدينة المنورة راسل(ص) جميع رؤساء العالم وزعمائهم ودعاهم إلى الإسلام.

وفي هذا العصر الذي تقاربت فيه المسافات، وسهلت فيه عملية الاتصال، نحن مدعوون إلى هداية غير المسلمين إلى الإسلام. (ويلزم علينا أن نعمل على عرض قضية الإمام الحسين(ع) ومبادئه وأهدافه، من خلال أحدث الأجهزة العصرية، عن طريق محطات البث المرئية والمسموعة، والإنترنت، والكتاب، والشريط المسجل، وكل ما يصدق عليه الإعلام، وإيصالها إلى العالم بأجمعه، بشكلها الذي أراده الإمام الحسين(ع) ) (3: ص34).

ومن الأمور التي تساعد على إيصال رسالة الإسلام إلى أسماع العالم بأجمعه -كما يرى الإمام الشيرازي-: (تأسيس منظمة عالمية لها شعب وفروع في كافة البلدان، لتنظيم المؤتمرات حول الإسلام، وفتح مراكز للحوار الحر، حول أحكام الإسلام وقوانينه الحكيمة. كما أن علينا أن نعرّف الناس الوجهة الحقيقة للأمويين والعباسيين والعثمانيين ومن شابههم، ونطلعهم على أن الإسلام كان في معزل عنهم، وبريء منهم ومن تصرفاتهم؛ وذلك حتى لا يحسب ظلمهم وتجبرهم وتخلفهم على الإسلام)(3: ص30).

الشعائر الحسينية

من الموضوعات المهمة التي ركّز عليها الإمام الراحل (قدس سره الشريف)، قضية إحياء الشعائر الحسينية، وقد ذكر في هذا المجال كلمة صرح بها أحد كبار القساوسة، يقول فيها: (لو كان لنا نحن المسيحيين الإمام الحسين؛ لاستطعنا أن ننصِّر العالم كله تحت رايته). ثم يعقب الإمام الراحل على هذه الكلمة بقوله: (وهذا التعبير إن دل على شيء، فإنما يدل على مدى فاعلية قضية الإمام الحسين عليه السلام والشعائر الحسينية في النفوس، وتأثيرها على الأرواح والقلوب، وقدرتها على استعطاف الناس واستهواء الجماهير).(1: ص34).

فالقس عندما قال كلمته هذه لم يكن مسلماً حتى يحسب كلامه غلواً في أمر الإمام الحسين(ع)، كما لم يكن جاهلاً حتى نقول بأنه كلام إنسان جاهل.. هذا القس صرَّح برأيه هذا؛ لأنه يعلم أي سحرٍ ستحدثه في النفوس، قضية كقضية الإمام الحسين(ع) الشهيد المظلوم؛ ولأنه تلمس تعاطف المسيحيين مع ما يزعمونه من صلبٍ للمسيح عيسى بن مريم(ع) (وما قتلوه وما صلبوه) (النساء: 157).

فلا يكن حظنا أقل من المسيحيين الذين يعلنون مظلومية المسيح(ع) في كل مكان وزمان، ويحملون معهم شعار صلبه المزعوم أين ما حلّوا ورحلوا!!

الإمام الراحل يدعو للاهتمام بكل ما يرتبط بالإمام الحسين(ع)، وبالشعائر الحسينية، فهو يركز على ضرورة ارتداء ملابس الحداد، وتغطية الجدران، والشوارع، والبيوت، والمساجد، والحسينيات، وغيرها، بالسواد، ورفع الأعلام السود عليها، علامةً للحزن والحداد على سيد الشهداء(ع). كما يركز سماحته على إقامة المجالس، ومختلف مواكب العزاء، مما قد تعارف عليه الناس من الشعائر الحسينية، بل وأكثر من ذلك(1: 35).

وباعتبار أن يوم عاشوراء، من الأيام التي غيرت مجرى التاريخ؛ لما جرت فيه من مصائب على أهل بيت رسول الله (ص) ؛ فقد اهتم أئمة أهل البيت(ع) به اهتماماً كبيراً، وحثوا شيعتهم ومحبيهم على إحيائه. وقد نقل لنا التاريخ الكثير من الوقائع والأحداث التي تحكي شيئاً من هذا الإهتمام من قبل المعصومين(ع)؛ فعن الإمام جعفر بن محمد الصادق(ع) أنه قال لفضل بن يسار: (تجلسون وتتحدثون؟ فقال: نعم، فقال: إن تلك المجالس أحبها الله، فرحم الله من أحيا أمرنا؛ فإن من جلس مجلساً يحيى فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب).

كما روي عن الإمام أبي جعفر الباقر(ع) رواية يتبين من خلالها ما يحوزه الإنسان من ثواب عظيم ببركة إحيائه للشعائر الحسينية، يقول(ع): (كان علي بن الحسين(ع) يقول: أيّما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين(ع) حتى تسيل على خده، بوأه الله تعالى بها في الجنة غرفاً يسكنها أحقاباً، وأيّما مؤمن دمعت عيناه حتى تسيل على خديه فيما مسّنا من الأذى من عدونا في الدنيا، بوأه الله منزل صدق، وأيّما مؤمن مسّه أذى فينا فدمعت عيناه حتى تسيل على خده من مضاضة أو أذى فينا، صرف الله عن وجهه الأذى وآمنه يوم القيامة من سخط النار) (3: ص39).

ويأمرنا الإمام الصادق(ع) بقوله: (احيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا).

ولهذا نجد أن الإمام الراحل (رضوان الله عليه) -هذا الرجل الحسيني بحق- يؤكد على مسألة إحياء الشعائر الحسينية بمختلف الطرق والأساليب؛ إذ يقول: (إن إقامة شعائر الإمام الحسين(ع) بأي نحو كان وبكل صوره المتعارفة في أوساط الشيعة، أمر جائز على ما هو المشهور بين الفقهاء، بل هو مستحب أيضاً، وقد اهتدى الملايين من الناس إلى الإسلام والتشيع بسبب إقامة هذه المجالس وهذه الشعائر المقدسة وببركة الإمام الحسين(ع) الذي وصفه جده رسول الله (ص) بأنه: (مصباح الهدى وسفينة النجاة) (4: 86-87).

في كتابه المعنون بـ(عاشوراء والقرآن المهجور)، يحدثنا الإمام الشيرازي، عن جماعة من شيعة الهند زاروه في منزله بمدينة (قم) المقدسة، وجميعهم -على ما يذكر- من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين الخامسة والثلاثين والخامسة والأربعين، وسألهم عن سبب مجيهئم، فأخبروه أنهم سمعوا باسمه الشريف في الهند حينها قرروا زيارته، وأخبروه أنهم كانوا في الأصل من الهندوس، وحكوا له قصة تشيعهم ببركة الإمام الحسين(ع)، وخلاصتها موضوعان يرتبطان بالحسين(ع)؛ أولهما التطبير على الإمام الحسين(ع)، وثانيهما: مراسم الدخول في النار، حيث يهتف البعض بشعار (يا حسين) ويدوسون بأقدامهم على الجمر! نعم، لقد تشيع هؤلاء بسبب التزام الشيعة بإحياء الشعائر الحسينية بهذه الطريقة، وبعد أن رأوا بأم أعينهم - وهم من الطبقة المثقفة، بين مهندسٍ، وطبيبٍ، ومحامٍ، وأستاذٍ - عدم تضرر المعزين(1: ص 42-45).

هذه القصة وأمثالها تنفي مزاعم البعض بأن (التطبير) عمل يضر بالدين والمذهب، ولعمري إنها نظرة قاصرة؛ لأن (الحكم لا يتغير بسبب السخرية والاستهزاء، بل اللازم هو إرشاد أولئك البعض إلى مغزى هذه الشعائر وأهميتها) (4: ص87).

وقفة مع المنبر الحسيني

حاز المنبر الحسيني على اهتمام كبير من قبل الإمام الشيرازي (قدس سره)؛ فهو ينظر إليه على أنه (من أقوى وسائل الحزن على الإمام(ع) ) (5: ص6)؛ لذلك نجد أن الإمام الراحل في كتابه (تجاربي في المنبر)، المؤلف في اليوم العاشر من محرم الحرام لعام (1387هـ)، يقول: (اعتدت منذ عشر سنوات أن ألقي من فوق المنبر توجيهات حول الإسلام -بشكل محاضرات- على طلبة العلوم الدينية، وطلاب العلوم الجديدة، والكسبة، كل أسبوع مرتين، وقد أفادتني هذه التجارب عدة نتائج أسجلها في هذا الكراس، ولعل اتباعها يوجب نجاح التبليغ والإرشاد، لتكون تبصرة لمن يبدأ في رقي المنابر، ويريد إرشاد الناس إلى الحقّ وإلى صراط مستقيم) (5: ص6).

وركز في تجاربه على أربعين مسألة مهمة ينبغي للخطباء الالتفات إليها، ومنها:

1- توجه الخطيب إلى الله سبحانه بالقلب، ليعصمه من الزلل.

2- اصطباغ المنبر بصبغة الله، في القصص والتاريخ وما أشبه.

3- تهيئة النفوس لقبول الإرشاد، والنصيحة.

4- القيام العملي على الإرشاد، وعدم الاكتفاء بالقول النظري.

5- الاطلاع على العلوم الإسلامية.

6- الاطلاع على الأحداث الحاضرة.

7- تحاشي التكرار.

7- تصوير المواقف والمصائب التي جرت على أهل البيت(ع).

8- تحليل الأمور.

10- رعاية المستويات المختلفة.

11- رعاية مبدأ الأهم والمهم.

12- الشجاعة في قول الحق.

13- الاطلاع على علم النفس.

14- اختيار الوقت الملائم.

15- عدم إطلاق الكلام.

16- التمرين والممارسة.

17- رعاية حركات البدن.

18- التدرج أثناء الطرح.

19- عدم جرح العواطف.

20- التنوع ضمن وحدة الموضوع.

21- حضور دروس الفقهاء.

وغير ذلك من الأمور المهمة، التي يلزم مراعاتها فيما يرتبط بأمر المنبر. كما يلزم أن (نرفع من كمها (المنابر) وكيفها باستمرار ودوام، وذلك بأن نقيم المجالس إقامة حسنة، وأن نراعي فيها الكيفية المطلوبة لدى الناس، وخاصة ما يفيد الشباب والناشئة، وأن ندعو الخطباء البارعين، والمبلغين الحسينيين المبرزين، لإدارة المنبر والخطابة في الناس وإلقاء المحاضرات المفيدة والقوية عليهم، متضمنة متطلبات العصر، وملبية لحاجيات المجتمع، ومتفاعلة مع النفوس والقلوب، والأفكار والعواطف) (1: ص36).

فللمنبر الحسيني فوائد عظيمة وكبيرة، تتمثل في إصلاح أمور الدين والدنيا، فضلاً عن الثواب الكبير الذي يتحصل عليه الإنسان المؤمن يوم القيامة، وفي الخبر (من بكى، أو أبكى، أو تباكى، فله الجنة) (1: 47).

ويؤكد الإمام الشيرازي -قدس سره- على أهمية التجمعات الحسينية؛ إذ يعدّها (تجمع وتنظيم أساسي لا يمكن التغافل عنه وعلينا أن نعيره أكبر اهتمامنا... فمجالسنا الحسينية التي يقيمها أبناء الشعب في أيام عاشوراء وأربعين الإمام الحسين(ع) ووفاة النبي(ص) والصديقة الطاهرة(ع) ومجالس الوفيات للأئمة عليهم السلام والمجالس الأسبوعية والشهرية التي تقام في المساجد والمدارس والبيوت، هذه المجالس يجب أن تكون ضمن تنظيم حسيني في كل مدينة وفي كل قرية، وتكون هناك قيادات منتخبة، وتنسيق بين المجالس في اختيار الخطباء، وتنظيم المواكب العزائية، واختيار الشعارات الإسلامية التي تنمي في نفسية الشعب روح الحركة والاندفاع) (6: ص728).

الهوامش:

1- آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي -قدس سره- عاشوراء والقرآن المهجور، ط1، (بيروت: مؤسسة المجتبى، 1421هـ).

2-آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي -قدس سره- رسالة عاشوراء، ط1، (بيروت: هيئة محمد الأمين(ص)، 1422هـ).

3- آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي -قدس سره- قبس من شعاع الإمام الحسين عليه السلام، ط1، (بيروت: هيئة محمد الأمين(ص)، 1422هـ).

4- آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي -قدس سره- رؤى عن نهضة كربلاء، ط1، (بيروت: مركز الرسول الأعظم(ص)، 1422هـ).

5- آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي -قدس سره- تجارب في المنبر، ط4، (بيروت: هيئة محمد الأمين(ص)، 1422هـ).

6- آية الله العظمى لسيد محمد الشيرازي. -قدس سره- الصياغة الجدية لعالم الإيمان والحرية والرفاه والسلام، ط3، (بيروت، مؤسسة الفكر الإسلامي، 1413هـ).