شوق الخالدين

السيد موسى الحيدري

أَنى لشعري أن يصوغَ رِثاكــا
فلطا لمـا بــدمٍ بكيتَ مُصابــــه
حُمّلتَ مــا تَعيى الجبالُ بِحَمْلِه
شـاؤوا وشــاء اللهُ فيك قداسةً
للهِ صبــرُك يـــا قتيلُ إبـــائِـــه
يبن الرسالةِ مــن دماءِ رسولها
سُمَّيتَ مـن صُلْبِ اليقينِ محمَّداً
يــــا بنَ الوصـيّ سُلالةً وتجلَّداً
إنْ أجْلسَتْك الِشــــائكاتُ فطالما
لم تلقَ من تشكوإليه من الورى
فمضيــت تَخْتزنُ الهمومَ تجمّلاً

يبـــن البتولِ وللبتولِ مصــائِبٌ
فلــــــــذا أَتتْكَ ومَحسنٌ بيمينِها
فَتَصدَّرَ المهــــديُّ آلَك وانْحنى
فكـــم انحنيتَ لضلعِها حَتّى بدا
تلـــك الفجيعةُ شاءَ قومُ طمْسَها
فدحرت للمُتَشَبّهِينَ ضَـــلالـــة
بـــــأبي يميُنك واللبيبُ متيـــــمٌ
إن كان عُمرالمرءِ رهنَ عطائهِ

ألْفاً وَهْبتَ إلى العقولِ ولم تزل
مَزَّقْتَ سَمْعَ الـدهرِ كــلّ ممزّقٍ
فَأَتتْكَ أشْلاُء الــــــزمــانِ ذليلةً
وَلَسَوْفَ تَبْقى مــــا دعاهُ مُوِحّدُ
ولســـوف تُستَفْتِ بلحدٍ ضمائرٍ
لــم تُفْنَ بـــــل أفْنيتَ حُقباً إنّما
فَرُفِعْتَ قدْراً كالمسيحِ إلى السما
ألْبَسَتْنَا فــــي العيدِ ثوبَ فجيعةٍ

 

وأرى الحسينَ بقبرِه يَنعاكـــا
فاليوم يبكيك الّذي أبْكاكـــــــا
يا كاظِميّاً في دفينِ أساكــــــا

وكَبَدْرِتــــــم بينُهم أبـــداكـــا
رَهْنَاً وقد كسب الرهانَ إباكا

إذ كانَ شأن رسوِلها يرعاكا
فَأَريتَ من سيماهُ في سِيماكا
وعَـــدالةً وتحسَّباً مَوْلاكــــا
جلس الّذي وَهَبَ الحياةَ مِلاكا
كُفؤاً يطيقُ تَحَملاً شكواكــــا
وبثثْتها لاؤُلي التُّقى أفلاكـــا

تُبدي نزيفَ جراحِها عيناكا
يَبكي عليك فلا يطيق حَراكا
يستقبلُ الزهرا برزءِ عَزاكا
للعارفينَ أَنيِنْها بصداكـــــــا
وأبى الجليلُ وأمرَها أَوْلاكا
فتلاشتِ الاوهامُ تحتَ عُلاكا
في سَيْبِ ما جادت به يُمناكا
فلأنتَ وترٌ في جزيلِ عَطاكا

تَهَبُ القـــلوبَ تألُّقاً ذكراكــــا
إذ كان من جرحِ الحسين نداكا
طَوْعاً وكَرْهاً تَسْتظِلُّ لِوكـــــا
قمراً يحيط الخافقيْنِ مَداكــــــا
وضميرُ أمّةِ أحمدٍ مَثواكـــــــا
مبعوثُ شوقِ الخالدينَ دعاكــا
وتجسَّد التَّشبِيه في عُقْباكـــــا
والحورُ قد عَيّدْنَ في رُؤياكــا

أأبا الَّرضـــــا والليلُ يعلم أنَّني
إلاّ لِفقــــدِ محمـــد ولآلـــــــــه
بــــــأبي واولادي وأمّي أفتدي
قَسَماً بِشيبتِك المقدّس شــــــأنها
ما ضرّني تهميشُ قومي ولم أكن
لم آتِ قسْراً في البيانِ وليس لي
وستشهدُ الدّنيــــا بأنـــك مُلْهِمِي
ولو كـــــان حُبّك قاتلي لَكَفيْتني

بالله يـــا بركــــانَ آلِ محمـــــدٍ
فَجَمَعْتَ آفاقَ الــــرحيلِ بعِلقِها
وأُريتَ أُخرى في مصيرِ رَعيةٍ
فَجَلَيْتَ طــــاقاتِ العقولِ لشأنِها
الصادقَ الصدّيقَ وتْرَ زمــــانِه
فَأَمِنْتَ إذ أَمنّتَ دربَ مصيرها

فَكَتْبتَ شَوْقاً للحسيـــن بأدمعٍ
وتهّيأتْ صَفّاً مـــلائكةُ الَسما
وإذا بصوتٍ من صميمِ محمّدٍ
هــــــذا حسينُ قد أتاك ومِلْؤهُ

 

لم أنحنِ شَجَناً لِفقدِ سِواكـــــــا
ولأنت اعلمُ في خطوب أُولاكا
نَبَضات قلبِكَ والقلوبُ فِداكــــا
ما كنتُ معسولاً بفرطِ هَواكــا
يوماً بعيداً عن فسيحِ ذَراكــــــا
إلاّ رضا المعبودِ حيثُ رضاكا
وبأنّني المظلومُ من شُعراكــــا
شَرَفاً بأن أسْمو إلى قَتْلاكـــــا

من ذا الّذي أَنْباك عن أنباكا
فأُريتَ في عدنٍ سَنا مَحياكا
رَأَت الولاءَ لحيدرٍ بولاكــا
فَوَهَبْتَها الكفؤَ الأمينَ أخاكا
من كان في أُوجِ العُلا مَثْناكا
وكَفَيْتَها مَجْداً بشمسِ خُطاكا

وكذا الجوابُ من الحسينِ أتاكا
تَتَرقَّبُ البُشرى بِظِلَّ بَهاكــــــا
وَلَدِي محمدُ قد بَلَغْتَ مُناكـــــا
شوقُ كشوقِكَ فأسْتعدْ لِلِقاكــــا