النبأ

منتخبات مما ينشر في الصحف والمجلات من رؤى وأفكار تسهم في عملية تفعيل الوعي الإنساني

المجتمع المدني والدولة صراع الأدوار

بدأ ظهور التمايز بين المجتمع المدني والدولة مع الفكر الغربي الحديث وتحديداً مع (هيغل) الذي اعتبر أن المجتمع المدني يمثل الحيز الاجتماعي والأخلاقي الواقع بين العائلة والدولة، وهذا يعني أن بناء المجتمع المدني يتم بعد بناء الدولة، وهو ما يميز المجتمع الحديث كما رأى ذلك في المجتمعات التقليدية، ومع هذا فـ(هيغل) لم يجعل المجتمع المدني شرطاً للحرية وإطاراً طبيعياً لها، فالمجتمع المدني عند هيغل هو مجتمع الحاجة والأنانية، وعلى هذا فهو في حاجة مستمرة إلى المراقبة الدائمة من طرف الدولة، أما (ماركس) الذي انتقد المثالية الهيغلية في مستوياتها المختلفة، فقد نظر إلى المجتمع المدني باعتباره الأساس الواقعي للدولة، وقد شخصه في مجموع العلاقات المادية للأفراد في مرحلة محددة من مراحل تطور قوى الإنتاج أو القاعدة التي تحدد طبيعة البنية الفوقية بما فيها من دولة ونظم حضارة ومعتقدات.

أما الفكر الليبرالي فقد اعتبر أن المجتمع المدني هو بمثابة الوسيط بين المجتمع بفئاته وشرائحه المختلفة وبين الدولة بهيمنتها الكلية، لذلك اعتبر (توكفيل) أنه لا بد للمجتمع من عين فاحصة ومستقلة، هذه العين الفاحصة ليست سوى مجموعة متعددة من الجمعيات المدنية الدائمة اليقظة والقائمة على التنظيم الذاتي، وهي الضرورة اللازمة لدعم الديمقراطية وتحقيق غايتها في إشراك النسبة الأكبر من المجتمع في مؤسسة الدولة أو مراقبتها وهو لذلك لا يقتصر على الأحزاب أو الهيئات السياسية، وإنما يشمل بالإضافة إلى هؤلاء المؤسسات الإنتاجية والطبقات الاجتماعية والمؤسسات الدينية والتعليمية والاتحادات المهنية والنقابات العمالية والاجتماعية والعقائد السياسية المختلفة.

وبذلك يكون المجتمع المدني قد دخل في علاقة جدلية مع الدولة ليس بالمفهوم الماركسي وإنما بالصيغة التبادلية، إذ المجتمع المدني يراقب الدولة عن طريق مؤسساته ويضبط توازناتها والدولة ترعى المجتمع المدني وتحافظ على استقراره واستقلاليته، وبذلك تتكون علاقة الشد والجذب التي تحكم اللعبة السياسية، إلا أن الدولة ذات المؤسسات الديمقراطية تستطيع أن ترعى هذا التوازن وتضبطه، أما الدولة الشمولية أو المحكومة بخط عقائدي وحيد لا ترى في المجتمع المدني إلا عاملاً يهدد أمنها واستقرارها.

رضوان جودت زيادة: المستقبل - 7/ أيلول/ 2001م

هجاء الثقافة ومديحها

ما بين مواقف المثقفين والمواقف المتعارضة منهم

يأتي العداء للمثقفين والثقافة من طرف السياسيين لأسباب كثيرة أهمها أن من طبيعة الثقافة، أو من وظيفتها، أن يكون المثقف ضميراً جهير الصوت للمجتمع و(الحقيقة) من دون أن يكلفه أحد بذلك، وبالتالي ألا يسكت عما يراه خطأ وباطلاً.

يتمتع السياسي، غالباً، بجماهير واسعة، ويتنعم بالسلطة وببهارجها وآلائها، أما المثقف فـ(مفلوك) بحسب التعبير القديم، أو مصاب، أدركته (حرفة الأدب) ) يعيش فقيراً حسوداً، طامحاً في مراكز السلطة، ورانياً بعينيه إليها، كما يقول السياسي، أو أن هناك تناحراً أو تناقضاً، بين سلطتين، سلطة الثقافة، وسلطة السياسة، كما قد يقول المثقف.

يرى المثقف أن (الثقافة قوة) بينما يرى السياسي أن (القوة ثقافة) وهنا يتدخل الجيش ليبرز للاثنين -المثقف والسياسي- من هي القوة الحقيقية، يرتاح السياسي لسكون الأوضاع وهدوئها، وحتى لو كانا ظاهريين، وخصوصاً إذا كان في السلطة، أما المثقف فيرتاح للتغيير والحركة، وخصوصاً إذا كانت الأوضاع سيئة، لأنه يرى أن الحياة هي تغير وحركة وسعي نحو العدالة، يرى السياسي أن لكل نضال نهاية، وهذه النهاية هي تحقيق برنامجه، أو بصريح العبارة، الوصول إلى السلطة، بينما يرى المثقف أن لا نهاية للعمل طالما الحياة مستمرة، وتتجدد بتجدد مشكلاتها وأسئلتها، يغرم السياسي بـ(النضال السري) ويبقى (نضاله سرياً) حتى ولو كان في قمة السلطة.

أما المثقف فمغرم بالعلنية، وربما بالاستعراضية في كثير من الاحيان، والصفة الأخيرة يشاركه فيها السياسي، لكن من دون الوقوع في حبائلها دائماً.

يستطيع السياسي أن (يشتري) مثقفاً، أما المثقف، فلا يستطيع أن يشتري سياسياً أو شيئاً، تماماً مثلما يستطيع الضابط أن يشتري سياسياً، بينما لا يستطيع السياسي أن يشتري ضابطاً، ومن هنا فوهم كثير من المثقفين العرب بتكسير المسافة، أو الهوة، بين المثقف والأمير هو في نتيجته، مثل وهم كثير من السياسيين بإمكان استخدام الضابط في مشاريعهم، وهو وهم نابع من عدم تقديرهم لطبيعة القوى بين طرفي المعادلة هذه، ومدى أو نوعية إمكانات كل منهما، فالأمير يستطيع أن يضع المثقف أو الفقيه في خدمة أغراضه ومشاريعه، أما المثقف (العنيد) فيبقى شبه أعزل إلا من قلمه وكرامته، إن وجدت.

محمد كامل الخطيب: الحياة - العدد 14057

مستقبل الغرب المعاصر

عالم بلا قيمة؟!

أي مستقبل للحياة في الغرب (والعالم) اليوم في ظل العولمة والثورة المعلوماتية (الميديائية)، و(السيبرانية) و(التقنية)، الوراثية، الأتمتة (التعميم الأوتوماتيكي)، والروبتة (حلول الإنسان الآلي (الروبوت) محل الإنسان؟! وهل تحتمل الحداثة القصوى Ultra moder- nisme الوعد أم الوعيد؟ وما هو أثرها على القيمة والمعنى والوسط والمجال؟ ما هي قيمة ومعاني الحب، والحياة، والعلم والعمل والسياسة والاقتصاد والأخلاق؟ هل وصلت البشرية إلى نهاية التاريخ،والحضارة، أم بداية جديدة، وتاريخ جديد لحضارة جديدة تقوم على الجدة والابتكار والإبداع؟.

حضارة أم انحطاط؟‍!

لقد قامت الحداثة الكلاسيكية على أنماط من القطيعة اللاطبيعية (المخالفة للطبيعة) جعلت كل ما هو (طبيعي) وقدسي (رأسمالاً) سلعياً وكمياً وتقنياً، وحولت الإنسان في مجتمع الاستهلاك والربحية إلى إنسان -اقتصادي ذي بعد واحد، بلا قيمة ولا معنى ولا منظور، في مجتمع يدمج في نظامه كل أبعاد الوجود الخاصة والعامة، فينتج عن عملية الإدماج (الامتثالي) هذه حالة من القمع والكبح العقلي والروحي والغريزي تحول الرغبة إلى (حاجة)، ويصبح فيها الحب والجنسانية، والعلم والأدب والفن والسياسة والاقتصاد (حاجات) استهلاكية بحتة.

حضرنة الشذوذ؟!

ماذا عن أخلاقية الحب والجنس؟:

الحب الإباحي (الحب الارتقائي)، من وجهة نظر البعض، فهو نمط يقوم على الألفة فقط، أي نوع من أنواع التجريب والتنويع في العلاقة التي تسمح بعدم الإخلاص، بل بالشراكة.

ويقوم مفهوم الشراكة على الاختلاف والتعدد والتجريب (السادية/ المازوخية-والمعاشرة المثلية الجنسية) وهو من الأنماط السائدة والقوية في الغرب المعاصر، وهذا النمط لا يناسب وحدة العائلة وإنجاب الأطفال بالطبع، ويدعو إلى (حضرنة الشذوذ)، وعلى جنس بلا حب، يقوم على الرغبة والشهوة، ويرى البعض بأن الجنس الصافي سوف يصبح في الغرب في المستقبل أكثر احترافية وتجارية، كجنس بلا أثر من علاقات إنسانية. البورنو وما إلى ذلك ستكون اعتيادية أكثر فأكثر، وبالتوازي مع ذلك سيجري (الكترنة الجنس) أي جعله إلكترونياً، بمعنى ممارسة الجنس عبر الأجهزة الإلكترونية (التلفاز والعالوم (الحاسوب) والهاتف وغيرها من الوسائل الإلكترونية).

وهذا النمط من الحب يقوم على التولع الجسدي، البحت، اللاعقلاني، واللانفساني، ومناطه النشوة القصوى.

الاستنساخ والوراثة..

ماذا عن تكنولوجيا الوراثة؟:

يرى بعض الباحثين الغربيين بأن غاية (التقنوراثية) الوصول إلى تحقيق إنسان جديد، متفوق، بفهم جديد للطبيعة، الطبيعة الخارجية والداخلية.

وثمة خوف مبرر من الخطر الكامن في تطبيق هذه التقنية على الأنواع الحية، بواسطة الاستنبات الاسترجاعي (أي استنبات أنواع منقرضة)، ومن اعمق المخاوف من البحث الوراثي هو الخوف من تهجين وراثوي هادف ومبرمج للإنسان، من الهومونوكل، النسخة الاصطناعية من الإنسان)، وهناك معلومات حول الموافقة على الاستنساخ في أوساط الإدارة الأمريكية لبعض الحالات المعينة.

روحانية أم شعوذة؟!

ماذا عن الدين؟!!

يقوم الدين على روحانية حرة، وهي تقول بالروح بدلاً من الدين والمذهب، وبالروحانية بدلاً من الدين، وتقوم الروحانية الحرة على تطورين هما:

1- الاكتشافات والمعارف الجديدة في العلوم الطبيعية، إلى جانب الأبحاث العلمية (الفيزياء الكوانطية وأبحاث الذرة والهيولى).

2- ثقافة الجسم العقلانية، حيث تمارس تقنيات جسدية خصوصية تهدف إلى التحرر النفسي، جسدنة الروح أو روحنة الجسد.

وإذا كان الاتجاه الأول إيجابياً، باعتباره يقدم الروحانية على المذهب الديني فإن الاتجاه الثاني يختلط فيه العلم بكل أنواع الصراعات والنزعات.

تعتمد الروحانية الحرة على تحقيق السعادة باعتبار أن الإلهي فينا هو في جوهر الإنسان، ولكن الأديان التي تندرج فيها عديدة، فجماعة (الهيولى) هي جماعات ذات توجه علمي (مثلاً) يقوم على ربط الروحانية بالنظرية الفيزيائية الكوانطية، وهناك جماعة تدعى (المجاذيب المقدسون) تعتقد بأن الاعتقاد والإيمان هو دائماً نتيجة برمجة لا شعورية متفوقة للعقل، وعلى هذا الأساس يقيم هؤلاء (أخوية العقل).

وهناك جماعة تدعو إلى (التنور الذاتي) الجسدي والروحي، وهناك جماعة رابعة من (الانتقائيين) ورواد هذه الديانة هم مجموعة باسم (كوداي) تأسست في عام 1925، وفيها عناصر كاثوليكية وطاوية وكونفوشية وبوذية مختلطة، وهناك جماعة تسمى الدوائر- المتشابكة ويتضمن اعتقادهم بأنه تشكيل واستفادة من الدماغ الكلي، وهذا يعني أن جميع الأدمغة تتحد على امتداد العالم في دماغ كلي يستوعب (الحكمة الكونية)، وتكمن المشكلة في هذه الديانات الجديدة بأنها لا تنطوي على قيم راسخة ولذا يختلط فيها الغث بالسمين، الحكمة بالشعوذة، والدجل والاحتيال، وأخيراً أما سمعتم عن (مشاوي الأطفال والأجنة) المقدمة كأطباق فاخرة، وسلع معروضة في(السوبر ماركت) في تايوان؟!.

د. جميل قاسم: الشاهد- العدد 193

بلا ثقافة

تحيا مجتمعات عربية وعالمثالثية بلا حراك ثقافي-اجتماعي لسنوات طويلة، والمعنيون بالثقافة رسمياً فيها فصلوا فصلاً مبيناً بين المنصب الثقافي والحالة الثقافية، فكان المجتمع بالنسبة إليهم كتلة صماء اسمها: (الشارع) أو حتى (الآخر)، الذي اعتمد بعد يأس وصبر على تسيير شؤون يوميات حياته من دون ثقافة.

لا يوجد تفاعل اجتماعي من أي نوع سوى مناسبات الشعارات! شعارات تعلو في منابر الخطابات، وتملى على المجتمع ككل لتجعله بدوره شعاراً اجتماعياً في خدمة سلطة ثقافية وتسبغ هذه الشعارات على المجتمع سمات ومزايا وحراكاً اجتماعياً خلبياً من دون رصيد واقعي، وبالتالي من دون مصداقية!.

من المثقفين من استطاعوا تجاوز هذا الحصار بنتاجات إبداعية أكدت انتماءهم الفكري، وتجاوزت حدود الرقابة والانغلاق، واستطاعت التواصل مع الآخر القريب والبعيد.

هالا محمد: الوسط - العدد 498

نحو فلسفة للايكولوجيا..

جلال الحياة والانسجام مع الطبيعة

الإنسان الايكولوجي نقيض الإنسان الفاوستي:

تتجه الدراسات البيئية على نحو متسارع باتجاه الفلسفة، قاد إلى هذا التوجه تفاقم المشكلات البيئية وعدم كفاية الحلول المطروحة على صعيد تقني بحت، ما دفع العديد من المفكرين للتعمق والبحث عن جذور الأزمة البيئية وردها إلى الأسس التي قامت عليها الحضارة الغربية الحديثة.

التكنولوجيا الحديثة- أو الأفضل أن نقول التكنولوجيا الغربية- خذلتنا ليس لأنها أضحت مدمرة ايكولوجيا، لكن بشكل رئيسي لأنها نسيت وظيفتها الأساسية، أقصد أن جميع التقنيات هي في نهاية المطاف وسائل من اجل الحياة، ولكن التكنولوجيا الحديثة أخفقت في هذه المهمة فقد تكشفت عن خسران اقتصادي وتخريب ايكولوجي، وقد حرض هذا الاتهام على نمو التكنولوجيا البديلة التي استهلت مسيرتها بقوة ملحوظة وأسرت خيال الكثيرين، لكنها تخفق الآن أيضاً، لماذا؟.

لأنها لم تكن جدية بما يكفي، أقصد كمجموعة جديدة من الوسائل من اجل الحياة، إذا ما دفعناها إلى أقصى حد، تصبح التكنولوجيا البديلة وثنية جديدة من ضروب جديدة من الأدوات أو أيديولوجيا بلهاء لليسار، عملية محمومة تريد أن تسرمد ذاتها على الرغم من أنها فارغة المضمون، لم تعد التكنولوجيا البديلة مجدية لأنها لم تنفذ إلى جذورها ولم تجابه المهمة النهائية لكل التقنيات. أن تصبح مجموعة وسائل من اجل الحياة.

هذه الوسائل من اجل الحياة، ليست بمجرد استخدامات جديدة لأدوات قديمة، إن الثقافة مكون أساسي فيها، تقدم الثقافة السليمة المزدهرة مجموعة من البنى الدينامية للحياة، نلحظ انه في الثقافة الغربية- في فترة السنين المئة والخمسين الماضية وخصوصاً في الخمسين الأخيرة منها- تعرضت الثقافة (وكذلك الدين) إلى شتى ضروب إساءة الفهم وأحيطا بالغموض والإبهام والتشويه واعتبر كل منها منتجاً سقيماً للعقول المتدهورة أو إحدى مفارقات حقبة ما قبل التكنولوجيا، وقد اعتبرت الثقافة زائفة قليلاً أو كثيراً، مع أن الثقافة والدين جزء أصيل من استراتيجيات الإنسان من أجل البقاء والسعادة، رغم هذا، فإن ثقافة ما بعد الحقبة الصناعية لا يمكنها أن تكون إحياء ساذجاً لبعض الثقافات التقليدية إذ ينبغي عليها أن تجابه شروطاً جديدة للحياة، هذا يعني أن عليها أن تعيد التفكير في منتجات العقل والروح الإنسانيين ضمن صورة مختلفة للعالم.

إن تكنولوجيا جديدة وثقافة جديدة وأيديولوجية جديدة لا تقدم بذاتها حلاً أو جواباً، بل يجب أن تصبح كل منها وجهاً لنموذج إرشادي جديد اكبر Par-adigm بكلمات أخرى، وجهاً لمجموعة جديدة من الوسائل من اجل الحياة، باختصار، تتأسس الإنسية الايكولوجية على ترابطات جديدة للعالم ككل:

- إنها ترى العالم لا كمكان للسلب والغنيمة أو حلبة لصراع العبيد، بل حرماً نقطنه إلى حين وينبغي علينا العناية به إلى أقصى حد.

- إنها ترى البشر لا كأفراد غزاة مولعين بالكسب، بل أوصياء وحراس على الأرض.

- إنها ترى المعرفة لا كأداة للهيمنة على الطبيعة بل وسائط لتهذيب الروح.

- إنها ترى القيم لا كمكافآت مالية، بل جوهرياً، وسائط تعبر بنا نحو فهم اعمق متبادل ما بين البشر وتلاحم عميق بينهم وبقية الخلق، وترى في كل تقدم جزءاً من الوسائل الجديدة من اجل الحياة.

هنريك سكوليموفسكي: السفير- العدد 9003

الخطاب الإسلامي

وتحدي الانفتاح على الإنساني والتحديث

إننا إذا أردنا أن نحدد التحديات المهمة التي ينبغي على الإسلاميين التنبه لها في الوقت الحاضر، لأهميتها في رسم المستقبل، يمكن التأكيد على النقاط التالية:

- الموقف من الحريات العامة وحقوق الإنسان.

- تطلعات الأجيال الشابة الجديدة وطموحاتها.

- تحدي الميديا.

- إعادة إنتاج الخطاب.

الموقف من الحريات العامة وحقوق الإنسان:

لذا يجب على التيار الإسلامي أن يعيد نظره للإنسان وقيمته وحقوقه التي كفلها له الخالق عز وجل، ويجعل الفضاء مفتوحاً أمام الحريات العامة لتمارس بأقصى حدٍ ممكن، وأن لا يتوجس من ذلك خيفة. فإن الممارسة الحقيقية للحريات وتأكيدها في الخطاب العام، سيفضي لإيجابيات كبيرة ويحل إشكالات عميقة، طالما اتخذت ذريعة لضرب التيار الإسلامي والتنكيل به. والأهم من ذلك كله هو إعادة النظر في مفهوم الديمقراطية، وعدم التعامل معه بحساسية مفرطة، تجعلنا نهدر ما يكتنفه هذا المفهوم من إيجابيات جمة.

تطلعات الأجيال الشابة الجديدة وطموحاتها:

إن على التيار الإسلامي إذا أراد أن يخاطب الجيل الشاب بخطاب جدي، أن ينزل ليعيش مع هؤلاء الشباب آلامهم وهمومهم، ويتحسس تطلعاتهم، ويحاول أن يجد بديلاً مناسباً لما يراه لا يتوافق ومبادئ الإسلام من سلوكياتهم. وجميع ذلك لا يمكن تحققه دون إعادة قراءة ونظر للمفاهيم المتعلقة بالشباب وحقوقهم.

تحدي الميديا:

إن الميديا هي التي تحرك العالم اليوم، وتحرك مراكز القوى وتؤثر فيها. فالحروب اليوم حروب ميديائية، الغالب فيها من يستطيع امتلاك زمامها.فهل التيار الإسلامي واعٍ لهذه الحقيقة؟. وهل لديه المقدرة على امتلاك الميديا، وحسن التعامل معها بشكل إيجابي؟. وهل لديه من الانفتاح ما يجعله يتعاطى مع الميديا دون اعتبارها نوعاً من أنواع الغزو الثقافي والإعلامي الغربي؟.

إن أي تيار أو خطاب – يريد أن يكون مؤثراً – لا يمتلك قنوات فضائية، أو مواقع على الإنترنت، أو سينما، وتكنولوجيا كمبيوترية، ومراكز معلوماتية، ووسائل اتصال حديثة، محكوم عليه بالفشل والاضمحلال، ولا مكان له في العالم الحالي.

إعادة إنتاج الخطاب:

وهو يعتبر التحدي الأكبر والحقيقي. لأنه سيشكل الفضاء الذي ستحلق فيه الأفكار، والمرجعية التي سترد لها الممارسات، والخزان الفكري للخطاب المراد إنتاجه وتوجيهه.

وعليه يراد للتيار الإسلامي إعادة نظر وقراءة للكثير من مقولاته المسلمة لديه، والتي هي في الواقع لا تعدو كونها سوى اجتهادات فكرية بشرية، ألبست لباس القداسة، وآن للعقل أن يزيل عنها هذه الحالة للتحرر من أسر سلبياتها. كما يجب إنتاج آليات جديدة لقراءة النصوص المقدسة، تتناسب وخصوصية هذه النصوص، وتضاهي التطور الحاصل في العلوم الألسنية والإنسانية الحديثة، وتعيد إنتاج النصوص بما يتوافق ومعطيات العصر المعاش.

لقد ظل التيار الإسلامي أسير مقولاته القديمة، ودوغمائية أتباعه، مما أخره للخلف وجعله غير مساوق للتقدم الحضاري الحاصل على كافة المجالات والأصعدة.

حسن المصطفى: موقع قطيفيات www.qatifonline.net