مجلة النبأ - العدد61

 

 

محمد آدم

اقتصاديات تنمية المال في فكر الشهيد السيد حسن الشيرازي (قدس سره)

(الإسلام لا يدع الملكية الفردية تطغى على مصالح الجماعة فالإسلام إنما يقنن نظام الملكية الفردية للمصلحة المشتركة بين الفرد والمجتمع، وتقدم ضرورات الجماعة على مصلحة الفرد عند الاصطدام) (1).

السيد حسن الشيرازي (قدس سره)

ويضيف الشهيد بشأن فكرة الإسلام عن المال: (تدور فكرة الإسلام عن الملكية على نقطة واحدة، هي من حيث التحليل والتحريم في منابع الثروة، وهي قانون (تكافؤ الفرص) فالعمل سبب لتنمية المال، فبنفسه لا ينمو، والنقود لا تلد النقود، ولو مر عليها ألف سنة)(2).

ويقول: (من وحي هذه الفلسفة الواقعية ينظم الإسلام برنامج اقتصادياته، ويرسم الحدود والقيود للمكاسب وعلى هذا الضوء يحرم أشياء ويحلل أشياء) (3).

لما تقدم ولغرض سبر أغوار أفكار السيد الشهيد(قدس سره)، ومن خلال كتابه الموسوم (الاقتصاد) ولغرض استشراف مناهله نبحث في ذلك:

المبادئ الأساسية في تنمية المال:

حدد الإسلام القواعد لمعرفة المال الشرعي، ورسم الطريق للوصول إليه وأيضاً وضع القواعد والمبادئ لتملكه، وانفاقه وتنميته، ومن أهم هذه المبادئ تحريم اكتناز الأموال، وتحريم الربا، وتحريم الميسر، والاحتكار، ومنع من جعل المال وسيلة للإضرار بمصالح الناس، سواء أكان ذلك في نطاق المصلحة الخاصة للأفراد أم المصلحة العامة بالنسبة للمجتمع.

وهذه تكاليف إلزامية من الشارع المقدس تجب مراعاتها بمقتضى الإيمان بالله، ويجب على الحاكم المسلم أن يرد المارقين عن هذه المبادئ إلى حظيرتها..

وإليك بيان هذه المبادئ الأساسية:

الأول

( تحريم كنز المال )

حرم الإسلام كنز الأموال وتعطيلها عن الحركة، ووردت نصوص قرآنية وأحاديث نبوية تمنع من اكتناز النقود وسحبها من ميدان التداول وتجميدها، لأن هذا التجميد من شأنه أن يفسد التوازن المالي والتجارة والاقتصاد عامة، ويفسد بذلك التوازن الاجتماعي ويؤدي إلى محظورات يجب منعها تبعاً (لمبدأ سد الذرائع، ومنع أسبابها التي تؤدي إليها قبل وقوعها) (4)، وعليه لا تصبح مسألة الاكتناز مسألة شخصية أوفردية، بل تصبح مسألة تشريعية وجريمة اجتماعية تطالب الدولة بمنعها عن طريق التشريع وعن طريق التنفيذ.

وجاء تحريم كنز الأموال في الكتاب والسنة وأحاديث أهل البيت(ع) وقد رتب الله تعالى على كنز الأموال وعيداً مرعباً لمن يتق الله ويخاف حسابه وعقابه فقال الله تعالى: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم * يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون) (التوبة: 34-35).

وجه دلالة الآية على تحريم كنز الأموال هو ترتيب الوعيد الشديد على الاكتناز، وترتيب الوعيد على الفعل يستلزم التحريم عند علماء الأصول؛ جميعاً فكنز الأموال محرم عند جميع المسلمين.

وتأييداً لمعنى هذه الآية ما جاء في آية أخرى فقال الله تعالى: (ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خير لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلو به يوم القيامة)(آل عمران: 180).

والأحاديث النبوية وأهل البيت(ع) الواردة في ذم البخل والكنز والوعيد المرتبة عليها كثيرة ومؤكدة لمعنى الآيات السابقة.

 الحكمة من تحريم كنز الأموال:

عندما ندرس النظم الحديثة ونطلع على الدراسات الاقتصادية المعاصرة نجد أن من أهم معوقات التنمية في الدول النامية هي عملية كنز الأموال وتعطيلها عن الحركة، ولذلك نجد الدول المتخلفة اقتصادياً قد يكون لدى أفرادها كنوز عديدة في شكل ذهب وفضة وغيرها، فالإسلام عندما حرم الكنز بهذه الصورة إنما رمى إلى إزالة هذا المعوق بطريقة وجدانية، ولا ينتظر من أجهزة إعلامه أن تغري الناس بالفوائد والجوائز لإخراج أموالهم من كنوزها، بل وجه الله الأمر المشدد لإخراج الأموال من كنوزها، ورتب وعيداً شديداً على الذين يكنزون الأموال.

وفي هذا المقام يجب علينا أن نشير إلى مبدأ الإسلام الحكيم في التفرقة بين ملكية المال وملكية حركة المال.

فالفرد في نظر الإسلام له حق ملكية ماله والتصرف فيه بحسب القواعد الشرعية، ولكن لم يعطه الحق الكامل في ملكية حركة المال، بحيث يكون حراً في كنزه وتعطيله عن الحركة بل أوجب هذه الحركة وشدد عليها، لأن الغالب فيها حق الجماعة ولأن الكنز فيه تعطيل لمصالحهم وحرمانهم من الاستفادة من تلك الحركة.

وكلمة الإنفاق في سبيل الله الواردة في الآيات تحتمل الانفاق بالتنازل عن جزء من المال والإنفاق يضع المال في صورة متحركة ليستفيد منها المجتمع في مرافقه المختلفة ونضرب مثلاً لذلك:

لو فرضنا أن شخصاً من أفراد المجتمع عنده عشرون ألفاً من الدنانير(كرمز عملة سابقة) ولأن عمره - بحسب اعتقاده - لا يتجاوز العشرين، رتب على ذلك وضع ماله في خزينة ليأخذ منه كل سنة ألفاً لمتطلبات حياته السنوية.

ففي هذه الصورة المالك لا يريد زيادة لماله ولذلك استغنى عن حركته وهذا يظل عشرين عاماً ولا يزيد درهماً واحداً ويستهلكه صاحبه في تلك المدة ولا يستفيد منه المجتمع.

لكن هذا المال في وضع الصورة المتحركة قد يساهم في مساعدة المجتمع على التقدم نحو الرفاهية، فلو أن ذلك المال وضع في مدرسة لتمكين المستضعفين من مواصلة التعليم لتخرّج الآلاف من الطلاب الذين يشاركون بعلمهم في تطوير الحياة الاجتماعية والاقتصادية، كما أنه لو وضع ذلك المبلغ في صورة مشروع زراعي أو صناعي أو تجاري، لكان ذلك فاتحة خير للعاملين وتوفير السلع للمستهلكين الذين يدفعون سعر التكلفة، هذا على فرض أن صاحبه لم يرد من الحركة زيادة، أما إذا كان يريد ذلك فله ربحه في المشروع. كذلك لو وضع هذا المبلغ في صورة خدمات أخرى كالمواصلات والمستشفيات لأخذ صاحبه من الذين يقدم لهم الخدمات ألفاً لاستهلاكه السنوي، فقد يكون ذلك المبلغ سبيلاً إلى حل مشاكل كثير من الناس.

وكل هذه الأنواع من أوجه حركة المال يعتبرها الإسلام من الإنفاق في سبيل الله، لأن سبيل الله هو عين مصلحة الجماعة وأفراد الجماعة، وبهذا الأسلوب الحكيم وهذه الفلسفة العظيمة حل الإسلام قضية المعوقات التي تعترض سبيل التنمية الاقتصادية، مراعياً في ذلك مصلحة الأفراد ومصلحة الجماعة.

وبهذا المفهوم لهذا المبدأ الإسلامي في تحريم الكنز، ومنعه للأفراد من تعطيل المال عن الحركة المثمرة للأفراد والجماعة، تنطلق الأموال من أسر اكتنازها، وتتجه نحو ميادين الإنتاج لتوفير السلع والخدمات لأفراد المجتمع الذين يتضررون من كنز المال، وإذا كانت الأموال لا بد من أن تتحرك لتلبي حاجات المجتمع، فإن الإسلام يرسم طرقاً لهذه الحركة حتى لا تكون الحركة ذاتها مصدراً للإضرار بالجماعة أو الأفراد.

الثاني

( تحريم الربا)

الربا يعتبر رذيلة ممقوتة في جميع الشرائع السماوية وفي كثير من الشرائع المدنية القديمة.

فقد جاء في كتاب(العهد القديم) الذي يعتبره اليهود من التوراة: (إذا أقرضت مالاً لأحد من أبناء شعبي فلا تقف منه موقف الدائن لا تطلب منه ربحاً لمالك) (5).

وفي موضع آخر(إذا افتقر أخوك فاحمله ولا تطلب منه ربحاً ولا منفعة) (6).

وقد أجمع رجال الكنيسة ورؤساؤها كما اتفقت مجامعها على أن التعليم الصادر من السيد المسيح(ع) يعد تحريماً قاطعاً للتعامل بالربا، حتى أن الآباء اليسوعيين الذين يتهمون غالباً بالميل إلى الترخص والتسامح في مطالب الحياة وردت عنهم في شأن الربا عبارات صارمة منها(أن من يقول أن الربا ليس بمعصية يعد ملحداً خارجاً عن الدين) (7).

وقال الأب بوبي: (إن المرابين يفقدون شرفهم في الحياة الدنيا وليسوا أهلاً للتكفين بعد موتهم).

ولكن هذه النظرة الدينية بالنسبة للعالم المسيحي ضربت بقيام الثورة الفرنسية حيث احتضنت المذهب المعارض وجعلته مبدءاً رسمياً منذ أن قررت الجمعية العمومية بتاريخ 12/10/1889م أنه يجوز لكل أحد أن يتعامل بالربا في حدود خاصة يعينها القانون.

 بلاد العرب قبل الإسلام:

العرب قبل الإسلام في جاهليتهم لم يبق لهم من التراث الديني الذي تركه أبو الأنبياء إبراهيم(ع) الأثر القليل الذي لم يسلم من التحرف ولذلك ظلوا يتبعون أهواءهم ونزعاتهم المادية في أكثر طقوسهم ومعاملاتهم، وكان من ذلك تعاملهم بالربا بدون قيد من عرف أو تشريع، وقد عرفت لهم في ذلك أنواع مختلفة من العقود الربوية وأشهرها ربا النسيئة، ومعنى النسيئة التأخير فكان الدائن يزيد المدين في الأجل وفي الفائدة، وربا الفضل الذي هو الزيادة عند المبادلة مع اتحاد الجنس وقد بينه الفقهاء بالتفصيل في النقود وغيرها.

البلاد الإسلامية في العصر الحاضر:

لقد جاهد الإسلام والمسيحية قروناً متطاولة لا لمنع الربا قانوناً فحسب بل لمنع التعامل به إطلاقاً، وقد قضت الثورة الفرنسية على هذه المقاومة في أوربا وأقرت النظام الذي بقي منبوذاً طوال ألف سنة كاملة.

وكان طبيعياً أن تؤدي العلاقات المستمرة بين أجزاء العالم القديم إلى انتشار هذه الفكرة المادية رويداً رويداً وانتقالها إلى خارج أوربا، وهكذا لم ينتصف القرن التاسع عشر إلا وقد سرت عدواها إلى البلاد الإسلامية فبدأ بعض المسلمين يتعاملون اقتراضاً لا افتراضاً، ثم اتسع الأمد وشاع عملياً مع بقائه محظوراً قانونياً، ثم دخل الاذن به في دائرة التشريع تحت ضغوط السلطات الأوروبية المحتلة للأقطار الإسلامية وظلت كثير من الشعوب الإسلامية متمردة على قبول الربا كطريق لتنمية المال.

 المنهج التدريجي الذي سلكه القرآن في معالجة مسألة الربا:

إن القرآن في معالجته لمثل هذه الأمراض المزمنة لا يأخذ النفس بالعنف والمفاجأة، بل يتلطف في السير بها إلى الصلاح على مراحل مترتبة متصاعدة حتى يصل بها إلى الغاية وهذا المنهج سلكه في تحريم الخمر أيضاً.

فقد تناول القرآن حديث الربا في أربعة مواضع (تشريع) أيضاً، وكان أول موضع فيها وحياً مكياً والثلاثة الباقية مدنية وكل واحد من هذه التشريعات الأربعة متشابه تمام المشابهة لمقابله في موضوع الخمر.

ففي الآية الأولى المكية يقول الله سبحانه وتعالى: (وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله، وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المُضعِفون) (الروم: 39)، فهذه الآية فيها موعظة هي أن الربا لا ثواب له عند الله، ولكنه لم يقل أن الله أدخر لآكله عقاباً، أما الموضع الثاني فكان درساً وعبرة قصها القرآن للمسلمين من سيرة اليهود، الذين حرم عليهم الربا فأكلوه وعاقبهم الله بمعصيتهم، وواضح أن هذه العبرة لا تقع موقعها إلا إذا كان من ورائها ضرب من تحريم الربا على المسلمين، ولكنه تحريم بالتلويح والتعريض لا بالنص الصريح، وهذا الأسلوب وضع المسلمين موضع ترقب وانتظار لنهي يوجه إليهم قصداً في هذا الشأن: فقال الله تعالى: (فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيراً، وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل) (النساء: 160-161).

أما الموضع الثالث فقد جاء النهي الصريح عن الربا ولكنه نهي جزئي عن الربا الفاحش الذي يتزايد حتى يصير أضعافاً مضاعفة فقال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون) (آل عمران: 130).

وأخيراً جاء النهي الصريح العام في الآية الرابعة التي ختم بها التشريع في الربا، فقال الله تعالى(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله، وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تَظلمون ولا تُظلمون، وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة، وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون، واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون) (البقرة: 278-280).

هذه هي نصوص التشريع القرآني في الربا مرتبة على حسب تسلسلها التاريخي، وإلى جانب هذه النصوص القرآنية نجد في بيان السنة النبوية ما هو أكثر تفصيلاً، وأشد صرامة فإن الرسول(ص)، لم يكتف بتحريم الربا على آكله كما ورد في القرآن الكريم و لم يكتف بجعل المعطي والآخذ والكاتب والشاهد سواء في اللعن والإجرام، بل إنه أحاط هذه الجريمة بنطاق من الذرائع والملابسات جعلها حمى محرماً؛ بهدف تحريم الوسائل الممهدة إلى الحرمة الأصلية.

يقول الشهيد السيد حسن الشيرازي (قدس) عن الربا: (عصب الرأسمالية ودعامتها الراسية، لأن الربا لا يكون إلا في المجتمع المضطرب، فيه الثري الذي نقوده أكثر من نفقاته وتجاراته، وفيه المحتاج الذي سدت في وجهه السبل، فلم يجد منفذاً يرتزق منه أينما اتجه، حتى التجأ إلى المعاملات الربوية بدافع الحاجة والاضطرار، وإن خسر الفائض كل يوم، لكنه كالمقدم على الانتحار...وهكذا الربا ينمو ويزيد أضعافاً مضاعفة، فما هي إلا سنوات حتى تتسرب ثروات هائلة من أنامل الكادحين إلى مخازن المترفين) (8).

 وجاهة التشريع القرآني في تحريم الربا:

من النواحي الثلاث الأخلاقية، والاجتماعية، والاقتصادية قبل التفصيل نتساءل: ما هي الأسباب المعقولة لهذا التحريم الصارم للمعاملة الربوية؟ وهل الحياة الاقتصادية في حالتها الحاضرة تعد ظرفاً استثنائياً يرخص فيه بمخالفة هذا التشريع الإلهي؟.

أما المسألة الأولى وهي مسألة معقولية النهي عن الربا أو عدم معقوليته فإنها قد أثيرت في عهد النبي(ص) على لسان العرب أنفسهم، فقد استثكروا هذه التفرقة بين البيع والربا قائلين: إذا أنتم منعتم ربح القرض فأمنعوا كذلك ربح يجتلب عن طريق البيع إذ هما سواء، وقالوا إن البيع مثل الربا، وكان رد القرآن عليهم بتلك الكلمة الحاسمة التي لا تقبل مراء، ولا جدالاً فقال لهم أنه ليس البيع مثل الربا(وأحل الله البيع وحرم الربا) (البقرة: 275).

وأمر التشريع هنا لم يصدر عن إرادة جبروتية تقضي أحكامها بالتحكم والتعنت، فقد علّمنا القرآن في غير موضع أن الأوامر الإلهية أنزه من أن تقع في هذا الحرج والعنت؛ فقال الله تعالى (قل إنما حرم ربي الفواحش) (الأعراف: 33)، وقال(اليوم أحل لكم الطيبات) (المائدة: 5)، وقال(ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون) (المائدة: 6).

فيجب إذن أن تكون لهذا النهي دعائم قوية وأسباب معقولة تجعله في مكانة من الصواب والحكمة، فما تلك الدعائم؟

1- الدعائم الأخلاقية:

أول ما يكشفه الباحث من أسرار هذا التشريع في هذا الباب هو بواعثه الأدبية الخلقية؛ حيث أن الضمير الإنساني يدرك مدى الفرق بين الربح عن طريق المعاملة في البيع، والربح عن طريق المجاملة، فإن الإنسان ليدرك ذلك ويحسّه حتى في الوقت الذي لا يستطيع التعبير عنه، فإن لم يدركه فإنما ذلك من غشاوة الهوى وحب الأثرة أو الغفلة وعدم التدبر، أليس كل واحد منا يستنكف من أن يطالب بتعويض مالي عن عوض يسديه لمن يحتاج إليه؟، أو عن مساعدة أدبية يقدمها لغيره عملاً بقواعد حسن الجوار وأدب الاجتماع؟. فلماذا يختلف النظر في الأمر حينما تكون المعاونة على وجه القرض (للأشياء التي يمكن أن تُرد بمثلها)؟ مع أن الشأن في الحالين واحد، وهو أنهما يختلفان عن البيع اختلافاً جوهرياً، ذلك أن البيع يتعلق بمالين مختلفين لكل منهما قيمته التي تزيد أو تنقص عن قيمة الآخر، إما بسبب اختلاف الرغبات، وإما بحسب قانون العرض والطلب، بينما المقصود في القرض كما في الإعارة هو استرداد الشيء نفسه إما عيناً أو بشيء مماثل له تماماً من جنسه، فليس ها هنا أدنى قصد للمبادلة بين مالين؛ ولذلك ليس للمقرض أن يرفض حاجته نفسها التي أعارها له المقترض عند الأجل بحالته التي تسلمها عليها.

وهناك مفهوم إسلامي للمصلحة، فإن المصلحة بالنسبة للمؤمن بالله واليوم الآخر لا تنحصر في هذه الدنيا، بل بعض المصالح ينالها المؤمن في هذه الدنيا والبعض الآخر في الدار الآخرة كثواب، وعليه نقول: للمؤمن دفترا توفير أحدهما في الدنيا، وثانيهما في الآخرة، فربح البيع يسجل له في دفتر الدنيا، وربح القرض يسجل في دفتر القيامة، والمؤمن لا يتجاهل هذه الحقيقة، ولا يغفل بسبب الأهواء عن رصيد القيامة، لأنه يعرف ويعلم علم اليقين أن الإنسان الذي ليس له رصيد في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون فإنه يجد الحسرة والندامة.

وقد تقدم أن القرض من باب الصدقة، وهو في المرتبة الثالثة من أنواع الصدقات، فالمؤمن لا يرى أنه خاسر عندما يقرض أخيه مبلغاً ليرده له بمقداره ومثله.. وعندما غُيبت هذه المفاهيم وأصبحت نظرة الناس للمعاملة بالقرض نظرة مادية، رجعوا إلى مفاهيم الجاهلية التي ادعت أن البيع مثل الربا؛ فالمكافأة في نظر الإسلام على الأعمال كما تكون في الدنيا تكون في الآخرة، حيث قال الله تعالى: (وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة، ولا تنس نصيبك من الدنيا) ثم إن الربا يميت في الإنسان حاسة الرحمة ووجدان العطف ودوافع الشفقة، فيجعل من الإنسان عضواً سيئاً في بناء المجتمع ويتصرف كالذي مسه الجن، ويكون همه التفرس في وجوه ذوي الحاجة والفقر ليقتنص مصالحه المادية، ولا تعرف الرحمة الإنسانية طريقاً إلى قلبه أو وجدانه، وهذه من أبرز صفات المرابي سواء أكان فرداً أم هيئة اعتبارية كالبنوك وما شابه.

2- الدعامة الاجتماعية:

إن حياة المجتمع تصبح حياة لا تطاق لو راح كل فرد يتمسك بحقه في أدق حدوده، دون أن يجعل على نفسه سلطاناً لفكرة البر والتعاون والتضامن والتراحم، والربا - كما قدمناه - من أبرز سماته أنه يقلب موازين الأشياء بوضع القيم الإنسانية موضعاً نازلاً، وتفضيل القيم المادية عليها، بل أنه يمس بناء الجماعة مساساً عنيفاً وعميقاً، ذلك أننا بهذه الوسيلة نزيد من الفاصلة والهوة بين طبقات الشعب، بتحويل مجرى الثروة وتوجيهها إلى جهة واحدة معينة بدلاً من أن تشيع المساواة في الفرص بين الجميع، وأن نقارب بين مستويات الأمة حتى يكون ذلك أقرب إلى التجانس والوحدة؛ والسمة البارزة في التشريع القرآني هي الحيلولة دون هذا الاستئثار برأس المال على حساب الجمهور الكادح، ومبدأ تحقيق التجانس والمساواة بين أفراد الأمة، وقد أبرز القرآن الكريم هذه السياسة بقوله تعالى (كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم) (الحشر: 7).

3- الدعامة الاقتصادية:

وهذه الدعامة تظهر في الآثار المترتبة على التعامل بالربا، فعن طريق هذه المعاملة تتجمع الأموال وتتركز في أيدي فئة قليلة، وبذلك تتحقق لها السيطرة على اقتصاديات المجتمع، وتمتد هذه السيطرة إلى سياسة المجتمع الداخلية والخارجية، وإلى تشريعات المجتمع بل وإلى أخلاقياته، وأسلوب تفكيره، بما يحرزوه من سيطرة على وسائل الإعلام، وتوجيه كل هذه القوى في الاتجاه الذي يكفل لهم المزيد من الثراء، ويدعم لهم المكانة الرفيعة التي اغتصبوها، ويضحون في سبيل ذلك بالمصالح الحقيقية للشعوب التي يعيشون بين ظهرانيها، وهذه هي من جملة الآثار المترتبة على الربا، خاصة إذا قُدر للمرابي السيطرة على مراكز المال في المجتمع.

أما من جهة المنتج الذي يقترض المال بالربا فتترتب على عمله هذا آثار أخرى منها:

1- غلاء أسعار السلع التي ينتجها المقترض، إذ المنتج يضيف فائدة القرض إلى تكاليف إنتاج السلع التي يشتريها المستهلكون؛ فكأن المجتمع هو الذي يدفع الفائدة الربوية.

2- المجتمع يدفع الفائدة الربوية إذا ظلت دورة الرخاء التي اعتمد عليها المنتج قائمة، وإذا ظل مستوى الطلب على السلعة منخفضاً بسبب ارتفاع ثمنها نتيجة لإضافة الفائدة الربوية، فإن الوضع يختلف إذ يؤدي ارتفاع الثمن إلى انحسار الاستهلاك تدريجياً فيبقى فائض من المنتجات بغير تفريغ، وهذا الفائض له عواقبه.

3- المنتج إذا أراد تخفيض تكاليف الإنتاج التي ارتفعت بسبب إضافة الفائدة الربوية إليها، فإنه لا يجد أمامه إلا أجور العمال فيسعى إلى تخفيضها، أو إلى الاستغناء عن بعضهم. أما الاستغناء عن بعضهم فيؤدي إلى خلق البطالة، وأما تخفيض أجور العمال فيؤدي إلى نقص القوة الشرائية في المجتمع، وفي الحالتين يزداد الاستهلاك انحساراً ويزداد فائض المنتجات فتنشأ الأزمات الدورية التي صارت لازمة من لوازم الاقتصاد الغربي.

4- السعي إلى تصريف فائض الانتاج يؤدي إلى البحث عن أسواق خارجية، وأكثر هذه الأسواق موجود في البلاد المتخلفة غير الصناعية، ولا سبيل إلى الدخول لهذه الأسواق إلا ببسط نفوذ الدول الصناعية عن طريق الاستعمار العسكري أو الفكري أو الأخلاقي وغيره..

تنتقل بلايا الربا من مجتمع محلي إلى المجتمعات الإنسانية كلها كما ثبت أن التنافس الاستعماري كان من الأسباب التي أشعلت حربين عالميتين في أقل من نصف قرن، وقد يؤدي إلى الثالثة فضلاً عن تحريكه للحروب الجزئية من وقت لآخر.

5- إذا أخفق المنتجون المقترضون بالربا في تخفيض أجور العمال، لجئوا إلى وسيلة أخرى هي تخفيض أثمان المواد الأولية التي تعتمد عليها صناعاتهم، والتي يستوردون أكثرها من البلاد المتخلفة غير الصناعية؛ ولذلك فقد تتآمر الدول الصناعية بتكتلاتها الاحتكارية على تخفيض أثمان المواد الأولية، غير مكترثة بالأضرار الفادحة التي تصيب بها الجانب الأكبر من سكان الأرض.

هذه بعض الأضرار التي تكبدتها البشرية كلها من جراء تجويز الفائدة الربوية على القروض الانتاجية (وقد ندد كثير من علماء الاقتصاد في الدول الرأسمالية بالفائدة على أنها هي سبب ويلات الحروب الطاحنة للبشرية وسبب الأزمات الاقتصادية الخانقة)(9).

وهذا تصديق لقوله تعالى(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله، وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون) ( البقرة: 278-279).

أما المسألة الثانية، وهي حكم الربا في وقتنا الحاضر، وهل له ما يبرر تعاطيه؟. فإن من المعلوم لدى كل مسلم أن الإسلام قد وضع إلى جانب كل قانون قانوناً يقوم على الضرورة التي تبيح المحظور في حالة السعة واليسر، فقد قال الله تعالى(وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه) (الأنعام: 119).

وعلماء الإسلام حددوا معنى الضرورة الشرعية التي تبيح للإنسان الانتقال من الحكم الصعب إلى الحكم السهل لقيام السبب المبيح.

ولأجل أن يكون تطبيق قانون الضرورة على مسألة ما تطبيقاً مشروعاً، لا يكفي أن يكون المرء عالماً بقواعد الشريعة، بل يجب أن يكون له من الورع والتقوى ما يحجزه عن التسرع في تطبيق الرخصة على غير موضعها، كما يجب أن يبدأ باتخاذ كل الحلول المشروعة في الإسلام، فإنه إن فعل ذلك فعسى ألا يجد حاجة للترخيص أو الاستثناء، وهذه هي سنة الله في أهل العزائم من المؤمنين الذين آمنوا وكانوا يتقون(ومن يتق الله يجعل له مخرجاً، ويرزقه من حيث لا يحتسب) (الطلاق: 2-3).

هذه هي بعض مبررات تحريم المعاملة الربوية التي حرمها الله وأنذر فاعليها بالحرب من الله ورسوله.

المبدأ الثالث

( تحريم الميسر )

من المبادئ الأساسية للتنمية الاقتصادية في الإسلام، هو تحريم الميسر وهو القمار، فالقمار رذيلة من الرذائل الكبرى قديماً وحديثاً، وقد حرم بنص القرآن الكريم في آيات مقروناً بتحريم الخمر، وبين القرآن ما يترتب على فعلها من العداوة والبغضاء في حياة المجتمع، ويصدان الناس عن ذكر الله، ويذهبان باليقظة التي تقي الإنسان من الوقوع في الفواحش والمعاصي، ويصدان أيضاً عن الصلاة التي هي عمود الدين فمن ضيعها فهو لما سواها أضيع، وهي عنوان الصلة بين الإنسان وربه.

وهذه الآثار الضارة التي تتولد من فعل الميسر لها جوانب عديدة فإنها تفسد علاقة الإنسان بخالقه وعلاقته بالناس وتتسبب في إهماله لمسؤولياته الأسرية والاجتماعية.

ويزيد على ذلك بأنه عمل غير منتج لأنه لا يضيف مادة جديدة إلى الدخل الحقيقي للأمة وهي السلع والخدمات التي تشبع حاجات الناس، بل هو عين العبث ففيه ضياع للطاقة الذهنية والمادية في حلقة مفرغة.

فلو فرضنا أن عشرة من الرجال قعدوا ليلعبوا الميسر وعندهم مبلغ من المال يتغالبون فيه لمدة عام كامل، فإن هذا المبلغ لا يزيد بل قد ينقص أو ينتهي بسبب حاجتهم إلى شراء مطالب حياتهم من أكل وشرب ونحو ذلك، فإنهم إذن عابثون لا يضيفون إنتاجاً جديداً بل هم في الواقع عالة على طاقات الآخرين؛ فالميسر من حيث النظرة الإسلامية الاقتصادية معطل للطاقات الجسمية والذهنية التي لو وجهت إلى الإنتاج لأضافت إلى الدخل القومي الكثير من المنتجات المادية والمعنوية.

والميسر يشمل جميع أنواع القمار الحديثة والقديمة مهما لقبت بأسماء عربية أو أجنبية، فإن المعنى الذي حرمه الله واحد، والعبرة بالمسمى وليست بالأسماء، فالشخص الواحد قد تكون له عدة أسماء وهذه الأسماء لا تغير من حقيقته.

يقول الشهيد السيد الشيرازي(قدس): (والمترفون فإنهم - بطبيعة الحال - يسوقون الاجتماع إلى الهلاك والتدمير.. فالمترفون.. ينضب الإيمان والضمير في قلوبهم.. وتعلوهم الغلواء والغلظة والاندفاع الهائج والوقاحة المائعة) (10).

المبدأ الرابع

( تحريم الاحتكار)

الاحتكار في اللغة معناه الاحتباس يقال: احتبس الشيء انتظاراً لغلائه، واحتكر زيد الطعام إذا حبسه إرادة للغلاء، ومعناه شرعاً حبس الطعام ونحوه تربصاً به للغلاء، وقيل هو حبس السلع عن البيع.

 الأدلة على تحريمه:

1- استنباط تحريمه من آية كنز الأموال وتعطيلها عن الحركة لتأدية وظيفتها، وهي تلبية حاجات المجتمع، وإذا كان الكنز وارداً في الذهب والفضة، فيمكن إلحاق غيرها بهما؛ لأن حبس الطعام ونحوه من ضروريات الناس فيه مشقة أكبر على المجتمع من كنز النقود، لأن المقصود من تحريك الذهب والفضة ونحوهما، هو خلق القوة الإنتاجية التي تيسر للمجتمع إشباع حاجاته وتدفع عنه الحرج والبؤس؛ فحبس الضروريات أولى بالتحريم من حبس الذهب والفضة.

2- ما ورد في تحريم الاحتكار في الاحاديث:

فقد روي عن النبي(ص) أنه قال: (من احتكر فهو خاطئ) (11). وفي رواية: (لا يحتكر إلا الخاطئ) أي من ادخر ما يشتريه لبيعه وقت الغلاء؛ فهو عاص آثم؛ يقال: خطئ إذا تعمد، وأخطأ إذا لم يتعمد، فهذا الحديث يدل على تحريم الاحتكار؛ لأن الإثم والمعصية لا يترتبان إلا على المحرم، وقال عليه الصلاة والسلام: (من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالجذام والإفلاس) (12) وقال: (المحتكر خاطئ والجالب مرزوق) فهذه الأحاديث تدل على منع الاحتكار.

3- إن الاحتكار لجميع ضروريات الناس ممنوع شرعاً فإذا احتكر التاجر ما يحتاج إليه الناس بيع ما يملك جبراً، وأقام القاضي عليه من العقوبات التعزيرية ما يروعه ويزجر من هم على شاكلته.

وإذا منع الاحتكار فإن جميع السلع والمحاصيل ترد السوق ويحدد السعر بقانون العرض والطلب غالباً، ولا تتدخل الدولة لتحديد الأسعار إلا في حالة إساءة استعمال الحق وإلحاق الضرر بالآخرين.

المبدأ الخامس

( منع صاحب المال من إلحاق الضرر بغيره أو بالمجتمع)

إن الحقوق الثابتة في الشريعة الإسلامية أساسها دفع المضار وجلب المصالح والموازنة بينهما، فمن أساء استعمال حقه بأن ترتب عليه الضرر بغيره فإنه في هذه الحالة يمنع إذا كان الضرر أشد ولذلك جاءت قاعدة شرعية مأخوذة من حديث شريف (لا ضرر ولا ضرار في الإسلام) (13)، وعليه يمنع المالك من الإسراف والتقتير، ويمنع من استخدام ماله في حيازة نفوذ سياسي أو نفوذ اقتصادي على حساب الآخرين من أفراد المجتمع، ويمنع من الخروج بماله عن قواعد الإسلام في توجيه ماله بعد وفاته.

البنوك الإسلامية:

يقول الشهيد السيد الشيرازي (قدس) مؤكداً على ما في القرض من ثواب: (حتى إن الملائكة لتصلي على المقرض ما دام ماله في القرض) كما يقول النبي الأكرم(ص): (من أقرض مؤمناً قرضاً ينظر به ميسوره، كان ماله في زكاة وكان هو في صلوات الملائكة حتى يؤديه.. ).

إن الإسلام يعالج مشكلة الربا وحاجة المجتمع إلى المصارف والبنوك، ولكنه يحمي البنوك الإسلامية التي يودعها الناس أموالهم، من الحين إلى الحين، لتكون اعتباراً لهم في الأسواق العالمية، أو ليأخذوا من أموالهم ما شاؤوا ومتى شاؤوا، دون أن يكلفوا المحافظة عليها بأنفسهم.

وفي نفس الوقت يقوم صاحب المصرف بالتجارة والاستيراد بهذه الأموال مع الأذن من أربابها، وهذه منفعة لها مكانتها الاجتماعية، فيقتصر عليها صاحب المال والمصرف.. هكذا قرر الإسلام البنوك، أما بنوك اليوم فإنها أوتاد الرأسمالية)(14).

فهذه جملة من المبادئ الأساسية الاقتصادية، وهي جملة من القيود التي ترد على ملكية المال، وينبغي على المسلم تنفيذها أخلاقياً، ومهمة ولي الأمر هنا هي العمل الجاد لإنفاذ هذه المبادىء وتطبيقها على الذين لا يطبقونها من عند أنفسهم، وأيضاً عليه أن يوجه المال نحو الانتاج الضروري لحياة الأمة ويمنع النشاط الاقتصادي في مجال الكماليات وأدوات الترف.

المصـــادر والمـــراجع:

1- الاقتصاد: الشهيد السيد حسن الشيرازي(قدس)، ص249.

2- م.ن.

3- الاقتصاد: الشهيد السيد الشيرازي(قدس)، م.ن ص250.

4- الحلال والحرام: الشيخ يوسف القرضاوي، ص31.

5- محاضرات في الاقتصاد: محمد الخضري، ص11.

6- النظام الاقتصادي في الإسلام: محمد المبارك، ص163.

7- الاقتصاد العالمي: سكويار، ص57.

8- الاقتصاد: الشهيد السيد الشيرازي(قدس)، ص250.

9- المسلم في عالم الاقتصاد: مالك بن نبي، ص91.

10- الاقتصاد: الشهيد السيد الشيرازي(قدس)، ص251.

11- وسائل الشيعة: العاملي، ج17 ص426 ح8.

12- م.ن.

13- الكافي: الكليني، ج5 ص292-293، باب الفرار ح2.

14- الاقتصاد: الشهيد السيد الشيرازي(قدس)، ص257.