مجلة النبأ - العدد61

 

لعلّ من البديهي القول أن الوظيفة الحضارية للهوية هي وظيفة التوحيد المعنوي والروحي والعقلي؛ ودورنا هو العمل على تقوية وتنمية هذه الوظيفة الحضارية، حتى تتحول هذه الثروة إلى قدرات فعلية ومؤسسية في سبيل التطوير والتقدم..

لهذا فإن علاقتنا مع الهوية، علاقة إضافة، ومصدر من مصادر الفعل الحضاري في الأمة، وعلى ضوء هذا تتجه علاقتنا بمفردات وعناصر الهوية، إلى توفير الشروط المطلوبة لصناعة التفاعل الخلاّق بين إنسان هذا العصر، وتلك القيم والمبادئ التي تفاعل معها في يوم من الأيام نفر من الناس، فتحولوا بفضلها من حفاة، عراة، إلى أسياد العالم.. ومن مجتمع جاهلي تسوده شريعة الغاب، إلى مجتمع يسوده الحب والتعاون، وتكتنفه طموحات نبيلة تسع العالم كله.. فالهوية ليست واقعاً مجتمعياً ناجزاً، وإنما هي قيم الأمة الجوهرية التي يتجدد فهمها بفعل الإنسان ومستوى إدراكه وديناميته، وقدرته على تحدي مشكلات عصره..

لهذا كله فإن الفكر الإسلامي المعاصر، بحاجة إلى أن يشخص داء الأمة تشخيصاً دقيقاً، ويوفر متطلبات رؤيته الدقيقة، ويجدد من منظومة أفكاره، ويبرز المضامين الحضارية والإنسانية للفكر الإسلامي، ويؤصل لقيم الحرية والتعددية والإبداع وتداول السلطة بشكل سلمي، وحقوق الإنسان وحرية الفكر والتعبير والتنظيم، حتى يتسنى له كواقع مجتمعي، الانخراط الجاد في تشكيل العالم وصياغة مساره الحضاري، باتجاه أكثر حرية وعدلاً وتسامحاً..

محمد محفوظ