مرايا واتجاهات |
عمار البغدادي |
رام الله - بغداد - سراييفو.. حين يصرّ العالم على اغتصاب الأرض.. لابدّ من سيف وراية |
مع كل جرح يشخب دماً عبيطاً في القدس ورام الله وبيروت وبغداد.. ومع كل شهقة طفلة تموت برصاص الإرهاب والعدوان.. تتسع قناعاتنا بخطأ هذا العالم ودمويته، وتزداد ثقة الأمة بنفسها وهويتها، بأن التاريخ هو الشاهد على الجريمة، وأن حضارتنا الإسلامية هي المستهدفة.. في غمرة هذا الصراخ الذي يتعالى في المآذن نتعلم من الحجر معنى الاستمرار والإصرار على الثأر من الذين حوّلوا التاريخ إلى مزرعة لأحلامهم ومن الهوية ألعوبة بيدهم، ومن الجرح ساحة لتصفية الحساب؛ فلا عجب أن تموت إيمان حجو الطفلة الفلسطينية في أحضان فلسطين وتعاني مريم حمزة من اللوكيميا في سرير الموت القابع في كل ركن وزاوية من بغداد. أمام هذا النوع من القسوة والإرهاب الذي لا يوصف لابد أن نتساءل عن أسرار جرحنا الذي تتهالك الدنيا بأسرها على قتله.. لم يستقتلون على ذبح أمة لا تريد إلا الحياة على أرضها غير طامعة ولا حالمة بالآخرين.. لم يعرضوننا لدورات العنف المتواصل من دون أن تكون لنا دورة عنف واحدة ضدهم؟!. إن تلك المجازر المستمرة تعني أن هذه الأمة لديها من العناد والمكابرة ما يجعلها الأمة الأولى في التاريخ.. الأمة التي لا تقبل الضيم ولا تنحني للعواصف السياسية والإرهابية.. بل تعتقد أن تلك الحملات لا تزيدها إلا قوة وتماسكاً جيلاً بعد جيل، لهذا فإن الآخرين يمضون في ذبحها ويستميتون لقتلها، ويحاولون بما يملكون من أدوات الموت والسيطرة والقمع أن يقتلوا فيها مارد الهوية والتاريخ؛ لأن المعركة معنا ليست معركة مع منظومتنا البشرية قدر ما هي معركة مع القيم والهوية والتاريخ المشرق الذي نستعيده في كافة معاركنا الحضارية مع الآخرين.. هل علمتم الآن لم يمعنون بذبح الطفلة الفلسطينية، ويصرون على أن تموت مريم حمزة بهذا الشكل المأساوي في بغداد؟ وهل أدركتم الأسباب التي تقف وراء (إعدام) محمد الدرّة في شوارع غزة وسحق الشعب العراقي بأسلحة الدمار الشامل، سواء ضد إخواننا الأكراد في الشمال أو ضد أهلنا في الجنوب؟. إنها باختصار شديد معركة فاصلة تجري في بدايات هذا القرن.. بين الأمة وشذّاذ الآفاق، يمارس فيها الآخرون كل الأسلحة والأدوات.. لغرض إبادة نوعنا البشري.. وإنهاء آخر فصل من مسرحية الذبح الأول.. الذبح الذي بدأ بعبد الله الرضيع ولن ينتهي بـ(محمد الدرة) رغم المسافة الشاسعة بين نورانية الأول وبشرية الثاني. إن هذا العالم لا يفهم إلا عقيدة الاغتصاب.. اغتصاب القيم والأفكار والأمم والمنظومات والعقائد البشرية.. اغتصاب الطفولة والتعبير عن ذلك بأقسى الأدوات وأشرسها. كيف إذاً يمكن مواجهة أحابيل هذا العالم ومنع مشروع ذبحنا من التحقق؟. أين أدوات التحصين الفكري والسياسي والحضاري والعملي - العسكري، التي نوقف بها مسلسل الذبح في فلسطين وبغداد وسراييفو وفي كل بقعة فيها براءة وطفولة وقيم وحضارة وفرسان نورانية لعالم جديد؟. العودة للإسلام هي الحل.. هو الكفيل بصنع إرادة التحصين، والقادر على تأسيس ألويه الدفاع عن المحرومين في العالم.. إنه الحل.. وفي غيره المشكلة.. وتلك هي المشكلة؟!.. |