مجلة النبأ      العدد  52      شهر رمضان  1421      كانون الاول  2000

 

من هدي المرجعية


 

  الفقراء  

  حقوق المرأة  

  الحرية  

  إنهاء الاستعمار  

  الصحة  

  السلاح  

  المشردون  

  الحدود الجغرافية  

 

القرن الحادي والعشرون وتجديد الحياة

(من كتاب لم ينشر بعد)

كما أن الله أرسل موسى وعيسى (ع) بالحق، فقد بعث نبيه الخاتم (ص) بالحق، فمن الضروري أن يهتم أهل الكتاب بالقرآن الكريم ويرجعوا إلى الإسلام، لأن فيه سعادتهم الدنيوية والأخروية (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ) آل عمران، 85.

وهذا الأمر يستدعي من المسلمين أن ينهضوا بمهمة التبليغ الجيد لحقيقة الإسلام كما جاء به الرسول الأكرم (ص). هذا من جهة، ومن جهة أخرى يلزم أهل الكتاب تشكيل جمعيات وهيئات خاصة للفحص عن حقيقة الدين الحنيف واعتناقه.

وربما صح أن الغربيين - ومن ينتسب إليهم - قديماً لم يكونوا متعصبين بدليل أنهم استجابوا لدعوة السيد المسيح الشرقي (ع) فيلزمهم أن يخطوا خطوة إلى الإمام ويستجيبوا لنداء الإسلام الأصيل الذي ظهر في الشرق أيضا، إذ فيه نجاتهم من غياهب الحياة المادية المتحجرة.

إن المسلمين القاطنين في بلاد الغرب يناهز عديدهم الثمانين مليون نسمة، وهم بهذا العدد - لو اجتمعوا على أمر الدعوة ووحدوا اراداتهم وشحذوا هممهم في هذا الاتجاه - لأمكن أن يتصدوا لمهمة هداية غيرهم إلى الدين القويم، ولو وقع منهم ذلك، لأمكن أن يدخل أهل الكتاب في دين الله أفواجاً قبل انقضاء مدة عشر سنوات.

وما يقال في شأن أهل الكتاب يصدق أيضا بالنسبة إلى أهل الطرق الشرقية أمثال البوذية والكونفوسيوشية وعبّاد البقر والنار والحيات والفئران وما أشبه ذلك وهم كثير في بلاد الهند والصين.

هذا وان اضمحلال الشيوعية دليل على فشل كل مبدأ أو مذهب لا يقوم على العقل والدليل، ولعله قريب ذلك اليوم الذي نرى فيه الشعوب تنزع نحو الإسلام، الدين الحق، وما ذاك على الله بعزيز، والغرب وإن أخذ من قوانين الإسلام وعلوم ومعارف المسلمين واستفاد من تطبيقاتها في بعض مناحي حياته إلا انه لم يزل على فاصلة غير قليلة من الحقيقة الكاملة.

  إنهاء الاستعمار  

كما أن الله أرسل موسى وعيسى (ع) بالحق، فقد بعث نبيه الخاتم (ص) بالحق، فمن الضروري أن يهتم أهل الكتاب بالقرآن الكريم ويرجعوا إلى الإسلام، لأن فيه سعادتهم الدنيوية والأخروية (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ) آل عمران، 85.

وهذا الأمر يستدعي من المسلمين أن ينهضوا بمهمة التبليغ الجيد لحقيقة الإسلام كما جاء به الرسول الأكرم (ص). هذا من جهة، ومن جهة أخرى يلزم أهل الكتاب تشكيل جمعيات وهيئات خاصة للفحص عن حقيقة الدين الحنيف واعتناقه.

وربما صح أن الغربيين - ومن ينتسب إليهم - قديماً لم يكونوا متعصبين بدليل أنهم استجابوا لدعوة السيد المسيح الشرقي (ع) فيلزمهم أن يخطوا خطوة إلى الإمام ويستجيبوا لنداء الإسلام الأصيل الذي ظهر في الشرق أيضا، إذ فيه نجاتهم من غياهب الحياة المادية المتحجرة.

إن المسلمين القاطنين في بلاد الغرب يناهز عديدهم الثمانين مليون نسمة، وهم بهذا العدد - لو اجتمعوا على أمر الدعوة ووحدوا اراداتهم وشحذوا هممهم في هذا الاتجاه - لأمكن أن يتصدوا لمهمة هداية غيرهم إلى الدين القويم، ولو وقع منهم ذلك، لأمكن أن يدخل أهل الكتاب في دين الله أفواجاً قبل انقضاء مدة عشر سنوات.

وما يقال في شأن أهل الكتاب يصدق أيضا بالنسبة إلى أهل الطرق الشرقية أمثال البوذية والكونفوسيوشية وعبّاد البقر والنار والحيات والفئران وما أشبه ذلك وهم كثير في بلاد الهند والصين.

هذا وان اضمحلال الشيوعية دليل على فشل كل مبدأ أو مذهب لا يقوم على العقل والدليل، ولعله قريب ذلك اليوم الذي نرى فيه الشعوب تنزع نحو الإسلام، الدين الحق، وما ذاك على الله بعزيز، والغرب وإن أخذ من قوانين الإسلام وعلوم ومعارف المسلمين واستفاد من تطبيقاتها في بعض مناحي حياته إلا انه لم يزل على فاصلة غير قليلة من الحقيقة الكاملة.

  الحرية  

من الضروري الاهتمام بحق الإنسان في العيش بحرية دون أغلال وقيود لا مبرر لها، فالقوانين التي وضعها الغربيون ومن إليهم باسم النظام ونحوه، قد أخذت على الإنسان كل مجالاته.. فهل تقييد كل إنسان بالجنسية والإقامة والهوية وما أشبه يعد من الحرية أم من الكبت؟

وهل تقييد كل شيء من الكسب والتجارة والزراعة والصناعة والسفر والإقامة والعمارة باجراءات روتينية، من الحرية في شيء؟

وعلى أي حال، فهم قد سلبوا الحرية تارة باسم القوانين والحكومات وما أشبه، وتارة باسم العرف والعادة وما إلى ذاك، في حين يقول القرآن الكريم (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ) الأعراف، 157.. وعلى سبيل المثال: نرى الآن بعض الحكومات تضع عراقيل أمام الزواج، من مثل السن القانوني وهو غير السن الاقتضائي، ومثل: عدم تزويج شاب بشابة من بلدين مختلفين - وما إليه كما أن العرف لا يلاحظ احتياج البنت إلى الزواج وكذلك الشاب، بل يضع شروطاً قاسية في أحيان كثيرة، من قبيل المهر الكذائي والدار الكذائية، وغير ذلك مما يثقل كاهل الشاب ويعيقه عن أمر مهم مثل الزواج، ولذلك نرى هناك الملايين من الشبان والفتيات قد عزفوا عن الزواج - قهراً - مما يقوي احتمالات السقوط في وحل الجريمة والمحرمات المختلفة.

  حقوق المرأة  

المرأة في الغرب خرجت من التفريط إلى الإفراط، فبينما كانت تعاني الحرمان بسبب كثرة القيود الاجتماعية، صارت تخرج إلى الابتذال والتهتك، حتى انه جاء في تقرير: إن فتيات لندن، لا تصل احداهن إلى سن الاثنتي عشرة سنة إلا وقد افتضت بكارتها، وكذلك الحال في بلد آخر... وما من بلد غربي أو تابع للغرب كاليابان والهند وما إليهما إلا وفتحت فيه مواخير الفساد والدعارة.. أليس يعد ذلك أكبر امتهان للمرأة وحرمان لها من دفء العائلة والزوج والأولاد؟

وهذا الاستلاب لحقوق المرأة يجب وضع نهاية له بعودة المرأة إلى عزّ الزوج، وعودة الرجل إلى عزّ الزوجة، ومنع البغاء منعاً باتاً، وحيث أن تعداد النساء - في الغالب - يفوق تعداد الرجال، فلابد من إباحة تعدد الزوجات بشرط ما ذكره القرآن الكريم من أمر العدالة: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً) النساء، 3.

أما ما يشاهد في بعض البلدان من شعور الزوجة بالغيرة والحساسية من ضرتها (الزوجة الثانية)، فمرده عدم عدالة الرجل بينهن، وإلا ففي مواضع العدالة، كما هو شأن عشائر العراق وأهالي تشاد، فالزوجات المتعددات اللواتي في ذمة رجل واحد حالهن حال الأخوات، وكذا الحال بالنسبة إلى مناطق عديدة في أفريقيا وغيرها.

فكم هو لائق إباحة تعدد الزوجات وتحريم البغاء، ومنع التفريط بحق النساء..

  الحدود الجغرافية  

يلزم في الوقت الراهن، رفع الحدود الجغرافية بين البلدان كافة، وليس فقط بين بلاد المسلمين، ذلك لأن الحدود الجغرافية تجعل الإنسان أقل قدراً من الخنافس والفئران والطيور والبهائم، فهل لهذه المخلوقات حدود تحجزها؟ أم أنها تمشي وتطير أنى شاءت، والأسماك تسبح حيث تريد، لكن الغرب قيد الإنسان وكبّله بشروط الجنسية والإقامة والهوية وغيرها مما يعيق حركته ويقيد نشاطه والقعود عن بلوغ غايته التي يريد وهكذا فلكل بلد حدود لا يدخل الإنسان أو يخرج منها إلا بجواز أو أذونات رسمية، أو غير ذلك مما هو معهود بين الدول... هذا على حين نرى أن الرسول الأكرم محمد المصطفى (ص) قد أسقط جميع الحدود بين بلاد الإسلام، فأينما حل المسلم - وقتذاك - فهو في بلده وبين مواطنيه..

وربّما يتوهّم انّ ذلك يوجب الجناية والإخلال بالنظم أو ما أشبه، لكن حكم الامثال فيما يجوز وفيما لا يجوز واحد، حسب المثل الفلسفي..

إن وضع الحدود هو خلاف الإنسانية وخلاف العقل وكرامة الإنسان، وإنما صارت بسبب جهل الحكام بهدف تقييد الإنسان بما يشاؤون، فاللازم حيث توسعت آفاق المعرفة وزالت معظم الديكتاتوريات، أن تزول تلك الحدود أيضا وأن الحدود إنما راجت في أشد أزمنة الاستعمار على الشعوب، وحين زال الاستعمار فينبغي أن تزول.

  الفقراء  

من الضروري أن يفكر العقلاء لأجل اسعاف الفقراء وما اكثرهم اليوم في العالم.. إنّ الثروة مكدسة في جانب من العالم والفقر ضارب بأطنابه في طرف آخر من العالم. مع أن العقل والعقلاء لا يرون للفقر وجهاً، والأمر يستدعي مواجهته بوسائله المناسبة، وقد ورد أن (الفقر سواد الوجه في الدارين) وفي حديث آخر: (ما ذهب الفقر إلى مكان إلا وقال للكفر اتبعني)..

إن في اميركا وحدها آلاف الأغنياء الذين إن رحموا الفقراء، لزال فقرهم، إذ أحد هؤلاء الأغنياء لربما زادت ثروته على الثمانين مليار دولار ولقد روي عن رسول الله (ص) انه قال: (ما آمن بي من بات شبعاناً وجاره جائع) (وسائل الشيعة: ج9، ص52.

إن الافتقار لأسباب الحياة، من مأكل وملبس ومشرب ومنكح، والافتقار للطب والعلم، كل ذلك يمكن علاجه لو اهتم العقلاء بالعلاج.

إن اصلاحات الأمم المتحدة وسائر المجامع الدولية شيء حسن، لكنها لا تكفي لإنعاش الناس، فاللازم إقامة هيئات وتجمعات أخر لحل سائر المشاكل والتي منها الفقر، وما اكثره وافدح اضراره في عالم اليوم.

إن الفقر خلاف العقل والشرع، وقد اهتمت الشرائع لازالته، وما الخمس والزكاة في الإسلام إلا لإزالة الفقر.. وإن رؤية الشيء بعيداً ليس معناه عدم إمكان الوصول إليه، إذ (أن من جدّ على الدرب وصل).

  المشردون  

جاء في بعض الإحصاءات أن عدد المشردين في عالم اليوم بلغ اكثر من مائة مليون إنسان، وهذا وصمة عار على جبين البشرية، وقد لا يخفى على أحد شدة وطأة حياة التشرد على الإنسان، لما فيها من مآسي وأهوال أقلها ضياع الوطن والمستقر والمستقبل وما إلى ذاك. وقد جاء في الذكر الحكيم (ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلاّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) البقرة، 85 وهذه الآية الكريمة لا تنطبق على اليهود فحسب بل على طبيعة الحضارة الجديدة أيضا..

فيلزم اهتمام العقلاء والأحرار في العالم وكل من يخاف الله واليوم الآخر، بذل الجهود لأجل سد هذه الثغرة المؤلمة.

إن التشريد يسبب آلاماً فضيعة للبشر، وينبغي التفكير ملياً بنجاتهم منه، فمن الذي يفكر؟ أليس هم العقلاء والمجامع البشرية لا سيما أولئك الذين بأيديهم الحل والفصل والأخذ والعطاء والرتق والفتق ولعل القرن الجديد هو خير فاتحة لهذا الأمر.

  السلاح  

من الضروري جداً الاهتمام بخفض الأسلحة في العالم، والتركيز على تنمية الصناعات الثقيلة والخفيفة، وغيرها مما يحتاجه بنو البشر، إن الاسلحة - لا سيما الحديثة - هي عامل تدمير وتخريب، وتصلح لرد الاعتداء فقط، لكن ذوي النفوذ اتخذوها وسيلة للاعتداء والتطاول على الغير، وآثار الحربين العالميتين ليست بخافية على أحد، تلك الآثار التي شملت معظم أقطار الأرض، كما أن الحرب العالمية الثانية كانت باطلة أشعلها هتلر لنزوة نفسية، ثم قتل زوجته بعد ما رأى انه عجز عن مواصلتها، وقد بلغ تعداد ضحايا هذه الحرب الملايين من الأنفس، هذا مع قطع النظر عن سائر الويلات والمآسي التي لا تعد ولا تحصى..

هذا وان من المنطق أن يصار إلى الاهتمام بخفض الأسلحة التقليدية والتسابق عليها، من قبل الدول الكبرى، بنفس الدرجة من الاهتمام بخفض الأسلحة الذرية والنووية ومنع انتشارها، وقد روي أن الإمام المهدي (عج) يظهر بالسيف، والسيف عادل في عمله عند الضريبة، أما الأسلحة الحديثة فهي جائرة وعشوائية في الغالب، ولذا ينبغي الاهتمام لعودة السيف والرمح والسهم إلى الحياة، لكي تلاحظ العدالة في الحرب أيضا.

  الصحة  

لم يدل التأريخ على زمان كثرت فيه الأمراض والأوبئة الخطرة بشكل غريب مثل زماننا هذا؛ الأمر الذي يتطلب من عقلاء العالم أن يعملوا الفكر ويكدوا الخاطر من أجل إيجاد سياسة دوائية عادلة تشمل التسعيرة والتوزيع والنوعية، حتى تعود الصحة العامة إلى الإنسان.

ومما لا شك فيه أن وسائل العلاج والطب عند الغرب متقدمة ومتطورة، لكن ليس معنى هذا أن الأمراض قليلة وان الإنسان ليس بحاجة إلى دواء.

إن القرن الجديد بحاجة إلى اهتمام جدي بهذا الأمر لكل البشر، وإلا فقد ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس، ولا علاج مما ذكرناه وأنه لا يمكن أن يتم إلا باهتمام جميع بني البشر افراداً وجماعات ودولاً.

اقتباسات من أفكار الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي (دام ظله)