|
|
الحي من يملك (الإرادة).. و(الإرادة) إكسير الحياة.. ورمز الخلود.. وسر البقاء.. فمن يملك (الإرادة) الصالحة يملك شُعب الخير، ووسائل النصر، وعوامل الاستقرار.. ومن لا يملكها فهو والميت سواء، وإن عاش متنقلاً ببدنه هنا أو هناك.. و(الإرادة الحقيقية) هي التي لا تخضع للضغوط.. ولا تتراجع أمام قساوة الدهر.. ولا تستسلم للواقع الفاسد.. ولا تنثني أمام أعاصير الحياة.. وعلى هذا الأساس تُخلد الأمة أو الفرد وتبقى إلى الأبد سرمدية.. فوق حواجز الزمان والمكان.. لان سنن الحياة وقوانينها أرادت ذلك.. فهي تحفظ من جاهد لأجل الخير بحب وتفان، وإن غيّب الموت ظاهره، وستر التراب جسده.. يقول أمير المؤمنين … : (يموت من مات منا وليس بميت ويبلى من بلى منا وليس ببال). فالذين أذلوا الزمان وأرغموه.. وأقاموا البنيان وشيدوه.. خلدهم التاريخ بأمان.. ومجدهم بفخر وامتنان.. فأصبحوا رموزاً للامة.. وأنواراً تبيد كل ظلمة.. وفي مقدمة من أشاد الدهر بهم وسجد على أعتابهم ذليلاً طويلاً.. صاحب (الإرادة) التي لا تلين، وسيد الشهداء أجمعين، أبو عبد الله الحسين … .. وصدق الشاعر حين يقول: كذب الموت فالحسين مخلد كلما اخلق الزمان تجدد إنها (الإرادة).. الروحية العالية.. والتصميم الفولاذي الذي خلد الحسين … وجعله مصباح هدى وسفينة نجاة.. وفوق ذلك.. سفينته أوسع وأسرع، ولو في قياسات المادة والظواهر.. وإلا فهو فوق ما تتصور إدراكاتنا وحواسنا.. لان المواقف (الإرادة) الحسينية التي جسدها للامة لا يمكن أن تؤطر ضمن وحدات واوزان حياتية.. وهل بمقدور أحد أن يثمن دماءً عمدت الأرض لإحياء الدين وتقويمه، بعد أن كادت يد الغدر الأموية تفتك به.. وهل بمقدور أحد أن يزن أجر من قدّم القرابين تلو القرابين رضى بقضاء الله وامتثالاً لأمر سيد الأنبياء.. وإذا كان من أحيى نفساً واحدة فكأنما أحيا الناس جميعاً.. فكيف بمن أحيى أمماً وأمماً بكل انتماءاتها المذهبية والمعرفية.. أليس هو رحمة للعالمين كجده محمد (ص) ؟.. فمن يريد العزة والكرامة والشرف سيجد الحسين … أمامه نوراً وهاجاً ينير له دروب النصر المؤكد والسبيل الأرشد.. إذن.. (فالإرادة الحسينية) التي حفظت الإسلام وحصنته بالدماء الزكية في يوم عاشوراء إذا أردنا حقا أن نعطيها مقامها ومنزلتها وأجرها فهي بلا شك لا تقل عن أجر وفضل من جاء بالرسالة المحمدية.. ولعل الحديث الشريف المروي عن رسول الله (ص) والقائل (حسين مني وأنا من حسين) يشير إلى هذا البعد.. وبُعد الاستمرارية والديمومة التي رسخها الحسين … في قلوب اتباعه إلى اليوم.. وإذا كان هذا اجر الحسين … وفضله ومنزلته عند الله ورسوله.. فهل نستطيع نحن القاصرون أن نوفي له بعض ما علينا؟ ربما اقل الواجب أن نجدد ذكراه ونخلد مسراه.. بعض بالشعائر.. وآخر بالضمائر.. ونحن.. بملف عاشوراء.. لعلنا نكون قد وفينا بعض ما علينا ولو كان جزءاً يسيراً ونرجوا من الله القبول. علي عبد الرضا |