واجعل شرابك من دم الأشلاء
وأبح لنعلك أعظم الضعفاء
مما تدرّ نواضب الأثداء
هُدب الرضيع وحلمة العذراء
عنك (الحسين) ممزق الأحشاء
يرنو إليك بأعين بلهاء
ـ شأن الذليل ـ ودبّ في إسترخاء
أين المهيب به إلى العلياء؟!
قلبي وثار، وزلزلت أعضائي
فيها بقايا دمعة خرساء
ظل أدق من الجناح النائي
ما بين ألسنة اللظى الحمراء
موج اللهيب وعاصف الأنواء
ذاك النضار بحية رقطاء
قد كان يعبث أمس بالأحياء
وانظر لمجدك وهو محضُ هباء
عن ذاهب ذكرى أبي الشهداء
في ناظريّ، كواكب الصحراء
أشباح ركب لجّ في الأسراء
عرف الجنان ومن ظلال حراء
باسم (الحسين) وجهشة إستبكاء
حلم ألمّ بها مع الظلماء
ذعراً، وتلوي الجيد من إعياء
في الأفق مثل الغيمة السوداء
ثم اشرأبت في انتظار الماء
من غير رأس لطخت بدماء
تبلغه وأنكفأت على الحصباء
رؤيا.. فكفي يا أبنة الزهراء
عينا (يزيد) سوى فتى الهيجاء؟
صُفر الشفاه خمائص الأحشاء
ترنو إلى الماء القريب النائي
من سائب يعوي ومن رقطاء
ري الغليل بخطة نكراء
جم الخطايا، طائش الأهواء
ما ذنب أطفال وذنب نساء
مر الزمان بها على استحياء
ذبلت مراشفه، ذبول خباء
فرخ القطاة يدف في نكباء
يمناه نحو اللجة الزرقاء
بالطفل يومي باليد البيضاء
نحر الرضيع وضحكة استهزاء
ظمآن رفّ ومات قرب الماء
قلبي وثار، وزلزلت أعضائي
|
|
ارم
السماء بنظرة استهزاء
واسحق بظلك كل عرض ناصع
واملأ سراجك إن تقضى زيته
واخلع عليه كما تشاء ذبالة
واسدد بغيّك يا يزيد فقد ثوى
والليل أظلم، والقطيع كما ترى
أحنى لسوطك شاحبات ظهوره
وإذا اشتكى فمن المغيث؟ وان غفا
مثّلت غدرك.. فأقشعر لهوله
واستقطرت عيني الدموع ودنقت
يطفو ويرسب في خيالي دونها
حيوان في قعر الجحيم معلق
أبصرت ظلك يا (يزيد) يرجه
رأس تكلل بالخنا، واعتاض عن
ويدان موثقتان بالسوط الذي
قم واسمع اسمك وهو يغدو سُبة
وانظر إلى الأجيال يأخذ مقبل
عصفت بي الذكرى فألقت ظلها
مبهورة الأضواء يغشى مضها
أضفى عليه الليل ستراً حيك من
أسرى ونام، وليس إلا همسة
تلك ابنة الزهراء ولهى راعها
تنبي أخاها وهي تخفي وجهها
عن ذلك السهل الملبّد يرتمي
يكتظ بالأشباح ظمأى حشرجت
منغورة الأفواه ـ إلا جثة
زحفت إلى ماء تراءى، ثم لم
غير (الحسين) تصده عما انتوى
مَن للضعاف إذا استغاثوا رُضّعاً
بأبي عطاشى لاغبين، ورُضّعاً
أيد تمد إلى السماء، وأعين
طام، أحل لكل صادٍ ورده
عز الحسين وجل عن أن يشتري
إلا يموت ولا يوالي ما رقاً
فليصرعوه، كما أرادوا ـ إنما
عاجت بي الذكرى عليها ساعة
خفقت لتكشف عن رضيع ناحل
ظمآن بين يدي أبيه كأنه
لاح الفرات له فأجهش باسطاً
واستشفع الأب حابسيه على الصدى
رجي الرواء فكان سهماً حزّ في
فأهتز واختلج اختلاجة طائر
ذكرى ألّمتْ، فأقشعر لهولها
|