شباط 2000م |
مجلة النبأ ـ العـد د 42 |
ذو القعدة 1420 |
مع الإمامين من آل الرضا(عليهم السلام) |
بين الولاية المفروضة والمصاهرة المشبوهة |
احمد البدوي |
التاريخية عادة تعبر عن سياق الأحداث التي تفيض في وشيها الوضعيات والعلل التي وضعت نفسها في مسار الحدث وشاركت في وجهته، والتي يمكن أن نطلق عليها (زمكانية الحدث) كما يمكن أن ننطلق من انّ كل جزئية من جزئيات التاريخ لا يمكن أن تؤخذ بمعزل عن جملة سياق التاريخ كله(1) وأنّ الجزء من أحداث على كل الآفاق السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها (لا يمكن أن يفهم الا بدراسة الكل وإخضاعه لعملية تركيز تستوعب جوانب كل الجزئيات في أطول سياق تاريخي ممكن واوسعه) (2) وهذا ما يؤكد من فلاسفة التاريخ في المنهجية المتبعة لدراسة آثاره وأحداثه في شتى الآفاق فهنالك مرحلية للأحداث، لابد من دراسة الظروف المرافقة لها وسياقها التاريخي. من هنا يمكن الولوج إلى الأحداث التي رافقت الإمامين من آل محمد(عليهم السلام) الثامن والتاسع من الاثني عشر عليهم السلام اعني الإمام الرضا… وابنه الإمام الجواد… . |
فبعد وفاة الإمام الكاظم… مسموماً في سجن بغداد على يد هارون العباسي وانتقال الإمامة إلى ابنه الإمام الرضا… بقي آنذاك عشر سنوات معاصراً لملوكية هارون تجرّع خلالها ما تجرع من الأحداث التي تتزلزل لها الجبال وتضمأ بها الأنهار مما رواه التاريخ في وقائع تمثل وصمة عار لتلك الملوكية أو الخلافة التيوقراطية المزوّرة ولذلك موضوعه التاريخي يمكن الاطلاع عليه، بعد موت هارون وتوصيته بولاية العهد لابنه محمد الأمين، ومن بعده لولده عبد الله المأمون أو بعدها لولده القاسم كما قسم المناطق بينهم كأنها تركة جيب وعرق جبين، فجعل للامين ولاية العراق والشام إلى آخر المغرب، وللمأمون المساحة الممتدة من همدان إلى آخر الحدود الشرقية للدولة حينها بما فيها خراسان، وكان للقاسم الجزيرة والثغور والعواصم. لكن بعد أن حلّت الخلافة للامين، نفذ إليه أخوه عبد الله المأمون وقتله بعد احتدام الجيوش بينهما، فكانت السلطة للمأمون في جميع البقاع. في سنة قتله أي الأمين (198هـ) انفجرت الثورات في أطراف الدولة الإسلامية وكانت أغلبها إن لم تكن جميعها علوية ففي الكوفة: خرج ابن السرايا يدعو لمحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن الحسن بن الحسن بن علي عليه السلام وبايعه الناس. وفي المدينة: خرج محمد بن سليمان بن داود بن الحسن، والحسن بن الحسين بن علي بن الحسين المعروف بالأفطس، ودعا إلى ابن طباطبا فلما مات ابن طباطبا دعا إلى نفسه، واشتعلت الثورات في أنحاء دولة المأمون ومع كل ثائر عشرات الألوف يناصرونه على أولئك الجبابرة الذين أقاموا عروشهم على جماجم الأبرياء والصلحاء وقتل الأئمة المعصومين محمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق وموسى بن جعفر الكاظم… (3). هذا الوضع أفضى إلى تحول تكتيكي في الدبلوماسية بالاصطلاح الحديث في أفق تعامل الدولة مع المعارضة جعلها تحكم موقفاً يطفئ لهب تلك الثورات العلوية التي كادت أن تسقط بالعروش، وهو تنصيب الإمام الرضا… ولياً للعهد، ليس الا أن يجعل الإمام واجهة يستر بها أهدافه ومصالحه. وهذا الفهم بالتأكيد نتيجة تلقائية للاطلاع على تاريخية الحدث. وجه المأمون سنة (200) للهجرة رجاء بن أبي الضحاك وفرناسي الخادم لإشخاص الإمام فمما رواه الكليني بإسناده عن علي بن إبراهيم عن ياسر الخادم والريان بن الصلت. قال: (لما انقضى أمر المخلوع واستوى الأمر للمأمون كتب إلى الرضا… يستقدمه إلى خراسان فاعتل عليه أبو الحسن… بعلل فلم يزل المأمون يكاتبه في ذلك حتى علم انه لا محيص له، وأنه لا يكف عنه، فخرج… ولابي جعفر سبع سنين، فكتب اليه المأمون: لا تأخذ على طريق الجبل وقم، وخذ على طريق البصرة والأهواز وفارس)(4) فكان أمر رحيله… من المدينة حتى خراسان في خط مكّة ـ القادسية ـ النباج ـ البصرة ـ الأهواز ـ قم ـ نيسابور. عاش الإمام أمدا من ولاية العهد قدرُهُ سنتان، الولاية التي اضطر أليها مجبوراً كما نرى ذلك في قول الإمام… : قد علم الله كراهتي لذلك، فلما خيرت بين قبول ذلك وبين القتل اخترت القبول على القتل، ويحهم أما علموا أن يوسف… كان نبياً ورسولاً فلما دفعته الضرورة إلى تولي خزائن العزيز ( قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم) ودفعتني الضرورة إلى قبول ذلك على إكراه واجبار بعد الإشراف على الهلاك(5). مع أن إجابة الإمام الاضطرارية إلى ولاية العهد أيضا كانت مشروطة من الإمام… على المأمون في انه لا يأمر ولا ينهي، ولا يفتي، ولا يقضي، ولا يولّي ولا يعزل ولا يغير شيئاً مما هو قائم فاجابه المأمون، وبالتأكيد والقطع واليقين ـ على كل حال ـ أن الإمام… بهذا التزاحم الذي تربّع أمامه بين القبول أو القتل وموازنة الضررين، كان يدرك أرجحهما ولو بحبّة خردل، بل قد يكون هناك أفق مصلحة بهذه الهيئة المشروطة بالآفاق السالفة. المهم أن هنالك أولوية وحكمة طالما سار الإمام في حكم الشارع ـ في قبول الولاية على رفضها والقتل. الأفق أو السمة التي تميز أهل البيت ومن نحى نحوهم ـ بل عموم السائرين على هدي الرسالة طالما هم في مسلك واحد ـ هي سمة السلوك والأخلاق والأثر الاجتماعي، وهذا أن دل على شيء فإنما يدل على جوهرية هذا الأمر (الأخلاق) وغائيتها العليا في مقصد الشرع.. فالدين المعاملة.. و(أقربكم مني منزلاً يوم القيامة أفضلكم أخلاقا، الذين يَألِفونَ ويُؤْلفَون) وعلى ما يتسق مع هذه الأحاديث الشريفة في وحدودية الهدف الاجتماعي.. مما ورد في المناقب لابن شهر آشوب قول إبراهيم بن العباس: (ما رأيت ولا سمعت بأحد افضل من أبي الحسن الرضا… ما جفا أحدا ولا قطع على أحد كلامه، ولا رد أحدا عن حاجة وما مدّ رجليه بين يدي جليس، ولا اتكى قبله ولا شتم مواليه ومماليكه ولا قهقه في ضحكة وكان يجلس على مائدة مماليكه ومواليه، قليل النوم بالليل يحيي اكثر من أوّلها إلى آخرها، كثير الصوم كثير المعروف والصدقة في السر وأكثر ذلك في الليالي المظلمة)(6) مواضع أخرى اجتماعية تمتلك من المثل ولا يرتقى لها تحقق كلمة جده أمير المؤمنين… : (ينحدر مني السيل ولا يرقى الي الطير) كل هذه الآفاق تشي بالفضاء الرحب لصدورهم، والروح التي لا يمكن الوصول حتى إلى مشارفها، لأنها فسيحة فسيحة. |
|
استشهد الإمام الرضا… سنة 203هـ بطوس انتقلت الإمامة إلى أبي جعفر الإمام محمد بن علي الجواد… وهو في المدينة، وبعد عودة المأمون إلى بغداد عاصمة الخلافة العباسية. عندها بدأ يكثر القول في اتهام المأمون بدس السم إلى الإمام… وقتله مظلوماً. وبعد المشاورات مع حاشيته أشاروا إليه بطلب الإمام الجواد… . فكان من الأمر ذلك. أن كتب إلى الإمام واشخصه إلى بغداد ويروى أن المأمون شغف لأبي جعفر … لما رأى من فضله مع صغر سنّة وبلوغه في العلم والحكمة والأدب وكمال العقل ما لم يساوه فيه أحد من مشايخ أهل زمانه فزوجه ابنته امّ الفضل وحملها معه إلى المدينة وكان متوفراً على إكرامه وتعظيمه واجلال قدره(7)، وهذا ما سيتضح أوفر في حدثية القاضي يحيى بن الحثم. الهجرة الثانية كانت بعد أن ورث المعتصم الخلافة من أخيه المأمون عاد التخوف والقلق على العرش والدنيا فاشخِص الإمام إليه وكان ذلك سنة (220هـ) وبقي هناك عليه السلام عشرة اشهر وسمّه المعتصم من طريق ابنة المأمون أم الفضل وبتوجيه أيضا من أخيها ـ لامّها وأبيها ـ ولظروف موضوعية لا يستحق ذكرها المقام. وذلك آخر ذي القعدة من نفس السنة، ولاقى وقاسى… ما قاسى تلك المدة من المعتصم. كل هذا من منطلق.. أنهم حقيقة كبيرة في الأرض لا تستطيع أن تنفك عنها الناس بما لهم من امتداد نبوّي بعملها وهيبتها بهاءها وأريجها بجل أبعادها، هذا يفرض على النفس الإنسانية أن تحوم حولها وتحاول بكل ما أوتيت لجعلها الوصي الحقيقي ولمصالحها والمجتمع عامة. للاطمئنان التام في ضمانية إقامة العدل والمصلحة وإماتة المفسدة. إن العلم الذي تميز به الإمام الجواد… وآبائه والأئمة من بعده(عليهم السلام) ـ على صغر سنه اذهل القاصي والداني وكان من دواعي ما بلغته الحكومة، فلقد ورد الإمام… إلى بغداد وهو ابن سنين تقريباً. وتفوقه وبروز قدراته العلمية في شتى ما ذكرها التاريخ سواء على عهد المأمون أو المعتصم كانت مدعاة إلى تخوف أصحاب العروش على دنياهم فهم كانوا دائماً يعيشون حكاية كلمة الإمام علي … إلى أبي ذر حين توديعه بعد نفيه إلى الربذة (انهم خشوك على دنياهم). وذلك من التفاف الناس وتوجههم للإمام… طالما هو أعلمهم واتقاهم وازهدهم فهم بلا إشكال والواقع التاريخي ينطق بمناظراتهم أو بلسان معاصريهم من أهل المعرفة، في انهم اعلم أهل زمانهم، هذه الحقيقة تفرض موقفاً سياسياً قلقاً من السلطة الحاكمة المتزامنة في خشية توجيه الناس إليهم، وعادة ما ترقب الحكومات.. الرأي العام في توجهه بما يمثل من نفوذ يشكل المناط الأقوى في التغيير عموماً. وابرز ما يظهر علمه.. قصته… مع يحيى بن أكثم، وان كان خلالها تعامل المأمون بنحو إيجابي كما يرى.. لكن الأمر أن يحلل فهو على أساس أنه أخريات دهره وآفاق أخرى تتعلق بما ارتكبه مع الإمام الرضا… .. لكن ذلك برز على مثل الحادثة (بروز علمه وتقواه) أمام المعتصم وكاد ما كاد حتى كان ما كان وهنا نأتي على ذكر مناظرة الإمام… مع يحيى ابن اكثم قاضي المأمون لما تمثله من حدثٍ مهم في معرفة أفق الإمام… حينها وما اسكت به المبغض والمتهم والمستصغر فلما أراد المأمون أن يزوّج إبنته أمّ الفضل أبا جعفر محمد بن علي(عليه السلام) بلغ ذلك العباسيين فغلظ عليهم ذلك واستنكروا منه وخافوا أن ينتهي الأمر معه إلى ما انتهى مع الرضا… فخاضوا في ذلك واجتمع منهم أهل بيته الادنون منه، فقالوا: ننشدك الله يا أمير المؤمنين أنْ تقيم على هذا الأمر الذي قد عزمت عليه من تزويج ابن الرضا… ، فانّا نخاف أن يخرج به عنّا أمر قد ملكناه الله وينتزع منّا عزّاً قد ألبسناه الله. ـ لينظر في توجيه خلافتهم بين أيديهم من منطلقات لها وضعياتها الفكرية آنئذٍ ـ وقد عرفت ما بيننا وهؤلاء القوم قديماً وحديثاً وما كان عليه الخلفاء الراشدون قبلك من تبعيدهم. والتصغير بهم، وقد كنّا في وهلة من عملك مع الرضا ما عملت، وكفانا الله المهم من ذلك فالله الله أن تردنا إلى غم قد انحسر عنا واصرف رأيك عن ابن الرّضا… واعدل إلى من تراه من أهل بيتك يصلح لذلك دون غيره، فقال لهم المأمون: أمّا ما بينكم وبين آل أبي طالب فانتم السبب فيه، ولو أنصفتم القوم لكان أولى بكم، وامّا ما كان يفعله من قبلي بهم فقد كان به قاطعاً للرحم، واعوذ بالله من ذلك، ووالله ما ندمت على ما كان مني من استخلاف الرّضا ولقد سألته يقوم بالأمر وأنزعه من نفسي فأبى وكان أمر الله قدراً مقدوراً. وامّا أبو جعفر محمد بن علي، فقد اخترته لتبريزه على كافة أهل الفضل في العلم والفضل مع صغر سنه والأعجوبة فيه بذلك، وأنا أرجو أن يظهر للناس ما قد عرفته منه ـ وكان المأمون قد خَبِرَ أمر الإمام في حوادث تسبق ذلك ـ فيعلموا أن الرأي ما رأيت. فقالوا (حاشيته): انّ هذا الفتى وإن راقك منه هديه فانّه صبيّ لا معرفة له ولا فقه فأمهله ليتأدّب ثم اصنع ما تراه بعد ذلك. قال لهم المأمون: ويحكم أني اعرف بهذا الفتى منكم، وانّ هذا من أهل بيت علمهم من الله تعالى ومراده وإلهامه، لم يزل آباؤه أغنياء في علم الدّين والأدب عن الرعايا الناقصة عن حدّ الكمال، فان شئتم فامتحنوا أبا جعفر بما يتبين لكم ـ وهنا سيقع مشابه لحد ما واقعة موسى… وملأ فرعون ـ ما وصفت لكم من حاله. قالوا: لقد رضينا لك ولانفسنا بامتحانه فخل بيننا وبينه لننصب من يسأله بحضرتك عن شيء من فقه الشريعة، فإن أصاب في الجواب عنه لم يكن لنا اعتراض في حقّه وظهر للخاصة والعامة سديد رأي أمير المؤمنين فيه وان عجز عن ذلك فقد كفينا الخطب في معناه، أجابهم المأمون: شأنكم وذلك متى أردتم. إذن لابد من يوم فصل ولابد من سائل فقيه، خرجوا من المأمون واجتمع رأيهم على مسألة يحيى بن اكثم ـ وهو يومئذٍ قاضي الزمان ـ على أن يسأله مسالة لا يعرف جوابها، إضافة إلى وعدهم اياه بأموال نفيسة على مسألته على أن يبهته في سؤال تتوقف له العلماء واساطينهم. كان اليوم الذي اتفقوا عليه فجاءوا ومعهم (ابن اكثم) وأمر المأمون لأبي جعفر أن يفرش له دست ويجعل له فيه مسورتان فكان ذلك وهنا كان المجلس يمتلك في لحظاته تلك فاصلة في سبات أولئك حينما جلس الإمام… الفتى الذي كان حينها ابن تسع سنين وأشهر. أمام يحيى بن اكثم.. حيث الإمام بين المسورتين و (ابن اكثم) بين يديه، فقام الناس في مراتبهم . والمأمون جالس في دست متصل بدست الإمام… . قال (ابن اكثم) للمأمون: تأذن لي يا أمير المؤمنين أن اسأل أبا جعفر عن مسألة؟ المأمون: استأذنه في ذلك. اقبل يحيى بن اكثم على الإمام… : أتأذن لي جعلت فداك في مسألة؟ يتوقع انه بهذا سينهي الأمر. الإمام الجواد… بالاحرى الفتى (لموضوعيتها في المقام): سل أن شئت. يحيى: ما تقول جعلت فداك في محرم قتل صيداً. الإمام… (في تسع سنين): قتله في حل أو حرم؟ عالماً كان المحرم أو جاهلاً؟ قتله عمداً أو خطأ حرّاً كان المحرم أو عبداً؟ صغيراً كان أو كبيراً؟ مبتدئاً بالقتل أو معيداً؟ من ذوات الطير كان الصيد أم من غيرها؟ من صغار الصيد أم من كباره؟ مصرّاً على ما فعل أو نادماً؟ في الليل أم بالنهار؟ محرماً كان بالعمرة إذ قتله أو بالحجّ كان محرماً؟ فتحيّر يحيى بن أكثم وبان في وجهه العجز والانقطاع. وتلجلج حتى عرف جماعة أهل المجلس عجزه. حمد الله المأمون على نعمته وتوفيقه له في الرأي... ثم ادار وجهه إلى أهل بيته ومعترضيه قائلاً لهم: أعرفتم الآن ما كنتم تنكرونه. ثم كان بعد ذلك تمام خطبة الإمام لام الفضل وما رافق ذلك بما يدل على بهجة المأمون... وطلب بعد ذلك من الإمام فقه ما فصل من الجواب. فكان الجواب بأتم ما يكون. ثم طلب المأمون من الإمام … أن يسأل يحيى بن اكثم.. قال الإمام ليحيى: أسألك. يحيى بن اكثم: ذلك إليك جعلت فداك، فان عرفت جواب ما تسألني عنه وإلا استفدته منك. فقال الإمام الفتى… : أخبرني عن رجل نظر إلى امرأة في أول النهار فكان نظره إليها حراماً عليه، فما ارتفع النّهار حلّت له. فلما زالت الشمس حرمت عليه، فلمّا كان وقت العصر حلّت له فلمّا غابت الشمس حرمت عليه، فلمّا دخل وقت العشاء الآخرة حلت له، فلمّا كان وقت انتصاف الليل حرمت عليه، فلما طلع الفجر حلّت له. ما حال هذه المرأة؟ وبما حلّت له وحرمت عليه؟ يحيى بن اكثم: لا والله لا أهتدي إلى جواب هذا السؤال، ولا أعرف الوجه فيه فان رأيت أن تفيدنا(8). فأجاب الإمام ذلك الجواب التام الرائع الذي أبهت بدوره وجوه أولئك المغرضين وانكس رؤوسهم. هذا الحدث بما ينطوي عليه من وضع أقرب إلى إعجازيته بين فتى ذي تسع سنين وقاضي زمانه والفرق الــذي لاح بينهما جعل الأخير جاهلاً أمامه لا يرتقي لشيء من هذا الحدث يشي بعظمة هــذا البيت وريادة أهله بحكمة الأرض والسماء.. وانهم نبع يفيض اوفاض من النـــبوة ولم يزل بهذا الفتى ممتدا. سلام الله عليهما يوم ولدا ويوم ماتا ويوم يبعثا أحياء. |
|
الهوامش |
|
1 ـ إسماعيل، محي الدين، (توينبي منهج التاريخ وفلسفة التاريخ)، بغداد، دار الشؤون الثقافية العامة، ط2، 1986م، ص34. 2 ـ ن.م، ص35. 3 ـ الميلاني، محمد هادي، قادتنا، بيروت، مؤسسة الوفاء، ط1، 1407هـ، ج6، ص444. 4 ـ الكليني، أصول الكافي، ج1، كتاب الحجة، باب مولد لأبى الحسن الرضا… . 5 ـ الصدوق عيون أخبار الرضا، ج2، ص139. 6 ـ المناقب لابن شهر آشوب، ج4 ص360. 7 ـ الميلاني، مصدر سابق، ج7، ص29، نقلاً عن الإرشاد للمفيد، ص299. 8 ـ ينظر: الاحتجاج للشيخ الطبرسي، ج2، ص443. |