وبعد هذه الجولة السريعة والموجزة
لوسائل الاعلام المرئي الأكثر خطورة نتساءل
ما دور الخطاب الثقافي الإسلامي حيالها؟ وهل
هناك ثمة مشروع وجاهي إن صح التعبير يقف بوجه
تلك الهجمة الشرسة ضد الإسلام والمسلمين؟
ربما تصدمنا الإجابة عن تلك
الأسئلة، ونحن نجد أن الخطاب الثقافي
الإسلامي وهو الأجدر من سواه من استيعاب كل
متطلبات العصر وتحدياته، نجده يظل قصي الجانب
عن كل هذا. بل راح البعض يفتي علناً أو سراً
بحرمة هذه الأجهزة الإعلامية لأنها تسوغ
لانتشار الفساد والإفساد وتفعل فعلتها دون
رادع أو منافس يحاربها.
لقد فات أصحاب الرأي هذا، بأن تلك
الوسائل الإعلامية بقدر أنها ذات خطورة
وأهمية كبيرين. فهي جامدة لا تعي ولا تدرك،
شأنها شأن القدح الفارغ الذي يستوعب السائل
الذي نريده نحن أو كالحاسوب الذي يظهر على
شاشته ما بُرمج فيه مسبقاً وحسب.
أو ربما فات هؤلاء الدور الذي تلعبه
العروض المسرحية أيام شهر محرم الحرام... كيف
تنغرز في نفوس الناس وتجعلهم في عويل وبكاء
صادقين؟ ولعل بعض مشاهدها تظل في ذاكرة
الإنسان طوال حياته؟.. بينما قد سمع في حياته
عدداً لا يستهان به من الخطب العصماء لكنها
سرعان ما نًسيت تماماً وصارت أثرا بعد عين؟
أو ربما نتساءل من المسؤول عن
الانحراف الأخلاقي والسلوكي لدى البعض من
الشباب المسلم؟ ولعل حقيقة لا تخلو من مرارة
مقيتة أن بعض شبابنا المسلم لا يدري عن دينه
الا اسمه لأنه قد درج في هويته الشخصية ـ ولا
يعلم عن عقيدته شيئاً قط ـ وأمام هذا نجده
يعرف كل شيء عن آخر ما عرض فـــي هوليود من أفلام
الجنس والجريمة، ويعلم كثيراً عن حياة المطرب
فلان أو الممثل علاّن... وقد ملأت جدران غرفته
بصور المطربين والفنانين العرب والأجانب.
ترى من المسؤول؟ هل هو البيت؟.. أم
المدرسة؟.. أم أصحاب الخطاب الثقافي
الإسلامي؟
نرى أن الجميع مسؤول عن هذا.. لكن
أكثرهم مسؤولية أصحاب القرار الذين لهم اليد
الطولى في عملية التغيير... فهم أولى من سواهم
في تبني السلاح الذي يحمي أبناءنا من هجمات
تلك الفضائيات وأفلام السينما الغربية... ولعل
استطاعتهم تلك بتبني نفس السلاح الذي حوربنا
به... وتبني قضية الاعلام المرئي فهو الخندق
الآمن لنا، ومنه يمكن أن نهاجم أو ندافع.