العولمة في المجال الثقافي            _ وجهة نظر نقدية _

حبيب آل جميع(1)

العولمة: من الغزو إلى الاختراق الثقافي

قبل سنوات عدة كان الحديث منصبا بشكل كبير حول تداعيات الغزو الثقافي و ما يسببه من تحديات حضارية شاملة، وتأثيرات سلبية على المجال الثقافي خاصة داخل العالم العربي و الإسلامي.

و خلال تلك الموجات المتتالية لما اطلق عليه (غزو ثقافي) تحركت اقلام المثقفين العرب و الاسلاميين معادية بالوقوف في وجه هذا الغزو المنظم الذي يهدد الهوية الحضارية للامة العربية و الاسلامية، و يعمق حالة الاستيلاب الثقافي و على الرغم من تلك المناداة و نواقيس الخطر التي دقت، و الاتهامات التي وجهت لعدد من المؤسسات الحكومية و الاهلية، وكذا النخب المتغربة، باعتبارها تشجع هذا الغزو الثقافي وتعمقه بطرق غير مباشرة و ذلك باهمال اتخاذ التدابير الوقائية من جهة و مباشرة في بعض الاحيان، خصوصا ما تقوم به النخب المتغربة التي تبشر و تنشر عددا من النظريات و القيم التي تقوم عليهاالحضارة الغربية، على أنها قيم انسانية توصل إليها الإنسان الغربي عن طريق التطور التاريخي الحتمي.

و بالتالي فقد تُعومِلَ مع هذا الغزو الفكري و القيمي الغربي، على أنه إحدى موجات الحداثة الفكرية التي يجب على العالم العربي و الإسلامي أن ينخرط فيها و يستوعب معطياتها إن أراد أن يواكب العصر و يساير التطور الحضاري الإنساني.

لكن بالرغم من كثافة هذا الغزو الفكري الغربي، و الشتجيع المباشر وغير المباشر الذي يلقاه داخل العالمين العربي و الإسلامي، من طرف المؤسسات أو النخب إلا شرائح عريضة من المجتمع و من بينها قطاعات نخبوية لم يؤثر فيها هذا الغزو بـــمقدار تنبيهها لخطورته، و ضرورة إيجاد ردات فـــعل، تبلورت فعلا في محاولات حيثيثة للبحث عن وسائل و آليات تدعم الممانعة الثقافية و الحضارية بشكل عام.

و قد أدت ردود الفعل هذه، و الحديث عن بلورة آليات للممانعة إلى انفجار النقاش حول جدوائية الانفتاح على قيم الغرب و ثقافته و هل يعتبر ذلك ضروريا بحكم الغلبة الحضارية، و أن كان كذلك فما مقدار هذا الانفتاح و ما هي حدوده القصوى؟

كما تناولت الاقلام التداعيات السلبية للتغريب و الاستيلاب الثقافي، باعتبار أن النهضة العربية و الإسلامية المنشودة لن تقوم على قاعدة جماهيرية مستلبة، و مشوهة الهوية، و مهجنة فكريا و ثقافيا.

و قد ساهم الصراع الأيديلوجي يبن الشرق و الغرب، و انقسام دول العالم الثالث ـ و من بينهما الدول العربية و الإسلامية ـ بين مناصر أو مناهض للشرق أو الغرب، في دعم الجهود التي كانت تبذل لمواجهة و مقاومة بعض عناصر الغزو الثقافي، لان ذلك كان يصب في دعم الدولة الوطنية و اختياراتها الإيديولوجية في السياسة و الاقتصاد خصوصا. و بالتالي فقد كانت بعض العناصر التي تعتبرها مئات من النخب ـ الاسلاميون خصوصا ـ غزوا فكريا و قيمياً غربيا ـ الغرب هنا بشقيه ـ الرأسمالي و الاشتراكي ـ اختياراً إيديولوجيا للدولة أو الحزب الحاكم. لذلك فقد كان الصراع الفكري داخل الدول العربية و الإسلامية بين النخب، يدور حول تحديد مفهوم هذه الاختيارات الإيديولوجية، و هل يمكن اعتبارها من قبيل الغزو الفكري الذي يمس الهوية الفكرية و الحضارية للأمة. أم يندرج ضمن التطور السياسي و الاقتصادي و الفكري، الذي جاء كنتيجة طبيعية للتطور الحضاري الذي تعرفه الإنسانية، و استجابة ضرورية للاحتكاك الحضاري الذي نعيشه، و الذي لا يمكننا تجنبه بحال من الاحوال.

إلا أن في هذه المرحلة التي كثر الحديث فيها حول الغزو الثقافي و تداعياته السلبية، لم تكن وسائل الإعلام و وسائط الاتصال قد بلغت من التطور و الانتشار ما وصلته الآن و هذا التطور الثقافي في وسائل الإعلام، واكبته احداث سياسية و اقتصادية مهمة عرفتها الساحة العالمية. فالمعسكر الاشتراكي تعرض للانقسام السياسي و التجزء، بفعل الأزمات الاقتصادية الخانقة التي عرفتها دوله خلال السنوات الأخيرة، مما عجل بسقوطه و تفكك كتلته السياسية و الاقتصادية و الإيديولوجية، في المقابل نجدان المعسكر الغربي و الرأسمالي يعتبر هذا التفكك و الانهيار انتصارا له و لأيديولوجيته السياسية و الاقتصادية. و من ثم انطلق الحديث داخل أوساطه الفكرية، حول انتصار النموذج الغربي الليبرالي و أنه النموذج السياسي و الاقتصادي الأخير و الأفضل الذي وصل إليه تطور البشرية، و أن على الدول التي كانت تقف البارحة منه موقف المعارض و الرافض، عليها ان تسرع لركوب قطاره و سلوك طريقه، و بدأ الحديث عن القطب الواحد الذي يتحكم في تسيـــير دواليب الاقــتصاد العالمي، حيث العمل على قدم و ساق لتحرير الاسواق العالمية و إلغاء الحواجز الجمركية بين الدول لاستقبال السلع. يرافق ذلك دعاية واسعة النطاق للترويج لقضايا حقوق الإنسان و الديمقراطية، و ضرورة تبني الإيديولوجية الليبرالية جملة و تفصيلا.

و هكذا فبين عشية و ضحاها بدأت عناصر الإيديولوجية الغربية الليبرالية تعرف طريقها نحو أوسع انتشار تعرفه عبر العالم، مستفيدة من قوتها الاقتصادية و العسكرية التي تمتلكها بالدرجة الاولى و مستغلة وسائل الاعلام المتطورة جدا للتسويق و التبشير بهذه الإيديولوجية و فعلا فقد بدأ الحديث عن العولمة الاقتصادية كظاهرة ملموسة، تتبلور كل يوم لتشمل جميع القطاعات الاقتصادية داخل العالم الثالث، فليس هناك الآن حديث الا عن الخصخصة، و تقليص دور الدولة في تسيير الاقتصاد الوطني، و تحرير الأسواق المحلية و فتحها أمام الانتاج العالمي، و ربطها بالتالي بعجلة الاقتصاد العالمي الذي تتحكم فيه بالطبع الشركات العابرة للقارات و المؤسسات المالية و التمويلية الغربية العملاقة. و عليه يمكن أن نقول بأن العالم في طريقه ليصبح سوقا واحدة مفتوحة على جميع الأسواق و الاقتصاديات تتحكم فيه إلى جانب رؤوس الاموال الغربية، قوانين الاقتصاد الليبرالي المعمول بها في الغرب بشقيه الأوربي و الامريكي. و بالتالي بدأ الحديث عن العولمة كظاهرة جديدة برزت على السطح. فانطلقت الاقلام و عقدت المؤتمرات و الندوات لعلاجها و مناقشة أبعادها و تداعياتها الايجابية و السلبية، ليس فقط على المستويين الاقتصادي و السياسي و انما على المستوى الثقافي. لان العولمة الثقافية بالخصوص بدت و كأنها كاسحة ستجرف و ستقضي على جميع الخصوصيات الحضارية لجميع الشعوب غير الغربية. بل إن شعوبا أوربية شعرت بمخاطر هذه العولمة لانها في حقيقة الأمر، عولمة تحمل في طياتها مشروعا لأمركة العالم. لان القيم النفسية و السلوكية و العقائدية الامريكية هي المهيمنة على هذه العولمة الثقافية. فالولايات المتحدة الأمريكية تهيمن و تمتلك النخبة الأكبر من وسائل الاعلام العالمية، و بالتالي فهيمنتها ليست اقتصادية فحسب و انما ثقافية كذلك، و هذا أخطر ما في هذه العولمة أو الأمركة. لان الذوق و السلوك و العرف الأمريكي، سيعرف طريقه نحو العالمية، مشكلا ضغطا و تحديا لباقي الأذواق و السلوكيات و الأعراف التي تشكل بالاضافة إلى الأديان و العقائد المنظومة المتكاملة للخصوصية الحضارية لباقي الشعوب في العالم.

و بما أن أجهزة الاستقبال و إلتقاط البث الإذاعي و التلفزيوني الفضائي قد استطاعت في الآونة الأخيرة الدخول إلى مجمل المنازل و البيوت، بسبب انتشارها و كثافة تسويقها العالمي و رخصها كذلك، فإن المادة الإعلامية الغربية و الأمريكية بدأت فعلا تصل إلى المتلقي في العالمين العربي و الإسلامي دون حواجز تذكر. بل بسهولة و يسر، و هذا ما جعل الحديث عن الاختراق الثقافي يحل محل الحديث السابق عن الغزو الثقافي، لأن وسائل مقاومة الغزو كانت متيسرة و أكثر فاعلية. بحيث كان بمقدور المؤسسات الحكومية و الأهلية أن تقاوم هذا الغزو أو تقف في وجهه أو على الاقل تخفف من آثاره السلبية، كما كان بامكانها في بعض المجالات أن تصد هذا الغزو. إلا أن الوضع الآن قد اختلف كثيرا. فلم يعد بامكان المؤسسات الحكومية أو الأهلية أن تقوم بالدور نفسه. و مما يزيد الوضع خطورة، ارتباط هذا الاختراق أو العولمة الثقافية بتبني الخيارات الاقتصادية و السياسية الغربية. و مما لا شك فيه أن وسائل الاعلام الغربية و الامريكية تؤكد على ترابط هذه الخيارات في المجالين الاقتصادي و السياسي مع ما تروج له من قيم ثقافية و سلوكيات و أنماط عيش غربية، و اذواق في الملبس و المأكل وصولا إلى صياغة تفاصيل الحياة اليومية و كل ما يتعلق بها من شؤون تخص الفرد أو الاسرة أو المجتمع.

و هنا تكمن الخطورة فعلا، لان وسائل الاعلام و خصوصا الانتاج السينمائي الهوليودي يسعى بجد و قوة لنشر و ترويج قيم المنافسة و تمجيد القوة، و التأكيد على الفردانية، و نشر ثقافة الاستهلاك، و الدعوة إلى تحرير الرغبة الإنسانية من كل القيود، و ابعاد كل ما هو غيبي  عن حياة الإنسان. و بالتالي تقدم للانسان أهدافا جديدة، تتمحور حول السعي الحثيث لتحقيق الرغبات الشخصية دون اعتبار لقيم الحق أو العدل كما بشرت بها الأديان.

و بما أن هذه المادة الإعلامية بدأت تطرق باب الإنسان و تشاركه خلواته دون رقابة أو تمحيص، فإن آثارها المدمرة قد بدأت تظهر و تنتشر داخل الأوساط الاجتماعية فعلا. فظواهر التفسخ الأخلاقي و التفكك الأسري، و ظهور جرائم لم يكن المجتمع العربي و الإسلامي يعرفها و غيرها من الظواهر الغربية، دليل على أن هذا الاختراق بدأ يؤتي أكله.

و بما أن الإجراءات لوقف هذا الاختراق أو مواجهته، اكثر صعوبة و أشد تعقيدا، فإن المادة الإعلامية و الثقافية الغربية لا تجد لحد الآن صعوبة للوصول إلى عقل المتلقي في العالمين العربي و الاسلامي و قد بدأت فعلا صياغة الأذواق و الاهتمامات و الأهداف، و بالتالي فنحن أمام عولمة أو أمركة حقيقية في طريقها للتوسع و التغلغل و الانتشار، و لا أحد يعرف إلى أين ستصل، و ما هو الحجم الحقيقي الذي ستأخذه تداعياتها السلبية على الهوية الحضارية للامة العربية و الإسلامية.

تأثير العولمة الثقافية على الهوية العربية و الاسلامية

من المعروف أن مشكل الهوية، كان قد طرح للمناقشة و التداول و المعالجة مع بدأيات الاحتكاك بين الحضارتين الغربية و العربية الاسلامية، خصوصا بعد شمول السيطرة العسكرية الغربية على العالمين العربي و الإسلامي، لان الغرب شرع في نشر لغته و نموذجه الحضاري داخل الأوساط الاجتماعية مستغلا الضعف الذي كانت الثقافة العربية و الإسلامية تعاني منه، فعمل الاستعمار الغربي على زيادة تهميش عناصر الثقافة العربية و الإسلامية، و أهمها اللغة العربية كأداة فاعلة لنقل الثقافة و المحافظة عليها، باعتبارها الوسيلة الوحيدة للارتباط بالموروث الثقافي للأجداد، هذا الموروث الذي كان و ما يزال يغذي و يعمق إمكانات التحدي و البقاء، و يمكن من الاستمرارية و يقاوم الذوبان الحضاري.

لذلك فمن بين أهم الشعارات التي رفعت في وجه الإستعمار و ساعدت بشكل حاسم في اخراجه و تحقيق الاستقلال، كان شعار، الدفاع عن الهوية.

ثم مع الغزو الثقافي المنظم، لم يتوقف الحديث عن الهوية التي يجب أن تحصن أمام هذا الغزو، و عليه فخلال المائة سنة الماضية تقريبا و إلى الآن، لم يتوقف الحديث عن الهوية التي تتعرض لمخاطر الغزو و الاحتكاك و من ثم خطر الذوبان.

لكن ما يلاحظ هو أن معالجة هذا الموضوع قد تطورت بشكل ملفت، لان مجموعة من التداعيات كانت قد استوعبت بطريقة ايجابية، و ذلك لان المفكر العربي و الإسلامي تعامل معها على أنها لا تمس جوهر الهوية، و انما هي عناصر تتعلق بالجانب المتحول في حضارتنا و قيمنا و أعرافنا، و بالتالي فأي تأثير عليها سواء بالتطور أو الالغاء و النسخ ليست له مدخلية حقيقية في العناصر الاساسية المكونة لهويتنا العربية و الإسلامية.

و قد دعم هذا الاتجاه ضعف تماسك عدد من العناصر التي تروج لها الثقافة الغربية، باعتبارها غير عقلانية أو مناوئة لقيم دينية راسخة و سليمة و منسجمة مع الفطرة الانسانية، لذلك لم تجد الثقافة العربية و الإسلامية صعوبة علمية و عملية في نقد هذه العناصر و الكشف عن تهافتها و الرد عليها بشكل مقنع و مؤثر، و قد استوعبت قطاعات واسعة من الأمة (نخبا و عوام) هذه الردود و اعتقدت في موضوعيّتها و قوتها، مما جعل تلك العناصر الثقافية الغربية (كالالحاد مثلا) تتراجع و ينحسر انتشارها بشكل كبير، بل أن موجات مناهضة للثقافة الغربية شكلا و مضمونا قد عرفت طريقها نحو الانتشار الواسع داخل الاوساط الثقافية و الاجتماعية بشكل عام، و من ثم تعززت مكونات الهوية في الوقت الذي تصاعدت فيه موجات الدعاية للثقافة الغربية.

و من المظاهر التي سجلت و أُرخ لها كظاهرة ميزت العقود الثلاث الماضية، ظاهرة المد الإسلامي أو الأصولية كما يسميها الإعلام الغربي، التي انتقد دعاتها بشدة الحضارة الغربية و حملوا على ثقافتها و قيمها و دعوا إلى رفضها و مقاومتها و التشبث بالقيم العربية و الإسلامية و العناية بالموروث القيمي الحضاري لأمتنا. و قد لاقت هذه الدعوات استجابة عريضة داخل الأوساط الاجتماعية و النخب الثقافية بدرجات متفاوقة.

وقد اعتبر انتشار هذا المد الصحوي الإسلامي بمثابة رد فعل طبيعي على عقود من التغريب ومحاولة اللحاق و الإستتباع الحضاري الذي حاولت بعض النخب السياسية التابعة ثقافيا للغرب أن تفرضه. كما اعتبر دليلا على فشل مشاريع التحديث الثقافي التي مست الهوية في عدد من عناصرها و التي كانت تستمد مكوناتها الأيديولوجية من الحداثة الغربية و تتغذى من انتاجها الثقافي.

و مما لا شك فيه أن ظاهرة الصحوة الإسلامية قد عززت مفهوم الهوية الحضارية و عمقته و كشفت عن امكانات ضخمة تختزنها ذاكرة الأمة الثقافية و وجدانها الداخلي. و أن الضربات المتتالية التي تعرضت لها هذه الهوية لم تكن قاتلة، بل ساعدت على نفض الغبار عنها و تفعيل عناصرها و تزريقها بدماء و حيوية جديدة.

و قد سجل كذلك تراجع لعدد من رموز النخب التي كانت تجعل من نفسها وسائط لنقل الثقافة الغربية، بل أصبحت مجموعة منهم من الدعات لرفض الثقافة الغربية و مقاومتها و التشبث بعناصر الهوية العربية و الإسلامية.

و إذا كانت هذه الظاهرة الصحوية الداعية إلى التشبث بالهوية و احيائها، قد كشفت من مواقف متطرفة، تدعوا للانغلاق و رفض الآخر بشكل نهائي و قاطع، فإن مواقف أكثر نضجا و فهما للصراع الحضاري و للموقف الحرج الذي تعاني منه الأمة العربية و الإسلامية ليس على المستوى الثقافي فحسب و لكن على المستوى الحضاري العام، كانت قد تبلورت، لأنها و انطلاقا من موضوعية المعالجة شعرت بضرورة التثاقف و الانفتاح على الآخر، لكن بشروط من أهمها تفعيل عناصر الثقافة العربية و الاسلامية، و تنشيطها و الكشف عن خصائصها و مميزاتها، و محاولة تقديمها بحلل جديدة لائقة، تستطيع أن تقاوم و تنافس بل و تنتصر في نهاية المطاف و عدم الخلط بين الثابت و المتحول في ثقافتنا.

كما أن النقد الموجه للحضارة و الثقافة الغربية كان اكثر عقلانية و موضوعية، يميز بين ما هو إنساني عام و ما هو خصوصية أنجبتها رحم ظروف التطور التاريخي و الاجتماعي و الاقتصادي الذي عرفته المجتمعات الغربية. لذلك اتسمت هذه الانتقادات بالعمق و تبنتها شرائح واسعة من المثقفين على اختلاف مشاربهم و توجهاتهم الأيديولوجية.

فإذن الحديث عن الهوية العربية و الإسلامية و التحديات التي تواجهها من طرف الحضارة الغربية ليس وليد بروز ظاهرة العولمة الثقافية، و انما يرجع كما أسلفنا القول إلى بداية الاحتكاك العسكري و الثقافي مع هذه الحضارة قبل قرنين من الزمان تقريبا، و قد عرف هذا الاحتكاك تطورا اتسم بالمد و الجزر، بالاستجابة الايجابية حينا و بالتصادم و العدوان حينا آخر. لكن ما يميز ظاهرة العولمة هو كون التحديات الآن أخرت بعدا آخر، أكثر شمولية و خطورة، لان الثقافة الغربية امتلكت الآن الوسائل و الأدوات القادرة على الوصول إلى عقل الإنسان العربي و المسلم بشكل دائم و مستمر، و قد امتزجت و تداخلت مع عدد كبير من المجالات الاقتصادية و السياسية و العلمية، لذلك فقدرتها على التأثير أصبحت مضاعفة و غير محدودة.

و أمام الإخفاقات التي تعاني منها مجالات الثقافة و الاقتصاد و السياسة داخل العالمين العربي و الاسلامي، فإن أرضية التأثير و الاستيعاب أصبحت مهيئة أكثر لاستقبال موجات الثقافة الغربية و هي تدعو و تنشر قيمها باعتبارها قيما انسانية متقدمة. جاءت نتيجة قرون من تراكم الخبرات و التجارب الإنسانية في اكثر من مجال و على أكثر من صعيد.

هذا الوضع الجديد الذي وصل إليه الاحتكاك الذي أخذ طابع الصراع في أكثر الأحيان، و الإمكانات التقنية الهائلة التي تملكها الثقافة الغربية، و الوضع المزري الذي يتخبط فيه العالم العربي و الإسلامي، هو الذي يؤرق النخب المثقفة العربية و الاسلامية، و يجعلهم يتوجسون خيفة من العولمة الثقافية، أكثر بكثير من خوفهم من الغزو الثقافي الذي عالجوه و ناقشوا تداعياته من قبل.

فهذه العولمة شاملة و ليست ثقافية فقط، و انما اقتصادية و سياسية، و هذان العنصران يدعمان الثقافة بشكل كبير، لانها بدورها تساعدهما على التجذر و التعمق باعتبارهما خيارات حضارية تستجيب لحتمية التطور. و هذا يشكل تحديا خطيرا للهوية العربية و الإسلامية لم يسبق لها أن تعرضت له بنفس الحجم و القوة و الخطورة.

لذلك نجد أن النخب المثقفة العربية و الإسلامية هرعت لمناقشة ظاهرة العولمة الجديدة، لمعالجتها و الكشف عن أخطارها على جميع المستويات الاقتصادية و السياسية و الثقافية و قد عقدت أكثر من ندوة و مؤتمر لمناقشة هذه الظاهرة، كما خصصت مجموعة من الدوريات المتخصصة بشؤون الفكر و الثقافة ملفات لمناقشة تداعيات العولمة و التعريف بها.

و كتب الكثير حولها من طرف المفكرين و المثقفين. سنحاول تتبع آراء مجموعة من المفكرين العرب و الاسلاميين حول الآثار السلبية للعولمة الثقافية على الهوية العربية و الاسلامية، و ما هي الوسائل التي يقترحونها للحد من تأثير التداعيات المدمرة لهذه الظاهرة الخطيرة التي تعتبر من أهم و أخطر التحديات التي تواجهها الأمة العربية و الإسلامية الآن.

المثقفون العرب و موقفهم من العولمة الثقافية

نظم مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت ندوة حول: (العرب و العولمة) و ذلك بين 18 20 كانون الأول (ديسمبر) 1997م. حضر الندوة عدد كبير من المثقفين و المفكرين الاقتصاديين و أكاديميين مختصين في ميادين معرفية مختلفة. و قد تناولت الأوراق التي قدمت لمعالجة العولمة على المستوى الثقافي، لانها قدمت ـ كما أشار إلى ذلك المتعقبون عليها ـ رؤى عميقة تجاه العولمة الثقافية، كما قدمت مقترحات نظرية و علمية للحد من التداعيات السلبية لهذه العولمة.

الورقة الأولى كانت للدكتور محمد عابد الجابري أستاذ الفلسفة في جامعة محمد الخامس بالرباط (المغرب)، تحت عنوان: (العولمة و الهوية الثقافية: عشر أطروحات) يعرف الجابري الثقافة بأنها: (المعبر الأصيل عن الخصوصية التاريخية و مهامه هنا، و قدراته و حدوده، و ما ينبغي أن يعمل و ما لا ينبغي أن يأمل)، و بناء على هذا التعريف يرى بأن العالم لا يحتضن ثقافة عالمية واحدة، و ليس من المحتمل أن توجد في يوم من الأيام، و انما وجدت و ستوجد ثقافات متعددة متنوعة تعمل كل منها بصورة تلقائية، أو بتدخل إرادي من اصلها على الحفاظ على كيانها و مقوماتها الخاصة، من هذه الثقافات ما يميل إلى الانغلاق و الانكماش، و منها ما يسعى إلى الانتشار، و منها ما ينعزل حينا و ينتشر حينا آخر...)(2)

هذا ما يراه الجابري بخصوص التعدد الثقافي الذي يزخر به العالم، أما العولمة فيعتبرها (إيديولوجيا تعكس إرادة الهيمنة على العالم و أمركته... لأنها تعمل على تعميم نمط حضاري يخص بلدا بعينه هو الولايات المتحدة الأمريكية، بالذات، على بلدان العالم أجمع... لذلك فهي تنحو باتجاه القضاء على الخصوصية الثقافية بشكل عام، في الأذواق و أولويات التفكير و مواضيع التفكير و مناهج التفكير... أما وسائلها فهي سمعية بصرية، تهدف المادة الإعلامية التي تروجها و تنشرها إلى (تكريس نوع من الاستهلاك، لنوع معين من المعارف و السلع و البضائع، معارف اشتهارية تشكل في مجموعها ما يمكن أن نطلق عليه (ثقافة الاختراق)، و النتيجة التي ستحققها هذه العولمة الثقافية عبر وسائل الإعلام، هي تعميق الاستتباع الثقافي و الحضاري بشكل عام.

أما بخصوص ثقافة الاختراق، أو مضمون هذه العولمة بشكل عام، فهو كما ذكره باحث أمريكي ينحصر في الأوهام الخمسة التالية: وهم الفردية، وهم الخيار الشخصي، وهم الحياد، وهم الطبيعة البشرية التي لا تتغير، وهم غياب الصراع الاجتماعي و بعد أن يشرح الجابري هذه الأوهام الخمسة ينتقل إلى أطروحة جديدة يؤكد فيها بأن العولمة: (نظام يعمل على افراغ الهوية الجماعية من كل محتوى، و يدفع للتفتيت و التشتيت. ليربط الناس بعالم الاوطن و اللا أمة، و اللادولة، أو يفرقهم في أتون الحرب الأهلية).

أما بخصوص وضع الثقافة العربية، فقد وصفها الجابري بأنها تعاني من ثنائية في مستوياتها المختلفة، المادية و الروحية، و هذه الثنائية هي نتيجة الاحتكاك مع الثقافة الغربية التي جاءت نتيجة تطور (قوامه التحديث و الحداثة) أما الثقافة العربية فلم تعش ذلك التطور بل بقيت بمعزل عنه تجتر وضعا قديما توقف عن النمو منذ قرون كما يقول الجابري.

و للاجابة على سؤال ما العمل إزاء هذه السلبيات و الأخطار التي تطبع علاقة العولمة بالعرب على صعيد الهوية الثقافية؟ فقد عرض الجابري موقفين سماهما سهلين: موقف الرفض المطلق و سلاحه الانغلاق الكلي.. و موقف القبول التام للعولمة و ما تمارسه من اختراق ثقافي و استتباع حضاري شعاره (الانفتاح على العصر) و (المراهنة على الحداثة) هذان الموقفان يصنفهما الجابري ضمن المواقف اللاتاريخية. فالأول سلبي غير فاعل لعدم وجود نسبة معقولة من التكافؤ بين امكانات العولمة و الثقافة المنغلق عليها، و بالتالي فالانغلاق في هذه الحالة ينقلب إلى موت بطيء..

الثاني يعتبر دعوة للاغتراب و فسح المجال أمام ثقافة الاختراق، و هذا الموقف الثقافي ينطلق من الفراغ أي من اللاهوية..، أما الموقف الذي يقترحه الجابري ازاء الثنائية و الاختراق و إيديولوجيا العولمة، فينطلق من العمل داخل الثقافة العربية من أجل تجديدها (بإعادة بنائها و ممارسة الحداثة في معطياتها و تاريخها، و التماس وجوه من الفهم و التأويل لمسارها تسمح بربط الحاضر بالماضي في اتجاه المستقبل..

و تجديد الثقافة العربية و الدفاع عن الخصوصيات و مقاومة الغزو و الاختراق كلها أمور تحتاج إلى اكتساب الأسس و الأدوات التي لا بد منها لدخول عصر العلم و الثقافة و في مقدمتها العقلانية و الديمقراطية...

أما الدكتور عبد الإله بلقزيز أمين عام المنتدى المغربي العربي، فقد تساءل في ورقته التي حملت عنوان: (العولمة و الهوية الثقافية: عولمة الثقافة أم ثقافة العولمة)، حول هذه العولمة، هل هي مؤشر على نهاية عهد السيادة الثقافية؟

فالمصدران الرئيسيان التقليديان اللذان كانت الثقافة الوطنية تنهل أسباب سيادتها و تجددها منهما أي (الأسرة و المدرسة)، يبدو ـ كما يقول بلقزيز ـ كما لو أن العياء دب في أدائهما، و نال من وظائفهما التربوية و التكوينية، ومن قدرتهما على الاستمرار في ممارسة أدوارهما التقليدية الفعالة في انتاج و اعادة انتاج منظومات القيم الاجتماعية.. و هذا الخلل الطارئ على العمل الوظيفي (الطبيعي للأسرة و للمدرسة الوطنية، انما كان ثمرة مرة لحقيقتين تقوم على وجودهما و رسخوهما أوفر الدلائل، هما: اخفاق النظام التعليمي، و تفكيك بنية الآسرة، في امتداد الانهيار الكامل و الشامل لنظام القيم..

هذا فيما يتعلق بخلفيات وضع الثقافة العربية، أما بخصوص العولمة الثقافية فقد وصفها بلقزيز بأنها ثقافة الصورة، فهي ليست ثقافة مكتوبة بل (ثقافة ما بعد المكتوب).

و هذه الثقافة لا تحتاج إلى لغة، لأنها بحد ذاتها خطاب ناجز مكتمل يمتلك سائر مقومات التأثير الفعال على مستقبله..، أما مضمون هذه الثقافة البصرية السمعية فهو على مستوى من الهزال و الفقر و السطحية، يثور معه التساؤل المشروع عن مستقبلنا الإنساني كما يقول بلقزيز!؟

إنها ثقافة معلبات مسلوقة جاهزة للاستهلاك، تتنافس الشركات الاعلامية لتسويقها مستخدمة جميع ما ابتكره العقل البشري الغربي من وسائل الاغراء و الخداع، و مع تراجع معدلات القراءة و الاهتمام بالكتاب، فإن نظام القيم معرض للتفتت، مما سيكرس (منظومة جديدة من المعايير ترفع من قيمه النفعية و الفردانية الانانية، و المنزع المادي ـ الغرائزي المجرد من أي محتوى إنساني... الخ.

أما بخصوص امكانية مقاومة زحف هذه العولمة؟

فقد دعا بلقزيز إلى الممانعة الثقافية، عبر المقاومة الإيجابية لهذه العولمة أو السيطرة الثقافية الغربية كما سماها و ذلك (عن طريق استعمال الأدوات عينها التي تحققت بها الجراحة الثقافية للعولمة)، كما أشار إلى امكانية الاستفادة من نظريات علم الاجتماع الثقافي التي تؤكد على أن (فعل العدوان الثقافي غالبا ما يستنهض نقيضه) و هذا نوع من أنواع الممانعة الثقافية.

الدكتور احمد صدقي الدجاني رئيس المجلس الأعلى للتربية و الثقافة و العلوم في منظمة التحرير الفلسطينية الذي شارك في أعمال ندوة (العرب و العولمة) انتقد العولمة الثقافية لانها تنشر قيما سلبية أخطرها في نظره: (النظر إلى الإنسان على أنه مجرد مستهلك)(3).

 و اعتبر أن محاولة إنهاء الثقافات و تنميط البشر على ثقافة غربية واحدة يقينا سيفشل(4).

و يقترح الدكتور الدجاني لكي تأخذ ثقافتنا مكانتها ضمن هذه العولمة أن نحسن تقديمها، و قبل ذلك نعتني بها عن طريق الاهتمام بقطاع التربية و التعليم، و أن نهتم (بتوفير الذاكر الأدبية و الذاكرة التاريخية)(5) مؤكدا على الاستفادة من التقنية المعاصرة لانها ملك عالمي.

أما المفكر الإسلامي منير شفيق فيرى أن الأمة العربية تواجه تحديات شاملة مع العولمة، ليس فقط على مستوى الثقافة، و لكن على المستويين الاقتصادي، و السياسي، لذلك فالمعركة شاملة، و من ثم فمن التبسيط أن نحصرها في الجانب الثقافي. لان العولمة تريد أن تقتحم علينا بلادنا لتفقدنا استقلالنا، لتفقدنا ثقافتنا و هويتنا كما يقول منير شفيق(6).

و هذا التحدي الثقافي للهوية تشكو منه بعض الدول الاروبية التي رأت في العولمة الثقافية هيمنة النموذج الأمريكي و سيطرته على المجال الثقافي العالمي انتاجا و تسويقا.

الدكتور سيار جميل أستاذ التاريخ الحديث في جامعة آل البيت (الأردن) و صاحب كتاب (العولمة الجديدة و المجال الحيوي للشرق الأوسط: مفاهيم عصر قادم) (طبع سنة 1997م)، شارك في ندوة (العرب و العولمة)، يرى الدكتور سيار أن الثقافة العربية و الإسلامية تعاني من تحديات واسعة (على مستوى التكوين و الإنتاج، و على مستوى الآليات و الوسائل و الأساليب كذلك)(7).

و أن هذه المعاناة كانت قد بدأت مع الاحتكاك الثقافي بالحضارة الغربية، لذلك فالدعوة إلى المحافظة على الخصوصيات في عصر العولمة، لن يتحقق إلا بالاهتمام و معالجة الحقول المعرفية و الواقعية، و احداث الاصلاحات و التغييرات المطلوبة، على أن تكون هذه المعالجة (شمولية في النظرة و التطبيق)(8).

و أمام التفوق التقني الذي تستثمره العولمة الثقافية الغربية يرى الدكتور سيار بأننا لن نستطيع أن نوقف هذه الهجمة الإعلامية، لكننا باستطاعتنا الحد من تأثيراتها السلبية عن طريق (مثلا ايجاد قنوات فضائية عربية و إسلامية، أن نشيع أدبياتنا و أفكارنا و فنوننا في العالم، أن ننفتح على بعضنا البعض، أن نتكتل اقتصاديا، أن تكون أية مجلة أو جريدة أو اية مراسلات مفتوحة بين دول العالم الاسلامي، عمل جماعي متكتل، متنوع، و منفتح على بعضه عربيا و إسلاميا.. كما أكد الدكتور جميل على ضرورة (تأسيس كتلة اقتصادية عريية إسلامية تساعد حركة الثقافة(9).

أما إذا لم نهيء مثل هذه البدائل و غيرها فقد حذر الدكتور سيار من طغيان ثقافة الآخر علينا و بالتالي ستصل العولمة الثقافية إلى مداها الأوسع، أي الاستتباع الثقافي النهائي للغرب الذي سيعمق الاستتباع الاقتصادي و السياسي.

أما الباحث السعودي الأستاذ محمد محفوظ مدير تحرير مـــجلة الكلمة فيرى أن الــــثقافة التـــي تنشرها وسائل الإعلام الغربية و الأمريكية بالخصوص، (انما تعمق مسار الاغتراب في حياة أصحاب النزعة الوطنية، و من خلال هذا الاغتراب، ينغرس الشعور الوهمي، بأن الثقافة التي ينتجها الغرب هي ثقافة الكون كله)(10).

أما التحديات الحقيقية التي تواجه الثقافات الوطنية أمام دعوات الكوكبة و العولمة الشاملة، فهي في نظره من جراء العلاقة غير المتكافئة بين الشعوب و الأمم التي تحمل يافطة الثقافات الوطنية و تبذل جهدا في هذا السبيل(11). أن الغرب كما يقول محفوظ: (يطمع أن يكون منتجا كونيا لا ينافسه أحد في ذلك) من هنا تنبع أهمية إعادة الاعتبار إلى عناصر الثقافة الوطنية، و العمل على تنشيطها في النسيج المجتمعي، لان بقاء عناصر الثقافة الوطنية ساكنة، يعني تحول بعضها إلى فلكلور محلي، نشجع به السياحة، و نحنطه في متاحف و أماكن أثرية لا غير. أن الإرتكاز على عناصر الثقافة الوطنية و مقوماتها هو الذي يوفر لنا أسباب الوعي و الادراك الكافيين لاستيعاب تطورات العالم و تحديد مستقبلنا).

من خلال استعراضنا لآراء هذه المجموعة من المثقفين و الأكاديميين العرب و الاسلاميين، نسجل عدة ملاحظات نذكر منها:

أن التحديات التي ستعاني منها الثقافة العربية و الإسلامية في ظل العولمة كبيرة و خطيرة و تحتاج إلى مبادرات عاجلة و فاعلة.

الثقافة العربية بحاجة إلى إعادة بناء و تجديد و تفعيل من الداخل لتهيئتها للمقاومة و التصدي.

ضرورة الاهتمام بقطاع التربية و التعليم، شكلا و مضمونا، و البحث عن الوسائل الفاعلة لاخراجه من الثنائيات التي تحكمت فيه خلال العقود الماضية.

ضرورة وأهمية استخدام وسائل العولمة و تقنيتها المتطورة لنشر الانتاج الثقافي العربي، عبر الصورة و الصوت. و الاهتمام بجودته لينجذب إليه المتلقي العربي، فيستهلكه بدلا عن الانتاج الغربي. و اعادة النظر في في البرامج الإعلامية الغربية التي تستهلكها وسائل الإعلام العربية بلغتها دون ترجمة أو رقابة.

ضرورة التعاون بين الدول العربية و الإسلامية في المجال الثقافي لانتاج و تسويق ثقافة عربية و إسلامية، تأخذ مكانها في خضم هذه العولمة، لتحد من تأثيرات الاختراق الثقافي، كما تقدم البديل الثقافي والحضاري الذي يحصن الهوية و يدافع عنها.

و أخيرا فإن معالجة ظاهرة العولمة الثقافية و الحديث عن تداعيتها السلبية على ثقافات الشعوب غير الغربية، لم يستنفد بعد أغراضه، لان العولمة الثقافية الغربية لم تصل بعد إلى مداها الذي تطمح إليه. لكن لا حد يعرف حجم المخاطر التي تنتظر ثقافات شعوب و أمم العالم الثالث. إذا هي لم تبادر بسرعة و فاعلية لا يجاد وسائل الممانعة و التصدي و المقاومة؟‍‍!

المصادر

1 ـ باحث سعودي.

2 ـ د. أحمد صدقي الدجاني، (الثقافة العربــيــة و الإسلامية و تحديات العولمة) مجلة الكلمة (يبروت) السنة الخامسة، العدد 18 (شتاء 1998م)، ص 143.

3 ـ المصدر نفسه، ص 143.

4 ـ المصدر نفسه، ص 143.

5 ـ منير شفيق، (عالمية الثقافة الإسلامية أمام تحديات العولمة) مجلة الكلمة (بيروت)، السنة الخامسة، العدد 19 (ربيع 1998م)، ص 105.

6 ـ د. سيّار جميل، (الثقافة الإسلامية و الاختراق الثقافي في ظل العولمة) مجلة الكلمة (بيروت)، السنة الخامسة، العدد 18 (شتاء 1998م)، ص 145.

7 ـ المصدر نفسه، ص 146.

8 ـ المصدر نفسه، ص 147.

9 ـ محمد محفوظ، (نقد المشروع الثقافي الغربي و طموحات العولمة) مجلة الكلمة (بيروت)، السنة الخامسة، العدد 19 (ربيع 1998م)، ص 56.

10 ـ المصدر نفسه، ص 55.

11 ـ المصدر نفسه، ص 57.