مجلـــة النبـــأ   العــددان (30 -31 )    السنــة الخــامســـة    ( ذو القعدة - ذو الحجـة )  1419

اعقــــل وتوكـــل

قبل بضعة أيام ، جاءنا صديق عزيز، وهو يحمل أطروحة لتأسيس مشروع إعلامي إسلامي (محطة تلفزيونية فضائية) يأخذ على عاتقه مهمة الدفاع عن المسلمين أيما كانوا وحيثما عاشوا.

قلت له: إنه نِعم المشروع.. ولكن قبل كل شيء عليك أن تهيأ جميع مستلزمات المشروع والوسائل والإمكانيات الكفيلة باستمراريته، فقال: لماذا تعقدون المساتئل وتصعبون الأمور؟ المشروع اقتصادي قبل أن يكون إعلامي، ستجنون ثماره خلال عدة سنوات. فقلت له: ما هو مقدار رأس المال الذي رصد للمشروعظ قال: لا شيء، ما عليك إلا أن تقترض للمشروع بالعمل وتترك الباقي على الله سبحانه. فقلت له: حقاً إن أمرك لعجيب، إنك لا تملك أبسط الموارد الاقتصادية، ولا الكوادر الكافية وتطالب بمشروع كبير يحتاج ثروة عظيمة يستطيع أن يساير الفضائيات العالمية العملاقة؟! فقال: العجب منكم يا من لم يدخل الإيمان في قلوبكم... أليس الله هو الرزاق؟.. وهو القائل ادعوني أستجب لكم.. ومن يتوكل على الله فهو حسبه.. يا أخي الأمور أبسط مما تتصورون ولا تحتاج إلا لبعض المال والاتكال.

قلت: ومن قال لك إننا لا نؤمن بالله ولا نتكل عليه، إلا أن المسألة غير ما تتصور، هناك أسباب ومسببات، وسنن كونية ثابتة تقوم عليها أمور الدنيا، وخصوصاً المشروع الذي تطالب بإقامته يحتاج إلى إمكانات استثنائية، وكوادر من نوع متميز ولوازم أخرى متنوعة فإذا وجدت كل هذا يحق لك أن تبدأ وتتكل على الله سبحانه لكي يذلل لك الصعاب، ويفتح لك الأبواب ويهديك طريق الصواب، وأقول لك كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى ذلك الأعرابي الذي ترك ناقته خارج المسجد ولم يعقلها فغابت عنه، قائلاً له: إعقل وتوكل.

علي عبد الرضا