الصبر عون على الخطوب

قال بعض الأعاظم:  كنت معتقلاً بالكوفة فخرجت يوماً من السجن مع بعض الرجال وقد زاد همي وكادت نفسي أن تزهق وضاقت عليّ الأرض بما رحبت، وإذا برجل عليه آثار العبادة قد أقبل علي ورأى ما أنا فيه من الكآبة.  قال:  ما حالك؟ فأخبرته القصة.

فقال:  الصبر الصبر، فقد روي عن النبي(ص)  أنه قال:«الصبر ستر للكروب وعون على الخطوب»، وروي عن ابن عمه الإمام أمير المؤمنين علي(ع)  أنه قال:«الصبر مطية لا تدبر وسيف لا يكلّ» وأنا أقول:

ما أحسن الصبر في الدنيا وأجمله

عند الإله وأنجاه من الجزع

من شدّ بالصبر كفاً عند مؤلمة

ألوت يداه بحبل غير منقطع

فقلت له:  بالله عليك زدني فقد وجدت راحة.

فقال:  ما يحضرني شيء عن النبي(ص)  ولكني أقول:

أما والذي لا يعلم الغيب غيره

ومن ليس في كل الأمور له كفؤ

لئن كان بداً الصبر مراً مذاقه

لقد يجتني من بعده الثمر الحلو

ثم ذهب فسألت عنه فما وجد أحداً يعرفه ولا رآه أحد قبل ذلك في الكوفة ثم أخرجت في ذلك اليوم من السجن وقد حصل لي سرور عظيم بما سمعت منه وانتفعت به ووقع في نفسي أنه من الأبدال الصالحين قيضه الله تعالى لي يوقظني ويؤدبني ويسليني.