خــــاطـــــرة

 الى الشهيد السيد حسن الشيرازي

يا فجر..  يا شمس النهار..  أيها النصر في زمن الإنكسار يا شهيداً...

في كل مرة نلقاك فيها على أبواب الذكرى من كل عام يحملك الخلود على أكف الإباء فرحاً بك، توشحك الشهادة بلباسها المضمخ بالدم يفور بالعزة والكبرياء.

فنراك شامخ الجبين وضّاء رغم عتمة الزمن، تصرخ للحق المضيع في أوطاننا صرخات لا رعشة فيها، ولا رنة خوف من أي طاغية، ترسم بدمك الطاهر على بوابات المدن المحاصرة بشهوات السلاطين علامة الرفض ضد مصادرة الآراء.

وبنصل السيف، بقلمك تضرب الأنوف المزكمة بالغرور، وتوخز النفوس المسكونة بالحقد، الممتطين صهوة الدنيا وقد أكل الكبر جل عقولهم، فعزموا بدون تفكر ولم يرتضوا النصيحة فكانوا شر أخلاق نفوس الجور، شرقنتهم محبة الدنيا، غرتهم الخدع فخرجوا عن رقة الحازمين، ورفعوا عصا الحدة، والحدة ضرب من الجنون وما ندموا عليه لأنهم لم يدركوا بأن الدنيا عرض حاضر يأكل منه البر والفاجر، والآخرة دار حق يحكم فيها ملك قادر، وما شاوروا ذوي العقول، فكان منهم الزلل.

هكذا أنت..  وهكذا نحن نلقاك، نقرأ في عينيك الحاضر لنمسك بحبال الصبر أكثر، وتهدينا طريق المستقبل بلا تبطر، لأنّا نؤمن أن الدهر يومان، يوم لك ويوم عليك، فإذا كان لك فلا تبطر وإن كان عليك فاصبر.

نحن نلقاك..  ليشرق لنا الأفق أزرقاً صافياً صفاء روحك، وتزهر الأرض بلون العطاء الذي تنشره يداك، وتبرأ النسمة من همس شفتيك.

لأنك الدفء في زمن الصقيع، لأنك الأمان في وحشة الطريق.

لأنك الأمل يشرق من بعيد.

ولأنك الشمس التي تذيب لباس الكسل السمعي، والنجاح الذي ينزع فتيل التردد من أعماقنا، والقوة التي تكتب النصر لنا على صفحات التاريخ.

هكذا أنت دائماً..  وستبقى لأن من علمك أبجدية الحروف وسبل الحق ما زال يمسك بالقلم رغم الحصار، مشرق النهار وإن علا سياج بيت الضباب، واثق الخطوة وإن علا طنين الذباب من حوله، حكيماً أعقل الناس، وأنظرهم في العواقب.

نحن لا نلمّع صورتك في الذكرى لتسطع فيها، ولا ننفخ فيك لتكبر، ولا نصفق لك لتنتصر.

فمتى احتاج الحاضر فينا للذكرى، ومتى احتاج كبير القوم للصغار لأن يكبر..  ومتى احتاج حيدرة لهلاهل القوم لأن ينتصر.