على حين غرة أعلن التاريخ انه يختم آخر صفحة من صفحات مسيرة تلك
الموسوعة الدينية الفقهية الأخلاقية الهائلة.
ولعل صفحات التاريخ فاتها أنها أعجز من أن تطوي صدى تلك الآثار التي
لايخفت وهجها وأنها أوهى من أن تصد راعي قوافل العطاء المحض بكل معانيه
المتمثلة بشخص آية الله السيد محمد رضا الشيرازي (قدس سره).
وكما كان سماحة الفقيه الشيرازي يفاجئ الجميع بمواقفه الانسانية
النادرة والخالدة، وهي مواقف كثيرة كانت له على المحك لاتتحمل أقل من
دقة الاختيار وصواب الرأي والقرار.
فقد فاجأ محبيه ومريديه بل وحتى مناوئيه برحيله المؤلم المفاجئ.
ذلك الرحيل الذي ضرب الدنيا بكف صقيعه الرهيبة فاستحالت الدنيا
متخبطة مضببة لفرط ماغامت الا بمتخبطة مضببة ولفرط ماغامت الابصار
بالدموع بحيث غدت لاتستوعب انها على موعد طارئ لم يأن أوانه بعد لإسدال
الستار الأخير عن مشهد عطاء ذلك الينبوع المتدفق العذب.
حقا كان ذلك الوجه النوراني وجها سماويا إختزل الخطى بطريقته الخاصة
نحو الآخرة الموعودة.. محيّا وملامح إيمانية وكأنها كانت تدرك أطيافا
راحلة سريعا لذا طالما وسمتها رصعات فاضت منها بهجة مكظومة كانت تعرف
ماتريد.
ولأن .. الأجيال البارة تعي إنها لاتزال تتفيأ وتستظل بالعطاء الذي
عهدته دائما من المسيرة الشيرازية راحت تحيا وتتنقل بأجنحة من نور تنشر
ضوء نورها وسط الظلام الحالك لعلها تلتقط جزءً من خزائن تلك النفس
الطاهرة التي غدت وعاءً لمستودعات اليقين.
نعم.. لقد كان آية الله السيد محمد رضا الشيرازي ( قدس سره) صافي
الروح مطمئن النفس الى درجة أن شخصيته الايمانية هيمنت بصورة تلقائية
على النفوس .
إنه رحمه الله عميق الفكر بعيد النظر وسط عالم متخبط الخطى صيّره هو
مبصرا ببصيرته متجليا بنظرته معتبرا بفكرته لكنه سرعان ما آثر الرحيل
العاجل فكانت.. سريعة .. سريعة جدا هي لحظات الوداع.
وكأنها لحظات متلاحقة طوّح بها إعصار هائل لتسهد أعيننا بالحزن
المرير بعدما إستحال ذلك الروض الى أثير متطاير تغزوه مرارة الفراق.
أفليس حقيق علينا أن نحزن ونتألم لهذا الفراق العاجل وحسبك ياسليل
الجهاد أن ولادتك جاءت بعد ورد حثيث من لدن والدك رضوان الله عليه إذ
تعاهد زيارة مسجد السهلة 40 أربعاء شوقا لرؤية ولي الله صاحب العصر
(عجل الله فرجه الشريف) حتى حظي وتشرف بذلك اللقاء ليرزقه إياك وسط هذه
الآجواء الايمانية الخاصة ...
إذن هيهات أن تخلو مسيرة إنطلاقك الى حين رحيلك من جهد وجهاد دؤوب
وعبر ومواعظ ملكت على الاحرار كيانهم وعلى الأسوياء وجودهم ونسأل الله
أن نكون على الأثر.
* من النصوص التي نشرت في الاصدار الخاص لمجلة بشرى
بمناسبة الذكرى الاولى لرحيل الفقيه آية الله السيد محمد رضا الشيرازي |