هل شهر رمضان الكريم مناسبة للكسل وقلة العمل والعطاء، وإضاعة الوقت
الثمين المبارك، بالأعمال التي لا تنفع ومنها ما يخالف روحانية الشهر
الكريم، وهل الشهر أحلى بالسهر والنوم والتسلية؟!.
شهر رمضان المبارك في الخليج له مكانة وقيمة وأجواء خاصة منذ قديم
الزمان، وهذه الأجواء كلها تصب في الجانب الإيماني والعبادي والتواصل
الاجتماعي والبهجة والفرح والتزود من الروحانية؛ فشهر رمضان شهر
الفرقان والقرآن والغفران.
وبعد الطفرة النفطية ورغم التغير في الخليج الاجتماعي والعمراني
والحضاري لا يزال شهر رمضان محتفظا على تميزه، شهر يحظى بالاحترام
والتقدير لدى عامة الناس، وموسم للحركة والنشاط والتسوق وخاصة بالليل،
حيث تفتح المحال والأسواق إلى ساعات السحر، ولكن هناك تحولا وتغيرا
كبيرا حيث سيطرت أجواء التسلية والتنوع في الطعام والسهر، وأصبح مناسبة
لعرض عضلات وإمكانات الدراما الخليجية والعربية، وساحة للتنافس بين بعض
الفنانين والفنانات بأي عمل للفوز بالمتابعة ولو كان يخالف روحانية
الشهر الفضيل، حيث وصل عدد المسلسلات العربية التي ستعرض خلال شهر
رمضان هذا العام نحو 115 مسلسلا، يأتي هذا العدد الكبير لإشباع نهم
المشاهد الذي تحول إلى ضحية تستغل طوال وقت شهر رمضان المبارك ليكون
حبيس التلفزيون من مسلسلات وبرامج يسهر الصائم طوال الليل لمشاهدة
ومتابعة اكبر عدد ممكن!.
بمناسبة وقوع شهر رمضان الكريم هذا العام في فترة الإجازة المدرسية
والمصادف لشهري أغسطس وسبتمبر، حيث منطقة الخليج تتحول إلى حمام سونا
مجاني من شدة الحرارة والرطوبة العاليتين، قرر أحد الشباب (الخليجيين)
مع أفراد عائلته أن يقضي شهر رمضان المبارك خارج المنطقة الخليجية في
منطقة باردة، وان يكسر الروتين الرمضاني في الخليج، ومن ضمن القرارات
التي اتخذها الصديق عدم مشاهدة القنوات التلفزيونية التي تبث المسلسلات
الرمضانية التي تخالف روحانية الشهر الفضيل. كتجربة له وللعائلة كيف
يكون صوم شهر رمضان المبارك بدون ذلك رغبة للتزود بالروحانية؟.
فسافر قبل بداية الشهر الكريم بأيام والأمور طبيعية، ولكن منذ
الأيام الأولى للشهر الكريم اصطدم بموقف أفراد العائلة الذين أبدوا عدم
ارتياحهم وسخطهم من الأجواء الجديدة، والحديث بان أجواء رمضان في البلد
في الخليج أفضل حيث الحيوية وتغيير الأجواء والعادات. فالناس يسهرون
لغاية الصباح، والموظفون لا يذهبون إلى أعمالهم إلا في وقت متأخر قريب
الظهر، والمحال التجارية والأسواق تكون نشيطة لغاية وقت السحر،
والزيارات والسهر مع الأصدقاء في الديوانيات لوقت متأخر، وان أهالي
الخليج في الخليج يتسلون في شهر رمضان بمشاهدة التلفزيون والمسلسلات
الرمضانية التي تضيف أجواء خاصة على الشهر.
بينما هنا الصوم ليس له طعم ولذة، لا يشعر الصائم بأجواء شهر رمضان
الخاصة من سهر وزيارات وتسوق. فالناس ينامون مبكرين كبقية الأيام
العادية، وان الليل هنا ممل جدا لا سهر ولا زيارات متأخرة ولا مسلسلات
تلفزيونية. زبدة السالفة ان الأخ الخليجي ومن كثرة الإلحاح والحنة بعد
أقل من أسبوع قرر العودة للبلد لان الصيام فيه غير وأحلى.
نعم ان أجواء شهر رمضان المبارك في الخليج غير ومختلفة، تختلف عن
معظم دول العالم، حيث تنقلب الحياة؛ فالحيوية والنشاط يكون بالليل
والنوم والخمول في النهار، والأكثر تميزا هو السهر لوقت متأخر جدا إلى
بعد صلاة الفجر، وبداية العمل في الوظائف الحكومية تكون ساعات أقل يبدأ
الدوام عند الظهر وينتهي في الساعة الثالثة عصرا يتوقف العمل لصلاة
الظهر ثم لصلاة العصر. وعليك الحساب كم ساعة عمل!!.
لقد أصبح شهر رمضان الفضيل لدى البعض مناسبة لقلة العمل والعطاء،
ولإضاعة الوقت الثمين المبارك، والالتصاق بالتلفزيون ومشاهدة اكبر عدد
من المسلسلات والبرامج ومنها ما يخالف روحانية الشهر الفضيل، الذي هو
أفضل الشهور وساعاته أفضل الساعات، الذي ينبغي استغلال أوقاته بما
يناسب روحانية الشهر العظيم من أعمال كلها في رضاء الله.
شهر رمضان هو شهر الرحمة والمغفرة والعبادة والإصلاح والمساواة،
ومشاركة الفقراء والمحتاجين، والتغيير نحو الأفضل، ومحاسبة وتهذيب
النفوس والتزود من التقوى, فالصيام رسالة شوق واشتياق وسهر بين الحبيب
وحبيبه (العبد وخالقه) بالدعاء وقراءة القران الكريم، فشهر رمضان بذلك
أحلى وأجمل!!
لا مانع من السهر المقبول الذي يتناسب مع طبيعة رسالة وأهداف الشهر
الكريم، ولا مانع من الدراما والبرامج التي تضيف الأجواء التي تتناسب
مع رسالة الصوم ومع ضيافة الله الروحانية والأخلاقية والإيمانية ونيل
التقوى.(اللهم اجعل صيامي فيه صيام الصائمين، وقيامي فيه قيام
القائمين، ونبهني فيه عن نومة الغافلين، وهب لي فيه جرمي يا اله
العالمين، واعف عني يا عافيا عن المجرمين). |