مِرآةٌ لفِضّةٍ مِنْ خَفقانْ

فريد النمر

" شاطئي على رملك المقدس يتفتق زنابقا من جنان خلد تحفها الملائك رحمة وتغمرها الحور بالحب لتضوعها أريجا تحمله القلوب ويطير به سرب الحمام"

 

رَمقا تحاسبني الهوى يا مُحدق= وتعدّ أنفاسي عليّا وتزهق

وتقدّم التهويلَ حول قصائدي =وتثيرُ غبْناً ما ضميرُك يطلق

ومنىً تقاسمني اليراعَ بغصةٍ =وهوايَ أخيلةٌ تضيءُ وتشرق

وتعدّني غرّ الجنانِ مؤطرا= قلبي وفي نبضاته تتحنق

وتبيحني للعذر نحوَ متاهةٍ= وتدينني نغما بما أتشوّق

أتضيقُ في أفقي ارتعاشةُ عاشقٍ= عرَف الهوى وترا به يتعمّق

وتبثّ في نفسي تهدهدُ ومضة= ظمأى تجف بأصغريّ وتعْلق

أرأيت أجمل من يراعيَ مبسما =وأجلّ من لغةٍ بها أترقرق

وأنا وخفقي في زجاجةِ شعرهِ= مرآةُ عشقٍ فضةً تتدفق

ما عدتُ مرتهنَ الجنانِ ففكرتي= شوقٌ لسحر حكايةٍ تتتوّق

وفضاءُ قلبي رنة كتموسق= للفجرِ عند طلوعهِ يتفتّق

من سكرةِ الأنغامِ أطفو جوقةً= للرقصِ عند نزيفها أتأنق

نفسي بهِ من نوتةِ الحلمِ التي= رفلَتْ يُصاهرها الخياَلُ الشيّق

وببهويَ الملكي بردَةَ شاعرٍ= في مقلتيه ضيا الصباحِ معّلق

كستائرِ الأفكَارِ حين فتحتُها =رفّت فظنّ العشّق وصْلا أغدق

تتفنن الأصْداءُ عزفَ لحونها= فهي الحِسانُ ببوحها تتشوّق

كبلابلِ الآمالِ تنشدُ بعضَها =لترفّه الغصْنَ الذي به ترْمق

ليلملمَ الإبداعُ وجهَ غِنائها =ونوافذُ الحبّ الرقيقِ تحدّق

ما غُبّ مائسُها اللطيفِ وما انحنتْ= للعصفِ تحتَ وِصَايةٍ تتشرنق

فتموجتْ كالطيرِ وَدّع سجنه= بجناحِ حِرّ بالسماءِ يُحلق

لم توصدْ الظلماتُ صدحَ غنائهِ= ولغير آمالٍ به لا ينطق

ليصونَها بالحبّ طُهرَ سَماحةٍ= مُدّت ترُفّ وقلبُ "زيدٍ " مُغلق

أتضيقُ في سككِ المشاعر همسَةٌ= هي للجمالِ- لكنّ صدرَه ضيّق

فتوسَمتْ في الطينُ يَغرسُ قلبَها= وعياً يدلّ وحبوةً تتشقّق

تتورقُ الأوطانُ من أفيَاءها= بالعشقِ نحو أخوةٍ تتحقق

قدسيةُ الآلاءِ إلا أنها =جيلٌ يحاكيه المدى المتفوّق

هزّت لخصْر الوقتِ لونَ ذكائِها= وترنمَتْ للهِ وحْيا يَصدق

سكبتْ عيونَ الشمسِ في أكوابِها =سَكَرا يطيبُ وكأسُ روحٍ تهرق

فتألقتْ وَسمتْ على أقرانِها= فهي البيانُ لكلّ لونٍ يعبُق

هذا أنا قلمٌ يشدّ جناحَها =نحو السَماءِ بما يشعّ ويُبرق

تتفتقُ الأشداءُ من إحساسِه= ليفوحَ من لحنِ الغِوايةِ زِنبَق

ومنى أمدّ خوَاطري بتلهفٍ= فشواطئي من فرطِ حبيَ تُخلق

ما لي وشعرُ السَاكنين ظنونَهم= بتكاثرِ المعنى الذي يتشدّق

ما لي وتلكَ مشَاعري ذوّاقةٌ= كيفَ الأصَالة بالجَمالِ تعتّق

مذْ طافَ فيها "الخط" لونا =خطّني وجْها "قطيفيا" به أتأنق

قد رفّ فيه الصبحُ شرفة أضلع= تنمو وترتيلٌ له يتعمْلق

كصحائفِ الأملاكِ في تورَاتِها= كاللّوحِ من وتر الحَقيقةِ يَبرق

وصدىً كأن زبورَ آل محمدٍ= فكرٌ مسالٌ لكلّ أمرٍ يفرق

وأنا مناجاة السماءِ على دَمي ="كالذاريات" في كلّ صوبٍ تطرق

تتوسلُ الصلواتُ في روحي التي= رَقصَت طفولتَها فؤادا يَخفق

تتنزّل الكلِماتُ في أنحَاءِها =ظلّ النبوءَة زهوُها المُستنْشق

فكأن آياتِ الكتابِ بيُمنتي =وشمَائلي صُحفٌ بَها أتَخّلق

نسَجتْ خيوطَ ضِياءِها فتسابقتْ= نزلاً كفرقانٍ يشعّ ويورق

شَعتْ فكان كتابُها سَفري الذي= أَتلوهُ قدساً للطهارةِ يَعبق

فرُشفتُ منها ومضّةً عِشقيّةً = فزكتْ وكان لسَانُها المتفوقُ

فتباركَ الحبّ الذي هو داخلي =من أيِّ روح طِينتي تتألق؟

أمنَ "الكليمِ" براني ربّيَ قدسَه= أمْ إنّها "التورَاة" صَحوا تبسق

أمن "المَسيْح" به حَقيقة مُضْغتي =أم إنه "الإنجيل" فيها الزئبق

أم إنه "القرآن" كانَ مغذّيا= قلبي فبثّ جلالَه يتدفّق

ما عدْت أفهمُني فأيّ حَقيقة =فيها انتمَائي- أنّ هَذا مَأزق!

حَتى إذا طافَ البيانُ توقّفتْ= لغتي وقيلَ: بكل بوح تصدق!

"شيعية" أنا في الدماءِ حَضارةٌ= تسْمو على بَاقي الأولى وتحّلّق

مذ عَالم الذرّ الهدى نفسي الذي= حَبلا إلى المَولى الجليلِ يوَثّق

ولقد رَضعتكَ والرضَاعُ فضِيلة= مِنّي خُلقتَ بطينةٍ تتَخّلق

رفتْ على الدنيا بعطرِ ولائِها= فيُخالُ "جِبريلٌ" بها يتصدّق

وضيا "النبي" يُسيلها طِهْرا فذي= آياتُها باسْم "الوصِيّ" ستنطق

هي للأصَالةِ منبعٌ تعلو به= روحٌ على مرّ الزمَانِ وتسبق

"فالعروةُ الوثقي" تذوبُ بعرْفِها= كالنّور سيْماءَ الجَبين يصدِق

"ولفاطم" لطفٌ لها متفرعٌ =يشدُو كأن "عليُ" فيه يَشرق

وزكتْ بطهرِ "المجتبى" أثوابُها =نورُ الصِراطِ لكلّ نَاجٍ يفْرق

فهو "الزكيّ" إلى النفوسِ هِداية =بالعِصمةِ السمحَاءِ فضْلا ينْطق

"ريحَانتانِ" إلي "النبيّ" يشُمّها ="حَسنانِ" في فرع النبوّة مَشْرق

تتقلدُ الأزمانُ نورَ سِمَاتهم =فهُما الخلودُ لجنةٍ تتحَقق

شوقاً إمامَ المبصِرينَ تحِيةً =مَولايَ ما أشهَى فمِي يتشوّق

ولكمْ لثمتُ الحبّ قلبَا صادقا= لهواكَ إذ أنتَ الذي أتعشّق

لأفرّ من وجَعي إليكَ يدلّني= شغفٌ وَهمسُ حقيقة أتذوق

فلكمْ بنَيتَ إلى البَيانِ منارةً= ما زَالَ رَجعُ حَديثها يترقرَق

بالحربِ كنتَ إلى الفِدا صمّامَه= والسّلم أصلُ عقيدةٍ لا تُفرق

ولكمْ فضحتَ الظلمَ في أوْهامِه= ودَحرتَ في الأمرَين مَنْ يتحنّقوا

حتى إذا انهزمَ المُعينُ أقمتها= حقنَ الدماءِ ليوم "صِلح" يحدُق

فقطعتَ بالأحْكامِ دَابرَ فتنةٍ =وردَدّها وَغلقتَ ما لا يُغلق

وحَفظتَ للدينِ الحنيفِ مَحِلّة =كادتْ تَشوْه بعارِ مَنْ يتسَلق

وغرستَ للثوّار نهجَ ثباتِهم =غرْسا بحبّ "أبي الإبَا" يُستنشَق

فهَموا على شفَتيك وحيَ "محمدٍ"= ومن الكتابِ ولايةً تتحلّق

وبنيتَ للأحرارِ حرّ مواقفٍ =للنصْرِ في يوم "الطفوفِ" تنفّق

فـسَقُوا الشهَادةَ من دِماءِ نحُورهِم= شوقا فما وهِنوا ولمْ يتملّـقوا

هذي طلائعكَ الصباحُ يذيعُها =للعقلِ تحْريرا به نتعَلق

يا منبَعا للحُلم نحوَ عَدالةٍ= للحقّ في سكناتهِ تتوّرق

لم يعْرفُوكَ وأنتَ تاجُ عقيدةٍ= وأبوا عَليكَ خلافةً تتحرّق

لم يعلَموا أن الطريقَ مَواقفٌ =للمرْءِ تبقى في سَناه تحقق

فمَفازةَ الدارَين جَنةُ مؤمنٍ =وكفَى العقيدةُ إنّ نهجكَ يسبق

كفّ الخلود ملَكتها بمنَاقبٍ =هي للسَعادةِ زَورَقٌ لا يَغرَق

فالحبّ نافلة الوَلاءِ وانّه =نبضٌ يرُفّ على القلوبِ ويَخفق

هذي مآثركَ النقيّة في دمي= أألامُ في "شيعية" تتعَمْلقُ

يا "ابن النبي" فأيّ حقٍ ضَائِعٍ= وعَليه نَفسُكَ غِيرَةً تتحَرّق

 جميع الحقوق محفوظة 

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 8/أيلول/2009 - 18/رمضان/1430

[email protected]