جرح وضفتي محراب

فريد عبد الله النمر

الجرح يسكر  تارة ويطيب =ما إن تقادمه الزمان يغيب
 

والجرح في لغة الجراح نوافذ =يشتد في ندباتها المكتوب

والجرح تندمل الضفاف بوقته= لكن جرحك يا علي عجيب
 

ما زال في الأصداء يغتسل الصدى كعيون مصلوب نراه يؤوب
 

للوحي رجعٌ بانبثاقه مذ هوى =فوق ارتفاعك صارم منهوب
 

(فتهدمت) لغة تفتح صوتها =مازال ينزفها المدى المقلوب
 

ما انسل من حدّ الحسام تدفقا= كلا فان حديده معطوب
 

بل ُشجّ من عفن الضمير لزمرة ُ=قلبت عليك يشوبها التضبيب
 

سكبت بكأس الدهر لون غضابها = فإذا الجراح عقائد وشعوب

مازال يلفحها الضلال بسمه =فيفحها عبثا بها الأسلوب
 

في كل يوم طلقة تدمي له= ومديّهم يغري بها التقريب
 

كف تجاذبت الضفافَ فأيها= تعلي الصراخَ يثيبها الترغيب

فتشت والترهيب يصنع لونها = ورمادها مما يذرّ عصيب

سبقت إلى الفوضى تقود قطيعَها= ليعود للحقل الخصيب جديب
 

طبعت على الجرح الصراعَ فبعضه= طعن وبعضُ _يشبه التغريب
 

حتى إذا ُعصر اللظى في جوّه= ضعف البيان وُفوّز المغلوب

لله من جرح تمثل عَالَمَا =تمضي الجراح وجرحه مشبوب

ليميت بالطعنات كل مديهم =ويثور جرح نازف ورطيب

ما إن تلامسه القلوب بحزنها= تنداح فيه مرارة ولهيب

فأصيخ للرمق الذي فيّا ارتمى= والليل مغبر النجوم كئيب

فأفيق في لقياه نقش عقيدة= وظلال هديه موثق معصوب
 

كم هالني  وجعٌ يشد بناظري= نزف المدار وكوبه مصبوب
 

فوددت لو أحياه لون تمازج =في وحيه لا رنة ونحيب
 

لألوذ في سكناه أكتشف الضنى أو ما يكاد مع الدماء يذوب
 

فيبوح ملح الجرح عما قد زوي في القلب لحظة إن رآه طبيب

لابد من يوم يجيء شقيها =فيريح من أعباءه المتعوب

ويضيء ذاك الجرح بعض لواعج ويرنّ في الدهر الشقي هروب

سبحانك اللهم كيف بعثته =بين الجراح وحزنه مقلوب

قد (فزت) في وعر الطريق كأنها =جهة يرف شمالها وجنوب
 

وقفت بمفترق الدروب وحولها طافت تجاذبها عليه قلوب

يسمو فيمنحنه الضياء نبوءة = ومدى النبوة بابها يعسوب

ليهدأ الخفقات بين حقيقتي =وجلاد قلبها خائر وسليب

فيعود والتاريخ شاطئ مترف= رخو البناء يصوغه التكذيب
 

عجبا كمرآة السماء يحوطنا =وجعا ودمع المقلتين خصيب

فإذا برحمته الرضية في البكا= أفق تكَشّفَ سرُه المحجوب

في كل شطر من دماه تلاوة= تطفو وأعماق بهن غيوب

يلد الصباح إلى الحياة كأن في= آهاته نبع السنا مصلوب

ما جف لحظة رغم ألف مُحاصر= والفجر في درب الدجى منصوب

مازال كالقلم المغرد بالهدى= يلتذّ في كف الهوى ويذوب

يتتبع الأقدار حيث تجسمت =فيه " اسألوني " والجواب قريب

فإذا السماء و قد تكشّف أمرها =في ضفتيه مع الشموس ثقوب
 

وإذا به كون يطلّ على الهدى =والوحي في أرجاءه مكتوب
 

إيهٍ لجرحك يا علي (فلا فتى) =إلاك يقبلُ جرحُك الموهوب
 

ألقى رسالته الزكية للدمى =ليعود في آلاءه ويذوب
 

سيؤذن المحرابُ كعبةَ ربه =حتى يكاد البيتُ فيه يؤوب

 جميع الحقوق محفوظة 

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 22/أيلول/2008 - 21/رمضان/1429

[email protected]