شبكة النبأ: مع حلول شهر رمضان في
العالم يحتفي المؤمنون وخصوصا في العراق بقدومه فنرى المشاعر المتبادلة
التي تحمل عبق التسامح والصفاء الروحي، بعد أن أغلقت أبواب جهنم
لتتزامن في الوقت ذاته فتح أبواب الجنان ليدخل منها كل من تقبل أعماله
في هذا الشهر.
من بين هذه البلدان العراق الذي يشهد حركة واسعة في هذه الأيام من
خلال أجواء الدعاء والصلاة والزيارات الدينية والعائلية، وتشهد الأسواق
هي الأخرى ازدحاما شديدا بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك وخصوصا في
العاصمة بغداد رغم غلاء الاسعار وخاصة سوق الشورجة وسط العاصمة بعد
انقطاع استمر فترة طويلة بسبب اعمال العنف شبه اليومية.
ومع الصيف اللاهب يقاوم العراقيون بقوة وارادة العطش وغلاء الاسعار
وانقطاع الكهرباء وتردي الخدمات.
يقول أبو صادق، احد المتسوقين في سوق الكرادة وسط بغداد، (27 عاما)
قمنا بشراء المواد التي نحتاجها قبل أيام من حلول شهر رمضان المبارك
والتي لا تتعرض للتلف مثل الشعرية والمعكرونة والعدس.
أما المتسوق فارس حسن (40 عاما) فشكا من غلاء الاسعار، وأوضح رغم
غلاء اسعار المواد قبل أيام من حلول الشهر المبارك؛ الا اننا قمنا
بشراء المواد الغذائية الضرورية.
أما سوق الشورجة، الذي يعد من أسواق الجملة الرئيسة في بغداد، فقد
شهد ازدحاما كبيرا من قبل المتبضعين، فتقول أم حيدر (40 عاما) وتعمل
مدرسة للفيزياء وتجولت في السوق برفقة زوجها "سابقا لم يوافق زوجي ان
اذهب إلى سوق الشورجة بسبب الاوضاع الأمنية السيئة وتعرض السوق إلى
العديد من الهجمات المسلحة؛ لكن الان الوضع تحسن كثيرا وجئنا للتسوق
بمناسبة شهر رمضان. بحسب وكالة أصوات العراق
ومن جانبها، أوضحت المتسوقة أم ايهاب (45 عاما) ويدها محملة باكياس
متنوعة من الاغراض الخاصة بشهر رمضان ننتظر الشهر الكريم شهر الألفة
والمحبة والتسامح، ونتمنى عودة الأمن بشكل كامل للعراق.
وأضافت جئت إلى سوق الشورجة برفقة ابنتي لتساعدني على حمل الاغراض
الكثيرة الخاصة بشهر رمضان مثل المواد الغذائية.
أما باقي مناطق بغداد، فشهدت حركة تسوق كبيرة وازدحاما شديدا، فقال
أبو مرتضى (40 عاما) صاحب محل لبيع المواد الغذائية (سوبر ماركت) في
منطقة الشرطة الرابعة إن الاسواق شهدت تزايد اعداد المتسوقين؛ بسبب
تحسن الوضع الأمني في بغداد وعودة العائلات المهجرة.
أما أسواق التمور، فقد شهدت هي الأخرى إقبالا واسعا من قبل
المتسوقين كون التمر من الأطباق الرئيسة في شهر رمضان المبارك، فيوضح
أبو زكريا، صاحب محل للتمور في منطقة الكرادة، لدينا أنواع مختلفة من
التمور وباسعار متنوعة تتراوح ما بين الف إلى ثلاثة الاف دينار. (الدولار
يعادل 1118 دينار عراقي).
ارتفاع الأسعار
و استقبل العراقيون شهر رمضان المبارك، في ظل ارتفاع ملحوظ في أسعار
مختلف المواد لاسيما الغذائية، وفي حين عزا البعض منهم أسباب ذلك إلى
ارتفاع الطلب على مواد (المائدة الرمضانية)، وضعف أداء بعض الوزارات،
بين البعض الآخر أن أسبابا أخرى تقف خلف هذه الظاهرة، من بينها زيادة
رواتب الموظفين.
ففي محافظة ذي قار (380 كم إلى الجنوب من العاصمة بغداد) ارتفعت
أسعار المواد الغذائية مع حلول شهر رمضان المبارك، وسجلت بعض المواد
ارتفاعا ملحوظا مقارنة بأسعارها قبل أيام قليلة.
وقالت الموظفة إسراء عبد العباس (38 سنة) من مدينة الناصرية، إن سعر
الكيلو غرام الواحد من اللحم ارتفع من سبعة إلى تسعة آلاف دينار خلال
اليومين الماضيين، في حين تضاعف سعر الكيلو غرام الواحد من العدس (الذي
تستخدمه اغلب العوائل في تحضيرالحساء وهو المادة الغذائية الرئيسية في
وجبة الإفطار) ، من ألفي دينار إلى أربعة آلاف".
وأضافت أن أسواق الخضروات شهدت ارتفاعا أيضا، فسعر الطماطم قفز من
500 دينار للكيلو الواحد الى إلف دينار.
وبين حيدر جبار (47 سنة) موظف في شركة أور العامة، أن رمضان ليس هو
السبب الوحيد للزيادة بالأسعار، منوها إلى أن الشهور الماضية شهدت
ارتفاعا في الأسعار نتيجة زيادة رواتب الموظفين، ومع حلول رمضان فان
لأسعار لم تطرأ عليها زيادات كبيرة نسبيا لأنها أصلا تجاوزت حدود الضعف
في أسعارها مقارنة بالمدة السابقة.
اما الحاج الدكتور سليم إسماعيل (64 سنة) وهو أكاديمي في جامعة
بغداد، ويسكن منطقة الكرادة الشرقية وسط بغداد، موضحا أن البعض من
الناس يجهل المعنى الحقيقي للصيام، مثلما يجهل المعنى الحقيقي للإسلام"،
عازيا ما نشده من ظواهر سلبية إلى ضعف التخطيط فضلا عن ضعف أداء بعض
الوزارات لاسيما الخدمية منها كوزارة التجارة على سبيل المثال لا الحصر،
من جراء تأخرها في توزيع الحصة التموينية والنقص المزمن في مفرداتها.
وأفاد الدكتور إسماعيل، أن ضخ مبالغ هائلة من الأموال في السوق
المحلي دفعة واحدة يؤدي حتما إلى ارتفاع الأسعار وغير ذلك من الظواهر
الاقتصادية السلبية، مشيدا بخطوة وزارة المالية "التريث بضخ مستحقات
الموظفين وتقسيطها على دفعات.
وقدر تعلق الأمر بارتفاع الأسعار، ذكر أن هنالك جملة عوامل محلية
وعالمية لهذه الظاهرة، من بينها ما وصفه بـ(الاندفاع الجنوني) في
الشراء و"السعي وراء مظاهر بعيدة كل البعد عن جوهر الصيام"، فضلا عن "اعتماد
السوق المحلي شبه الكامل على الاستيراد وما يسببه ذلك من تذبذب في
الأسعار وارتباطها بالسوق العالمي"، ما يتطلب برأيه، "جملة معالجات
هيكلية للاقتصاد العراقي.
ولم تختلف الأوضاع في كركوك ( تبعد مسافة 250 كم شمال شرق بغداد)،
عما شهدته بغداد أو الناصرية، من ارتفاع في الأسعار.
وبهذا الشأن يقول الموظف أبو كاروان (39 سنة) الذي يسكن منطقة
الاسكان (شمالي مدينة كركوك)، إن ارتفاعا ملحوظا طرأ على الأسعار قبيل
حلول شهر رمضان المبارك"، عازيا ذلك إلى زيادة الطلب على المواد
الغذائية الرئيسية، واضطرار أصحاب العوائل تأمين حاجتهم منها باللجوء
إلى الأسواق المحلية أما لنقص مفردات البطاقة التموينية أو لعدم
كفايتها.بحسب أصوات العراق
ودلل أبو كاروان على كلامه قائلا، بلهجته الكردية المحببة كاكا جيان،
ارتفع سعر اللحم من سبعة آلاف دينار إلى سبعة آلاف وخمسمائة دينار، على
الرغم من أن كركوك هي التي تصدر اللحم إلى باقي المحافظات"، وتابع أن
سعر العلبة الكبيرة من المشروبات الغازية ارتفعت بواقع 250 إلى 500
دينار، وكذلك ارتفعت أسعار الحلويات المستوردة، ما أدى إلى عزوف شرائح
واسعة عن شرائها مكتفين بالمحلية منها".
ولم تشذ مدينة الفلوجة (45 كلم غرب بغداد) عن (القاعدة)، فشهدت هي
الأخرى ارتفاعا بالأسعار مصحوبا بشحة بالمنتجات النفطية.
وقال المدرس اسامة محمد (44 سنة)، إن ارتفاع الأسعار بدأ تدريجيا
منذ إعلان الحكومة زيادة رواتب الموظفين، لكن تأثيره صار أكبر مع حلول
الشهر الفضيل، واتهم بعض الوزارات الخدمية وفي مقدمتها التجارة والنفط،
بضعف التدبير، والتسبب بالأزمات عن قصد أو غير قصد، مبينا أنها لا تحسن
مراقبة السوق المحلي والتعامل مع متغيراته.
وبشأن ارتفاع الأسعار، قال محمد إن سعر كيس الطحين سعة 50 كيلو غرام
ارتفع من 23 إلى 37 ألف دينار، وكيس الرز من الزنة نفسها أرتفع من 37
إلى 47 ألف دينار، في حين تباع قنينة الغاز إذا ما تم العثور عليها
بسعر 18 ألف دينار وتابع أن سعر كيلو غرام اللحم أرتفع من سبعة إلى
ثمانية آلاف دينار، وكيلو الطماطم ارتفع من 500 إلى ألف دينار.
استتباب الأمن وتوفير الكهرباء
من جهة أخرى استقبل البصريون شهر رمضان المبارك بعد فسحة الأمن
النسبي في المدينة، بتمني دوام حالة استتباب الأمن والاستقرار، وسط
الشكوى من ارتفاع أسعار السلع الغذائية، وانقطاع التيار الكهربائي.
وقالت السيدة أم علي (45 سنة )، وهي ربة بيت، بلهجة المدينة المميزة،
حبوبي، إن البصريين حالهم حال العراقيين جميعا، يتمنون في هذا الشهر
المبارك أن يعم السلام والأمن في ربوع العراق، وأن ينعم المواطن بخيرات
بلده، منوهة إلى أنها هيأت المستلزمات الضرورية لهذا الشهر الفضيل في
وقت مبكر.
وأضافت أم علي، أن ربات البيوت يجهزن كميات من المواد الغذائية التي
يتم استهلاكها بشكل أكبر خلال شهر رمضان، كالبقوليات والشعرية والنشأ
والسكر والرز ومستلزمات أخرى ضرورية للمائدة الرمضانية، مشيرة إلى أن
بعض التجار يستغلون مثل هكذا مناسبات بسبب ازدياد الطلب على المواد
المختلفة، ويقومون برفع أسعارها.
وأوضحت أن أسعار العديد من المواد ارتفعت، ومنها البقوليات، لأن
هناك نقصا في مفردات البطاقة التموينية، مما يدعو العوائل لشراء ما
تحتاجه منها من الأسواق، ولفتت إلى أن زيادة الطلب أدت إلى ارتفاع
أسعار أغلب المواد ومنها اللحوم حيث أن سعر كيلو اللحم أصبح بـ 12 ألف
دينارا بعد إن كان بتسعة آلاف دينار (الدولار حوالي 1200 دينار).
من جانبه قال محمد علي (49 سنة) وهو يعمل سائقا لسيارة أجرة، إن
الاستعدادات لشهر رمضان تبدأ قبل أيام من حلوله حيث أنه يتطلب توفير
أمور إضافية ما يستدعي ميزانية إضافية، لافتا إلى أنه "كان من الأجدى
أن تفكر الدولة بطريقة ما لدعم المواطن خلال هذا الشهر من خلال توفير
مواد إضافية في الحصة التموينية، أو دعمه بمبلغ ما وكما حدث مع
الموظفين الذين تمت زيادة رواتبهم مؤخرا.
وأضاف أن زيادة رواتب الموظفين كانت ذات تأثير سلبي على الفئات
الأخرى من غير الموظفين، حيث أدت إلى ارتفاع الاسعار في السوق، بينما
رواتب هؤلاء على حالها، مشيرا إلى أن (الكهرباء) تعد من الهموم المضافة
للمواطن وخصوصا الصائم هذه الأيام، إذ أن جل ما يتمناه أن يعود إلى
بيته ويجد الكهرباء من أجل أن يأخذ قسطا من الراحة قبل موعد الإفطار.
وبين محمد علي، أن العائلة البصرية تهتم كثيرا بموائد رمضان وتحرص
على أن تكون تلك الموائد عامرة بأنواع من المأكولات التقليدية
كالشوربة، والدولمة، والبرياني والتشريب، والأسماك فضلا عن أنواع
الشرابت والحلويات والفطائر والفواكه.
أما أبو جاسم، وهو كاسب فقال إن انقطاع التيار الكهربائي لمدة طويلة
هو الذي منعني من شراء اللحوم والدجاج للشهر بأكمله, مبينا أنه "اشترى
احتياجات أخرى لا تدخل الكهرباء في طريقة تخزينها، ولا تتعرض للتلف.
مشيرا إلى إنه خطط لشراء بعض المواد، مثل التمر، الطرشي، الحلويات
الساخنة، والعصائر فضلا عن الفواكه، خلال الشهر المبارك، بنحو يومي،
وذلك بعد الانتهاء من عمله، داعيا الحكومة إلى إن تلتفت إلى أهالي
البصرة وتولي اهتماما أكثر للمواطنين من خلال زيادة ساعات توفير
الكهرباء خصوصا وأن درجات الحرارة مرتفعة جدا في هذه الأونة من العام.
وتشهد محافظة البصرة هذه الأيام ارتفاعا ملحوظا في درجات الحرارة،
وسط ارتفاع كبير في نسب الرطوبة.
إلى ذلك قال احمد المالكي، وهو صاحب محل لبيع المواد الغذائية، إن
الطلب يزداد خلال شهر رمضان المبارك على مواد كثيرة، تعد من مستلزمات
المائدة الرمضانية، مبينا أن منها الشعرية، العدس، الطرشانه (المشمش
المجفف), كما يزداد الطلب على (النومي بصرة) و(التمرهند) و(الزبيب)
لعمل الشرابت، وهناك إقبال على شراء المكسرات كالجوز واللوز والفستق.
وشهدت أسواق البصرة وخصوصا السوق الرئيسي في العشار أو مايسمى
بـ(الخضارة)، وهي مخازن ومحلات تبيع المواد بالجملة، إقبالا كبيرا هذه
الأيام على المواد الغذائية التي تحتاجها العوائل خلال شهر رمضان، كما
شهدت أسواق العطارين حركة بيع رائجة لمواد متعددة لاستعمالها في صنع
الحلويات، وكذلك الحال مع البهارات بأنواعها.
من جانبه قال أبو حميد، وهو عطار، إن الطلب يزداد في شهر رمضان على
المواد التي ابيعها، مشيرا إلى أنه اتخذ تحوطاته ووفر المواد التي تدخل
في المواد الرمضانية قبل حلول الشهر المبارك.
وعن طبيعة هذه المواد، أوضح أبو حميد، أنها متعددة ومنها البهارات
بأنواعها كبهارات البرياني والهيل والكشمش وماء الورد فضلا عن النشا
والكاسترد، وغيرها من المواد، مبينا أنه وعلى الرغم من زيادة الأسعار
فان الإقبال كان جيدا عازيا ذلك إلى التحسن النسبي في الأوضاع الأمنية
من جراء العمليات التي قامت بها الحكومة قبل مدة. |