عندما فرض الله عز وجل الصيام على بني البشر أراد لهم خير دينهم
وخير دنياهم. وخير دينهم معناه خير دنياهم. وخير الدنيا معناه جسدا
معافىً وعقلاً متزناً وأماناً متواصلاً وعطاءه ناجح ومتعة بالجسد
والمحيط. وخير دينهم هو الأمانة والقناعة والرضا والراحة النفسية وهذا
يأتي من تطبيق أوامر الله عز وجل ونبيه الكريم (ص). هذه المكاسب يمكن
الحصول عليها فقط عند قيامنا بالصيام الصحيح. ولكن هل نحن نقوم
بالصيام الصحيح كما أراد الله عز وجل. هل حصلنا على خير الدنيا وخير
الدين.
الصيام الصحيح يجب أن يكون فيه الإنسان أكثر عطاءا وعملاً وأقل
أكلاً وشراباً، وأوسع صدراً وأريح نفساً، وأنفع لنفسه وعائلته
ومجتمعه. الصيام هو كبح النفس عن غرائزها بالدرجة الأولى ودفعها نحو
الفضيلة والإحسان وتدريبها على الزهد والتحمل وحب الآخرين. الصيام
الصحيح يجلب الصحة للإنسان بكل المقاييس البايولوجية والطبية. ولكن هل
نصوم الصوم الصحيح؟ ماذا ربحنا من أشهر الصيام السابقة؟ هل كسبنا خير
الدنيا وخير ديننا؟ كيف صمنا في الماضي وكيف نصوم إن شاء الله هذا
العام؟ وهل أصبح شهر رمضان شهراً للصحة أم للمرض؟ لماذا تزداد الأمراض
شدة والنفوس قلقاً؟ لماذا يصبح البدين أكثر وزناً والنحيل بديناً؟
لماذا ينقلب الليل نهاراً والنهار ليلاً وتضطرب الساعات الدماغية؟
لماذا يكون العطاء قليلاُ والدوام قصيراً وكأن شهر رمضان شهر الغذاء
والسهر والنوم وليس شهر الجوع والعطش والعطاء؟ هل تغير مفهوم الصيام
فأصبح ساعات للنوم والكسل والجمود؟ لماذا يتزاحم الناس لجلب كل ما هو
دسم وثقيل ومليء بالغذاء المصنع؟ لماذا يكثر استعمال الحلويات والدسوم
والسكريات؟ لماذا تزدهر موائد الطعام بأنواع لم نعهدها إلا في شهر
رمضان؟ هل تطور الصيام ومفهوم الصيام كتطور الآلة؟ لماذا يتسابق الناس
لتناول اللحم والشحم والدسم وكل ما تنتجه الآلة الصناعية وتخربه من
طعام مصنع أو غذاء مغيَر؟ لماذا تقل ساعات العمل ويخسر الناس والمجتمع
مالاً وموارداً وعطاءً؟
أخي الكريم: الأسئلة كثيرة كثيرة، والتغيرات التي صاحبت وتصاحب شهر
رمضان واسعة وجمة، فيها المفيد وفيها الضار، تغيرات أحدثها الإنسان على
طعامه ونومه فكان لها الأثر الواسع على صحته وحالته النفسية.
الصيام تدريب:
عندما تريد أن يبقى القوي قوياً لابد لك من أن تعطي هذا القوي
مقويات أو محفزات بين فترة وأخرى لكي يستمر بقوته بل يزداد قوة
ونشاطاً. أعطيك مثالاً: إذا أرادت الدول أن يكون لهم معلمين أقوياء
بالعلم والتطوير لابد أن ندخلهم دورات تدريبية على أساليب التعليم وكل
ما يستجد من تقدم في طرقه ومناهجه. وإذا أرادت الدول أن يكون لها جيش
قوي متوثب لابد أن تدخل منتسبي الجيش دورات بانتظام لزيادة لياقتهم
البدنية ومعرفتهم بكل شئ حديث. هذه أمثلة بسيطة يمكن من خلالها إدراك
أهمية الدورات التدريبية لكل مناهج الحياة وأقسامها وأعمالها. فالدين
والعقيدة أيضاً تحتاج إلى دورات تدريب بين فترة وأخرى لتزداد العقيدة
رسوخاً. والجسد يحتاج إلى تدريب وصيانة لكي يبقى قوياً معافى. الصوم
هو الصيانة المثالية للجسد. الآلة أو السيارة الجيدة هي التي يعمل لها
صيانة باستمرار. والنفس أيضاً تحتاج إلى تدريب لكي تبقى راضية فرحة
ومسرورة.
فشهر رمضان هو شهر فرضه الله عز وجل للتدريب. أي يدرب الإنسان نفسه
شهر كامل في كل سنة. وهذا التدريب يشمل:
الصوم عن الغذاء والماء.
الصوم عن الغرائز.
الصوم عن المنكرات.
ولهذا التدريب فوائد ضخمة للإنسان والصحة والبيئة وكذلك للمجتمع.
وما فرض الله أمراً إلا فيه منفعة للإنسان. والفوائد المرجوة من
الصيام هي فوائد صحية للإنسان، وفوائد روحية تهيء الإنسان وتدربه لكي
يكون عنصراً متماسكاً ملتزماً قادراً على مكافحة النفس وغرائزها التي
تداعب خياله ليلاً ونهاراً. ووعد الله عز وجل الإنسان فيه كثيراً من
الأجر والثواب. وكلما تعلق الإنسان بربه وتقرب منه قياماً وجلوساً
وعبادة وانقطع إليه وتلذذ بحلاوة حب الله والاعتماد عليه فإن الإنسان
سيكون محصناً نفسياً ضد عوادي الزمان. فالصيام هو تربية للنفس
البشرية، فيزداد الإنسان قناعة وسكون ولطف ورقة وحسن معاملة مع الناس.
إذن شهر رمضان هو علاج للقلق والشد النفسي، ابتعاد عن الحسد والكراهية
والبغضاء، وهو التسامي بالروح الإنسانية من المادة وشد الحياة والضغوط
النفسية إلى عالم الروحانيات المليء بالقناعة والرضا والحب والابتسامة
والشعور بالأمل والرغبة في الحياة والعطاء واستغلال الزمن المحسوب من
عمري وعمرك.
الصيام والعمر:
توجد دلائل علمية وخاصة في السنوات الأخيرة على أن قلة تناول
السعرات الحرارية يؤدي إلى إطالة العمر. هذه الدلائل جمعت في
المشاهدات والأبحاث الحديثة التي أجريت على الحيوانات المخبرية مثل
القوارض. إن خفض السعرات الحرارية يؤدي إلى زيادة عمر الحيوانات بعمر
بنسبة 30-40%. أجريت دراسة على القوارض من فصيلة الفئران. عندما
أخضعت هذه الحيوانات إلى برامج غذائية تحوي على نقص 30% من السعرات
الحرارية المقررة لها يومياً زاد معدل عمرها من 38 شهراً إلى 52
شهراً. هذه الفترة تعادل 56 سنة من عمر الإنسان. هذا معناه أن تقليل
الفعاليات الأيضية إلى 30% يؤدي إلى إطالة العمر. من هنا يحاول
العلماء الآن إيجاد عقاقير يمكن لها تقليل الفعاليات الأيضية للحصول
على عمر أطول. في مقالة مطولة نشرت عام 2000 في جامعة تكساس أظهرت بأن
تقليل الطعام يؤدي إلى زيادة العمر وإيقاف التدهور في الفعاليات
الفزيولوجية والبايولوجية التي تصاحب تقدم العمر وأيضاً فإن تقليل
الطعام يؤدي إلى منع حدوث الأمراض المصاحبة لتقدم العمر (Exp Gerontol
2000,35,299).
وفي إيطاليا نشرت مقالة عام 1999 أظهرت بأن تقليل الطعام يؤدي إلى
تأخر ظهور أعراض تصلب الشرايين وهذا يؤدي إلى منع حدوث أمراض كثيرة
وخاصة ضغط الدم والذبحة الصدرية وجلطات القلب والدماغ
Connect Tissue Res 1999,40,131)).
كل التجارب العلمية أخي القارئ أظهرت هذه السنوات حقيقة علمية
مفادها أن تقليل الطعام يؤدي إلى مردودات مفيدة فيما يتعلق بأمراض
كثيرة ومنها السرطان. إن قلة الغذاء تؤدي إلى إيقاف النمو وانقسام
الخلايا السرطانية وإدخال الخلايا التي بدأت بالتحول إلى خلايا سرطانية
إلى برنامج الموت وهذا ما تم إثباته في خلايا الثدي (Carcinogenesis
1999,20,1721)
إن الكادميوم من المواد السامة للجسد وتؤدي إلى أضرار بالغة في
الكلى والعظام. ولكن قلة الطعام تمنع حدوث أضرار في الكلى والعظام عند
التعرض للتسمم بهذا العنصر الثقيل. هذا ما تم التوصل إليه في قسم
العلوم الطبية البايولوجية، جامعة رودازلاند، أمريكا عام 1999.
(Toxicology 1999,133,93)
وفي بحث مثير في جامعة كنتوكي في أمريكا تبين بأن قلة الطعام ليس
فقط تؤدي إلى إطالة العمر ولكنها تؤدي إلى رفع مقاومة خلايا المخ
والأعصاب إلى أي مواد سمية أو تفاعلات أيضية مضعفة (Ann Neurol
1999,45,8).
وفي أمريكا أثبت بأن تقليل الطعام بنسبة 25% يؤدي إلى إطالة العمر
وتأخير ظهور علامات الأمراض المزمنة. هذه الحقيقة العلمية نشرت عام
2002 (J Ann Med Assoc 2002,220,1315)
في عام 2001 اكتشف في كلية الطب – جامعة هماتسوا في اليابان بأن
تقليل الطعام يؤدي إلى تأخير ظهور علامات الأكزما الجلدية (Exp Biol
Med, 2001,226,1045)
وفي عام 2001 اكتشف بأن تقليل الطعام يؤدي إلى خفض نسبة ترسب الدهون
في أغشية الكلى وهذا يوقف التدهور في وظائف الكلى المصاحبة لتقدم العمر
(J Med Assoc Thai 2001,84,295).
وفي عام 2001 أظهرت الدراسات العلمية على أن تقليل الطعام وسعراته
الحرارية يؤدي إلى إيقاف الخراب التأكسدي للكبد الذي يكون على أشده عند
تقدم العمر(Lipids 2001,36,589)
من مختبرات علوم الأعصاب في ميرلاند في أمريكا أثبتت التجارب
العلمية للعلماء بأن تقليل الطعام يؤدي إلى حماية الخلايا العصبية
وتقليل عمليات التخريب الخلوي في الأعصاب في أمراض الجهاز العصبي
المزمنة
(J Mol Neurosci 2001,16,1).
السمنة وداء السكري يؤديان إلى تلف الكلى وأغشيتها المصفية للدم.
ولكن اكتشف عام 2001 من جامعة كاليفورنيا، قسم علوم الغذاء في أمريكا
بأن توجد دلالات على أن قلة الغذاء يؤدي إلى تأخير عمليات الهدم الخلوي
في خلايا الكلى عند داء السكري والسمنة (J Nutr 2001,131,913)
قد يفكر القارئ بأن تقليل الطعام قد يؤدي إلى أضرار في الجسد وخاصة
في العظام وعناصر الجسد الفلزية. ولكن أثبت عام 2001 من قسم علوم
الأعصاب في المعهد الوطني للشيخوخة في بالثميور – أمريكا بأن تقليل
الغذاء لا يؤدي إلى حدوث أي خلل في ميزان العظام الفلزية ولا يؤثر على
كثافة العظام أو الدورة الشهرية أو الهورمونات التناسلية (J Nutr
2001,131,820).
كلنا يعرف بأن الأوزون يعتبر من عوامل التأكسد الخطيرة ويؤدي إلى
زيادة الجذور الحرة في الجسد ولكن أثبت بأن تقليل الطعام يزيد مقاومة
الجسد لمخاطر الأوزون. هذا الاكتشاف نشر في معهد أبحاث ولتر ريد
العسكري – واشنطن – في أمريكا عام 2001 (Toxicology 2001,159,171)
في الأبحاث المثيرة التي نشرت عام 2000 وبالتحديد في مختبرات علوم
الأعصاب –بالتيمور –أمريكا هي اكتشاف قدرة خلايا الأعصاب على الانقسام
وإنتاج خلايا عصبية جديدة بواسطة تقليل الطعام. وهذا يثبت بأن تقليل
الطعام سوف يساعد أنسجة الدماغ والأعصاب على تصليح الخراب التي تعرضت
له في الأمراض المزمنة التي تصيب المخ والجهاز العصبي. ليس هذا فقط
ولكن الفائدة تكون أكبر لو زادت حركة الإنسان وازداد استعمال مخه في
العمل (Brain Res 2000. 886,47).
إن عمل تقليل الغذاء كعمل مضاد للتأكسد ويمكن لك أخي القارئ مطالعة
مقالتي في الصحة والطب عام 2002 حول التأكسد ومضاره وأن التأكسد هو
القاسم المشترك لكل الأمراض.
عام 1998 أثبت بأن قلة الغذاء تؤدي إلى تقليل الموثين من نوع
Thromboxane وزيادة أنواع لموثين الأخرى وهذا عكس ما يحدث عند تقدم
العمر. وظهر أيضاً بأن تقليل الغذاء يؤدي إلى قلة إفراز الموثين وعوامل
الالتهابات وأيضاً إنتاج الدهون المؤكسدة (J Nutr Health Aging 1998,
2,138).
أنت تعرف أخي الكريم بأن الناس الذين يعيشون في الهملايا، القطب
الشمالي، جبال القوقاز، تكون أعمارهم طويلة. السبب هو تناولهم كميات
قليلة من الطعام. لذلك إذا أردت أن تعيش أطول- والأعمار بيد الله عز
وجل- عليك بالصيام اليومي لمدة 12 ساعة مع تقليل السعرات الحرارية،
البروتينات، الزيوت الحيوانية والإكثار من مضادات التأكسد، الحركة، زيت
السمك، العصائر، الفايتامينات والعناصر، والأغذية العضوية.
من هنا ندرك أخي القارئ بأن الصيام وتقليل الغذاء مفيد للجسد ومهم
لعمر أطول وصحة دائمة.
الصيام والنفس
رمضان فرصة كبيرة للنفس المضطربة والتائهة لتعود لشاطئ الأمان
والاستقرار والقناعة. وكل هذا يزيد من مناعة الجسم ويبعد المرض ويشد
النفس ويطيل العمر ويجلب السعادة إلى الإنسان والأسرة والمجتمع وهذا
مقصد كل نفس وروح. وكل الأبحاث العلمية المنشورة في المجلات الطبية
أثبتت بأن القلق النفسي له دور مهبط لجهاز المناعة وسبب لكثير من
الأمراض وخاصة أمراض القلب والضغط وداء السكري وقرحة المعدة وحتى
الأمراض السرطانية. بل إن الشد العصبي والغيظ يقتل الإنسان. وقد نشرت
مجلة Soc Sci Med عام 1999 بحثاً عن علاقة القلق والتأزم النفسي مع
أمراض كثيرة وخاصة أمراض القلب وداء السكري والسرطان وأمراض الضغط.
وفي نفس العام نشرت المجلة الطبية Rev Med Intern في فرنسا مقالة
مطولة أظهرت بأن القلق النفسي والشد العصبي وعدم الاستقرار والشعور
بالمشاعر السلبية يؤدي إلى ضعف المناعة ناتجة عن خلل في هرمونات الجسم
وأن السعادة والرضا والقناعة تؤدي إلى زيادة المناعة وتخفيف حدة المرض
وخاصة الأمراض المناعية والروماتزم والسرطان. وفي عام 1997 نشرت
المجلة الطبية Psychother Psychosom في إيطاليا بحثاً أثبتت بأن
التوتر النفسي والقلق يؤدي إلى زيادة الإصابة بالالتهابات الفيروسية
والبكتيرية والطفيلية.
ولكن أخي الكريم هل أن القلق والاضطرابات النفسية قلت في رمضان كما
أراد الله للإنسان. عام 2000 نشرت مجلة Pschosom Med الطبية بأن
القلق النفسي والاضطرابات العصبية وعدم الراحة وسرعة الانفعالات تزداد
عند الصائمين. والزيادة تكون أعظم لو كان الصائم مدخناً. ولكن هل
سألنا أنفسنا لماذا زادت الحالات النفسية توتراً أثناء الصوم. المفروض
أن النفس البشرية تكون أكثر فرحاً وابتهاجاً وسعادة في أيام رمضان.
لأنه شهر خاص بزيادة العلاقة بين الإنسان وربه. ولو كان الإنسان فعلاً
يسير بهذا الاتجاه لما زادت الحالات النفسية وكثرت المشاكل النفسية
والقلق. إذن لابد للصائمين أن يحسنوا صيامهم ويزدادوا تقرباً ووثوقاً
بالله عز وجل فهو السبيل لراحة البال وطمأنينة النفس البشرية.
الصوم والأمراض
الصيام يفترض أن يكون فيه عافية للجسم البشري. فمثلاً نشرت مجلة
Int. J. Cardiol عام 1999 المختصة بأمراض القلب بأن حالات الذبحة
وأوجاع القلب تقل بدرجة كبيرة عند الصائمين.
وفي عام 2000 نشرت المجلة الطبية المتخصصة بالأمراض العصبية Acta
Neurol مقالة أظهرت فيها بأن الصيام لا يؤدي إلى زيادة الإصابة
بالجلطة الدماغية وأن حالات الإصابة بالصدمة الدماغية تكون قليلة إذا
ما قورنت في الأيام العادية.
وفي مجلة الأغذية السريرية الطبية عام 2000 أظهرت نتائج دراسة مهمة
بأن الصيام يقلل ارتفاع نسبة حامض اليوريك في الدم الذي يسبب داء
النقرس أو داء الملوك. وفي عام 2001 نشرت المجلة الطبية المتخصصة
بأمراض داء السكري Diabetes Metab على أن المرضى المصابين بداء السكري
والمعتمد على الأنسولين يمكن لهم الصوم إذا رغبوا باستعمال أحد أنواع
الأنسولين حيث ينصح المريض بمراجعة الطبيب لمتابعة حالته الصحية وإعطاء
النصيحة حول إمكانية الصيام واستعمال الجرع المقنن من الأنسولين.
وفي عام 1990 نشر بحث علمي في ماليزيا يؤكد بأن الصيام لا يضر
المرضى المصابين بداء السكري من النوع الثاني المعتمد على الحبوب. وفي
عام 2000 نشرت المجلة الأوروبية للتغذية السريرية بحثاً أجري في دولة
الكويت أظهر بأن الصوم يؤدي إلى زيادة نسبة الدهون المفيدة في دم
المرضى الذين يعانون من زيادة كبيرة في الكولسترول وكذلك يؤدي الصوم
إلى انخفاض في نسبة حامض اليوريك. وفي عام 1993 نشرت المجلة الطبية
البريطانية BMJ في عددها 307 بأن مرضى السكري الذين لا يحتاجون إلى
استعمال الأنسولين يمكن لهم الصيام وأن استخدام حبوب مضادات السكري عند
الفطور والسحور يمكن أن يساعدهم في السيطرة على ارتفاع مستويات السكر
في الدم. وفي المملكة العربية السعودية تم نشر بحث طبي عام 1990 أظهر
بأن الصيام مفيد للمرضى المصابين بداء السكري الغير معتمد على الحبوب
والذي يؤدي أيضاً إلى تقليل في مستوى الدهون الثلاثية في الدم . وفي
عام 1998 نشرت مجلة Arch Mal Coenr Vaiss في عددها 91 بأن الصيام مفيد
جداً للمرضى المصابين بارتفاع ضغط الدم شريطة أن لا يكونوا مصابين
بمضاعفات ضغط الدم.
وفيما يخص المرضى المصابين بقرحة المعدة الحادة فإن تم نشر بحث في
مجلة Gastroenterol Clin عام 1997 في عددها 21 أظهر بأن الصيام لا يؤثر
على قرحة المعدة بشرط أن يتناول المريض العلاجات وخاصة تلك التي تؤدي
إلى زيادة حموضة المعدة.
وفي عام 1997 نشرت مجلة العلمية المتخصصة في الأغذية بعددها 41 بأن
الصيام عند المسلمين يؤدي إلى قلة الكولسترول والدهون الثلاثية ويؤدي
إلى زيادة الدهون الحميدة في الدم. وهذه مهمة وخاصة بالنسبة إلى
المرضى المصابين بأمراض الشرايين وخلل الفعاليات الأيضية للدهون. عام
2000 في قسم علوم الأمراض – جامعة الكويت –دولة الكويت بحث علمي أظهر
بأن الصوم ينظم مستويات الدهون في الدم وخاصة تلك الدهون التي لها
علاقة بعمل القلب وتوسع الشرايين (Eur J Clin Nutr 2000, 54,508)
إن أكل وجبة واحدة في الفطور بعد الصيام تعتبر من العوامل المهمة
لزيادة مستوى الدهون الحميدة في الدم
(Eur J Clin Nutr 1998,52,127)
نشرت المجلة العالمية المتخصصة بصيام شهر رمضان مقالة استعرضت فيها
التجارب العلمية إلى تسعة عشر بحثاً طبياً أجري على التغيرات التي
يحدثها الصوم على الصائمين. وقد تبين بأن الناس الأصحاء لا يحدث لهم
أي مكروه عند الصيام ولكن يظهر زيادة في حامض اليوريك مع هبوط في مستوى
الكولسترول. في عام 1997 بحث في فرنسا أظهر بأن الصوم يؤدي إلى تقليل
ليس فقط الكولسترول بل الدهون الثلاثية أيضاً.
(Ann Nutr Medtab 1997,41,242)
وفي نفس المجال أظهرت دراسة علمية نشرت في المجلة الأوروبية لعمل
الوظائف عام 1996 بعددها 73
(Eur J Appl Physiol ) بأن الصيام يقلل من قدرة الأقراص الدموية
على التجمع ويهبط من لزوجتها وهذا مفيد جداً لتفادي الإصابة بالنوبات
القلبية لأن زيادة لزوجة هذه الأقراص الدموية يعتبر عامل أساسي لحدوث
الأزمات القلبية والدماغية. وفيما يتعلق بالسيدات الحوامل فقط أظهرت
دراسة نشرت في المجلة الطبية لأمراض الأطفال Arch Dis Child عام 1990
وفي مستشفى سورنتو للأمومة في بريطاني بأن الصيام لا يؤثر على أوزان
الأطفال لدى السيدات الحوامل وهن صائمات حيث يكون الجنين في سن كاملة
عند الولادة. الصيام لا يؤثر على فعالية وعمل الغدة الدرقية وأن
الهورمونات التي تفرزها الغدة تكون متوازنة أثناء فترة الصيام. هذا ما
تم اكتشافه عام 1991 (J Pak Med Assoc 1991,41,213) .
هذه فقط بعض المقالات الطبية المنشورة عن فوائد الصيام وأهميته
وهناك الكثير الكثير الذي لا يسمح به المجال. ولكن هناك الأضرار
الكبيرة ا لتي ظهرت في الآونة الأخيرة وأثبتتها التجارب المشاهدات
العلمية الناتجة عن طريق تعامل معظم الناس مع شهر الصيام. على الرغم
من كثرة الأبحاث العلمية حول رمضان إلا أن معظم نتائج الدراسات تكون
عادة غير واضحة وفيها بعض التناقض. هذا ما تم ملاحظته في استعراض لأكثر
من ثلاثين بحثا أجري على تأثيرات صوم رمضان على الصائمين. وقد نشر
ملخص هذه الأبحاث عام 1997 في أمريكا (Int J Ramadan Fasting Res
1997,1,1) . والسبب الأساسي كما أعتقد هو عدم صوم المسلمين الصوم
الصحيح. فلو صاموا الصوم الصحيح الذي أراده الله عز وجل لكانت كل
النتائج في صالح الإنسان.
رمضان والبيئة:
نحن نعيش في وسط وعالم مليء بالتلوث الهائل في كل مجالات الحياة.
ولم تعد الأرض كما كانت مكان مناسب بصورة مثالية لعيش الإنسان أو
الكائنات الحية. وكل يوم يمر تقل فيه نسبة صلاحية الأرض للحياة
السليمة المعافاة. الضوء، الضوضاء، الدخان، السموم الموجودة في
الهواء، الأغذية المصنعة والمخربة جينياً، المياه المغيرة، المجالات
الكهربائية والمغناطيسية الواسعة التي تحيط بنا، قلة الغابات والأراضي
الزراعية وغيرها من التغيرات التي حدثت في الأرض. يصاحب هذا الخراب
خراب النفس البشرية، قلة الحركة، السمنة، كثرة الطعام، اضطراب النوم،
زيادة ساعات العمل الذهني، زيادة ساعات الجلوس وغيرها. كل هذا العبء
يعيق صحة الإنسان إعاقة كبيرة.
الصيام وسيلة مهمة من الوسائل لتخليص الجسد من السموم وقد استعمل
الصوم على الماء أو الصوم على العصائر ولفترات مختلفة لمساعدة الجسد
على تنظيف نفسه وصيانة أعضاءه وتسريع شفاء أمراضه. ولكن ما نقوم به من
صيام هو مخالف للفائدة المرجوة من الصيام. فكثرة الأكل تزيد السموم
والتلوث داخل الجسد. وكثرة السهر تهبط مقاومة الجسد وقدرته على تصليح
نفسه. التعرض للضوء أثناء الليل بسبب السهر يضعف المناعة ويقرب
الإنسان من الإصابة بالسرطان. تعرض الصائمين أثناء شهر رمضان إلى
سهرات التلفاز والدشات والمسجلات والتليفونات يعرض أجسادهم أكثر إلى
التلوثات الكهرومغناطيسي، قلة الحركة أثناء الصيام تؤدي إلى هبوط
فعاليات الجسد لطرد السموم. ازدحام السيارات ليلاً للتسوق أو الجلوس
في مجالس التدخين والشيشة ترفع نسبة السموم في الجو وتضيق الصدر وتحبس
النفس. لذلك فإن شهر رمضان كما أراه شهراً يكثر فيه التلوث بكل أنواعه
ويكثر فيه التعرض للتلوث.
الظلمة مهمة جداً لصحة الإنسان، تعرضنا للظلمة قليل أثناء شهر
رمضان. في الظلمة يفرز هورمون الميلاتونين المهم للجسد وتقل هورمونات
الكورتزون والكوتاكولامين. فالظلمة مهمة للإنسان أهم وأعظم فائدة من
الأضوية المصنعة الكهربائية. قال تعالى: (والليل إذا يغشى والنهار إذا
تجلى).
أنا أعتبر بأن الظلمة واحدة من أطباء الرحمن، كما هو الحال بالنسبة
إلى النوم، كلما زادت أنواع المواد الغذائية زاد تعرضك للتلوث الغذائي
والسموم. أفضل أن يكون الغذاء مقصوراً على نوع أو نوعين فقط.
الإكثار من شرب الماء والعصائر في شهر رمضان يساعد على التخلص من
السموم.
أتمنى أن يكون معظم غذاء الصائم على الماء والعصائر وما قل من
الطعام. إذا عملت هذا فسوف تحس بالفائدة. ويكون لك متسع من العافية
للعبادة والاتصال الروحي بالسماء.
الصوم غير الصحيح قاتل للصحة. الصوم كالنار أما أن يدفيك أو يحرقك،
إنه كالسيف ذو حدين. إما لك وإما عليك.
إن الصوم الحقيقي هو الصوم الذي تقلل فيه غذاءك نوعاً وكماً. وهذا
يساعدك على الشفاء، القضاء على الخلايا غير الطبيعية، رفع الكولسترول
المترسب بالشرايين، رفع السموم من الأمعاء والقلون، إزالة المعادن
الثقيلة ويقلل اليورك أسيد.
إن قلة الغذاء سوف تشعرك بالجوع في الأيام الأولى. ولكن بعدها فإن
شعورك بالجوع يقل. هل تعلم بأن ثلث الغذاء الذي نتناوله يستخدمه الجسد
لتوليد الطاقة لهضم ما نأكل من غذاء قاتل يومياً. صم أخي الكريم على
قليل الغذاء، ولا تستعمل السيارة إلا للضرورة، وتحرك دائماً، ونم جيداً
في الليل لا في النهار واشرب السوائل الكثيرة وابتعد عن التلفاز
والموبايل والأضوية فهذا يؤدي إلى تخلص جسدك من سموم التلوث البيئي.
فلا تزيد الطين بلة في شهر الرحمة.
الصوم والعمل
من الناحية المالية فالأمر بسيط ويمكن لكل شخص أن يلمسه. فالعائلة
المسلمة تصرف في شهر رمضان أكثر من باقي الشهور لأمور هي كمالية أكثر
منها ضرورية. وكذلك فإن تقليل ساعات العمل له مردودات سلبية على
البلاد الإسلامية ولا أدري لماذا تقل ساعات العمل في شهر رمضان. فإني
رأيت في بعض البلاد بأن ساعات العمل تقل إلى 3-4 ساعات يومياً فقط.
العمل جهاد وعبادة وعطاء، فما أعظم أن يعمل الإنسان ويصوم فالجهاد
والأجر سيكون مضاعف ولا أعتقد بأنه توجد مبررات صحية لتقليل ساعات
العمل للصائمين وخاصة للذين لا يبذلون جهوداً عضلية في عملهم. وقد
يحتاج العمال الذين يعملون بالحر ويبذلون جهداً ضخماً من العمل إلى
تقليل ساعات عملهم ولكني رأيت أناساً كباراً في السن يعملون عملاً تحت
الشمس ولساعات طويلة وهم صائمون.
وزن الإنسان عبارة عن ميزان ما بين يأخذه من طعام وبين ما يصرفه في
الحركة والتفكير. وشعورك بالجوع أو إذا أردنا أن نحصل على تأثيرات
الجوع الإيجابية أو تأثيرات الصيام الإيجابية علينا أن لا نقلل الغذاء
فقط بل علينا الاستمرار بالمجهود الحركي والذهني كما كان قبل الصيام أو
زيادته. إذا قل الطعام وكثر النوم فلا فائدة ترجى. وهذا هو السبب
الذي يجعل فوائد الصوم الصحية معدومة في الوقت الحاضر بسبب كثرة ساعات
النوم التي يقضيها الصائم. من هنا ندرك بأن تقليل ساعات العمل غير
نافع للصائمين صحياً واقتصادياً. وإذا شعر الصائم بأنه تعبان ومنهك
وغير قادر على العمل في النهار فالسبب ليس الصيام ولكن طريقة الحياة
الخاطئة التي نعيشها. فالإرهاق والتعب وقلة التركيز تكون ناتجة عن قلة
النوم الليلي بالدرجة الأولى وعدم وجود لياقة بدنية للصائم. من هنا
أؤكد على أن تقوم أخي القارئ بتغيير كامل لنمط حياتنا هذا الشهر. ننام
ليلاً الساعات الكافية، نصحو صباحاً, نأكل غذاء صحي، تستمر بالمجهود
الحركي وهذا يؤدي إلى شعورك بالنشاط والعطاء. جرب معي هذا الشهر وستجد
فيه شهراً مختلفاً تماماً عن السنوات الماضية وستعرف معنى الصوم
الحقيقي عملاً وعبادة.
الصوم والنوم
أنت تعرف أخي الكريم بأن ساعات النوم أثناء شهر رمضان تكون قليله
ومتقطعة. وهذا يؤدي الى مخاطر جسيمة على الصحة.
إن قلة النوم في الليل وتغيير مواعيده تؤدي إلى انخفاض عدد الخلايا
المناعية القاتلة. ولكن عند الرجوع إلى النوم الليلي فإن عدد الخلايا
المناعية ونشاطها يرجع إلى وضعه الطبيعي. هذا الاكتشاف نشر في جامعة
كاليفورنيا في أمريكا عام 1999 (Psychosom 1994,56,493) .
عند قلة النوم في الليل فإن مستوى إفراز هورمون اللدستيرون يقل
بينما يزداد مستوى الكورتزون في الدم. وهذا يؤدي إلى إرباك في مستوى
الهورمونات التي يفرزها الجسد في الليل. إن اللدستيرون مهم لتخليص
الجسد من الأملاح الزائدة ويقوم بتنظيم ضغط الدم (Sleep Res
2001,10,27).
إن قلة النوم في الليل تؤدي إلى بطء في إفراز هورمون الذكورة
التستيرون في ساعات الليل
.(Clin End Metab 2001, 86,1134)
إن تعرض الجسد إلى الضوء القوي في الليل يؤدي إلى زيادة إفراز
الكورتزون وقلة أو إيقاف إفراز الميلاتونين. هذا الاكتشاف نشر من
جامعة شيكاغو في أمريكا عام 2001. (J Clin Endocrinol Metab
2001,86,151)
أما من جامعة كاليفورنيا – سان دياغو في أمريكا فقد أثبتت التجارب
على أن قلة النوم في الليل تؤدي إلى زيادة مستوى الكوتكالمين
Catacholamines وهذا يسبب أمراض القلب والشرايين.
الأشخاص الذين يتعرضون إلى قلة النوم الليلي يكون مستوى ضغط الدم
عندهم مرتفع ويكون دقات القلب مرتفعة مقارنة بالأشخاص الذين ينامون
بصورة منتظمة في الليل. هذا الاكتشاف نشر من قسم الأمراض
الباطنية/جامعة بافا في بريطانيا عام 1999. (Am J Hypertens
1999,12,63)
إن تقليل ساعات النوم الليلي من ساعة إلى ساعة ونصف تؤدي إلى إرباك
في العمل أثناء النهار حيث يقل الانتباه والتركيز بنسبة 32% وقد وجد
بأن 57% من الحوادث في النهار سببها قلة النوم الليلي. بجب على
الإنسان أن ينام بمعدل ثمان ساعات ونصف في الليل وإذا قلت إلى سبع
ساعات ونصف فإن الشخص يتعرض إلى أضرار قلة النوم الليلي. هذه الحقائق
نشرت من جامعة رايت ستيت، أوهايو في أمريكا في المجلة المتخصصة للنوم
(Sleep, 1995,18,908)
من ناحية أخرى فأن لقلة النوم في الليل تأثيرات على الجهاز
التنفسي. جامعة لافا في كندا نشرت بحث علمي أظهر بأن تقطع النوم
الليلي يؤدي إلى ضعف جهاز التنفس(Am J Resp Crit Care Med
1994,150,481).
من هنا يظهر أهمية النوم في الليل وأن النوم في النهار لا يمكن أن
يعوض نوم الليل.
إن الظلام أخي القارئ يؤدي إلى زيادة كبيرة في الميلاتونين ولكن عند
وجود ضوء قوي أو ضوء معتم في الليل فإنه يوقف إفراز الميلاتونين وهذا
يؤدي إلى زيادة في نمو الأمراض السرطانية عند وجودها في الجسد. لذلك
فإنه الأن توفرت الدلائل على أن التعرض إلى الضوء أثناء الليل يؤدي إلى
زيادة نسبة الإصابة بالسرطان بسبب قلة إفراز الميلاتونين. هذا
الاكتشاف نشر في أمريكا عام 2002(Neuroendocrinol Lett 2002, 23, 52).
يعتبر الميلاتونين من أقوى مضادات التأكسد لأن هذه المادة لها
القدرة على الدخول إلى خلايا الجسد وإزاحة الجذور الحرة المتولدة داخل
الخلايا. يفرز الميلاتونين من الغدة الصنوبرية في المخ ويفرز حوالي 2.8
ملغم في اليوم الواحد. أثبتت الأبحاث الحديثة على أن الأمعاء يمكن أن
تصنع الميلاتونين. وهذا مفيد لأن الميلاتونين قادر على مقاومة السرطان
وأمراض الشيخوخة ويوقف تحطم DNA بواسطة الجذور الحرة لعوامل التأكسد.
ليس هذا فقط ولكنه وجد بأن الميلاتونين له دور مهم في المناعة ويعتبر
من الهورمونات المحفزة للمناعة. ولكن هذه المادة الفعالة تقل عند تقدم
العمر مما يؤدي إلى العجز وأمراض الشيخوخة. أظهرت التجارب الحديثة على
الحيوانات المخبرية على أن إعطاء الميلاتونين إلى الحيوانات المتقدمة
في السن يطول عمرها ويحميها من الأمراض.
العيون وخاصة في الشبكية يتم تصنيع الميلاتونين لمقاومة عوامل
التأكسد حيث تعتبر الشبكية في العين من أكثر مناطق الجسد تعرضاً لآثار
عوامل التأكسد. إن التجارب المثيرة الحديثة أظهرت بأن قلة الطعام تؤدي
إلى زيادة مستوى وتراكيز الميلاتونين في الدم وهذه الكميات تأتي بصورة
مباشرة من الخلايا المبطنة لجدار الأمعاء. إذن زيادة الميلاتونين مهمة
للجسد وأنها تؤدي إلى رفع مقاومته ضد الأمراض وذلك بتحفيز نمو غدة
الثايمس ورفع عدد خلايا اللمفوسايت. وجد حديثاً كما قلنا سابقاً بأن
قلة الغذاء يؤدي إلى إطالة العمر وتقليل في نسبة الإصابة بالسرطان.
عند تقدم العمر فإنه يحدث ضمور في غدة الثايمس المناعية. ولكن هذا
الضمور يمكن أن يتوقف إذا تناول الشخص ميلاتونين. تعتبر الغدة
الصنوبرية مفتاح العمر. أخذت فئران عمرها 18 شهرا وزرع لها غدة
صنوبرية من فئران عمرها 4 شهور. ماذا حدث؟ عاشت هذه الفئران إلى 34
شهر. ولكن عند زرع غدة صنوبرية من فئران عمرها 24 شهرا في فئران عمرها
4 شهور فإن هذه الفئران عاشت لمدة 17 شهر فقط. من هذا يظهر دور
الميلاتونين في تمديد العمر بالإضافة إلى قدرته على رفع المناعة ومقامة
الأمراض.
إن أهم العوامل التي تؤدي إلى إفراز الميلاتونين هو قلة الطعام
والصوم. وهذه فائدة كبيرة للصائمين. وأيضاً فان الليل والظلام يؤديان
إلى زيادة إفراز الميلاتونين. كلما ازدادت شدة الضوء الذي تتعرض له
كلما قل إفراز الميلاتونين وبالتالي زيادة أمراضك (Neurosci Lett 2001,
299,45). ولكن هل الصائمون ينامون في الليل أو يعيشون في الليل المظلم
أو يأكلون قليلاً في شهر رمضان. كل الشواهد تدل على أن الصائمين يزداد
أكلهم في رمضان، ويزداد وزنهم ويقل نومهم في الليل ويتعرضون إلى
الأضوية القوية. فما الفائدة من الصوم إذن.
وقد نشرت مجلة Therapie عام 1999 مقالة حول العادات وأساليب الحياة
لدى الصائمين أظهرت بأن ساعات النوم لدى الصائمين ازدادت بصورة كبيرة
وأن ساعات النوم في الليل قليلة. وتم نشر مقالة مثيرة جداً عام 2001
أظهرت بأن السهر عند السيدات وتعرضهن للضوء الكهربائي يؤدي ِإلى زيادة
الإصابة بسرطان الثدي لديهن. والسهر الليلي يفقد الإنسان ساعات نومه
وراحته وتجعله أكثر عرضة للقلق والاضطرابات وخاصة إذا كان الإنسان يقضي
ليله لهواً وجدالاً وألعاباً تزيد من الشد النفسي.
ولا أدري ما فائدة الصيام إذا قلبنا الليل نهار والنهار ليل وقلت
ساعات عملنا وقضينا معظم ساعات النهار نوماً. إذا ما هي الحكمة من
الصوم. نحن بهذا الأسلوب غيرنا التكوين البايولوجي للجسم. فالنهار
عمل ومعاش والليل سكون ونوم وراحة إلا إذا سمحت صحة الإنسان لقيام
الليل للعبادة والصلاة.
الصوم والغذاء
الغذاء هو من أهم الجوانب في الصيام. فالصائم يبتعد عن الطعام
والشراب لساعات طويلة وهذا طبعاً يعطي الراحة الكبيرة للمعدة والأمعاء
من عمل مستمر دام لأحد عشر شهراً في السنة.
والصيام فرصة كبيرة للجسم لإعادة ترتيب عملياته الأيضية نحو التكامل
البيولوجي ويساعد الجسم على التخلص من الأضرار السامة للأغذية والأطعمة
التي يتناولها الإنسان دون النظر إلى ضررها أو فوائدها.
الناس يأكلون في شهر رمضان أكثر من أي شهر آخر. لماذا؟ بل يكثرون
من الأكلات التي تسبب لهم المرض وتعمل بخراب أجسادهم. فمثلاً لا يكاد
يخلو منزلاً من أكل المعجنات والسكريات المليئة بالزيوت والدهون. بل
لا تكاد مائدة تخلو من أنواع اللحوم والدهون الحيوانية والأكلات
الثقيلة على المعدة والقلب. ففي دراسة نشرت عام 1987 في المجلة
المختصة بالأغذية الإنسانية Hum Nutr Appl Nutr في عددها 41 أكدت
دراسة علمية بأن هناك تغير كبير في نوع الغذاء الذي يتناوله الإنسان
الصائم في رمضان والذي يمتاز بزيادة الأكل وزيادة الزيوت والدهون وكذلك
أن معظم الصائمين يزداد وزنهم. ونظراً لنوعية الأغذية التي يتناولها
الصائمين فقد أظهرت دراسة علمية منذ عام 1978 نشرت في المجلة
البريطانية للأغذية بأن الصوم المصحوب بالتغير بنمط الغذاء ونوعيته
يؤدي إلى زيادة حامض اليوريك في الدم مع زيادة كبيرة في الدهون
الثلاثية. وفي دراسة أخرى نشرت عام 2000 في مجلة Nippon Eiei Zasshi
في اليابان بأن الصوم في رمضان وما يصاحبه من تغير في الغذاء نوعاً
وكماً يؤدي إلى الجفاف، ارتفاع نسبة حامض اليوريك مع ارتفاع في نسبة
الكولسترول في الدم.
وعن طريقة تناول الغذاء وخاصة عند الإفطار نشرت مجلة المختصة بأمراض
الأمعاء Scand J Gastroentrol عام 1994 بأن طرق الغذاء عند الإفطار
كماً ونوعاً تؤدي إلى مضاعفات وخاصة للمرضى المصابين باضطرابات في
الأمعاء. ومن خلال مشاهداتنا العملية فإننا نستقبل حالات مرضية كثيرة
بعد الإفطار بسبب الغذاء الذي يتناوله الصائم وطريقة تناوله.
ولكي نستوفي ببساطة الأضرار الكبيرة للأكلات التي تحوي على السكر
الأبيض والتي يزداد تناول الصائمين منها زيادة كبيرة وكأن شهر رمضان
شهر السكريات والحلويات واللحوم. والسكر الأبيض عبارة عن سكر ثنائي
اسمه السكروز. ويتم هضمه في الأمعاء بسرعة ويتحول إلى سكر أحادي يتم
امتصاصه بسرعة ويؤدي إلى إفراز كميات كبيرة من الأنسولين. حيث يقوم
الأنسولين بإدخال الكلوكوز إلى الخلايا ويؤدي إلى هبوط السكر في الدم
حيث يشعر الإنسان بالجوع مرة أخرى ويذهب ليتناول سكريات أخرى والتي
تقوم بنفس العمل مما يؤدي إلى زيادة إفراز الأنسولين والشعور بالجوع
وتناول المواد الغذائية وكذلك إلى زيادة الوزن وبالتالي يعتبر أساساً
لإجهاد البنكرياس والإصابة بمرض داء السكري.
ففي مقالة نشرت في بريطانيا عام 2001 في مجلة الصحة الغذائية أظهرت
التجارب بأن السكريات المصنعة السب الأساسي للإصابة بتسوس الأسنان.
وفي عام 2001 نشرت المجلة العلمية للأغذية مقالة مهمة في أمريكا أظهرت
علاقة ارتفاع نسبة الإصابة بسرطان القلون بسبب زيادة استهلاك السكر
الأبيض وارتفاع نسبة الأنسولين في الدم. أما اللحوم فقد أظهرت دراسة
أولية بأن زيادة تناول اللحوم له علاقة بسرطان الأمعاء وقد نشر هذا
البحث عام 2001 في كندا. وفي عام 1998 نشرت مجلة Biomed Pharmacother
بحثاً مهما حول علاقة السكر الأبيض وكذلك المعجنات مع زيادة الإصابة
بسرطان الثدي. في دراسة أخرى من أمريكا أظهرت وجود علاقة بين الإصابة
بالسرطان وتناول السكر الأبيض نشرت عام 1997. وفي عام 2001 نشرت
المجلة الأمريكية لأمراض النساء والولادة بأن تناول السكريات وخاصة
السكر الأبيض يؤدي إلى زيادة نسبة الإصابة بتسمم الحمل وارتفاع ضغط
الدم. وفي عام 2000 نشرت مجلة J Physiol Pharmacol مقالة أظهرت بأن
تناول السكريات يؤدي إلى إضعاف مضادات الأكسدة في الدم. وفي عام 2001
نشرت مجلة الطبية لأمراض الضغط بأن السكر الأبيض يؤدي إلى الإصابة
بارتفاع ضغط الدم وقد نشر هذا البحث من قسم التغذية السريرية التابع
لكلية الأغذية الصحية في اليابان. وأكدت هذه الدراسة البحث الذي نشر
في المجلة الأمريكية لأمراض ضغط الدم Am J Hypert عام 1999 حيث أظهرت
دلائل على وجود علاقة بين تناول السكر الأبيض مع ارتفاع ضغط الدم.
إذن تناول السكر الأبيض والسكريات بصورة عامة له أضرار واسعة على
صحة الإنسان ولابد للإنسان أن يسأل نفسه قبل أن يأكل أي طعام .. هل
هذا الطعام مضر أو مفيد؟ قبل أن يسأل عن طعمه أو لونه أو رائحته.
والأبحاث العلمية متواصلة تؤكد بأن الدهون ا لحيوانية والسكر الأبيض
والمعجنات واللحوم الحمراء تؤدي إلى أمراض كثيرة لابد للإنسان أن يقلل
منها ليكون الصوم فعلاً صحة وعافية وليس مرضاً وأوجاعاً.
ولكي نغطي أضرار ما نأكله من مواد غذائية عند الإفطار نحتاج إلى
حلقات كثيرة ولكن أريد أن أؤكد بأن الصيام شهر الأمان، والعطاء،
والعمل، والعبادة، والسمو بالنفس الإنسانية نحو الفضيلة. وهو شهر
تدريب وتعليم للإنسان كيف يسيطر على ذاته ونفسه ويهزم شيطانه. ففي
رمضان لابد من السهر للعبادة والمحبة واللقاء مع الأهل والجيران لتقوية
النفوس نحو التقوى.
كيف نعيش الصيام:
لو لاحظنا أخي الصائم كيف نصوم رمضان أو كيف يصوم الأغلبية من
المسلمين هذا الشهر الكريم لوجدنا بأن تصرفنا من ناحية النوم، الغذاء
والعمل له مردودات سلبية ضخمة على صحة الإنسان واقتصاده وسلوكياته.
يفترض أن يكون شهر رمضان الشهر الذي نأكل فيه قليلاً وتقل ما
نتناوله من سعرات حرارية إلى حد 30% لكي نستطيع أن نحصل على الفائدة.
ولكن مع الأسف فإن الأكل يزداد في شهر رمضان كما ونوعاً. طوال الليل
الناس يأكلون. وماذا يأكلون؟ اللحوم، الدهون والسكريات. أي أنهم
يأكلون الأغذية المضرة صحياً. فشهر رمضان أصبح شهر الأكل والتخمة.
وهذا يتناقض مع الغاية من الصيام. لذلك فأن الكثير من المشاكل الصحية
تحدث أيام شهر رمضان. عندما كنت طبيباً مقيماً في المستشفيات فإننا
نعرف بأنه بعد الفطور سوف يأتي زحم كبير من المرضى يشكون ويأنون. بل إن
كثير من السيدات الحوامل يحتجن إلى عمليات قيصرية بسبب زيادة وزن
الجنين الناتج عن كثرة الغذاء. ليس هذا فقط بل إنهم يكونون أكثر عرضة
للإصابة بداء السكري للحمل. وهذا بسبب زيادة السكريات والحلويات
والمعجنات. كما قلنا أن أكثر الدراسات أظهرت زيادة في مستوى ملح
اليوريك الذي يسبب داء الملوك في المفاصل بسبب كثرة أكل اللحوم أثناء
رمضان. معظم الناس يزداد وزنهم بسبب كثرة الأكل. المفروض أن يقل
الوزن وأن يكون شهر رمضان مناسبة جيدة للبدين أن يبدأ بتقليل الوزن.
ولكن العكس يحدث للكثيرين.
يكثر في شهر رمضان تناول الشاي والقهوة والمنبهات والمشروبات
الغازية والأغذية المصنعة. هذه المواد مضرة بالجسد ولها تأثيرات واسعة
يعرفها كل الناس.
وعند الفطور يأكل الإنسان أكل كثير دفعة واحدة. هذه الطريقة غير
صحيحة ومتعبة للجسد والمعدة والهورمونات. ما فائدة الصيام إذا كنت
أريح الجسد ساعات ثم أصفعه صفعة قوية مضرة بوجبة ثقيلة في الإفطار.
النوم أيضاً تغير في حياتنا أثناء رمضان. الناس يجلسون ساعات طويلة
في الليل في الأضوية القوية. في مجالس السمر واللعب والتدخين وأمام
التلفاز ولا ينامون إلا متأخراً. وبعد سويعات نوم قصيرة يجلسون في
السحور ليأكلوا من جديد. ثم يناموا ليصحوا بعد سويعات للذهاب للعمل.
ويكون ساعات العمل قصيرة. الرجوع إلى المنزل مبكراً ليذهب الصائم إلى
النوم العميق ولا يجلس إلا عند الإفطار. ما هذا؟ نوم متقطع وعمل قليل
وخمول مستمر وصداع مقلق وغذاء سيئ. أهذا رمضان؟ أهذا هو ما أراده الله
عز وجل من الصائمين؟ إن الغذاء غير الصحي والنوم المتقطع يؤديان إلى
الخمول والكسل وقلة العطاء أثناء ساعات العمل ناهيك عن تقليل ساعات
العمل أثناء الصيام.
المحصلة واضحة خسارة صحية، خسارة اقتصادية. بل أؤكد على أن الأغذية
غير سليمة وتقطع النوم وقلة النوم الليلي يؤديان إلى اضطرابات نفسية
وقلق وعصبية وشد.
ويمكن أن تشاهد ذلك على معظم الناس قبل ساعة من الإفطار. أصبح
صدرهم ضعيفاً حرجاً وتحملهم قليل وسرعة سياراتهم على أشدها وخاصة عند
الإفطار. إذن هناك خسارة نفسية أيضاً. هذه بعض الخسائر الدنيوية التي
يصاب بها الإنسان والعالم الإسلامي خلال شهر رمضان.
أما الجانب الديني فإننا لا يمكن أن نحقق قبول الصوم ومرضاة الله
إلا بالصوم الذي أراده الله عز وجل. وليس نجاح الصيام بكثرة ما أقوم
به وأقعد في المساجد وأن أصرف وقتي وحتى كله محتجباً عن الناس والمجتمع
والحياة. الله جعل الإنسان خليفة في الأرض ليعمرها. وقال عز وجل (وما
خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون). والعبادة الحقيقية هي الطاعة لله عز
وجل ولرسوله (ص) ورمضان ليس الكسل أو النوم أو الأكل حتى التخمة
والانعزال عن المجتمع أو تقليل ساعات العمل أو مجالس السهر والأنس
والتمتع بالمسلسلات والأغاني والمسابقات. لا أدري هل رمضان شهر للطاعة
أم شهر للمهرجانات والاحتفالات واللهو والعبث والتلذذ بمفاتن الدنيا
وغرائزها. كم نصرف في استعمال الكهرباء في الليل.
التعرض للكهرباء والأضوية خطيرة على الجسم. نحن نخسر أموالاً على
الأضواء ليلاً لكي نصاب بالمرض. نحن أخي القارئ نشتري المرض بالمال.
صحيح الكثيرين والحمد لله يستفيدون من شهر رمضان دينياً وصحياً وتزداد
أنفسهم إيماناً وحباً ومسامحة ولكن كم نسبة يمثلون من الصائمين؟
شهر رمضان شهر العمل والجهاد. معظم غزوات الرسول (ص) كانت في شهر
رمضان. نحن نحتاج إلى وقفة مع النفس ونراجع حساباتنا قبل فوات الأوان.
علينا أن نصوم هذا الشهر الصوم الذي أراده الله لنا ولا ندري هل نعيش
إلى رمضان القادم.
ماذا يحدث في شهر رمضان ؟؟
زيادة تناول المواد الغذائية نوعاً وكماً.
السهر الطويل.
زيادة ساعات النوم في النهار.
تقليل ساعات العمل وقلة العطاء للعامل والمنتج.
تغير الساعات البيولوجية للإنسان.
الإكثار من مجالس السمر والسهر التي يكثر فيها التدخين وشرب
المنبهات من الشاي والقهوة والجلوس الطويل أمام شاشات التلفاز والتعرض
إلى عوامل التلوث الليلي.
الصرف المادي الكبير للأسرة الصائمة على موائد الطعام واستهلاك
وسائل الترفيه والكهرباء والتدخين والرحلات وغيرها.
هذه التغيرات التي أستطيع أن ألمسها في العالم الإسلامي مع تغيرات
أخرى كثيرة تحدث في شهر رمضان تؤدي إلى مردودات سلبية على المسلم مالاً
وصحة.
ماذا أعددنا لشهر رمضان:
لنسأل أنفسنا أخي المسلم ماذا أعددنا لشهر رمضان. هذا الشهر الكريم
شهر التدريب، وفرصة للمذنب للفوز بالتوبة والنعيم. هذا الشهر الذي هو
عند الله من خير الشهور وأيامه أفضل الأيام.
كل أعمال العبد فيه عبادة حتى نومه وأنفاسه عبادة. هل أعددنا
أنفسنا لنعيش هذا الشهر بالروحانية والاتصال بالله عز وجل كما يريد؟
هل أعددنا أنفسنا للتكافل والمحبة والعطاء والمسامحة وصلة الرحم لجميع
إخواننا المسلمين؟ هل أعددنا أنفسنا لكي نجوع ونعطش ويقل وزننا في هذا
الشهر؟ هل وضعنا خطط ليكون عطاءنا لأنفسنا ومجتمعنا ومن خلال عملنا
أعظم عطاء وأكثر إنتاج في شهر رمضان؟ هل أعددنا أنفسنا لنأكل القليل
كماً ونوعاً ونعيش زاهدين في الدنيا راغبين عنها متصلين بالسماء؟ هل
اعددنا برامج للعمل والحركة والنشاط بحيث نكون أكثر صحة ولياقة وقوة
وانتباه. هل أعددنا أنفسنا لندخل معسكر تدريب وعمل ومشقة وصبر وليس
معسكر مهرجانات وولائم وسهرات ونوم وسبات وصرف وبذخ لا مبرر له؟ علينا
أخي الكريم أن نضع في حسباننا الاستعدادات التالية لكي ننجح في شهر
رمضان:
الإعداد النفسي لقبول شهر رمضان كشهر للراحة النفسية والقناعة
والرضا والطمأنينة والفرح.
الإعداد النفسي للمساهمة ومصافحة المسلمين ومواجهتهم بالابتسام
والحب والرضا ونسيان الماضي والخلافات وإرجاع الحقوق.
إعداد أنفسنا لتحمل الجوع والعطش ويكون غذاؤنا قليلا وأنواعه قليلة
أقل من باقي الشهور.
الاستعدادات لكثرة الذكر وقراءة القرآن والصلاة والاتصال بالخالق.
الاستعداد لكبح الغرائز وغض النظر وغلق التلفاز عن كل سيء وصم الأذن
عن الغيبة والنميمة وحبس اللسان عن الذم واليد عن الأذية.
الاستعداد الجسدي والذهني والحرص على أن يكون شهر رمضان أكثر شهور
السنة إنتاجاً وعملاً وعطاءً.
ولكن أخي الكريم مع الأسف الشديد شاهدت خلال اثنين وأربعين رمضاناً
عشتها و38 رمضان صمته بعون الله أن الاستعداد غير ذلك. فعند قدوم شهر
رمضان يبدأ الناس بالاستعداد والتخطيط للخطوات التالية بصورة أساسية
أكثر من غيرها:
بدء المسلمين بالتسوق الغذائي وخزن المواد الغذائية في المنزل وكأن
المسلم مستعد لسنوات من الجفاف أو القحط أو لجمع الأغذية لعمل ولائم
أعراس أو أحزان وليس استعداداً للجوع والصيام.
الاستعداد والترتيب لمجالس اللهو والسهر.
الاستعداد لتقليل ساعات العمل وإرجاء خطط أعمالهم إلى ما بعد رمضان.
الصرف المالي الكثير. فيكون شهر رمضان أكثر الشهور صرفاً للمال على
عكس ما يتوقع.
استعداد وسائل الإعلام في العالم الإسلامي لبث المسلسلات والحلقات
والمسابقات والمهرجانات التي تستمر حتى مطلع الفجر.
انشغال الناس بالزيارات لمجالس السمر أو اللعب أو اللهو.
جعل شهر رمضان أفضل شهر للتسوق وشراء الملابس والأغذية والهدايا
وغيرها. فهو شهر السوق.
هذه فقط بعض ما أتذكر من استعدادات العالم الإسلامي للصيام ودخول
شهر التدريب. وهناك الكثير من الاستعدادات التي تقيمها العوائل
الإسلامية أو التي تقوم بها أثناء شهر رمضان ليست لها صلة بالشهر
وأهدافه.
الصوم الصحيح
فلكي نكون أصحاء في شهر رمضان لابد لنا أن نصوم الصوم الحقيقي الذي
أراده الله لنا وأن نشعر بالجوع والعطش وأن نصبر وأن يكون شهر رمضان
أقل الشهور تناولاً للأكلات نوعاً وكماً وأكثر الشهور عملاً وعطاءً.
وإلا أخي الكريم فنحن بما نقوم به لا نخدم صحتنا ولا عالمنا الإنساني
والإسلامي.
الامتناع عن الأكل والشرب والغرائز والحواس وكل المفطرات التي ذكرها
الشارع.
النوم الكامل أثناء الليل والجلوس للعبادة في أوقات معينة ويفضل أن
يكون الجلوس للعبادة غير مضاءة بالأنوار الشديدة ويا ليته يكون مظلماً.
تناول مواد غذائية سليمة كماً ونوعاً. تقليل الأكل بنسبة 30% وكذلك
تقليل أنواع الأغذية والابتعاد عن السكريات والحلويات والمعجنات
واللحوم والزيوت الحيوانية والتخمة. وليكن شهر رمضان شهر الغذاء
السليم نوعاً وكماً.
عدم تقليل ساعات الدوام في النهار. وليكن شهر رمضان شهر الإنتاج
المضاعف.
توحيد المجتمع الإسلامية عن طريق صلة العائلة والرحم والجيران
والأقرباء.
عندما تشعر بأن جسمك قل وزنه، وزاد نشاطك وتحسنت أمراضك، وشبعت
نوماً، وارتفع انتباهك وقلت عصبيتك وارتاحت نفسيتك فإنك صمت الصوم
الصحي السليم.
إذن أخي الكريم. إذا أردنا أن يكون صومنا صحياً فيجب علينا أن لا
نغير نمط حياتنا. أن لا نجعل الليل نهاراً والنهار ليلاً، أن لا
نتناول الطعام الكثير، أن لا نكثر من اللحوم الحمراء والسكريات
والمعجنات، أن نشعر فعلاً بالجوع والعطش، أن نفطر على قليل من الزاد
كالتمر واللبن والخبز الأسمر والمنتجات الزراعية. أن نعمل ونتحرك
ويكثر عطاؤنا وإنتاجنا، أن نعلم نفسنا على الصبر والمثابرة والصمود ضد
الشهوات. أن تكون مجالسنا للذكر والحديث والمحبة والتآلف. أن نصل
أرحامنا ويكثر إنفاقنا للسائل والمحروم واليتيم. وأن نتواصل مع الخالق
عز وجل ونكثر من قراءة القرآن الكريم، وليكن هدفنا في شهر رمضان شهراً
للعبادة والعطاء والإنتاج وشهراً لتقوية المناعة وزيادة النشاط ومحاربة
المرض ويكون شهراً يبعد فيه الإنسان عن القلق والتفكير والاكتئاب
والحسد والغيبة والكراهية، وصدقني أخي الصائم إذا طبقنا هذا فسيكون
الصوم صحة وعافية للسليم وشفاء ونعمة للمريض وتقبل اللهم صيامنا
وأعمالنا وساعدنا لكي يكون صيامنا مقبولا.
* مؤسسة الوائلي للعلوم
نيويورك |