قبل قليل من قدوم شهر رمضان تمتليء المتاجر والاسواق في القاهرة
بالفوانيس التي كانت تستخدم طوال قرون في إضاءة شوارع القاهرة القديمة
ليلا خلال شهر الصوم.
وتشتهر مصر بفوانيس رمضان حيث يوجد بها عمال مهرة ينتجون تصميمات
متميزة كل عام تصدر الى أنحاء الشرق الاوسط.
ولكن صناع الفوانيس المصريين واجهوا في السنوات القليلة الماضية
منافسة شرسة من مصدر لم يكن متوقعا. ففي هذه الايام تمتليء الاسواق في
المناطق الشعبية مثل باب الخلق والسيدة زينب وغيرها بفوانيس صينية
الصنع رخيصة الثمن مصنوعة من البلاستيك والالياف الزجاجية.
وللصين باع طويل في صناعة الفوانيس وطوعت أشكال تصميماتها في الاونة
الاخيرة لتلائم السوق المصري.
وتخلو الفوانيس المصنوعة في الصين الشيوعية من الرموز الاسلامية
وغالبا لا تعمر الا سنة واحدة. وفي المقابل فان الفوانيس المصرية يدوية
الصنع المصنوعة من النحاس الاصفر والزجاج يمكن ان تعمر سنوات اذا اعتني
بها جيدا.
ويقول عبده صانع الفوانيس الذي يشتغل بهذه الحرفة منذ اربعين عاما
إن المنتج الصيني تزايدت شعبيته ولكنه فخور بورشته التي ما زالت تصنع
فوانيس "حقيقية".
وقال عبده إن هذا هو المنتج الاصلي وليست المنتجات الصينية.
ويرجع تاريخ تقليد تعليق الفوانيس خلال شهر رمضان للزينة الى العهد
الفاطمي في القاهرة في العصور الوسطى. ويقال ان الخليفة المعز لدين
الله الفاطمي عندما دخل القاهرة ليلا عام 959 ميلادية (358 هجرية) خرج
اليه سكانها ليحيوه بفوانيس تضيؤها الشموع.
وكان دخول المعز الى القاهرة في اليوم الخامس من رمضان.
ويقول سيد وهو صاحب متجر لبيع الفوانيس إن الفوانيس المصرية
التقليدية المصنوعة من النحاس هي وحدها التي تضفي رونقا احتفاليا جميلا
على شهر الصوم.
وقال سيد إن فانوس رمضان يضفي أجواء من الفرح على الشهر . وأضاف أن
الفوانيس التقليدية المصنوعة من الصاج تشعرهم بأجواء شهر رمضان
الحقيقية.
ولكن الفوانيس الصينية التي تباع هذا العام مع دمية مجانية ما زالت
تغرق السوق المصري. واستوردت مصر فوانيس بما يزيد على مليوني دولار
امريكي العام الماضي.
وجعلت المنافسة مع الفوانيس المستوردة البقاء في السوق حاليا امرا
بالغ الصعوبة على حفنة متبقية من صناع الفوانيس المصرية التقليدية.
وتحتاج الفوانيس المعدنية هذه الى عمل كثير حيث يحتاج صنع الفانوس
الصغير يوما كاملا وبالتالي يصعب على الحرفيين مواكبة تدفق الفوانيس
المنتجة آليا المستوردة من الخارج.
ولكن الفوانيس المصرية مازالت تحظى بمكانة مميزة لدى الجمهور. ويطلق
على اشهر الفوانيس اسما مميزا كل عام. ويطلق على افضل فوانيس هذا العام
اسم فوانيس "نصر الله" تيمنا باسم حسن نصر الله الامين العام لجماعة
حزب الله اللبنانية التي لم تستطع اسرائيل التغلب عليها في الحرب.
وايضا هناك فوانيس تعرض باسم "الشبح" لتميزها بحجمها الكبير وايضا
هناك فانوس باسم "البطيخة" بلون اخضر زاه وزينة حمراء فيما يشبه
البطيخة.
وقالت أم مصطفى وهي من سكان القاهرة ان شراء فانوس رمضان يعتبر جزءا
من تقاليد قدوم شهر الصوم.
وأضافت أم مصطفى متحدثة عن فانوس رمضان انه "فرحة رمضان والبهجة
بالنسبة للكبار والصغار."
وقد يمثل شراء رمضان عبئا اقتصاديا على كثير من الاسر التي تشتري
الزينات ومنها الفانوس بالاضافة الى اعداد مادب الافطار والسحور للاهل
والاصدقاء.
ويقول حلمي لطفي وهو صاحب متجر ان ارتفاع تكاليف الاحتفال برمضان
للاسرة المصرية قد يكون سببا في رواج الفوانيس الصينية الرخيصة.
وقال حلمي إن تكاليف الشهر تكون باهظة جدا وترهق ميزانيته.
ويتراوح ثمن الفانوس صيني الصنع بين 20 و40 جنيها مصريا (بين 3.5
دولار وسبعة دولارات) بينما يصل ثمن بعض الفوانيس المصرية يدوية الصنع
الى ألف جنيه مصري (نحو 170 دولارا).
وبينما اتاح تحرير الاقتصاد المصري في الاونة الاخيرة مزيدا من
الخيارات للمستهلك الا أن رخص ثمن فوانيس رمضان المستوردة قد تكون
تكلفته باهظة على صناعة تقليدية عريقة. |