جو البهجة الرمضاني يغيب عن غزة هذا العام

 

لن يحمل شهر رمضان الكثير من البهجة والاجواء الاحتفالية المعهودة في شهر الصيام بقطاع غزة هذا العام.

في الاعوام السابقة كان الصغار يلعبون ويمرحون ويتناولون الايس كريم (البوظة) بعد يوم من الصوم والعبادة. وكانت المتاجر تمتليء بالتمر والحلوى والاطعمة المعتادة في هذا الشهر.

أما الان فقد أصبحت مظاهر الرفاهية هذه ذكرى بعيدة بالنسبة لمعظم فلسطينيي غزة. ولم تعد المتاجر تعرض فوانيس رمضان ذات الالوان الزاهية لعلمها أن أحدا لم يعد يتحمل تكلفة شراء مثل هذه الكماليات.

وفاقم قطع المساعدات الغربية بعد أن تولت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) رئاسة الحكومة الفلسطينية في انتخابات يناير كانون الثاني من المعاناة الاقتصادية بين سكان القطاع البالغ عددهم 1.4 مليون نسمة والمتضررين بالفعل من جراء ستة أعوام من الاقتتال مع اسرائيل.

وسيتيح شهر رمضان وقتا للتأمل في الاوضاع بغزة حيث أصبحت المواجهة مع اسرائيل بالنسبة لكثير من الاطفال ايذانا بانتقالهم الى مرحلة الشباب.

كان ناصر الريزي في السادسة عشرة من عمره ويحدوه الامل في أن يصبح مدرسا للتربية الرياضية حين بدأت الانتفاضة الفلسطينية عام 2000.

انضم الى حشد يرشق القوات الاسرائيلية التي كانت تحرس مستوطنة يهودية بالحجارة فأصيب بعيار ناري في ظهره ولم يعد يستطيع الحركة.

لكن الريزي يقول انه غير نادم.

قال الريزي الذي عاد لاستكمال دراسته الثانوية ويريد أن يصبح مدرسا للعلوم "حتى اليوم أتمنى أن أشفى... أتمنى أو أحلم.. سمه كما تشاء.. حتى أعود لاواجه القوات الاسرائيلية وأموت شهيدا."

ومضى الريزي يقول ان مشاهد العنف لها جاذبية ساحرة لدى شبان غزة التي تفتقر للاماكن الترفيهية.

وأضاف الشاب المقعد "حين تكون هناك غارة اسرائيلية أو حين يقتل شخص ما يصبح الوضع مروعا ويجد الاطفال المفترض أنهم يدرسون أو يلعبون أنفسهم وجها لوجه مع الجنود الاسرائيليين."

وكانت الجنود والمستوطنون الاسرائيليون قد انسحبوا من قطاع غزة عام 2005 بعد حكم عسكري دام 38 عاما لكن الجيش بدأ عمليات عسكرية برية في يونيو حزيران بعد أن خطف نشطاء فلسطينيون جنديا اسرائيليا في غارة عبر الحدود.

وقتل 210 فلسطينيين على الاقل نحو نصفهم من المدنيين خلال هذه العمليات التي تقول اسرائيل انها ترمي ايضا الى وقف اطلاق الصواريخ التي يوجهها النشطاء اليها. وقال حمدي شقورة من المركز الفلسطيني لحقوق الانسان ان بين القتلى 50 طفلا.

وقال محمد عضو كتائب شهداء الاقصى المرتبطة بحركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أتمنى من قلبي أن أستشهد في رمضان... حتى ألقى الله شهيدا."

وكان محمد في الخامسة عشرة من عمره ويشارك في رشق القوات الاسرائيلية بالحجارة حين بدأت الانتفاضة وقد أصبح الان المقاتل الذي طالما حلم أن يكونه.

وقال لرويترز ممسكا ببندقية كلاشنيكوف "كنت أنظر الى الشبان الملثمين المسلحين وامل أن أنضم اليهم ذات يوم."

وتقول جماعات ناشطة انها لا تشجع الفتية الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة على المشاركة في الهجمات المسلحة ضد اسرائيل.

لكن بعض صغار السن نفذوا تفجيرات انتحارية وتقول اسرائيل ان النشطاء يستغلون الاطفال في تهريب المتفجرات عبر نقاط التفتيش وفي مراقبة تحركات القوات.

كان محمد فرحات الناشط بحركة حماس في السابعة عشرة من عمره حين هاجم مستوطنة عتصمونة بجنوب قطاع غزة. وقتل خمسة اسرائيليين قبل أن يردى قتيلا بالرصاص وأصبح رمزا للبطولة بالنسبة لاطفال كثيرين في غزة.

ويقول علماء نفسيون فلسطينيون ان مشاهد العنف الاسرائيلي التي تعرضها الشبكات التلفزيونية العربية حفزت الاطفال في غزة على خوض غمار في القتال.

وتقول اسرائيل ان النصوص المناهضة لها والتي تدرس منذ زمن بعيد في المدارس الفلسطينية تذكي مشاعر الكراهية.

في عام 2002 قتل خمسة صبية فلسطينيين كان بعضهم يحمل سكاكين صغيرة والبعض الاخر أعزل حين اقتربوا من مستوطنة يهودية في قطاع غزة.

وترك بعضهم لاسرهم رسائل قالوا فيها انهم يريدون "الاستشهاد" ثأرا لمقتل فلسطينيين في المواجهات بين الجنود الاسرائيليين والنشطاء في مدينة جنين بالضفة الغربية في ذلك العام.

وأصبح الصبي الفلسطيني محمد الدرة الذي لاقى حتفه اثر اطلاق نيران قرب مستوطنة نتساريم السابقة في ظروف مثيرة للجدل رمزا للمقاومة بالنسبة للكثيرين من فتيان غزة.  

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس  28/ايلول /2006 -4/رمضان /1427

© جميع الحقوق محفوظة 

[email protected]