مواكبةً لعصر السرعة والوجبات الجاهزة والثقافة المعلبة والمعلومات
السريعة الهضم، حتى لا يحصل للقراء الأعزاء عسر هضم ثقافي أو ثقل
معلومات عقلي، لا بد من تعليب الأفكار وعرضها بأقصى سرعة ممكنة نظراً
لأهمية الوقت عند شعوبنا، فلا مجال للتفكير لدينا.
وبما أنه تعتبر البدانة من الأمراض الأكثر شيوعاً وأهمية في كل
المجتمعات المعاصرة، ويرجع ذلك لارتفاع نسبتها بشكل مستمر في كل
البلدان وخاصة المتقدمة منها، وحسب الإحصاءات الجديدة التي أعلنتها
منظمة الصحة العالمية في آخر مؤتمر أوروبي عُقد مؤخراً حول هذا المرض،
يظهر أن أكثر من بليون شخص في العالم يعانون من الوزن الزائد وأن (300)
مليون شخص يعانون من البدانة.
وفي المجتمعات العربية لا يقل نصيبها من البدانة، إذ حصلت فيها
تطورات كثيرة على مختلف الأصعدة الثقافية والاجتماعية والعلمية أدت إلى
تبدل سريع في العادات الغذائية والى دخول أنواع كثيرة من الغذاء الغربي
إلى مطبخنا وإلى تغيرات كثيرة في الأنماط الحياتية عندنا، مما أدى إلى
زيادة أساليب الراحة وانخفاض مجهودنا العضلي اليومي، وهذا ما ساهم بشكل
كبير وسريع في انتشار السمنة في المجتمعات العربية والإسلامية أيضاً.
ولقد أثبتت دراسات كثيرة أن المصابين بالسمنة يتعرضون لمشاكل صحية
متنوعة، وأنه يوجد علاقة وطيدة بين البدانة والإصابة بارتفاع الضغط
الشرياني، فضلاً عن ارتفاع مستوى الدهنيات، والإصابة بمرض السكري
والإصابة بأمراض القلب والشرايين وأمراض الجهاز التنفسي وأمراض أخرى
متعددة، والبدينون بشكل عام قليلو الحركة بسبب وزنهم الزائد، وكل هذه
العوامل تؤدي عندهم إلى زيادة نسبة الإصابة بأمراض القلب والشرايين.
في المقابل أثبتت دراسات كثيرة أن خسارة (10%) من الوزن الزائد تقلل
بشكل كبير من خطر الإصابة بارتفاع الضغط الشرياني وأمراض القلب
والشرايين ومرض السكري، وتؤدي إلى تحسن كبير في الحياة اليومية للبدين
والى زيادة حركته.
ويكمن العنصر الأساسي في عملية تخفيض الوزن في اعتماد نظام غذائي
فقير بالسعرات الحرارية وبالدهنيات، فضلاً عن ممارسة أنشطة بدنية
منتظمة ومدروسة تتناسب مع وضع المريض الصحي وحالته الجسدية، ويوجد
حالياً كما عليه المختصين بالبدانة أدوية متعددة تساعد في عملية إنقاص
الوزن، منها ما يعمل على منع امتصاص الدهنيات بواسطة الأمعاء وينمي
قدرة المريض على مراقبة وضبط كمية الدهنيات التي يستهلكها، ومنها ما
يؤثر على مركز الشهية في الدماغ التي تخف مع تناول بعض هذه الأدوية أو
قد يكون التأثير معاكساً بحيث يزيد عند المريض (الإحساس بالشبع بعد
الأكل) مع تناول أنواع أخرى من هذه الأدوية، وفي جميع الأحوال على
المريض استشارة الطبيب بشكل دقيق قبل تناول أي نوع من هذه الأدوية بسبب
إمكانية تعرّضه لآثار جانبية خطيرة جداً عند تناولها بشكل عشوائي.
تجدر الإشارة إلى أن تخفيف الوزن تحت العلاج يجب أن يكون تدريجياً
وبطيئاً وليس سريعاً، لأن تخفيف الوزن العشوائي يؤذي العضلات، هذا ما
يعتبر علاجاً خاطئاً وخطيراً ومن الممكن أن يولد مضاعفات سلبية على
الجسم ويؤدي إلى ارتفاع سريع بالوزن من جديد بعد التوقف عن تناول
الدواء.
ولكن هناك علاج آمن جداً وبلا مضاعفات سلبية أبداً وهي حكمة إلهية
لا تفيد في تخفيف الوزن وعلاج البدانة فحسب بل تفيد في علاج أغلب
الأمراض الجسمية وخصوصاً المتعلقة بالمعدة والهضم، إضافة إلى علاج
الأمراض النفسية التي هي أساس كل مرض فهو عبادة وراحة فكر وصفاء نفسي
وشعور دافئ وإحساس رهيف بالحياة السعيدة وبالرغم من ذلك فهو دورة
تدريبية لأغلب الكمالات الروحية والنفسية والعقلية والإنسانية وأيضاً
مدة كافية لتحديد نظام غذائي ثابت وصحي من كل الجوانب من حيث الكمية
والكيفية فثلاثون يوماً يكفي العاقل الذكي أن يغير حياته وعاداته
السيئة كالتدخين وأدوات الإدمان والأكل الكثير وسوء خلقه وسرعة غضبه.
اللهم أعنا على صيامه وقيامه في لياليه وأيامه. |