إن لشهر رمضان نكهة خاصة وطابع مميّز، لأنه شهر
يؤثر في حياتنا ويحوّرها، لا يدانيه في ذلك أي شهر آخر، فهو إنتفاضة
روحية عامة، وتوحيد للشعور المادي بين المسلمين، وتأهيب سنوي لكافة
الفئات والعناصر، والمتناقضة حول كثير من المسائل والحقائق. فهو شهر
التربية والرياضة العملية، ومصحّ لمعالجة الغرائز والضمائر والأرواح.
فالإسلام الذي يحرّم وجبات الطعام الرتيبة
المعتادة، طوال هذا الشهر، ويأمر جميع الناس بأن يغضّوا الطرف عن
اقتراف النظرة الأثيمة، وكبح المشاعر عن اقتحام المغريات، وأن يفطموا
شهواتهم، ولا يستجيبوا للنزوات المشروعة وغير المشروعة سواء....
إنما كان يهدف من جميع ذلك تكوين الوازع الخلقي،
والزواجر الأدبية للأفراد، ليخفق في قلوبهم الشعور برضا الخالق،
والتطلع إلى النعيم، كيما يجتهدوا لتطهير أنفسهم من السخائم، واستدرار
العطف والمكرمات فيها، وحتى لا يغفلوا عن مداركة أرواحهم، بمنحها بعض
الحقوق المفروضة لها..
فشهر رمضان مدرسة الروح والفكر والضمير، ودورة
تكميلية للنواقص البشرية، وحملة تطهيرية لتصفية الرواسب التي تتكلّس في
قرارات الإنسان، خلال أحد عشر شهراً.
وعن النبي (ص) هو شهر الصبر.....وشهر المواساة.....أوله
رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار. |