علــى مائــدة أهـــل البـيت

بقلم: الشيخ علي حسن غلوم

 فخذُ جرادة .. فقط!

سئل اشعب عن صفات المرأة التي يرغب في الزواج منها فقال: «ابغوني امرأة أتجشأ في وجهها فتشبع، وتأكل فخذ جرادة فتتخم»!

البخل بحد ذاته صفة ذميمة، وقد ذم الله تعالى البخيل الآمر بالبخل في قوله عز وجل «... إن الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً» النساء:37، وكأن الآية القرآنية تشير الى ان البخل والامر به وكتمان النعمة والتوسعة الالهية، على العبد من الصفات التي لا تتناسب مع شخصية الانسان المسلم، وهي اقرب الى سلوك الانسان الكافر، او انها تعبير عن الكفر بنعم الله سبحانه وعدم شكرها، ولذا عبرت الآية بـ (واعتدنا للكافرين) بينما خطاب الآيات في البداية للمسلمين (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً...) النساء: 36.

واذا كان البخل في حدود تعامل الفرد مع نفسه، اي أن يبخل على نفسه، فهذا شأنه، فهو الذي سيذوق عذاب الحرمان في الدنيا وغضب الله في الآخرة، وقد ورد في الحديث النبوي الشريف «اقل الناس راحة البخيل» وعنه صلى الله عليه وآله وسلم «حرمت الجنة على المنان والبخيل والقتات»، فالبخل يتضمن حالة من سوء الظن بالله عز وجل كما قال الصادق عليه السلام «حسب البخيل من بخله، سوء الظن بربه»، ولذا كان يتعجب «ان كان الخلف من الله عز وجل حقاً، فالبخل لماذا؟». ولكن اذا كان بخل الفرد على من يعول، كالزوجة والابناء، فالقبح يكون مضاعفا، لان التأثير السلبي لن يكون مقصورا على الفرد نفسه بل يتعداه الى الآخرين، ويؤثر سلبا في كرامتهم ونظرتهم الى الحياة وتعاملهم مع الاخرين وباحساسهم بالحاجة المستمرة، وقلة قدرهم بالقياس الى الآخرين، بل وقد يدفع بعض الابناء للكذب او السرقة او خيانة الامانة، وما الى ذلك من الرذائل، ولذا قال امير المؤمنين عليه السلام «البخل جامع لمساوئ العيوب، وهو زمام يقاد به الى كل سوء» وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم «إياكم والشح فإنما هلك من كان قبلكم بالشح، امرهم بالكذب، فكذبوا، وامرهم بالظلم فظلموا، وامرهم بالقطيعة فقطعوا».

ولذا، نرى النصوص الشريفة تحث رب الاسرة على التوسعة على العيال، وتعتبر ذلك نوعاً من العبادة، وتعده بالعطاء الالهي الجزيل في الدنيا والآخرة، فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم «ان من خيررجالكم التقي النقي السمح الكفين النقي الطرفين البر بوالديه ولا يلجئ عياله الى غيره» وفي شرح العبارة الاخيرة قال العلامة المجلسي رحمه الله «اي لم يضطرهم لعدم الانفاق عليهم ـ مع القدرة عليه ـ الى السؤال من غيره». وعن الامام الرضا عليه السلام «صاحب النعمة يجب ان يوسع على عياله»، وعن الامام جعفر الصادق عليه السلام «من صدق لسانه زكا عمله، ومن حسنت نيته زيد في رزقه، ومن حسن بره بأهل بيته مد في عمره» وعنه عليه السلام «... وان ارضاكم عند الله اسبغكم على عياله».

يقول الفضل بن ابي قرة: رأيت ابا عبدالله عليه السلام يطوف من اول الليل الى الصباح وهو يقول: اللهم قني شح نفسي. فقلت: جعلت فداك ما سمعتك تدعو بغير هذا الدعاء. قال: واي شيء اشد من شح النفس؟ ان الله يقول «ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون».

رسالة الحقوق ـ القسم الثاني

حق الله:

فأما حق الله الاكبر، فإنك تعبده لا تشرك به شيئاً، فإذا فعلت ذلك بإخلاص جعل لك على نفسه ان يكفيك امر الدنيا والآخرة، ويحفظ لك ما تحب منها. واما حق نفسك عليك فأن تستوفيها في طاعة الله، فتؤدي الى لسانك حقه والى سمعك حقه، والى بصرك حقه، والى يدك حقها، والى رجلك حقها، والى بطنك حقه، والى فرجك حقه وتستعين بالله على ذلك.