أَمَّتْكَ أَشْرِعَةُ الآمالِ تبتَهِلُ
|
|
يا مُزْنَةَ الجودِ مِنكَ الجودُ ينهَمِلُ
|
مِن وَجْنَتَيْكَ يُوَشِّي الوردُ وجنَتَهُ
|
|
وطَرْفُهُ مِنكَ يا سِحْرَ الهوى خَجِلُ
|
ومن رحيقِكَ رَوَّى البحرُ ساحِلَهُ
|
|
وعبَّ منكَ رِضاباً رَيُّهُ عَسَلُ
|
ومَعْ هديرِكَ صلَّتْ كُلُّ جارِحَةٍ
|
|
وطافَتِ الكونَ من أنغامِها رُسُلُ
|
وتِبْرُ شَمسِكَ قد ساحَت ذوائِبُهُ
|
|
وفي فضائِكَ راح الظِلُ يغتَسِلُ
|
وفي صفائِكَ صبَّ الغيثُ لؤلُؤهُ
|
|
ماهذه صَوبُ مُزْنٍ..إنها قُبَلُ
|
وفي سمائِكَ حفَّ البدرَ سامِرُهُ
|
|
ماهذه نُجْمُ تَمٍّ .. إنها مُقَلُ
|
وفي عُبابِكَ قد هامَتْ سفائِنُنا
|
|
أنت المنارُ وأنتَ الجَمْرُ والشُعَلُ
|
وما أتتكَ بمِرساةٍ مراكِبُنا
|
|
لكنها أكؤسَ الأرواحِ تنتَهِلُ
|
|
*****
|
|
يازَمزَمَ الحِلمِ يا فجراً لرافِدِهِ
|
|
من مِروَدَيكَ تزَيّبى الليلُ يكتَحِلُ
|
يا بَهجَةَ الحُورِ يا بِكرَ الرسالةِ يا
|
|
ريحانَةَ القُدسِ منكَ الطُهْرُ ينسَدِلُ
|
يا سِدْرَةَ الخُلدِ يا أحلى مغارِسِها
|
|
أنت الكُرومُ وأنتَ الوَرْدُ والأُكُلُ
|
يا حُمْرَةَ الشمسِ من طور الهوى بزغت
|
|
ماشَفَّكَ الأفقُ إلا رانَهُ الخجَلُ
|
يا دَفْقَةَ النورِ من قلبِ السما انبَجَسَتْ
|
|
يطوفُ شوقاً عليكَ الوجدُ والأملُ
|
يا عِشقَ أحمدَ يا رَيحانةً عبَقَت
|
|
على النسيمِ فحيَّاها النَدَى الهَطِلُ
|
يا غُصنَ "هارونَ" يا توراتُهُ انبَعَثَتْ
|
|
من الخُلُودِ مَعِيْناً نبعُهُ الأَزَلُ
|
يا دِيمَةَ الشوقِ في أحضانِ فاطِمَةٍ
|
|
قد عبَّكَ البوحُ رَيَّاً جَدْبُهُ بلَلُ
|
يا رايَةَ اللهِ في فِردَوسِهِ سَمَقَتْ
|
|
على خمائِلِ مسراكَ انحنى زُحَلُ
|
ياشُبَّرَ الوحيِ أنت الحُسنُ معبَدُهُ
|
|
وغيرُ حُسنِكَ في واحاتِهِ طَلَلُ
|
|
*****
|
|
يا مَوْرِدَ النورِ قد هامَت قوافِلُنا
|
|
تُقَلِّبُ الأُفْقَ قد شَطَّتْ بها السُبُلُ
|
تُسائِلُ الرَكْبَ عن بيتٍ تلوحُ بِهِ
|
|
كِنَانَةُ العِشْقِ منها يُورِقُ الغِزَلُ
|
عنِ الضِراحِ الذي غارَت قوائِمُهُ
|
|
في كوثَرِ المَجْدِ جذْراً نبْتُهُ الحَمَلُ
|
عنِ الأديمِ الذي رَوَّت مسارِبَهُ
|
|
سكائِبُ الوَحْيِّ مذ جاءَتهُ تبتَهِلُ
|
عن بيتِ فاطِمَ عن مِحرابِ حيدَرَةٍ
|
|
عن بُرْدِ أحمَدَ فيهِ الكونُ يشتَمِلُ
|
عن الدماءِ التي شَجَّت محاجِرَها
|
|
حَصَا ثَقِيْفٍ فما أَحْنَى لها الجَبَلُ
|
عن سَجْدَةِ النورِ في مِحرابِها قَهَرَتْ
|
|
سَلَى الجَزورِ وأَهْوَى عِنْدَها هُبَلُ
|
عن سَوْرَةِ الجوعِ لمَّا عانَقَت حَجَراً
|
|
فالصَخْرُ من جُوعِهِ، من قُدْسِهِ، ثَمِلُ
|
عن حُمرَةِ السيفِ قد صاغَت صحائِفَها
|
|
على الجِباهِ
حروفاً خَطَّهَا البَطَلُ
|
عنِ الجراحِ التي نَزَّتْ مَنَابِعُها
|
|
ونَازِحُ الدَلْوِ في أحداقِها أَجَلُ
|
عنِ الصُدورِ التي رِيْعَ الشَهيقُ بها
|
|
وخاصِفُ النَعْلِ في أضلاعِها أَسَلُ
|
عن فُرْشِ لَعْياءَ عن أسْمَالِ فاطِمَةٍ
|
|
وعن رَحَى الشَمسِ حنَّى كَفَّها المَجَلُ
|
عن الكِساءِ الذي لُفَّ الخُلودُ بِهِ
|
|
وفي سَنى العرشِ من أفيائِهِ ظُلَلُ
|
عن خُمْرِ زَيْنَبَ عن مَهْدِ الحُسَينِ وعن
|
|
قيثارَةِ الحِلْمِ يَهْمِي لَحنُها الوَبِلُ
|
عن نَفْثَةِ الجودِ قد فاحَ الأثيرُ بها
|
|
فَهَامَ نَغْماً الى الفِردَوسِ يرتَحِلُ
|
نادَتْكَ كُلُّ شِفاهِ الكونِ باسِمَةً:
|
|
في ليلةِ النِصْفِ مِنْكَ البَدرُ يكتَمِلُ
|
|
*****
|
|
ياكَعبَةَ المَجْدِ يا مِحرابَ رحلَتِهِ
|
|
قد أتعبَ الرَكْبَ سيرٌ مابِهِ نُزُلُ
|
ياثَورَةَ الصُلْحِ ياسَيْفَ الحُسينِ ويا
|
|
صدى الفُتُوحِ مدى الأزمانِ ينتَقِلُ
|
أنتَ الصلاةُ التي غنَّى الإِبَاءُ بها
|
|
ومن صَدَاها صلاةُ الطَفِّ تنتَفِلُ
|
أنتَ اليقينُ الذي ماهَزَّ راسِيَهُ
|
|
مُلكٌ عقيمٌ ولا دَهرٌ به حَوَلُ
|
أنتَ الحياةُ التي شَعَّ الخُلودُ بها
|
|
و سَرمَدُ النورِ لا يُودِي بِهِ الثَكَلُ
|
أنت الشُموخُ الذي ماطَالَ أَخْمُصَهُ
|
|
قَصْرٌ مَشِيْدٌ ولا تَاجٌ ولا كُلَلُ
|
أنتَ المَعِيْنُ الذي مَارَدَّ سائِلَهُ
|
|
حتى السِهَامَ التي جاءَتْهُ تَقْتَتِلُ
|
ما يَعبَأُ الدُرُّ بالأحجارِ لو لَمَعَت
|
|
وَطَلْعَةُ الفَجْرِ لا يَغتالُها الدَجَلُ
|
قد يَكْمُنُ النسرُ في الآكامِ مُرْتَقِبَاً
|
|
ومن مآقِيهِ قَدْحُ الشَمسِ يشتَعِلُ
|
قد يربِضُ الليثُ أو يُخْفِيْ مخَالِبَهُ
|
|
ويَمْلأُ الرِيحَ من أنفاسِهِ وَجَلُ
|
|
*****
|
|
ساهَمتُكَ العِشقَ حتى عاد مُنتَشياً
|
|
ونبضُ عِشْقِكَ في شِرْيانِهِ بَدَلُ
|
ومُذ جَرَيتَ مَعيناً فوقَ قافيتي
|
|
على غَديرِكَ نُسْرُ الشِعرِ قد نزَلوا
|
يا جَدوَل الحُبِّ هَبْ لي منك ساقيِةً
|
|
يَعُبُّ منها الرجاءُ الصَبُّ والأمَلُ
|
ورُشَّ وَجْهِي بماءِ الجودِ مُبْتَدِءاً
|
|
خوفاً على ماءِ وَجْهٍ لِلَذي يَسَلُ
|
وقُل لروحِي إذ جاءتكَ وارِدَةً:
|
|
نَوالُنا لَكُمُ يا شيعَتي خَضِلُ
|