توجيهات الآباء... في صيام الأبناء

 

رمضان هو أنسب الشهور لتدريب أبنك على قهر حاجات جسده... بالإضافة إلى زيادة قدرته على تحمل المسؤولية.

وقد ثبت أن شهر رمضان من أفضل الأوقات لتدريب الأطفال على أداء التكاليف الدينية في سن مبكرة. وهذا ما يؤكده سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي (دام ظله) حين يخاطب الجيل الجديد في مستهل البيان الصادر عن السيد بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك (1423هـ) حيث يقول: (التركيز على توعية الشباب – بنين وبنات – في بعد العقيدة الإسلامية (التوحيد والعدل والنبوة والإمامة والمعاد) ودفع شبهاتهم وإزالة شكوكهم (بالحكمة والموعظة الحسنة) والرفق واللين فإن العقيدة الصحيحة أساس لكل خير ونعمة).

وقد دلت الدراسات والأبحاث على مجموعة الأطفال الذين يصومون شهر رمضان أن نموهم النفسي والبدني أحسن بكثير من غيرهم، وأنهم أكثر قدرة على تحمل المسؤولية وتعد السن (العاشرة) أنسب سنة لصيام الابناء، فهم يمكنهم الصيام عند هذا السن وصيامهم لن يشعرهم بأي متاعب صحية، وثمة طريقتان لصيام الطفل:

الطريقة الأولى: تعتمد على تأخير تناول الطفل لوجبة أفطاره العادية، فبدلاً من تناولها الساعة السابعة صباحاً كما هي العادة، نؤخرها حتى الساعة الثانية عشر ظهراً، ثم يصوم الطفل بعدها حتى يفطر مع أسرته عند آذان المغرب (أي يكون قد صام 5 ساعات) وذلك لأيام عدة وفي الأيام التالية نؤخر وجبة الأفطار إلى الحادية عشر صباحاً، ثم العاشرة ثم التاسعة.. وهكذا.

الطريقة الثانية:

تكون بأن يصوم الطفل ابتداء من تناوله لوجبة السحور مع أسرته، ثم يفطر عند آذان الظهر (أي يكون قد صام 7 ساعات) لمدة عشرة أيام، ثم نزيد فترة الصيام إلى 10 ساعات لمدة عشرة أيام. ثم يصوم الطفل الأيام العشرة الأخيرة مثل أفراد أسرته، وبذلك يستطيع الطفل صيام يوم رمضان كاملاً، وعندما يقبل رمضان التالي يكون قادراً بإذن الله على صيامه كاملاً.

ولا بد من الإشارة هنا إلى بعض الملاحظات الواجب على الأمهات مراعاتها في كيفية مراقبة صيام الأطفال وهي:

أولاً: يجب على الأم مراقبة طفلها أثناء صومه، فإذا شعرت بإرهاقه الواضح أو مرضه وعدم تحمله الصيام، فيجب عليها أن تسارع بأفطاره، ويذكر أن هناك بعض الأمراض تمنع الطفل من الصيام وخاصة أمراض الكلى لاحتياج الطفل الدائم للسوائل، وكذلك أمراض السكر والسل والانيميا وقرحة المعدة وغيرها من الأمراض التي يشير بها الطبيب.

ثانياً: يراعى التدرج في صيام الطفل، فكلما تدرج الطفل في عدد ساعات الصوم يوماً بعد يوم، وعاماً بعد عام، نتج عن ذلك توازن في الجسم للتغييرات في حالة صحية سليمة ودون تعب أو مشقة وفي إيمان وخشوع.

ثالثاً: يجب أن لا تخاف الأم على طفلها من الصيام بدعوى أنه ما زال صغيراً، لأنها سوف تفاجأ بطفلها مقبلاً على الصيام بحماسة شديدة، تشبهاً بوالديه وأخوته الكبار، ولما يحويه الشهر الكريم من عادات وتقاليد محببة وبخاصة اجتماع العائلة حول مائدة الأفطار والسحور، ناهيك عن التقاليد الشعبية التي يتميز بها شهر رمضان في كل بلد من بلادنا الإسلامية.

رابعاً: يجب أن نعجّل بوجبة الأفطار بتناول بعض الرطب أو التمر أو عصير الفاكهة أو الماء المحلى بكميات قليلة وبتمهل اقتداء بالرسول الأعظم (ص)، حيث كان رسول الله يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن فعلى تمرات، فإن لم تكن فعلى حسوات ماء. كما يجب أن ألا يعجل الطفل بشرب الماء المثلج مباشرة ساعة الأفطار لأن ذلك يربك الجهاز الهضمي ويعطل الهضم، ويفضل تناول السوائل الدافئة (مثل الشوربة) كبداية فهي تنبه المعدة.

خامساً: يجب أن يكون غذاء الأفطار متوازناً وأن يحصل الطفل على السعرات الحرارية اللازمة له وينصح باحتواء وجبة الأفطار على البروتينات التي تساعد على بناء الأنسجة الجديدة ويعوض ما ينهدم منها إلى جانب الخضراوات والفاكهة والنشويات وقليل جداً من الدهون.

سادساً: يراعى تأخير وجبة السحور بقدر الإمكان اقتداء بالنبي (ص) الذي قال (لا تزال أمتي بخير ما أخروا السحور وعجّلوا الفطور) ويجب أن تكون دسمة ومشبّعة، وأن تحتوي على البروتينات والسكريات والدهون، وهنا ينصح بتناول الألبان لاحتوائها على نسبة عالية من البروتينات والدهون والسوائل والتي تؤمن للطفل احتياجاته من السوائل، وهي غذاء كامل وتغطي فترة كبيرة من فترات الصيام.

سابعاً: يراعى أن تخلو وجبة السحور من المخللات والمواد الحريفة لأنها تسبب العطش في اليوم التالي، ويفضل تناول كميات قليلة ومتكررة من السوائل وبخاصة عصائر الفاكهة مع الماء لتعويض الحرمان منها طول اليوم، وأن كان لا بد من تناول حلويات رمضان والتي يجب تناولها بعد الأفطار وليس في السحور حتى لا تسبب العطش للطفل في يوم الصيام.

ثامناً: يجب الحد من المجهود البدني الذي يبذله الطفل في فترة الصيام، أما المجهود الذهني فمسموح به، ولذلك فالاستذكار والدراسة غير مجهدة، ويمكن للأطفال المذاكرة والتحصيل خاصة وقت ما قبل الأفطار.

تاسعاً: وأخيراً يجب على الأم الحرص على إيقاظ طفلها وقت السحور، وتعويده على رؤية أفراد الأسرة وهم يمارسون هذا السلوك الديني العظيم، حتى يصبح ملماً بالأصول الدينية المعمول بها في هذا الشهر الكريم، كما يجب عليها أيضاً أن تنتهز فرصة شهر رمضان لإلزام طفلها بالصلاة في أوقاتها إلى جانب الصيام، وقراءة القرآن الكريم ويجب أن لا تنسى أن تعلمه معاني الصوم السامية لترسخ في نفسه أسس الرحمة والعطف على الضعيف والفقير، كما قال سماحة السيد صادق الحسيني الشيرازي حين أكد تلك المعاني عبر البيان الصادر عن سماحته حيث يقول: (في الحديث الشريف عن الإمام أبي محمد العسكري (ع): (فرض الله تعالى الصوم ليجد الغني مسّ الجوع ليحنو على الفقير) حيث أن هذا الشهر المبارك يلّطف المشاعر والأحاسيس، بما جعل فيه من البرامج – وخاصة الصيام – التي تجعل الإنسان يشعر بآلام الفقر ويعيش – ولو بنسبة – مآسي المحرومين، ينبغي للمؤمنين الكرام الاهتمام أكثر من ذي قبل بالفقراء والمحرومين في كل بلاد العالم، وخاصة بلدهم، فقد استشرى الحرمان والفقر في كثير من البلدان من جراء المناهج الوضعية الناقصة، والابتعاد عن أحكام الله تعالى الكاملة والمستوعبة ويكون ذلك خطوة في سبيل تقليص هذه المعاناة المؤلمة، وما أجمل بالمؤمنين أن يجعلوا نسبة مئوية مما يتفضل الله تعالى به عليهم للفقراء والمساكين فقد قال أمير المؤمنين (ع) (الله الله في الفقراء والمساكين فشاركوهم في معيشتكم).