شهر رمضان في تركيا نشاطات تعطي الحياة نكهة إسلامية واضحة

 

لشهر رمضان المبارك وقعه الخاص على الحياة في المجتمع التركي خصوصاً وان الدولة التركية علمانية متشددة في محاولة فصل الدين عن الدولة ونسبة (99%) من الشعب التركي هم مسلمون. وفي شهر الصيام تتلون الحياة بمسحة دينية تظهر واضحة في وسائل الإعلام وبين السياسيين ومن النشاطات التجارية وحتى الفعاليات الدينية.

يزداد الإقبال على الجوامع للصلاة وحضور الدروس الدينية ومن لا يصلي عادة يحرص طوال الشهر المبارك على أداء الصلوات الخمس وبعض آخر يقوم بصلاة الجمعة والتراويح خصوصاً.

وتشهد الجوامع إقبالاً أكثر من المعتاد على الدروس الدينية التي يلقيها الوعاظ الذين ترسلهم مديرية الديانة من ضمن برنامجها الخاص بشهر رمضان والمتضمن درساً كل يوم بالإضافة إلى قراءة جزء من القرآن الكريم بحيث يتم ختمه في اليوم الأخير للصيام. وإذا كان النساء لا يذهبن عادة للصلاة في الجوامع فرمضان مناسبة مميزة ومختلفة فيتوجهن بعد الإفطار لأداء صلاة التراويح.

المسحر لا يزال محافظاً على دوره ويقوم بإيقاظ الناس باكراً على صوت طبلته معلناً عن بدء يوم رمضاني جديد وفي الماضي كان ينشد الأناشيد لكنه الآن يقتصر على قرع طبلته المميز وهو يلف أحياء المدينة. بعد السحور يتوجه كثيرون للجوامع لأداء الصلاة وقراءة القرآن، وبعدها الذهاب للعمل. ولا تتغير مواعيد دوام الموظفين في رمضان، كما يحصل في بعض الدول العربية والإسلامية وكانت حكومة نجم الدين أربكان، زعيم حزب الرفاه الإسلامي المحلول، قد طرحت الأمر في الماضي إلا أنه لم يطبق.. قبل بدء شهر رمضان تستعد المحلات التجارية وتعرض مواد الطعام التي يزداد استهلاكها خلال الشهر الكريم ومن أهمها التمور بأنواعها إذ يقبل الأتراك على شرائها ويفطرون عليها تيمنا بالرسول  والصحابة بالإضافة إلى التين المجفف وأنواع المكسرات والجوز وما يلزم لتحضير الحلويات من البقلاوة إلى القطايف والكلاج، وغيره من الحلويات التي تصنع في البيت أما محلات بيع الحلويات فترتفع نسبة مبيعاتها بشكل كبير. يهتم الأتراك بمائدة الإفطار فيعدون الأطباق المنوعة والحلويات مما يزيد من الاستهلاك والنفقات. ورغم بقاء المطاعم مفتوحة بشكل عام فإن قليلاً منها يغلق من تلقاء نفسه ويضع لافتة على الباب تعلن عن ذلك احتراماً للشهر الكريم.

الحساسية الدينية تظهر بشكل واضح في الصحافة ووسائل الإعلام عامة فالجرائد تكتب عن معاني رمضان وبعضها يوزع القرآن الكريم كهدية لمن يشتري الجريدة طوال الشهر وفي التلفزيونات والإذاعات تتم تلاوة القرآن والإعلان عند ساعة الإفطار بأذان المغرب وبعضها يقدم دروساً دينية خلال النهار أو في المساء كما تبث الأناشيد والأفلام عن حياة شخصيات إسلامية أما المحطات الإسلامية فتزيد من ساعات بث البرامج الدينية وتلاوة القرآن ودروس التفسير والوعظ والأناشيد الدينية، كما ترتفع نسبة مبيعات المنشورات الدينية وينظم معرض خاص للكتب والمطبوعات من القرآن الكريم إلى كتب التفسير والحديث والتاريخ والفلسفة الإسلامية، وعلى  الصعيد السياسي تقيم بعض الأحزاب مآدب الإفطار للفقراء ويتحدثون عن الشهر المبارك ويتجنبون الكلام عن الحجاب والمحجبات.

ومع اقتراب ساعة الإفطار تبدو الطرقات تعج بحركة سريعة فالكل مستعجل للوصول إلى منازلهم في الوقت المناسب ومن لا يستطيع مغادرة مكان عمله يتناول طعامه الذي أحضره من المنزل. ومن الأعراف الاجتماعية السائدة أن يدعو الناس بعضهم البعض إلى تناول الإفطار. في الماضي كان هناك الكثير من الفعاليات بعد الإفطار مثل القراقوز والألعاب المختلفة. ولكن تراجعت الآن إلى حد كبير وتقتصر على بعض الضواحي فقط.

رمضان شهر التسامح والمحبة والإخاء ومجيئه فرصة لمصالحة المتخاصمين والمختلفين ونسيان المشكلات والخلافات كما أنه شهر الالتفات إلى الفقراء ومساعدتهم حيث تنشط الجمعيات الدينية والأفراد في توزيع الصدقات، وبعض البلديات وخصوصاً التي يسيطر عليها الإسلاميون، مثل العاصمة انقرا، تنصب في مركز المدينة خيمة كبيرة جداً تتسع لمئات الأشخاص يقدم فيها طعام الإفطار للفقراء مجانا.