شهر رمضان في جنوب شرق آسيا

 

لشهر رمضان في نفوس مسلمي ماليزيا وإندونيسيا قدسية خاصة حيث يحرص مسلمو البلدين على تلاوة القرآن الكريم بصورة جماعية أو فردية.. ومن المشاهد المألوفة لزائر هذه البلاد في هذا الشهر رؤية جماعات الشباب يجلسون في أدب وخشوع يبكون لتلاوة القرآن الكريم رغم أن معظمهم لا يعرفون اللغة العربية جيداً إلا أن قدسية وعظمة القرآن الكريم تجمعهم جميعاً على مائدة القرآن الكريم.

الحياة في إندونيسيا وماليزيا في رمضان حافلة بالأنوار والأضواء فكل بيت من بيوت المسلمين وكل ناد من أنديتهم يصبح شعلة من نور طيلة ليالي الشهر الكريم.

ويهتم المسلمون بتلاوة القرآن الكريم ويتأثرون للتلاوة أشد التأثر حتى أنهم يبكون لسماعه وتلاوته.

وتحفل الأندية والمجتمعات بعدد كبير من قراء القرآن الكريم ومن الذين يحضرون لسماع التلاوة، وفي هذه الأندية يلتقي الناس لصلاة التراويح بعد صلاة العشاء ثم لسهرات التلاوة ويكون في لقاءاتهم تسامح، وأعمق التصافي بأن يغفر كل منهم لزميله ما قد يكون قد بدر منه من أخطاء نحوه.

وبنهاية شهر رمضان يكون الصفاء قد عاد لكل القلوب ويكون الحب قد استحوذ على كل النفوس فكأنما ولد الناس من جديد.

أطعمة رمضانية

ومن التقاليد المتبعة في البلدين في هذا الشهر كثرة الأطعمة ومن الوجبات المشهورة التي يكثر تواجدها في رمضان طعام خاص عبارة عن مزيج من الأرز وجوز الهند المبشور وبعض السكر ويلف هذا المزيج في أوراق الموز ويطهى على نار هادئة بشكل معين، وهم يقولون أن هذا الطعام لا يفسد أبداً مهما طالت مدته (وهو يشبه في مصر محشي ورق العنب في حجمه) وهو لذيذ الطعم، يقدم للضيوف وتختتم به الوجبات في الإفطار والسحور.

ويلاحظ أن هذا الطعام الخاص يتكون من مواد محلية لا استيراد فيها، حيث لا ينبغي على الدول الفقيرة أن تجهد اقتصادها باستيراد الياميش والجوز واللوز والبندق وكأن الصوم لا ينفع إلا بها، ويحرص مسلمو إندونيسيا وماليزيا على أن يكون طعام الإفطار في الخلاء أمام البيوت.. وفي حالة هطول الأمطار وكثيراً ما يحدث ذلك، فإن تناول الإفطار يكون في فناء البيت وتترك الأبواب مفتوحة ليدخل من يشاء ممن يريدون تناول الإفطار من الضيوف عابري السبيل.

أما في الهيئات الإسلامية والأندية الإسلامية فيقدم طعام الفطور والسحور للمحتاجين مهما كثر عددهم وهم يفدون إلى هذه الأندية قبل أذان المغرب، ويقدم القادرون أنواعاً من الأطعمة لهم من هذه الأندية، وكثيراً ما يزيد الطعام على عدد الوافدين الراغبين في الطعام.

* مهرجان كبير

وتهتم ماليزيا وإندونيسيا اهتماماً كبيراً بصلاة عيد الفطر وعيد الأضحى كذلك، وتعتبر هذه الصلاة مهرجاناً ضخماً وتقام عادة في ساحات واسعة والعجيب أن كثيرين من غير المسلمين يحضرونها ويصلونها مع المسلمين، فقد انتقلت صلاة العيد هناك من مظهر ديني إلى مظهر قومي وكنت شخصياً انتهز هذه الفرصة لألقي خطاباً واسعاً عن الحضارة الإسلامية، وما قدم الإسلام للجنس البشري من فضائل وهبات، وفي كثير من الحالات يعلن عدد من المصلين الذين كانوا يتبعون ديانات أخرى اعتناقهم للإسلام وسط هذا المهرجان الكبير.

*مسابقة قرآنية

وتجري  ماليزيا مسابقة ضخمة سنوياً لحفظ القرآن الكريم وتسير هذه المسابقة على مراحل في المقاطعات المختلفة أما أعظم الحفاظ في كل مقاطعة فإنهم يلتقون في العاصمة كوالالمبور حيث تجري المسابقة بينهم وتعلن نتيجتها في الاحتفال بنزول القرآن الكريم في رمضان ويحضرها نائب الملك والوزراء وكثير من رجال الدين والأعيان وتقدم الجوائز الضخمة للحفاظ ومعلميهم.